قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Thursday, August 27, 2009

Wednesday, August 26, 2009

إنهم يفتحون برلين


يقول عمنا وتاج راسنا وأعظم فنانينا بيرم التونسي

أربع عساكر جبابرة يفتحوا برلين

ساحبين بتاعة حلاوة جاية من شربين

شايله علي كتفها عيل عينيه وارمين

والصاج علي مخها يرقص شمال ويمين

إيه الحكاية يا بيه؟.. جال خالفت الجوانين

اشمعني مليون حرامي في البلد سارحين؟

يمزعوا ف الجيوب ويفتحوا الدكاكين

أسأل وزير الشئون ولا أكلم مين؟

 عين الفنان الحساسة الساخرة التقطت المشهد ورسمته بدقة بالغة، وبالتالي يمكن لأي واحد فينا حتي اليوم أن يري بائعة الحلاوة القروية التعسة المذعورة التي لا تفهم ما يحدث، وابنها المصاب برمد ُحببيبي لا يكف عن العواء من الذعر.كل هذا لأنها تبيع حلاوة..

كعادة أشعار بيرم يمكن بسهولة أن تطبق كل حرف علي ما يحدث اليوم.

تدوي الصيحة: "المرافق !.. المرافق !!"، يتناقلها الباعة وأحياناً يتطوع بها الزبائن، بنفس المنطق الذي يرعشون به الضوء علي الطرق السريعة تقية للرادار. وهكذا يجد البائعون أنهم مطالبون بتحقيق المعجزات.. بشكل ما تختفي مقاعد المقاهي المتراصة علي الرصيف، ويحمل باعة الأحذية بضاعتهم عن طريق تحويل البساط الذي يعرضون عليه إلي جوال ويفرون، وتخفي بائعات الخضراوات سلال الطماطم في بئر العمارة المجاورة، أما محال البقالة فالمعجزة هي إدخال ثلاث ثلاجات مياه غازية إلي داخل المحل في ثوان.. خلال خمس دقائق يتحول السوق المزدحم المفعم بالحيوية إلي شارع نظيف مفتوح..

ثم يتقدم المشاة وتظهر الدبابات.. آسف.. أقصد السيارات.. وهي غالباً سيارة مليئة بالباشاوات وخلفها سيارة نقل مليئة بالجنود التعساء سيئي التغذية، يقضون وقتهم في معاكسة البنات المارات واشتهاء المانجو واللحوم المعلقة عند الجزارين.عامة تتم مصادرة كل شيء، لكن من الممكن أن تسترد السلع المعمرة فقط كالمقاعد والثلاجات، أما السلع المستهلكة القابلة للأكل فلا تعود أبداً، والجنود يستحقونها علي كل حال..

منذ أيام رأيت موقعة مشابهة لدي سوبر ماركت صغير في شارعنا، وقد رأيت المنظر من بعيد فحسبتهم قد وجدوا مخبأ بن لادن أخيراً، أو أن هناك سيارة مفخخة في المكان، ثم دنوت فوجدت أن كل هذا من أجل (التندة) التي علقتها البقالة تهنئ الناس برمضان..ضوضاء ومحاولات إقناع واتصالات بالمحمول وجهاز اللاسلكي، بينما ينتظر الجنود في تعاسة ما يأتيهم من رزق..

بالطبع أزيلت التندة وحمد صاحب البقالة الله علي هذا، فبالطبع كان يمكن أن يكون الثمن فادحاً لو تمت مصادرة أجولة قمر الدين والفستق واللوز المتراصة خارج المحل..

في هذا الوقت كان باقي الشارع قد تحول إلي شارع في أوسلو أو فيينا بعدما تم إخفاء كل شيء.

كل هذا جميل.. قبضة القانون الصارمة تعيد النظام إلي الشارع، وقد تمت إزالة التندة المجرمة التي كانت هي السبب الوحيد الذي يمنعنا من التحول إلي باريس. لكن السؤال الذي يطرح نفسه دوماً هو : لماذا هؤلاء بالذات؟. إشغالات الطريق في كل مكان وبعضها مستفز جداً، وبعضها صادر شوارع كاملة لصالحه، وبعضها يرغم المارة علي المجازفة بحياتهم في عرض الطريق لأنه ببساطة لم يعد هناك رصيف. برغم هذا لا أحد ينقض علي هؤلاء.. والسبب؟.. يتراوح التفسير عند رجل الشارع بين

1- أصلهم مسنودين.

2- أصلهم بيأكلوا.

والتأكيل في عرف رجل الشارع هو السبيل الوحيد لعمل أي شيء اليوم. في عصر بيرم التونسي لم تكن فكرة التأكيل قائمة، بل قصيدته كانت عن حماقة الحكومة أو ضعف شأن الفقير، لكن دخول عنصر التأكيل في القضية يجعلها بالغة التعقيد.

إن فلسفة الأمن شيء يشبه فقه الأولويات: الغرض من الأمن هو - عدم المؤاخذة -أن يسود الأمن.. هناك مخالفات مرور صارخة طيلة اليوم ومعظمها قاتل، حتي لتندهش لأننا نشهد هذاالمعدل المنخفض من الحوادث.. منخفض بالنسبة لكل هذه الفوضي، وبرغم هذا يصير عدم ارتداء الحزام جريمة أمن دولة تقريبا.. ولسوف تكتشف أن الطريق السريع أو أهم شارع في مدينتك متوقف مختنق في وقت الذروة، وعندما تقترب تجد أن سبب الاختناق لجنة من طراز (اركن علي جنب)، والأسباب واهية غالبا بين عدم ارتداء الحزام أو تثبيت دعامة أو الزجاج الفيميه.. إلخ، فهل هذه هي المشكلة فعلاً؟. لو كان المرور حريصا علي سلامة الناس وتدفق المرور حقاً لخرج الرادار من سباته العميق ليعمل ليلاً، لكن الرادار موظف مسن مرهق يعود لداره عصرًا حاملاً بطيخة، بينما يجن جنون سائقي البيجو والميكروباص. في الليل يسهل أن تجد السائق المسجل خطر والذي لا يحمل رخصا والذي يخالف كل قانون عرفته البشرية منذ حمورابي. إذن فلسفة الأمن هنا ليست حماية المواطن ولكنها الجباية أولاً وإثبات سلطة الدولة ثانيا. فلسفة (يا روح أمك) الشهيرة التي لم تزد المجتمع أمنا.

هل الشوارع آمنة فعلاً؟.. بالطبع لا..عندما يوقف أربعة من الشباب سياراتهم في عرض الطريق ليتبادلوا المزاح البذيء فأنت تعرف أن الأمر ليس علي ما يرام..تعرف أن السطو المسلح قد صار ظاهرة حتي صار له اسم تدليل هو (التثبيت)، وخطف الفتيات وسرقة حقائبهن وسلاسلهن.. وسرقة السيارات والمخدرات. منذ شهر وجدت فتيين لا يتجاوز عمرهما المدرسة الإعدادية يجلسان علي الرصيف ويتبادلان الحقن الوريدي بسرنجة أعتقد أنني خمنت محتواها. زجاجات التوسيفان في كل مكان. النصابون تحت كل حجر.. المشكلة الأسوأ أنه لا توجد طرق في طنطا فعلاً.. إنها عزبة تحتاج إلي دبابة للمشي فيها، وقد حققت المعادلة العبقرية: السير مستحيل للسيارات ومستحيل للمشاة، بينما كان من المنطقي أن يفوز أحد الطرفين بالكعكة.. كلاهما يخسر..

برغم هذا تظل المشكلة الوحيدة هي التندة التي علقها محل البقالة.. هي بائعة الحلاوة البائسة وطفلها المصاب بورم حبيبي.. ولا داعي أن نطيل الكلام أكثر لأننا في رمضان وكل عام وأنت بخير.

Monday, August 24, 2009

لست مجنونا

الاتحاد - 24 أغسطس 2009

amazon.com

من المواقف الشهيرة في الأفلام الكوميدية، أن يُتهم البطل بالجنون، أو يشكون في أمره ويدخلونه مستشفى المجانين.. عندها يحاول إثبات أن عقله سليم، غير أن هذا بالضبط هو التصرف الذي يجعله يبدو أكثر جنونًا. إنه يقول كلامًا مختلطًا عن (مصطفى الذي جاء به هنا)، وعن (محاسن التي تنتظره في الخارج)، هنا يهز الطبيب النفسي رأسه في فهم ويغمغم: «طبعًا.. طبعًا.. مصطفى.. نعم. محاسن.. بالفعل.. هي تنتظرك..»

Tuesday, August 18, 2009

الراية البيضاء في الإسكندرية

الدستور - 18 أغسطس 2009

Wikipedia

فعلًا يشعر المرء بملل واكتئاب عظيمين من ذلك الشعور بأنه لا شيء يتحرك على الإطلاق.. المقال الألف عن تقديرية القمني والدكتوراه المزيفة. صراعات حماس وفتح مستمرة، حتي لأجرؤ على القول في حياء إنني فعلًا لم أعد أتابع القضية الفلسطينية بالحماسة السابقة، لأن صراع السلطة فاحت رائحته وغلبت رائحة دماء الشهداء الزكية، بينما متحدثو «فتح» يملأون الفضائيات بالكلام عن «ترتيب البيت الفتحوي».. لفظة «فتحوي» هذه بالذات تحمل لي ذكريات قاسية، بينما حماس تمارس في غزة ذات ما كانت تشكو منه وتقتل أعضاء تنظيم يدعو للإمارة الإسلامية. نفس الكلام عن إنفلونزا الخنازير وهل نمنع العمرة ونخفض أعداد الحجاج أم لا؟ قرأت هذا المقال خمسين مرة.. هل يوسف زيدان يحاول هدم المسيحية، أم الكنيسة تتجمل بأن تحذف من تاريخها حقبة غارقة في دماء شهداء الفكر؟

Tuesday, August 4, 2009

لن أتسامح بعد اليوم


iStock

شاعراً بالغيظ الشديد قرأت مقالاً لأحد المجهولين يتهم فيه الراحل الكبير (عبدالوهاب المسيري) بالسرقة منه في موسوعته الشهيرة عن اليهودية. ليس المجال مجال الرد على هذا الكلام الفارغ طبعاً، لكن المقال جعلني أتساءل: إذا كان الجميع يسرق بهذه الفجاجة، فماذا عني أنا؟