قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Wednesday, November 4, 2009

شخص مهم - 2


====================================


أعتقد أن (ثروت) كان سيلاحظ ما هو أكثر لو كان أقل غباءا وضيق أفق

على أنه في المستشفى لاحظ أن هناك مجموعة غريبة من الأطباء لم يرهم من قبل.. كان هناك رجلان وثلاث نساء على درجة عالية من الجمال.. أعني كلهم طبعًا وليست النساء فقط.. كان لهم طابع غريب.. ليسوا عربًا لكنهم كذلك ليسوا أجانب.. التناقض الذي فسره البعض بأنهم أتراك

همسات عديدة ترددت في المستشفى عن سر هؤلاء.. خاصة أنهم دخلوا مكتب المدير وقضوا وقتًا طويلاً هناك، وفي النهاية خرجت سكرتيرة المدير تبحث عن (ثروت)ـ

سقط قلبه في قدميه. المدير لا يحتاج له أبدًا ولا يطلبه ولا يكلمه أصلاً، فماذا استجد؟

دخل المكتب ليجد مجموعة الأطباء الغريبة جالسة هناك، وكانوا يرمقونه في فضول

قال له المدير وهو يلوح بخطاب رسمي كئيب الشكل
ـ"د. ثروت.. وكيل وزارة الصحة يوصينا خيرًا بهذه المجموعة من الأطباء الأجانب التي ستمضي أسبوعًا معنا.. إنهم أتراك، وهم راغبون في أن يتابعوا عملك في المختبر.. لا تقلق من ناحية اللغة فهم يجيدون العربية"ـ

لماذا أنا بالذات؟.. هناك مختصون أقدم مني وأكثر خبرة. ولماذا هذا المستشفى فقير الإمكانيات بالذات؟.. لم يسمع أحد من قبل أنه مركز يأتيه الأجانب ليتعلموا. لكن (ثروت) كان مغرورًا كما قلنا لذا عرف السبب على الفور: إنه الأبرع والأرجح عقلاً

هكذا خرج مع مجموعة الأطباء شاعرًا بفخر جهنمي وهو يمشي بهم في طرقات المستشفى، ونظرات الفضول –ربما الحسد– تلاحقه. وكلما حاول أحد أن يتصل بهذه المجموعة كان يتولى هو الرد، كأنه زوج غيور لا يطيق أن يكلم أحد زوجته

وفي المختبر راح في خطورة يشرح لهم مدى عظمة ما يقوم به

أمسك أنبوب اختبار مليئًا بالمصل، وناوله أجمل طبيبة في المجموعة.. وتظاهر بأنه يسند يدها كي لا تهتز فأمسك بمعصمها، وسره أنها لم تحتجّ.. سألها
 "ما اسمك؟"



كان لها أنف أقنى جميل، ونظرة يمكن أن تذيب شمعة.. قالت له
 "دافني.."
 "عاشت الأسامي"

غبي كما قلنا؛ لهذا لم يلحظ أن للاسم طابعًا إغريقيًا.. مستحيل أن يكون هذا اسمًا تركيًا.  على كل حال عرف أن المجموعة تضم (أياد) و(أدونيس) -اسم إغريقي آخر-  و(ميريام) و(نيتوكريس).. وكانوا يتكلمون العربية بطلاقة مذهلة.. لا يوجد أدنى ظل من اللكنات الأجنبية

لاحظ أنهم يتابعونه في نوع من الإعجاب والوله، ويلاحظون كل شيء يقوم به. المدعوة (ميريام) التقطت له صورًا كثيرة فحرص على أن يبدو خطيرًا حاذقًا

جاءت ممرضة تحمل مجموعة من العينات، وسألت (نيتوكريس) بفضول شعبي محبب
"أين تقيمون؟"

هنا تدخل (ثروت) في عصبية صائحًا
"هذا ليس عملك!.. أية أسئلة توجه لي أنا فأنا المسئول عنهم.."

سألته الممرضة من جديد
"أين يقيمون؟"
"لا أعرف.."

هنا قال المدعو (أياد)ـ
 "فندق (.........)... إنه جميل جدًا"

لم يكن (ثروت) قد رأى فندقًا في حياته، لكنه تظاهر بأنه يعرف الفندق جيدًا وأنه سيقبله على مضض باعتباره ليس الأفضل
عند نهاية اليوم كانوا سعداء جدًا، وقد دنت منه (دافني) وطلبت في تأدب أن يوقع لها على الأوتوجراف. نظر لها في دهشة فقالت
"يشرفني أن يكون معي توقيع شخص مهم جدًا مثلك"



كان يوشك على البكاء.. سوف يتزوجها.. بالتأكيد سيتزوجها ويعود بها لقريته ليراها (البسيوني) و(الششماوي) ويحسداه. سوف تقول النساء العجائز لبعضهن (هذه زوجة الدكتور). هكذا وقع لها.. من جديد طلبت منه الاحتفاظ بقلمه للذكرى
"إلى الغد.."
"إلى الغد.."

عندما نام في تلك الليلة كان الفراش يعلو به ويهبط فخرًا.. قال لنفسه إن السحر المصري لا يقهر، فلا توجد أنثى غربية يمكنها مقاومة ذكر مصري وسيم وذكي مثله

سوف أتزوجها.. سوف أتزوجها.. حاول أن يتذكر اسمها فلم يستطع.. هكذا قال لنفسه إنه سيتزوج (دافية) هذه
وفي الثالثة صباحًا شعر بشيء غريب

.......

يتبع