قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Tuesday, December 29, 2009

دماغى كده - فى السياسة - إذن هو الدلاى لاما



أقرأ الآن كتاب "دماغى كده" و هو كتاب رائع يحوى الكثير من مقالات د أحمد حول مواضيع مختلفة... و سوف نتكلم عنه فى سلسلة "قرأت مؤخرا" بعد أن أنهيه إن شاء الله

و لكن فكرت أن أعرض منه بعض المقالات التى لفتت انتباهى بشكل خاص... لثرائها أو روعتها أو أسلوبها  أو طرافتها أو لأنها لامست بعض الأوتار و تناولت بعض القضايا التى تشغلنى بشكل خاص... برغم قدمها

كفانى حديثا و لنستمتع سويا بكلام الرائع د أحمد خالد

===========================

الدستور - 1 أبريل 2008

مصر بلد جميل ذو تاريخ عريق ، و قد حباها الله بشمس دافئة طيله العام ، مع هواء عليل و مناظر خلابة ، لهذا يقصدها السياح من أرجاء الآرض لينعموا برؤية آثارها العظيمة التى تنطق بعظمة التاريخ ، و ينعموا بالسباحة فى مياهها الجميلة أو يمارسوا رياضة الغطس فى البحر الأحمر حيث الشعاب المرجانية رائعة الجمال

و قد قال ( مصطفى كامل ) : لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً ، لهذا يبكى السياح لأنهم ليسوا مصريين ، و يحقدون على مصر كثيراً . و لقد عاشت فى مصر شعوب كثيرة شربت من مائها و امتزجت بحضارتها ، لهذا نقول بحق إن مصر أم الدنيا ، و

أراك تتساءل : هل جن الرجل ؟ ... ما هذا الكلام الذى يكتبه ؟ . أقول لك إننى لم أجن لكنى أكتسبت الحكمة فجأة ، و قد تعلمت الكثير من رأس الذئب الطائر لو افترضنا جدلاً أن ( إبراهيم عيسى) ذئب . لقد قررت أن أكتب كلاماً يحقق لى المعادلة الصعبة: ألا أسجن أو أثير غضب أحد ممن نستعيذ بالله من غضبهم ، و فى الوقت نفسه يحفظ لى مكانى فى جريدة ( الدستور) . الحقيقة أن هناك حلولاً أسهل مثل أن أتفرغ للكتابة فى مجلة ( ميكى ) ، لكنهم لا ينشرون صورة الكاتب هناك ، و هذا سيقلل من مكانتى فى البيت كما تعلم

بحثت كثيراً جداً عن قضية لا تثير حفيظة أولى الأمر .. مستحيل .. كل شئ زفت و هباب و لابد أن يغريك بإبداء الغضب فالتورط فى كلام يودى فى ستين داهية.. يبدو أن العرب الذين كانوا يكتبون فى وصف الأطلال و الناقة كانوا يفعلون هذا كى لا يسجنهم سادة القبيلة لو تكلموا عن شئ آخر

لو تكلمت عن إسرائيل كالعادة فأنا أقع فى عش الدبابير ، خاصة إنى سأكتب و أنا أغلى تحت تأثير مقال الأستاذ ( هويدى ) الذى كشف عن قيامنا بتصدير الغاز الطبيعى النادر لإسرائيل بملاليم ، مع الالتزام بالتصدير حتى بعد نفاذه عندنا .. يعنى لن يكون عندنا غاز لكننا سنشترى غازاً بسعر باهظ نصدره لهم بملاليم ، و الأدهى أن دولة مثل أسبانيا ستأخذ الغاز منا بذات السعر الرخيص لتبيعه بسعر السوق .. ليه كده ؟ .. هل إسرائيل تبتزنا بشئ ما ؟ ... هل معها ( النيجاتيف ) على رأى استيفان روستى ؟ .. لماذا تبيعون حق ابنى فى الحياة ؟ .. أنا متنازل عن حقى لكن ماذا عنه هو ؟ لماذا تصرون على ذبح الدجاجة و سرقة كل مسمار فى السفينة ؟.. لماذا لا تبقونها طافية ؟ .. محمد على أراد حلب مصر لكنه قرر أن يسمنها و يحسن تغذيتها جيداً أولاً .. فلماذا لا تتعلمون منه ؟

هل أتكلم عن الرغيف و أزمته و الرجل النحيل البائس ممزق الثياب الذى رأيته يركض فى الشارع و هو يحتضن عشرة أرغفة فاز بها من الطابور ، حتى ليوشك على البكاء ، فقط لينقض عليه صبى على دراجة ليخطف منه رغيفين ؟.. هل هى المجاعة إذن ؟ .. هل نحن مقبلون على ذلك العصر الرهيب الذى قرأنا عنه ( أكل حمار الوالى ثم أكل جثة اللص الذى أكل حمار الوالى) ؟

هل تتكلم عن البطالة ؟.. عن المستقبل ؟.. عن أزمة التعليم ؟.. عن المرور ؟.. عن؟... عن ..؟

هل تتكلم عن انتخابات المحليات ؟.. أنت تعرف جيداً أنك لم تعد تتابع حرفاً من هذه الأمور منذ 73 سنة. ربما تتكلم عن كرة القدم و تشتم فى الحضرى قليلاً ، لكن هذا مجال خطر .. قد تدوس على لغم لا تعرف أنه لغم

هل أتكلم عن قصة حب شبابى الفاشلة ؟.. محاسن التى تخلت عنى بعد ما تقدم لها مهراجا يملك طائرة بوينج و عدة جزر و قدم لها ماسة الكوهينور على سبيل الشبكة ؟.. بدا لى الأمر رقيعاً ، خاصة و أنا لا أكف عن ابتلاع أقراص ضغط الدم و لا توجد ثلاث شعرات سوداء متجاورة فى رأسى .. حب إيه زفت إيه ؟!! .. دعك من أن المقال قد يقع فى يد أم العيال ، و هذا يجعلنى فى موقف لا يقل خطورة عن غضب الكبار على .. على الأقل غضب الكبار معناه أن أموت مناضلاً ، أما غضب أم العيال فمعناه أن أموت نذلاً منكراً للنعمة

وجدتها .. ! .. الحل العبقرى الوحيد هو أن اكتب عن مشكلة ( الدلاى لاما ) ... سوف أكتب عن الصين المفترية التى تمنع هذا الروحى البوذى من العودة إلى التبت حيث ينتظره المؤمنون . أمريكا قلقة و تطالب بتفسيرات من الصين .. جميل جداً.. هكذا أنا عرفت اتجاه الريح و أين أكون آمنا .. سوف أشتم فى الصين للصبح . سوف أتضامن مع سكان التبت و أسود الصفحات من أجلهم . لم لا ؟.. لماذا نتوقع أن يتعاطف العالم معنا و لا نتعاطف مع العالم ؟.. أليس هذا أقرب للتحضر ؟

قلت لصديقى إننى سأحلق شعرى زيرو و أحمل كيساً خيشياً للشحاذة و أخرج حافى القدمين إلى الشارع كما رأيت الناشطين الأوروبيين يفعلون فى التلفزيون . قال لى إن هذا ليس عملاً عاقلاً لأن رجال الأمن سيعتبروننى مجنوناً أو شيئاً آخر لا أستطيع كتابته هنا، و لسوف يعتنون بى فعلاً . بتحب الدلاى لاما يا روح أمك ؟.. طيب تعال

هكذا عدلت عن هذه الفكرة و قررت أن أكتب مطالباً الصين بأن تعيد الدلاى لاما للتبت و أن تسمح بالحرية الدينية لسكان هذا البلد . حتى إننى بدأت تأليف أغنية جديدة لشعبان عبد الرحيم تناسب طريقته فى مواكبة الأحداث كأنه نشرة التاسعة
فيه ناس كتيرة ياما .. خلاص حتتنقط
ما تسيبوا الدلاى لاما .. يرجع للتبت
يا صين رجعى جيشك .. و بلاش الافترا
خليكى فى فوانيسك .. و الشنط و الورق ... هيييييييه

حقاً هى ليست أغنية جيدة لكنها تؤدى الغرض ، و أرجو ألا يتجاهلها شعبان كما تجاهل رائعتى السابقة ( قتلوا بناظير بوتو .. كل الحلوين بيموتوا .. ما تخلوا باكستان تختار لنفسها .. نعم . من زمان و لا حدش قدها .. هيييييييه ! )ـ

نعم ، صدقنى . .. بعد الحكم الصادر ضد إبراهيم عيسى و زكيبة القضايا التى تنتظره ، لم أعد طفلاً .. كنت بحاجة لهذا الدرس كى أعرف طريقى و كى أعرف عن أى شئ أكتب بالضبط . كنت أعتقد أننى ذكى بما يكفى و أننى يمكن أن أقتدى بالكاتب الشهير (.......) و الكاتب الشهير (........) الذين يكتبون بطريقة ( الحكومة سيئة و تضيع كل جهود مبارك للإصلاح ) ، و هى طريقة خبيثة ناجحة تضمن لك رضا الجميع ، و تحتفظ لك لدى رجل الشارع بصورة المناضل الذى لا يخشى فى الحق لومة لائم . هذه مدرسة تختلف تماماً عن مدرسة عيسى و قنديل التى نعرفها حيث لا سقف من أى نوع ، لكن من الواضح أن سقف الحرية يهبط يوماً بعد يوم ، و أن هذه المدرسة الخبيثة نفسها خطرة

إذن هو الدلاى لاما حتى إشعار آخر