قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Wednesday, December 29, 2010

لست وحدك - 5


المذيع: مروان.. مروان!!!!

مروان: أي!... اصبر يا أخي.. هذه المرة أنا في مأزق حقيقي.. أنا هنا في أسفل الدرج.. أي.. لقد تهشّمت ساقي فعلاً.. العظمة في اتجاه آخر تمامًا..  كاد الهاتف يتهشّم لكني وجدته جواري بمعجزة.. إن المشعل هناك.. لكنه انطفأ.. 

المذيع: إذن أنت الآن أسفل الدرج.... 

مروان: نعم.. نعم.. القاعة التي فيها منضدة حجرية... هذه منضدة تقدمات على ما يبدو، ويبدو أنني صرت فريسة ممتازة... 


المذيع: كفّ عن هذا الكلام.. سوف يصل رجال الجيش حالاً... (صوت انفجار).. هل تسمع هذا الصوت؟ الديناميت! لقد فجّروا الصخور التي تسدّ مدخل الكهف... الفرج قريب.... 

Tuesday, December 28, 2010

لست وحدك - 4


المذيع: هل تسمعني يا مروان؟ هل تسلقت؟

مروان: صبرًا.. إن التسلق ليس سهلاً... سوف أصمت قليلاً لأنني لا أستطيع التسلق بيد واحدة.. إن الهاتف المحمول يضايق حركتي وليست لدي جيوب أضعه فيها..  آه ه ه!!

المذيع: مروان.. ماذا حدث؟

مروان: لقد.. لقد انزلقت قدمي وسقطت... أرجو ألا يكون كاحلي قد.. لا.. فيما عدا الألم أنا بخير.. خفت كذلك أن يكون الهاتف قد تهشّم لكنه بخير.. 

المذيع: أرجو أن تكون حذرًا.. لو أنك تعرضت لكسر لا سمح الله........

مروان: أعرف.. أعرف.. لو كنت محقًا بصدد هذه الكائنات فهي تملك ممصات قوية تثبتها في الصخور، لهذا تستطيع تسلق هذه الصخور الزلقة.. أنا لست مثلها.. سأحاول من جديد وبالطبع لن أتكلم..

(صمت طويل)

المذيع: هل تسمعني يا مروان؟ هذا الانتظار يحطم الأعصاب حقًا..

مروان: تسلقت... أنا الآن في مستوى أعلى من الكهف.. هناك ضوء أحمر غريب يغمر المكان ولا أعرف مصدره لكنه يسمح بالرؤية.. كأن الصخر ذاته مشع. مثل.. مثل الفحم عندما تستقر النيران بداخله ثابتة واثقة فيبدو كحجر كريم... هناك رسوم على الجدران. رسوم تشبه تلك التي تراها على جدران الكهوف الغامضة الأخرى.. 

المذيع: هل لك أن تصفها لنا؟

Saturday, December 25, 2010

تعليق في الصميم



نشر هذا الموقع على شبكة الإنترنت مقالي، الذي يطرح قضية سياسية مصيرية بالغة الأهمية.. إن رأيي المنشور غريب بل هو صادم، وأتوقع أن تنهال عليّ عبارات الهجوم.. ولكن هذا متوقع ومطلوب كي نبدأ نقاشًا ثريًا. تقريبًا أعرف ما سيقال وأعرف جيدًا كيف سأرد.

هكذا رحت أنتظر وأفتح صفحة الموقع كل ساعة لأرى إن كان أحدهم قد علق. كانت التعليقات في ذلك الموقع تراقب أولًا قبل نشرها.. لهذا تحتاج إلى وقت.

ثم جاء التعليق المنتظر:

Friday, December 17, 2010

روعة أن تكون.... رجلًا وأنثى



روعة أن تكون....

وصلتني هذه الرسالة بالبريد الإلكتروني على جزءين. الجزء الأول يذكر أسباب روعة أن تكون رجلًا، والجزء الثاني يذكر أسباب روعة أن تكون أنثى.

Wednesday, December 15, 2010

لست وحدك - 3


المذيع: لا تؤاخذني يا مروان.. بصراحة أعتقد أن نقص الأكسجين قد بدأ فعلاً يؤثّر على...

مروان: قل ما تريد يا عمر... عندما أخرف فأنا أعرف بشكل ما أنني أخرف.. ثق أن حواسي مرهفة تمامًا وأعي كل شيء أراه وكل كلمة أقولها..

المذيع: لكن.. موضوع الكهف العامر بالغيلان هذا... يبدو لي سخيفًا..

مروان: أتمنى أن يكون سخيفًا وأن أكون أحمق.. لكن وددت لو كنت مكاني.. 


المذيع: هناك ورقة جاءتني من الإعداد الآن.. شيء لا يصدّق لكنه سيروق لك.. هناك ثلاث فتيات يتصلن بالبرنامج وهن يطلبن يدك!

Saturday, December 11, 2010

إنه التضخم



تمكن محمود عن طريق الامتناع عن التدخين وركوب سيارات الأجرة ومشاهدة السينما وأكل الشطائر خارج البيت والزواج.. تمكن من ادخار بضعة آلاف من الجنيهات في المصرف.

كان مبلغًا صغيرًا لكنه كذلك كبير في آن واحد. وقد بدأ يشعر بالرضا عن نفسه وعن مستقبله. حتى أنه بدأ يفكر في إمكانية الزواج.. لم لا؟ إنه في الخامسة والثلاثين وشكله غير منفر.

كان راضيًا كما قلت حتى جاء أحد العارفين ببواطن الأمور، ليقول له في ثقة:
«التضخم»!

ماذا عن التضخم؟

Thursday, December 9, 2010

لست وحدك - 2



المذيع: لا أعرف ما حدث لكن المكالمة قد انقطعت.. هناك شيء خطأ لا أعرف ما هو.. سوف أجرّب طلبه مرة أخرى.. لا أعرف ما رآه ولا سبب هذا التوتر في صوته.. صبرًا.. اطلبه لنا يا مراد من فضلك.. صوت جرس؟.. جميل.. إذن الموجات لم تنقطع.. هلم ردّ يا أخي...

مروان (همسًا): أنا في موضع آخر من الكهف.. انزلقت يدي فأغلقت المكالمة... أنا آسف.... للحظة سمعت صوت خطوات، ثم تهيأت لي رؤية شخص يمر عبر فتحة الممر.. لقد مر فعلاً هكذا جريت لألحق به.. أنا الآن في بداية ممر آخر، وطبعًا لا يعكس الهاتف الكثير من النور، لكن من الواضح أنه لا يوجد أحد هنا..

المذيع: وكيف كان يبدو (بفرض أنه ليس خيالاً)..؟

Monday, December 6, 2010

مقالات نشرت من قبل - عن مكدونالد والبطة دونالد

من الخصائص المهمة في الامبراطورية الأمريكية كونها تقدم – كما يقول الأستاذ هيكل – نمطًا معيشيًا وثقافيًا بالغ الجاذبية. إنها الامبراطورية الأولى في التاريخ التي تستعمل هذا النوع من السلاح. وفي الماضي كان من السهل أن تمقت الامبراطورية الرومانية بكل رموزها؛ فلم تكن كتابات ماركوس أوريليوس أو خطب بلليني الأكبر تتسرب إلى دارك، أما اليوم فأنت تشتم الولايات المتحدة ثم تقضي الليل كله مع فيلم أمريكي شائق. يذكر أبناء جيلي أيام الحرب الباردة حينما كان الماركسيون يعدونك بجنة البروليتاريا التي ستتحقق بعد الكثير من الدم والعرق والدموع، بينما كان الأمريكيون يقدمون لك بالفعل جنتهم الصناعية ذات اللون والطعم والرائحة، حيث تسبح الحسناوات الشقراوات في بحار البيبسي كولا بينما يرقص ميكي ماوس ويحلق سوبرمان في الجو. إنه (العالم الحر)... تلك اللفظة الأمريكية الاستعمارية التي سادت لتصف كل ما ينضوي تحت جناح الولايات المتحدة خارج الستار الحديدي، أما ما وراء الستار الحديدي فحفنة من الجنرالات الساديين المصابين بالشذوذ الجنسي والذين يتكلمون الإنجليزية (المكسرة)، ومواطنين لا يرغبون في شيء إلا الفرار إلى العالم الحر.

Sunday, December 5, 2010

مقالات نشرت من قبل - عن شعبولا ومراد بك والجمالية وأشياء أخرى

كنت وزوجتي نشاهد (شعبان عبد الرحيم) في حلقة من برنامج (من يربح المليون).. وكان المذيع يسأله أسئلة تافهة لكن المطرب الشعبي لا يجيب عن شيء منها، وهكذا بدأ المذيع يلمح له بالأجوبة ويسمح له بالربح .. كل هذا مع ضحكات المشاهدين واسطوانات (شعبان) المعروفة عن ثيابه التي يشتريها من وكالة البلح ورغبته في العودة إلى المكوة لأن الطرب لم يعد كما كان ..الخ .. في النهاية استطاع أن يحصل على مائة وخمسين ألفًا من الجنيهات في بضع دقائق.. قالت زوجتي إن هذا الرجل محدود الذكاء بشكل غير مسبوق، لكن رأيي كان مختلفًا .. لقد خدع المشاهدين والمذيع الوسيم وسخر منهم بمنتهى الخبث ..نحن خرجنا بإحساس زائف بالتفوق والذكاء وهو خرج بمائة وخمسين ألفًا فمن الأذكى ؟..ومن الغبي الحقيقي هنا ؟

الأمر كله يذكرني بقصة المتسول الذي كان السياح يعرضون عليه أن يختار بين عشرة دولارات وربع جنيه، فكان يختار الربع في كل مرة .. إلى أن لامه أحدهم على غبائه الشديد .. كيف تختار يا أبله ربع جنيه وتترك عشرة دولارات ؟.. كانت إجابة المتسول المفحمة هي: لو اخترت عشرة الدولارات لكف السياح عن المجيء لرؤية بلاهتي، ولقطعت مصدر رزقي !

Friday, December 3, 2010

إعلانات حتي الممات


الآن تعال نشرب الشاي وننعم بنعمة الصمت .. نحن نتكلم طيلة اليوم ولا نعطي أنفسنا فرصة واحدة للسماع أو تكوين آراء . عندما ننصت فلأننا نرتب ما سنقول في الجملة التالية .. إن مسرحية ( الخراتيت ) ليونسكو تلخص كل شيء لكن ليس هذا موضوعنا علي كل حال ..

أحب الشاي الذي تعده .. رديء جدا لدرجة أنه جيد كما يقول الغربيون ..

يبدو أنني سأخرق الصمت الآن .. كنت أشاهد مجموعة من الإعلانات في التليفزيون منذ قليل فخطر لي أن فن الإعلان عندنا تطور جدا لكنه لم يتحرك خطوة واضحة في طريق فهم سيكولوجية المشتري نفسها .. بعض الإعلانات مستفز وبعضها مخجل وبعضها يحاول مجاراة العصر إلي درجة أنك لا تفهم حرفا مما يقال .. بعض الإعلانات جميلة فعلا لكن الإعلان ينتهي دون أن تعرف عن أي شيء يتحدث..

Wednesday, December 1, 2010

لست وحدك - 1


المذيع: لا تقلق يا مروان.. أعرف أنك تسمعني؛ لأن موجات الهاتف المحمول تخترق هذه الصخور بمعجزة ما.. أنا كذلك أسمعك؛ لكن يسمعك معي ملايين المستمعين بلا مبالغة، في كل الدول الناطقة بالعربية.. قلوبنا معك ونأمل أن تنجو.. نعرف أنك ستنجو..

مروان: يسرني أن أسمع صوتك يا عمر.. وبهذا الوضوح.. هذا يجعل موقفي أقلّ كآبة.. إن الظلام دامس لكن الضوء الأزرق القادم من شاشة المحمول يخففه قليلاً.. الهواء رائحته غريبة، والتنفس عسير نوعًا.. أضف لهذا أن الحر خانق هنا.. لحظة.. سوف أتحرر من هذا القميص.. في الواقع سوف أتحرر من معظم ثيابي ما دام لا أحد يراني.. إن العرق يغمر كل شيء.. قل لي بصراحة: ما هي فرصتي في النجاة؟

Tuesday, November 30, 2010

تليفزيون الحارة


عندما تقدم فيلمًا تسجيليًا عن شيء جميل فأنت قد تزيده بريقًا وألقًا وقد تفسده تمامًا.. قناة ناشونال جيوجرافيكس مثلاً تقدّم لنا روائع الطبيعة بالاستعانة بأعظم مصورين ومخرجين على ظهر البسيطة.. النتيجة معروفة للجميع ولا تحتاج إلى شرح. هكذا نحن نتكلم عن روعة الموضوع وروعة تقديم روعة الموضوع!

هذا الفيلم التسجيلي الذي قدمته قناة الجزيرة عن قناة (711) -ينطقونها سفن إليفن- كان قطعة من الفن الرفيع، ويسهل جدًا أن نتخيل ما كان سيحدث لو قدم بالطريقة المعهودة.. مذيعة تصبغ شعرها بالأوكسجين وتحمل ميكروفونًا، وتوجه أسئلة سخيفة، ثم تلتقي بهذا المسئول أو ذاك من مسئولي الشباب في الإدارة المحلية لسمنود. باختصار: برنامج سخيف لا يذكره أحد، ويُذاع في ساعات العصر الميتة.

Saturday, November 27, 2010

مقالات نشرت من قبل - روش طحن

منذ البداية لا أنكر أنني وقعت في غرام كتيب صغير كتبه الصحفي الشاب ياسر حماية ، ووجدت فيه حلاً لا بأس به لتفسير الكثير من التعبيرات التي استغلقت على فهمي من تعبيرات شباب اليوم. صحيح أنه كتيب مليء بالأخطاء المطبعية، وصحيح أنه يحتاج إلى إعادة تبويب تجعله أقرب إلى القواميس منه إلى الدعابة. لكن هذا لاينسينا حقيقة أن أول من حاول رصد الظاهرة هو واحد من داخلها وليس من الأكاديميين ذوي الياقات العالية خارجها. 

ذات مرة كنت جالسًا في القطار أصغي لشاب يكلم صاحبه، فلو كانت المحادثة باللغة السنسكريتية لفهمت أكثر. لا أنكر أن أكثر هذه التعبيرات يمكن فهمه من سياق الكلام وتعبيرات الوجه، لكن بعضها عسير فعلاً.

كل لغة تتطور مع الوقت، وأية مقارنة بين لغة (المنفلوطي) ولغة (صنع الله إبراهيم) تريك الفارق الهائل.. قارن بين لغة (شكسبير) ولغة (جون جريشام) مثلاً.. وحتى القواميس الإنجليزية الرصينة صارت تحوي قدراً لا بأس به من العامية وربما الشتائم. أذكر المعركة الأدبية النارية بين (العقاد) و(ميخائيل نعيمة) حول لفظة (تحمم) التي قال الأول إنه لا وجود لها في اللغة العربية، بينما أصر (ميخائيل نعيمة) على أنها لفظة مفهومة لأي شخص، فلماذا نسمح لشاعر من البادية ـ والكلام لـ (نعيمة) ـ أن يخترع لفظة لا وجود لها، مثلما اخترع (امرؤ القيس) لفظة (تتفل) لأنها تناسب القافية والوزن وأعلن أن معناها (ثعلب) من الآن فصاعداً، بينما نمنع شاعراً آخر من ابتكار لفظة مثل (تحمم)؟

Friday, November 26, 2010

مقالات نشرت من قبل - طب المصاطب

في عموده (الفهامة) بجريدة أخبار اليوم بتاريخ 13 نوفمبر 2004، قرأت بكثير من الدهشة ما نشره الأستاذ أحمد رجب على لسان الدكتور عمران البشلاوي الذي وصفه الخبر بأنه (صاحب نظرية المناعة العربية).. يعلم الله ما هي. وقد أعدت قراءة الخبر عدة مرات للتأكد من أنني لا أحلم. فبعد اكتشاف فيروس التهاب الكبد سي بنحو خمسة عشر عامًا ومعرفة كل شيء عن تركيبه الجزيئي، وبعد ما عقد ألف مؤتمر - بلا مبالغة - تناقش كل شاردة وواردة عن الفيروس وابتكار لقاح له وأفضل طرق علاجه، وبعد ما كرس علماء مصريون أجلاء بينهم أسماء ليست أقل من عبد الرحمن الزيادي وياسين عبد الغفار وسمير قابيل حياتهم من أجله، يلقي علينا الدكتور عمران بقنبلته المدوية: لا يوجد فيروس سي بل هي مؤامرة أمريكية قذرة. المشكلة أن هذا الكلام يأتي في أهم موضع تقع عليه عين القارئ في الصحافة المصرية، وبلسان من يحمل الدكتوراه كما قال المقال !

النائمون؟ عملية سهلة



أشك في أن أي مخلوق على ظهر البسيطة أحب فن السينما كما أحببته في صباي. كنت أنبهر بكل شيء حتى الخطوط الناجمة عن خدوش في الفيلم، وعلامات تغيير البكرة التي تظهر في الركن العلوي الأيمن، وذرات الغبار التي تطير في الشعاع القادم من الكابينة خلفي. حتى انقطاع الفيلم وصفير المشاهدين كانت لهما إثارة خاصة. يرى البعض أنني كنت في طريقي لأن أكون مخرجًا، بينما يرى البعض أنني كنت في طريقي لأكون عامل عرض.. لا أدري بالضبط.

Thursday, November 25, 2010

مقالات نشرت من قبل - البحث عن أم أنس

تصاعد الدم إلى رأسي غيظًا عندما طالعت عدد مجلة روز اليوسف الصادر يوم السبت 21 مارس 2007؛ فقد وجدت في ملزمة الوسط الملونة مقالاً للصحفية نهاد عزت عنوانه (آخر ما أنتجته ماكينة التخلف والتطرف: جلوس المرأة على الكرسي زنا لا شبهة فيه !).. إلى هذا الحد ؟ المقال يتكلم عن موقع إنترنت يدعى موقع (أم أنس)، التي تصف نفسها بأنها (علامة الدارين الدنيا والآخرة) وأنها (سيدة الزمانين ما مضى وما هو آت)، ثم تصدر فتوى تحرم الجلوس على الكرسي استنادًا إلى أربعة أسباب منها أن السلف الصالح لم يجلسوا على المقاعد ولا الأرائك .. إن في استخدام المقاعد ما يوحي بالإعجاب بالغرب، وهذا يهدم ركنًا عزيزًا من الإسلام هو الولاء والبراء ..

لم تقل أم انس هذا فحسب، بل اشترطت عدم تقديم الأزهار للمرضى لأن في هذا تقليدًا للغرب، وأباحت كذلك الكذب والتزوير لـ (نصرة أمة الإسلام ضد بني علمان) .. المقال طويل ومليء بأمثلة صادمة قاسية توحي بأننا نتكلم عن مستشفى مجانين كبير .. وعلى كل حال اعتاد المرء على ألا يندهش لشيء..

Wednesday, November 24, 2010

غثيان


"ليت الكلاب لنا كانت مجاورة.. وليتنا لا نرى ممن نرى أحدا"
 الإمام الشافعي

الشارع مسدود تمامًا والسيارات توشك على أن تمتطي بعضها بعضا، بينما هناك سيارة نصف نقل كئيبة المنظر عتيقة الطراز تسدّ الشارع، وعليها سمّاعتان بحجم خزانة الثياب، ومن السماعتين يدوي صوت شادية مترنمًا: يا حبيبتي يا مصر.. يا مصر..

الأغنية جميلة بل رائعة، وفي ظروف معينة قد تدمع عيناك لسماعها، لكن خشونة السماعات والصخب وارتفاع الصوت جعلوها شيئًا حكوميًا سوقيًا منفّرًا، دعك من قدرتها العجيبة على تنشيط الأمعاء لتتحول إلى أغنية (مليّنة) بالمعنى الحرفي للكلمة.

فوق السيارة يقف عدة رجال وقد بدت عليهم الخطورة والإرهاق، وهم يعلّقون صورة رجل راضٍ عن نفسه بشكل مرعب.. "معًا من أجل مش عارف إيه.. ومن أجل إيه..."

Tuesday, November 23, 2010

مقالات نشرت من قبل - العالم مسطح: هل انقلب سحر العولمة على الساحر؟

شهدت التسعينات ظهور ثلاثة أسماء سيطرت بقوة على الفكر الغربي: (أسبوزيتو) الذي صار مقترنًا بفكرة الخطر الإسلامي الذي جاء ليحل محل الخطر الشيوعي. و(هانتجنتون) الذي صار مقترنًا بصراع الحضارات .. و(فوكوياما) الذي صار مقترنًا بنهاية التاريخ .. كلهم من الأسماء اللامعة في مؤسسات صنع القرار الأمريكية التي يطلقون عليها (خزانات التفكير Think Tanks) وهم يتقاضون رواتب جديرة بأن تكرههم فعلاً إن لم تكن عندك أسباب أخرى.. من الأسماء العولمية المهمة كذلك الصحفي الأمريكي اليهودي توماس فريدمان الذي لمع في الشرق الأوسط كوجه جذاب لبق قادر على شرح العولمة بوضوح، وهو كاتب عمود الشؤون الخارجية في صحيفة نيويورك تايمز الذي وصف وظيفته بأنها (أهم وظيفة في الكون).. وله كتاب مهم جدًا هو (السيارة اللكساس وشجرة الزيتون - 1999)، لكننا ندرك على الفور أن فريدمان يبشر بدولة واحدة عظيمة ديمقراطية مسالمة وديعة اسمها (إسرائيل).. كما أنه يدعو لمبادئ أقل ما يقال عنها إنها قاسية مثل مبدأ (الاستعداد لقتل جرحاك)، أي أن تتخلى بلا ندم عن أي مشروع خاسر ولا تحزن على العمال المطرودين أو قيم الماضي التي لا نفع لها.

مقالات نشرت من قبل - الفضائيات... وسقوط الأوهام

يحكي الأستاذ محمد حسنين هيكل عن شاه إيران في أيامه الأخيرة، عندما شعر بوجود مظاهرات عارمة في الشوارع فأرسل خادمه العجوز إلى خارج قصر الطاووس ليتحرى الأنباء، وعاد الخادم ليقول له ما يرغب في سماعه: المظاهرات محدودة يقودها بعض الشيوعيين ولسوف تخمد سريعًا. لكن الشاه لم يسترح لهذا الكلام، فركب طائرته الهليوكوبتر سرًا وحلق في سماء طهران ليرى بعينه كل هذه الحشود التي أمضت ليلتها في الشوارع. وقد سأل طياره في ذهول: هل كل هؤلاء يتظاهرون ضدي؟. لم يرد الطيار وكانت هذه على كل حال إجابة كافية جدًا. على أن الشاه لدى عودته للقصر أصيب بحالة بارانويا كاملة جعلته يشك في الجميع، وأصدر تعليماته بألا يزور جناحه أحد حتى الامبراطورة ذاتها..

Sunday, November 21, 2010

مقالات نشرت من قبل - MCQ

بما أننا في عصر العولمة التي هي – بمعنى آخر – الأمركة، فقد رأيت أن أقدم للقارئ هذا الامتحان السياسي على الطريقة الأمريكية؛ أي الأسئلة متعددة الاختيارات MCQ. حاول أن تجيب عن أكبر عدد في أقصر وقت، وحاول ألا تختلس النظر إلى الإجابات الموجودة في نهاية المقال:

أ‌- ابن لادن حفظه الله:
1- عميل مخابرات أمريكية ما زال يتصل بها منذ أيام الجهاد في أفغانستان.
2-هو النموذج العصري الإسلامي لجيفارا. وقد أوجع الولايات المتحدة بأكبر ضربة في تاريخها.
3- مجرد أحمق يهوى الشهرة الإعلامية، وقد أقنعته المخابرات الأمريكية بأن يختطف فاتورة سبتمبر لنفسه، على طريقة فيلم فؤاد المهندس القديم عندما كان يتبرع بتبني أية جريمة قتل ليكسب احترام فتاته؛ وبهذا مهد للجنرالات احتلال موقعين عظيمي القيمة: أفغانستان والعراق.
4- ربما هذا كله.

مقالات نشرت من قبل - ما حدش يعلمني غلط

لابد أنك جربت هذه التجربة أو تذكرها منذ أيام المدرسة .. هات طبقًا مليئًا بالماء وثبت شمعة فيه.. ثم أشعل الشمعة واقلب كوبًا منكسًا فوقها .. سوف تبقى مشتعلة بضع ثوان ثم تخمد ويمتلئ الكوب بالدخان الأبيض ويرتفع الماء فيه .. لماذا حدث هذا ؟... كل الناس تعتقد وكل الكتب المدرسية تفسر ما حدث بأن النار استهلكت الأكسجين في الكوب مما أدى إلى دخول الماء إليه ليملأ نفس الحيز وهو حوالي الخمس.. هذا ما وجدنا عليه آباءنا وهذا ما علمته لابني .. إلى أن وقع في يدي كتاب (الفيزياء المسلية) لكاتب روسي مشاغب هو (ياكوف بريلمان) مشكلته في الحياة هي أن يخبرك بأنك – البعيد – لا تفهم .. بريلمان يقول إن هذه التجربة وصفها الفيزيائي القديم فيلون البيزنطي منذ ألفي عام وقد فسرها بشكل صحيح .. يمكن أن تتم التجربة لو اكتفينا بتدفئة الكوب من دون نار، أو لو استعملنا قطنة مبتلة بالكحول تشتعل وقتًا طويلاً.. فالماء عندها سوف يصل لنصف الكوب وليس لخمسه .. ثم أن الأكسجين المحترق لن يختفي من الوجود بل سيخلف ثاني أكسيد كربون .. إذن ليس الموضوع هو احتراق الأكسجين لكنه ارتفاع حرارة الهواء بالكوب مما يؤدي لنقص ضغطه وبالتالي يندفع الماء للداخل تحت تأثير الضغط الجوي ..

Friday, November 19, 2010

مقالات نشرت من قبل - شيفرة دافنتشي: متى يتعلم الغرب الحرية منا ؟

أثبتت رواية (شيفرة دافنتشي) أن الغرب ما زالت أمامه أعوام طويلة حتى يتعلم الحرية منا نحن العرب، وحتى يقبل الرأي والرأي الآخر كما نفعل نحن بالضبط .. يا أخي متى يتعلم الفرنسيون والبلجيكيون وسواهم أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، وأن رأيي قد يختلف عن رأيك لكني سأموت لأسمح لك بقوله ؟

ما أتكلم عنه هو نغمة الشماتة الواضحة في وسائل الإعلام العربية التي اكتشفت فجأة أن الغرب ضيق الفكر جدًا. فرحة غامرة تغمرنا لأننا والغرب سواء في التعصب وما فيش حد أحسن من حد.. دعك من الانتشاء بفكرة أن هذه الرواية وجهت ضربة قوية للمسيحية بيد واحد من أبنائها، وفات الكثيرون أن المؤلف سحب في نهاية الرواية كل ما قاله عن الفاتيكان، بل يتضح أن من قال هذا الكلام هو شرير الرواية الأساسي

الحقيقة أن رواية (شفرة دافنتشي) - الرواية التي طبع منها عشرون مليون نسخة بخمسين لغة - قد تحولت إلى حمى تجتاح العالم.. وكان مرشدو متحف اللوفر أول من لاحظ ذلك؛ لأن الناس يأتون لرؤية مسرح الرواية ويسألونهم عن كل مكان ورد فيها .. مئات من المقالات كتبت عنها، وعشرات المواقع الإلكترونية أنشئت خصيصا لمناقشتها. الفاتيكان نفسه خصص موقعًا إلكترونيًا للرد على ما جاء بها. دفع الكتاب أيضا ثلاثة مؤلفين غربيين للرد عليه من خلال ثلاثة كتب: (الحقيقة وراء شفرة دافنتشي)، (حل شفرة دافنتشي)، و(الحقيقة والخيال في شفرة دافنتشي)ـ

Wednesday, November 17, 2010

مذكرات صهيوني - 4: القتل بلا كراهية

سافاري - 30 - قصاصات


الجمعة.. التاسعة من إبريل عام 1948.

عملية العمليات كما قيل لنا.

يجب أن نكون حذرين وألا نرتكب أية أخطاء.

كنا في الثانية بعد منتصف الليل تتقدم سيارتنا في الظلام.. أفضل وقت لمهاجمة خصمك هو ما قبل الفجر بقليل.. ساعة الذئب كما يقولون.. حين يكون خصمك في أضعف و أوهن حالاته.

ألوح ببندقيتي للرفاق فيلوحون لي.

من بعيد أرى المدرعات تتقدم.. جماعة شتيرن تلحق بنا وأنا أعرف أن هؤلاء القوم لا يمزحون.. ومن الناحية الأخرى تتقدم الإرجون.. رأيت صديقي أموتاي يفك السونكي عن بندقيته فنظرت له بدهشة.. قال وهو يعلق البندقية: سأقتل بالسلاح الأبيض فقط.. إن تأثيره النفسي مروع.

مذكرات صهيوني - 3: مقتل مذيعة أطفال

سافاري - 30 - قصاصات


الحادي والعشرون من فبراير عام 1973.

خطأ بسيط.. لكنه خطأ قاتل.

من جديد أنطلق بطائرتي الفانتوم فوق سيناء.. هذه المرة أنا أدعى باروخ بالتيالي.. لم أقم بالغارة على بحر البقر لكننا كل واحد كبير.. نحن القوة التي تحرك إسرائيل للأمام.

في هذه المرة مهمتي محددة وبسيطة.

Tuesday, November 16, 2010

مذكرات صهيوني - 2: نهاية الحصة الأولى

سافاري - 30 - قصاصات


الثامن من إبريل عام 1970.

كم أحب طائرتي الفانتوم!

كفاءة هذه الطائرة عالية حقا.. القمرة مريحة.. ثمة أجهزة استشعار تنذرك بإطلاق صاروخ نحو الطائرة.. دقة عالية في إصابة الأهداف.. إلخ.. هذا هو الترف الأمريكي الحق.

نخرق سرعة الصوت فوق سيناء متجهين إلى العمق المصري.

Sunday, November 14, 2010

مذكرات صهيوني - 1: مهمة في الفجر

سافاري - 30 - قصاصات


الخامس والعشرون من فبراير عام 1964.

سيظل هذا اليوم في ذاكرة أهلي كثيرا.

ترجلت من السيارة و أخذت شهيقا عميقا.
كنت أشعر بشيئين.. الخوف والرهبة.. وفخر لا حد له.
هواء الفجر البارد و تلك الرائحة لنهار لم يتلوث بعد.
سوف تطلع الشمس بعد قليل لكني أعرف جيدا أن احتمالات رؤيتي لها شبه معدومة.

Saturday, November 13, 2010

مقالات نشرت من قبل - شنآن قوم

قال لي صديقي الفنان الموهوب: قل ما شئت، لكن أفضل فنان كاريكاتور عرفته مصر بعد صلاح جاهين هو مصطفى حسين .. 

قلت له: لكن خطوطه سهلة التقليد، وهناك رسام صحفي معروف لا يفعل سوى أن يقلده حرفيًا حتى أطلقوا عليه (مصطفى حسين تقفيل تايوان)، كما أن هناك جيلاً من الشباب لا يفعل إلا الرسم مثله. قال لي في ثقة: هذا كلام معه لا ضده.. تذكر أن أحدًا لم يرسم ميكي ماوس قبل ديزني .. أي طفل يستطيع بإصبع واحدة أن يعزف (أهواك) لكن أحدًا قبل عبد الوهاب لم يعزفها..

ثم أردف: لقد خلق مصطفى حسين أنماطًا وحلولاً بصرية لا سابق لها .. وبالنسبة لرسم البورتريه هو الفنان الوحيد على مستوى العالم الذي نجح في نقل روح صدام حسين لا ملامحه فقط .. إنه الأستاذية تمشي على قدمين ..

مما سبق - المختصر المفيد

(المختصر المفيد) هو العنوان الذي اخترته لهذه السيناريوهات المترجمة التي يقدمها موقع إنترنت طريف اسمه (غرفة المونتاج). صاحب الموقع رأى الكثير جداً من الأفلام الأمريكية حتى أصابه الملل، وبدأ يفهم قواعد اللعبة؛ لذا أنشأ هذا الموقع ليلخص فيه كل فيلم باختصار شديد وسخرية لاذعة. يمكن لمن لم يروا الفيلم معرفة فكرته العامة، لكن من رأوه سوف يستمتعون فعلاً بقراءة هذه السيناريوهات. ولسوف نرى إنه عاشق للسينما وعدو لدود لها معاً !. اخترت للترجمة اللهجة العامية لأنها تعبر أكثر عن أسلوب الموقع:

Friday, November 12, 2010

أحسبك أذكى من هذا



هو رجل يعاني حالة متقدمة من الشعور بالذكاء واللماحية. كلنا نشعر بأننا أذكياء ونكره أن نعرف العكس.. لكن هناك قدرًا صحيًا من هذا الشعور، والمصيبة هي أن نتعدى هذا الخط الأحمر فنحسب أننا عباقرة.

هو لا يقرأ سوى الكتب التي تحمل عنوان (المؤامرة الكبرى) أو أي مؤامرة مهما كان حجمها، والتي تتحدث عن منظمات الروتاري والنورانية وأحجار على رقعة الشطرنج.. إلخ.. يؤمن أن كل شيء مؤامرة وأن من لا يرون هذا حمقى.

لهواة الكاتاكوم فقط


أنذرك منذ البداية أن هذا المقال مخصص للمهتمين بالكاتاكوم وعشاقه , فإذا لم تكن من عشاق الكاتاكوم فإنك لن تحب هذا المقال !. لابد أن تشعر بالغيظ عندما تقرأ عن أو ترى آثار البلاد الأخرى , وتتذكر ما لدينا في مصر من آثار .. إن مصر تعج بالآثار بشكل لا يوصف , وقد صدق من قال : إن التراب الذي نمشي عليه هو طبقة رقيقة فوق بقايا أمم لا حصر لها . لهواة الكاتاكوم فقط

لاحظ المغامر الإيطالي بلزوني أن المومياوات كثيرة جدا لدرجة أن النوبيين كانوا يستخدمونها كوقود رخيص متوافر لإشعال النار بدلا من الخشب . صديق لي زار معبد الأكروبوليس في اليونان وتوقع أن يرى معجزة , يقول : إنه رأى عمودا حجريا مهشما يستند علي عمودين , بينما السياح يشهقون انبهارا .. شعر بخجل من نفسه لأنه لا يشعر بشيء , فراح يشهق مثلهم مرددا : 
واو !.. جريس !.. واو ! 
وكان رأيه أنه لو رأي واحد من هؤلاء الكرنك أو معبد الدير البحري لمات فورا من الذهول. 

Thursday, November 11, 2010

معا سنغير

اضغط على الصورة لمشاهدتها بالحجم الطبيعي

Wednesday, November 10, 2010

القصاصة مازالت في جيبي


كنت قد كتبت بعض الأشياء التي يجب أن أقوم بها في تلك القصاصة الصغيرة من الورق المربع التي أدسها في جيبي كل صباح . وجه القصاصة مخصص للأعمال التي يجب القيام بها , وظهرها مخصص للأفكار التي تتوالد فجأة .. طبعا كل هذا بخط لا يقرأ .. لو مر يوم فلن أقدر أنا نفسي علي قراءة حرف..

لسبب ما نسيت القصاصة علي المكتب , ولسبب ما جلست طبيبة امتياز علي المكتب فوجدتها .. لم تعرف أنها تخصني فراحت تطالع المكتوب بشيء من الفكاهة . 

ـ خبز ـ الكهرباء ـ عباس أبو شفة ـ مرقة دجاج ـ تسلم المرأة !!! 

هنا بدأ الرعب في عينيها وقذفت بالقصاصة .. تسلم المرأة !... من صاحب هذه الكلمات ؟ .. هذا رجل أقل ما يقال عنه إنه من الطراز الذي ( يتسلم المرأة ).. رجل لا تتمني أن تقابله في زقاق مظلم أبدا .. 

مما سبق - سينما أونطه

ضمن المقالات الخفيفة في مجلة (إمباير Empire) السينمائية البريطانية، توجد أفكار مسلية فعلاً. وفي هذا المقال الذي نشر في عدد أغسطس 2002 يعترف الكاتب ببعض الأمور التي لم يستطع ابتلاع منطقها في الأفلام الشهيرة. هل لديك نقاط أخرى تريد إضافتها ؟

يوم الاستقلال Independence day ووصلات الكمبيوتر.
(جيف جولدبلوم) بطل يوم الاستقلال يتسلل إلى سفينة من الفضاء الخارجي ليحمل فيروساً من كمبيوتر السفينة. معه كمبيوتر (أبل) يوصله بسهولة تامة بكمبيوتر كائنات الفضاء. كيف فعل هذا برغم أنك لا تستطيع توصيل مجرد طابعة مختلفة في جهازك بسبب مشكلة الوصلات ؟

القواعد الفيزيائية في الشبح Ghost فريدة من نوعها..
(باتريك سويزي) قد صار شبحاً وعليه أن يتعلم الحياة كشبح. يمكنه أن يخترق الجدران بلا تفكير، فكيف يستطيع الوقوف ولا يغوص في باطن الأرض ؟

Tuesday, November 9, 2010

مما سبق - تعددت الأنواع والشرط واحد

أن تواجه مخاوفك من "مسافة معقولة"..أن تكون آمنا تماما! 

* يختلف الرعب عن باقي الأنواع السينمائية في عدم ارتباطه بمكان معين أو عناصر قصصية محددة. يمكن للرعب أن يكون بيولوجيا أو نفسيا أو خارقا للطبيعة. ويقول المخرج ديفيد كروننبرج أن الرعب هو المواجهة التي تتيح للمرء أن يواجه أشياء تؤرقه, ويكون دور الخيال هنا أن يجلب للمرء ما يهابه على مسافة معقولة يمكن أن يتعامل معه بسلام.

إن الرعب يرينا صورا محورها هشاشتنا وتطيرنا وكل الأخطار القادرة على إفساد عالمنا الاجتماعي والفردي, إلا أن دارس الرعب يظل في حاجة إلى معرفة التيمات المختلفة المكونة لهذا الفن المرواغ الذي يستعصى على التصنيف , والتي تجعله تركيبا ذا معنى.

Sunday, November 7, 2010

مما سبق - سيكولوجية جمهور الرعب

الإنسان يخلق مخاوف "وهمية" .. ليتغلب على مخاوف "حقيقية" 

"العنف يمثل طبيعة الإنسان الحقيقية..فوضويته الأساسية ورغبته في التدمير ومقته للكبت ونفوره من الفكر وكل البناءات الصناعية. لهذا فالفنان الذي يتعامل مع العنف بأمانة يصير جالب انتباه وحامل مرارة .. يجذب انتباه المشاهد إلى الأمور الكريهة ويحمل مرآة يريه فيها قذارة ودمامة وتوحش الجنس البشري "-------------------------------------------جون فريزر 

Friday, November 5, 2010

ولد قليل الأدب




حضرات السادة المجتمعين هنا في هذه القاعة الموقرة.. إنه لمن دواعي سروري أن أعرض مشكلتي التربوية عليكم، وأنا واثق من أن عقولكم النابغة قادرة على إيجاد الحل الصائب لمشكلتي.

المشكلة بكل ببساطة هي إنني – دون خلق الله جميعاً – رزقت بابن قليل الأدب.. إنه كثير الصخب، وهذا يثير أعصابي بحق.. لهذا ألومه وآمره بالصمت.. هل تعرفون ما يفعله؟ يصمت! يصمت فلا يرد على أمه ولا يجيب على أي سؤال أوجهه له.. فإذا احتججت نفذ أوامري وعاد إلى الصخب.

مما سبق - لأنه الأستاذ



قبل أن أخط حرفاً في هذا المقال، يجب أن أعترف بأن العبد لله ليس متخصصاً في السينما ولم يدرسها إلا بشكل هاو من خلال مشاهدة الأفلام، وقراءة كل ما وقع في يده عن هذا الفن الرائع. لكني أحسب أن عندي عقلاً يميز، وأعرف الزبد الذي يذهب جفاء وما ينفع الناس. أعرفه وإن كنت لا أعرف غالباً كيف أقدم الأخير.

السؤال الذي أريد أن أسأله هو: هل العبقري (يوسف شاهين) عبقري حقاً ؟.. لنضع السؤال بشكل أدق: هل (يوسف شاهين) المؤلف Auteur قد أضاف شيئاً ليوسف شاهين المخرج؟...سؤال أمين لا أبتغي منه إلا الظفر بإجابة أمينة .. ويجب أن أذكر القارئ الكريم بأنني أعتبر (الأرض) أعظم فيلم مصري على الإطلاق، ولم أستطع قط أن أرى لقطة واحدة من (باب الحديد) من دون أن أتابع الفيلم حتى كلمة النهاية.

Wednesday, November 3, 2010

مما سبق - هؤلاء النصابون الكبار وابتكاراتهم العبقرية 6

رأيته جالسًا في القطار وهي على بعد خطوات .. ليسا معًا لكنهما ينتميان لذات العالم .. نظراته تعسة وقميصه مجعد ولحيته نصف نامية.. يجلس وفي يده مذكرة بخط اليد مصورة تحوي معلومات زراعية.. هذا طبيعي في عصر صار فيه الكتاب عملاً غير أخلاقي. هو إذن طالب في كلية الزراعة ذاهب إلى الامتحان كما هو واضح .. اسمه (عادل).. أعرف هذا يقينًا كما أعرف أن اسمها (رانية).. حرام ألا يكون اسمها رانية .. فتاة العصر التي تلبس حجابًا مزركشًا وجوبًا ضيقة من الجينز وحذاء (كوتشي) والموبايل في يدها، بينما هي تقلب في ملل مماثل صفحات مذكرة مصورة تحوي دروسًا باللغة العبرية .. هي إذن طالبة في الألسن .. واضح تمامًا أن كليهما يشعر بملل قاتل وأن هذه المذكرة تُفتح للمرة الأولى أو الثانية غالبًا ..

نظرات عادل تتوه بعيدًا عن المذكرة .. تسبح .. تجول … تنزلق عينه في نظرة عابرة إلى رانية .. تلتقي العينان فيبعد عينيه خارج النافذة .. يتثاءب .. ينظر للسقف .. يغمض عينيه بعض الوقت ثم يفتح المذكرة من جديد .. إنه في مأزق .. بإذن الله ستكون وقعته سوداء عندما يرسب وعندما يعرف (الحاج) ذلك .. لكن لا وقت حتى للقلق .. لابد من قراءة هذا الهراء في ربع الساعة الباقي على القاهرة ..

مما سبق - هؤلاء النصابون الكبار وابتكاراتهم العبقرية 5

هذه قصة وجدتها على شبكة الإنترنت تحكي عن زوجة سافر زوجها إلى الخارج، فاشتاقت له (وكانت متقنــة للبرمجــة اللغويــة العصبيــة) فراحت تسترخــي وتــردد بينــها وبيــن نفسهــا: لــن يطــول غيابــك .. ستعــود غــداً ..وبالفعــل كــان لهــا ما أرادت ... أتــى الزوج في اليــوم التالـــي .. هــل تعلــم أنك بإمكــانك عن طريـــق تمرســـك بالبرمجــة أن تبرمــج عقــول الآخريــن على فعــل أشيــاء لا يرغبونهــا؟ ... هل تعلم أن العالمــة بالبرمجــة وبتفسيــر الصفــات عن طريــق ملامح الوجــه بدولة الكويت استطاعت أن تبرمج لاعبًا بالملاكمــة على الفوز ببطولــة عالميــة من خلال بثــها لعقــله بإشــارات : ستعــود لأرض الوطــن حامــلاً الكــأس ؟.. هــل تعلــم أن هــذا العلــم استطــاع عن طريــق الله سبحانه وتعالى ثم بالإيحــاء شفــاء أمراض مثل السرطــان، عن طريــق رسم دائرة بالأرض والمشــي يوميــاً عليهــا ذهاباً وإياباً فيتقلــص حجم الدائرة مع عظيــم إيمانــك بأنك تشفـى وأن الدائـرة هـي مرضــك، وسوف تصغر وتصغر وتصغر إلى أن تزول..

نحن لا نتكلم عن تعويذة سحرية أو نوع من الأعشاب المباركة هنا .. أعتقد أن القارئ الكريم قد عرف أننا نتكلم عن (البرمجة اللغوية العصبية NLP) التي صار لها جمهور لا بأس به من المتحمسين في العالم العربي، وصارت تعقد لها الندوات في أكثر من جامعة، كما صارت لها دورات باهظة الثمن ولها مؤمنون بها إلى درجة التعصب كما في المثال الذي قدمته في بداية الكلام، وبالطبع أكثرهم حسن النية يؤمن بما يقول فعلاً ..

Monday, November 1, 2010

مما سبق - هؤلاء النصابون الكبار وابتكاراتهم العبقرية 4

تم نشر الأجزاء الثلاثة الأولى من قبل في المقالات المختارة من كتاب "دماغي كده"ـ

و اليوم وجدت بعض المقالات الأخرى التي تتحدث عن هؤلاء النصابين

------------------------------------------------

هم ليسوا جميعًا نصابين بالمعنى الحرفي للكلمة، لكنهم كما قلت خليط من المنتفعين وحسني النية والمرضى النفسيين، يجمعهم أنهم يقودون عقل هذه الأمة إلى الهاوية، وبلا رحمة .. إنهم لا يتعبون لحظة ولا يكفون عن الابتداع .. تنتهي هوجة الأعشاب فتبدأ هوجة الأوزون .. تنتهي هوجة الأوزون فتبدأ موجة الحمام وبول الإبل .. إن المولد في ذروته وقصعة الفتة جاهزة لمن يهبش منها أكبر قدر ممكن..

على كل حال لن نتكلم عن الأعشاب اليوم لأنها قتلت بحثًا، وقد جاءت قضية المعالج التلفزيوني إياه لتضع الكثير من النقاط على الحروف، لكن لا تتوقع أن تنتهي المسألة بهذه البساطة .. لقد خسر النصابون المعركة لكنهم لم يخسروا الحرب .. فقدوا جنديًا لكن جيوشهم متماسكة، ولسوف ينتظرون حتى ينسى الناس ثم يخرجون علينا باختراع آخر .. كل من راهن على قصر ذاكرة هذه الأمة كسب الرهان.. إذن لن نتكلم عن الطب البديل .. سوف نتكلم اليوم عن الطب الشبيه بالطب! 

Sunday, October 31, 2010

مما سبق - لمصلحة من؟

كان الفيلسوف الكلبي الشهير (ديوجين) يمضي تحت جنح الظلام حاملاً مصباحًا يفتش به عن رجل واحد شريف، ويقال إن بحثه كان سدى .. أعتقد أن القصة تتكرر في عالمنا العربي اليوم، لكن (ديوجين) المعاصر كان سيتعب كثيرًا جدًا في البحث عن رجل واحد يتحرى الدقة والعدل ..

سوف يبدو هذا المقال للبعض دفاعًا مستميتًا عن الحكومة في أسوأ وقت ممكن، لكنه ليس كذلك على الإطلاق، فليس الدفاع عن هذه الحكومة المتخبطة الفاسدة من الأمور المحببة للنفس .. إنه دفاع عن الدقة وعن تحري الصواب فيما يقوله المرء دون الخضوع لدكتاتورية الجماهير، ودون الشهوة الطاغية لأن تقول لها ما تريد سماعه .. أذكر مقولة بديعة للشيخ (القرضاوي) يقول فيها: إن نفاق رجل الدين للحاكم أمره مفضوح وبالتالي خطره محدود.. لكن الخطر كل الخطر هو أن ينافق رجل الدين الجماهير بأن يقول لها ما تحب سماعه .. الحقيقة أن المواطن المصري قد تغير كثيرًا جدًا، وما أريد قوله هو أن هذه الحكومة هي الإفراز الطبيعي لهذه الحالة.. إن الشعوب تستحق حكوماتها وكيفما تكونوا يول عليكم .

مما سبق - برعم الوردة

pixabay

يموت رجل الأعمال الملياردير وآخر كلمة يلفظها هي : (روزباد) أي برعم الوردة ... ترسل الصحف الأمريكية مندوبيها في تحقيق مرهق طويل لمعرفة كنه هذا الـ (روزباد).. يتحركون في كل اتجاه .. ما الذي مات الملياردير وهو يتمناه ؟ .. هو الذي أنشأ جنة صناعية كاملة اسمها (زانادو) فيها كل ما يشتهي .. في نهاية الفيلم نكتشف أن (روزباد) هي الزحافة التي كان يلعب بها في طفولته والتي اضطرت أمه لبيعها .. هكذا كبر الملياردير وامتلك أمريكا ذاتها لكنه ظل يتحرق شوقًا في عقله الباطن للعب بتلك الزحافة الصغيرة !... هذه هي القصة المؤثرة لفيلم (المواطن كين) تحفة (أورسون ويلز)، والذي يحكي قصة حياة ملك الصحافة الأمريكي (راندولف هيرست... )ـ

عندنا في العامية المصرية نقول: "اللي ما شبعش على طبلية أبوه عمره ما يشبع".. وهو يفسر حالة الجوع النهم لدى كل هؤلاء المليارديرات الذين يملأون المجتمع المصري اليوم ولا يشبعون من النهب أبدًا .. السبب ببساطة أنهم لم يشبعوا في طفولتهم 
ينطبق الكلام على المال 
ينطبق على الحنان 
ينطبق على الحب 
***

Saturday, October 30, 2010

«بالغاظ عنه»!



كل طفل له مصطلحاته الخاصة التي يطلقها على الأشياء.. هذا شيء تعلمته كل أم. من الواضح أن لفظتي (ماما) و(بابا) سهلتان جدًا وأقرب إلى النغمات منها للحروف، لهذا ينطقهما كل طفل في العالم بالطريقة ذاتها.. لكن الأطفال يتباينون بينهم في الكلمات المختلفة.

Friday, October 29, 2010

مما سبق - أنا على أخويا وابن عمي

في فترة ما من حرب العراق، كانت المقاومة شيعية أساسًا قبل أن يقرر الصدر أن يحقن دماء رجاله، وكنت في تلك الآونة أتلقى سيلاً من الرسائل على بريدي الإلكتروني خاصة بإحدى مجموعات الأخبار، وبالطبع كان اسم المرسل مستعارًا لكنه اسم (أصولي) جدًا.. كان محتوى الرسائل واحدًا تقريبًا .. الشيعة كفرة .. الشيعة خارجون على الملة .. البرهنة بالأدلة على فساد عقيدة الشيعة .. كل رسالة طويلة جدًا تحتاج إلى ساعة في قراءتها، ومعها عدد لا بأس به من الصور تظهر الشيعة وهم يمزقون أجسادهم بالجنازير أو السياط في الاحتفالات .. أو أحد الأئمة يقبل طفلاً في شفتيه مع تعليق يقول : الشذوذ الجنسي ضرورة عند الشيعة .. الخ ...

يومًا بعد يوم تنهمر على الرسائل، ويمتلئ بريدي عدة مرات في اليوم .. هذا رجل كرس حياته لقضية واحدة يهون من أجلها كل مرتخص وغال ألا وهي أن الشيعة (موش تمام)..

في النهاية لم يعد الأمر محتملاً فكتبت ردًا على ذلك المخبول بحيث يُتاح للجميع في ذلك المنتدى قراءته .. قلت في هذا الرد: "عزيزي .. في الآونة الحالية التي ينتهك فيها الأمريكيون أعراض العراقيين، ويذبح شارون الفلسطينيين، لا يبدو أن هناك طرفًا قادرًا على القتال راغبًا فيه إلا حزب الله في لبنان وشيعة العراق، أي أن الشيعة هي الفئة الوحيدة التي تحارب الأمريكان والصهاينة في العالم الإسلامي كله .. فهل تعتقد بحق أن هذا أنسب وقت لإثبات أنهم كفرة فاسدو العقيدة ؟.. معنى كلامك أن من يحارب الأمريكان والصهاينة اليوم كافر.. وهي لعمري رسالة مريبة .. أنا لا أعتقد أنك عميل للمخابرات المركزية .. فقط أنا أعتبرك مجرد متعصب أحمق آخر ."

لم يرد الأخ المتحمس وأعتقد أنه كان ذكيًا، لأني أعددت له ردًا موجعًا على رده الذي لم يبعث به .. فقط تلقيت بضعة خطابات أكثرها من البحرين تؤيد ما قلت ، ولا أحتاج لذكاء كبير كي أعرف أن مرسليها من الشيعة.. ودارت الأيام ثم بدأت سلسلة خطابات تتهم الوهابيين بكل شيء ممكن ..

مما سبق - بلدهم يا عمّ

كانت قناة الجزيرة تعرض على الهواء أحداثًا غريبة في ذلك اليوم: وزير خارجية مصر (أحمد ماهر) يزور الحرم القدسي .. منذ لحظة دخوله الحرم راح أحدهم – حماسي الهيئة واللهجة – يهتف في مكبر الصوت:
ـ"لا أهلاً بك ولا سهلاً... عد إلى أسيادك الصهاينة ولا تدنس هذا الحرم"

وبدأت الأحداث تتخذ منحى خطيرًا عندما تزاحم الغاضبون حول الوزير المسن، فصنع حراسه طوقًا حوله بأجسادهم ورأيت على وجهه أمارات الاختناق من فرط الانفعال ونقص الأكسجين، مع قلب ليس في أفضل حال .. كان يشخص بعينيه إلى السماء فاغر الفم متلاحق الأنفاس بينما يحاول الحراس حمل جسده الضخم خارج الحرم ..

كان المشهد مؤسفًا أليمًا .. هذا الذي تتصاعد الهتافات ضده ليس (شارون)، بل هو وزير خارجية أهم وأكبر دولة عربية .. الدولة التي ضحت بالكثير بسبب تحالفها مع الفلسطينيين .. دعك من البعد الإنساني لرؤية عجوز يوشك على الموت اختناقًا ..

مر المشهد بسلام، وتم نقل الوزير إلى مستشفى إسرائيلي حيث قيل إن الوضع مطمئن .. لكن هذا لم يكن أسوأ ما في الأمر .. ما أثار رعبي وضيقي هو أنني كنت أشاهد هذا الأحداث بلا أدنى انفعال على الإطلاق .. لم أشعر بذرة تعاطف معه ولم تدمع عيني بسبب الإهانة التي وجهت لمصر على شاشات الفضائيات بلا داع .. كان مشهدًا غريبًا وكفى ..

Wednesday, October 27, 2010

مما سبق - المدونات والدستور ومرض (توريت) ..! ـ

نشرت تلك المقالة من قبل تحن عنوان "مرض (توريت) من جديد" 13 أبريل 2010 في جريدة الدستور
http://ahmed-khaled-tawfik.blogspot.com/2010/04/blog-post_13.html

و لكن وجدتها بنص أكبر .. لذلك نعيد نشرها بذلك النص

===================================

في العام 1884 وصف الطبيب الفرنسي (جيل دولا توريت) تسعة من المرضى يعانون مرضًا وراثيًا غريبًا يتكون من لازمة قهرية من التقلصات العضلية والسباب البذيء جدًا .. وقد وصف هذا المرض لدى الماركيزة (دي دامبريير) العجوز الوقور التي كانت تأتي بحركات غريبة بعضها قبيح جدًا، مع كثير من السباب، وقد بدأ المرض عندها منذ سن السابعة .. هذا هو مرض (توريت Tourette) الذي يعرفه الأطباء النفسيون جيدًا، والذي يعتقدون أنه منتشر اليوم أكثر مما نحسب.. 

هناك شواهد تاريخية سابقة على وصف المرض ومنها رجل من النبلاء الفرنسيين – نسيت اسمه – كانوا يقيدون يديه خلف ظهره كي لا يقوم بحركات بذيئة بإصبعه في حضرة لويس الرابع عشر !

تاريخ للكبار فقط

بص و طل - 26 أكتوبر 2010


إعجابي بالدكتور يوسف زيدان لا يخفى على أحد.. من العسير في هذا الزمن أن تجد من يدقّق بهذا الشكل، ويلاحق كل معلومة في خبايا التاريخ، مبرهنًا في كل مرة على أنه خبير مخطوطات من الطراز الأول.. إنه عملاق بكل تأكيد، ولا أعتقد أن كثيرين يرغبون في تفنيد هذه النقطة.

في عدد 22 سبتمبر من جريدة "المصري اليوم" يواصل سلسلته (أوهام المصريين) التي انتوى أن تكون سباعية من الحلقات، ويحمل المقال اسم (الناصر أحمد مظهر). مقال بديع كالعادة وينطق بموسوعية الرجل، ولكن المشكلة هي أنه يتناول تاريخ صلاح الدين الأيوبي كما ظهر في الفيلم الشهير الذي قام ببطولته أحمد مظهر، وهي نقطة نختلف معها منذ البداية.. من يأخذ التاريخ من الأفلام السينمائية فتلك مشكلته، ويكفي أن الدقة التاريخية معدومة تمامًا في أفلام ضخمة مثل (القلب الشجاع) و(طروادة)، كما أن كل ما ورد في فيلم (الشيماء) تقريبًا من خيال المؤلف.


مما سبق - الأمير فوق من ذكرت

لست أذكر المناسبة بالضبط، لأنني كنت مراهقًا في المدرسة الثانوية أجلس أمام جهاز التلفزيون، أتابع ما أذكر أنه حفل تكريم أو عيد للعلم .. شيء من هذا القبيل .. على المنصة يجلس الرئيس الراحل (أنور السادات)، واللحظة هي تكريم أحد أستاذته السابقين في المدرسة.. كان الرئيس الراحل يحب هذه المواقف لما فيها من مسحة درامية .. (هل تذكر الحطاب الفقير الذي آويته في دارك وأطعمته في تلك الليلة ؟.. لقد كان هو الخليفة متنكرًا ! .. وقد خلع عليك قصرًا وزكيبة من الذهب).. وقد سبق هذا تكريم مماثل لمن يدعى (سائق دمرو) الذي ساعد السادات في ظروف مماثلة..

المهم أن الأستاذ المسن الذي تصلبت شرايين مخه، والذي عاش عصور النفاق منذ أيام مولانا ولي النعم، اعتلى المنبر فقال بالحرف الواحد: "الله يقول: إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب .. أما نحن فنقول: إن في خلق السادات والأرض .. كذا .."

أقسم بالله أن هذا قيل حرفيًا، وسوف أُسأل عنه يوم القيامة .. لقد أصابني الهلع من هذه الدرجة العبقرية المفزعة التي يمكن أن يبلغها النفاق .. والأغرب هو أن أحدًا لم يعترض، والرئيس المؤمن نفسه لم يهب لتصحيح كلمات الرجل ..

Tuesday, October 26, 2010

مما سبق - هوامش عن الحرب السادسة

-1- 
في اليوم التالي مباشرة لسقوط بغداد، وجدت عند بائع الصحف جريدة أسبوعية تتصدر صفحتها الأولى صورة عملاقة لوزير الإعلام العراقي (الصحاف)، وقد كتب تحتها: "الصحاف: رمز الصدق الإعلامي".. هذه الجريدة لم تعرف بما حدث أمس ولم تجد الوقت لتبدل عناوينها، ففي الأسابيع التالية تحول الصحاف إلى رمز الكذب والجعجعة الخطابية الفارغة وانضم اسمه إلى اسم (أحمد سعيد) في مصر، وصار فقرة للإضحاك في الكوميديات الفضائية .. والكاريكاتور المرفق رسمه الفنان الشاب شريف عرفة تعبيرًا عن الرأي العام السائد وقتها.

Monday, October 25, 2010

مما سبق - فما أنت يا مصر دار المضارب

عندما حدث انهيار البورصة في مصر وعدد من الدول العربية، رأينا ذلك المصري المسكين الذي يظهر دائمًا في النشرات .. يصرخ وقد مزق أزرار قميصه ليقف عاري الجذع ، وهو أداء مصري كلاسيكي للتعبير عن الجزع والإفلاس وإنه لا يبالي بشيء بعد الآن .. وذلك الذي سقط على الأرض والناس يرشون الماء على وجهه .. نفس الرجل – بعينه – رأيته يصرخ أمام شركة توظيف الأموال المغلقة، ورأيته يصرخ أمام مسرح بني سويف، ورأيته يصرخ بعد زلزال أكتوبر المشئوم، ورأيته يصرخ وهو ينتظر جثة قريبه الغارق مع العبارة أو المحترق في قطار الصعيد .. إنه المصري الأبدي الذي خدعوه وباعوا دمه وكليته وأطعموه الفراخ الفاسدة والزيتون بالورنيش .. المصري الذي جعلوه يعبد آمون ثم استبدلوا به آتون ثم أعادوا آمون ثم أقنعوه أن بونابرت مسلم صادق الإيمان ..
لكني – في هذه المرة بالذات – لم أكن قادرًا على التعاطف معه، بينما بكيت معه في مواقف أخرى. أنت دخلت سوقًا خطرة غير مستقرة يا صاحبي، وقد أغرتك المكاسب الفاحشة التي جناها الناس في أول فبراير بلا أدنى جهد ..سمعت قصة السيدة التي ربحت مليونًا في يومين.. لقد قامرت وعليك أن تتحمل نتائج المقامرة، فلا تحاول إقناعي أنك من ضحايا العبارة أو قطار الصعيد من فضلك .. 

ربما تلاعبت بك الحكومة من أجل بعض الحيتان الكبار .. وما الجديد في هذا ؟.. هل هناك استقرار حقيقي في مصر يسمح بالمخاطرة ؟ 

Sunday, October 24, 2010

مما سبق - المطففون

كنت أموت من الظمأ في ذلك اليوم الحار، ولما كنت بطبعي غير مولع بالمياه الغازية، فقد اتجهت إلى محل لعصير القصب .. حبي الأول الذي أشعر بدهشة لكونه لم يغز العالم بعد، هناك صب لي البائع كوبًا كبيرًا حملته متلمظًا إلى شفتي، لأجد أنه عديم الرائحة والطعم.. فقط له لون كريه يذكرك بحساء القلقاس... 

أصابتني الحيرة .. كم يبلغ هامش الربح في كوب من عصير القصب ؟.. بالتأكيد هو لا يقل عن 80% .. وبالتالي حصل البائع على أربعين من الخمسين قرشًا التي هي ثمن الكوب، فماذا يريد ؟.. ولماذا يجب أن يغش العصير بخلطه بالماء البارد ؟.. لماذا لا يقدم لي سلعة جيدة ويكتفي بأربعين قرشًا بدلاً من ثمانية وأربعين ؟

قلت للرجل غاضبًا إنني لن أتعامل معه مرة أخرى، فهز رأسه في مزيج من الاعتذار الساخر واللامبالاة .. ماذا يخسره لو فقد زبونًا وماذا يكسبه إذا احتفظ به ؟

المهم بالنسبة له أنه أخذ مني هذه المرة وانتهى الأمر، ومحدش حينام جعان .. غدًا يأتي سواي .. هكذا تحول الإيمان بالرزق إلى مبرر للخداع بلا توقف... 

الحقيقة أن فلسفة هذا الموقف تنطبق على كل شيء في حياتنا بدءًا بكوب عصير قصب وانتهاء بسيارة فاخرة أو فيلا في الساحل الشمالي 
***

Saturday, October 23, 2010

تعليمات دقيقة



اعتدت أن أندهش جدًا من الناس الذين يبتاعون جهازًا جديدًا، فيتكاسلون عن مطالعة الكتيب المرفق معه. هذا الكتيب يحوي دائمًا معلومات مهمة جدًا أو إمكانات للجهاز لم تخطر ببالك. عندما تستعمل هذه الإمكانات يبدي الناس انبهارًا بعبقريتك، برغم أن الأمر لم يكن ليكلفهم أكثر من نصف دقيقة يطالعون فيه الكتيب مثلك. لكن الدرس الذي تعلمته بعد كل هذه السنين هو أن الناس مهما بلغت درجة ثقافتهم وتعليمهم يحملون هم القراءة.. يرى الرجل الكتيب جاثمًا ينتظره ككابوس فيفرك عينيه في إرهاق، ويناوله لأي واحد جواره قائلًا:
«هلا قرأت هذا لي؟ نسيت نظارتي / وقتي لا يسمح.. الخ»

أقول إن قراءة التعليمات كانت دأبي وهوايتي، إلى أن جاء هذا العصر السعيد الذي صار فيه كل شيء صينيًا.

Friday, October 22, 2010

مما سبق - صدام لم يقبض

لا شيء يثير غيظي مثل مداخلات المشاهدين على الهواء؛ تلك التي تلوث برامج الفضائيات خاصة الإخبارية منها.. عندما يكون ضيف الحلقة في وزن حسن نصر الله أو فهمي هويدي أو سيد القمني أو المدير السابق للمخابرات المركزية في الشرق الأوسط، تكتشف أن هناك شخصًا في مكان ما يملك الشجاعة العبقرية الكافية ليرفع سماعة الهاتف ويعطل تدفق المعلومات المهم لمدة خمس دقائق، فقط كي يعبر عن آرائه في الحياة .. وهو أصلاً لا يملك أية موهبة إلا امتلاكه لخط دولي .. لكنه يتكلم بلهجة المرشد الذي يهدي هذه الخراف الضالة إلى الصواب: "أنا عجبني الأستاذ فهمي لما قال كيت وكيت وما عجبني لما قال كذا وكذا.."... إنها كلمة الحجا أخيرًا بعد ما كثر الدهماء .. وتشعر طيلة الوقت أنه من الذين يهوون سماع صوتهم وربما العبث في أصابع أقدامهم كذلك.. 

Thursday, October 21, 2010

مما سبق - أعرف جيدا

أعرف‏ ‏جيدا‏ ‏أنه‏ ‏أشعل‏ ‏لفافة‏ ‏تبغ‏ ‏وراح‏ ‏ينظر‏ ‏لليل‏ ‏الصامت‏ ‏خارج‏ ‏الشرفة‏..‏
أعرف‏ ‏أن‏ ‏ملايين‏ ‏الخواطر‏ ‏تزاحمت‏ ‏في‏ ‏ذهنه‏ ‏وهو‏ ‏يتأمل‏ ‏لفافة‏ ‏التبغ‏.. ‏الطرف‏ ‏الذي‏ ‏يتوهج‏ ‏ثم‏ ‏يخبو‏.. ‏يتوهج‏ ‏ثم‏ ‏يخبو‏.. ‏هذا‏ ‏تأثير‏ ‏قريب‏ ‏من‏ ‏التنويم‏ ‏المغناطيسي‏..‏
علي‏ ‏الأرجح‏ ‏عاد‏ إلى الغرفة‏ ‏هنا‏.. ‏أعرف‏ ‏أنه‏ ‏جلس‏ إلى مكتبه‏ ‏وفتح‏ ‏الدرج‏.. ‏بحث‏ ‏في‏ ‏مجموعة‏ ‏الأوراق‏ ‏حتي‏ ‏وجد‏ ‏واحدة‏ ‏لم‏ ‏يخط‏ ‏عليها‏..‏أعرف‏ ‏أنه‏ ‏بحث‏ ‏بين‏ ‏الأقلام‏ ‏عن‏ ‏واحد‏ ‏يصلح‏.. ‏هذا‏ ‏جف‏ ‏حبره‏. ‏هذا‏ ‏تقيأ‏ ‏حبره‏.. ‏هذا‏ ‏مكسور‏.. ‏أخيرا‏ ‏وجد‏ ‏واحدا‏ ‏وخط‏ ‏علي‏ ‏الورقة‏ ‏أول‏ ‏خط‏..‏
لابد‏ ‏أنه‏ ‏توقف‏ ‏هنا‏.. ‏لابد‏ ‏أنه‏ ‏نظر‏ ‏للشرفة‏.. ‏وجد‏ ‏أنه‏ ‏من‏ ‏السخف‏ ‏أن‏ ‏يكتب‏ ‏كل‏ ‏شيء‏, ‏والرسالة‏ ‏المعتادة‏ ‏بدت‏ ‏له‏ ‏سخيفة‏ ‏مبتذلة‏..‏
لهذا‏ ‏كوّم‏ ‏الورقة‏ ‏وألقاها‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏..‏
أعرف‏ ‏أنه‏ ‏أخرج‏ ‏ألبوم‏ ‏الصور‏ ‏وراح‏ ‏يقلب‏ ‏الصفحات‏.. ‏صورته‏ ‏وهو‏ ‏طفل‏ ‏سعيد‏ ‏غافل‏, ‏كل‏ ‏مشكلته‏ ‏في‏ ‏الحياة‏ ‏أن‏ ‏أباه‏ ‏لم‏ ‏يبتع‏ ‏له‏ ‏الآيس‏ ‏كريم‏ ‏الذي‏ ‏كان‏ ‏يتوق‏ ‏له‏. ‏صورته‏ ‏في‏ ‏سن‏ ‏المراهقة‏ ‏مع‏ ‏أصدقائه‏ ‏إلى‏ ‏جوار‏ ‏سور‏ ‏المدرسة‏.. ‏صورته‏ ‏وهو‏ ‏شاب‏ ‏في‏ ‏الجامعة‏.. ‏صورته‏ ‏مع ‏هالة‏.. ‏صورته‏ ‏معي‏ ‏وهو‏ ‏يناقش‏ ‏رسالة‏ ‏الماجستير‏ ‏عن‏ ‏إرهاصات‏ ‏الواقعية‏ ‏في‏ ‏المدرسة‏ ‏الرومانسية‏..‏
أعرف‏ ‏أنه‏ ‏أشعل‏ ‏لفافة‏ ‏تبغ‏ ‏أخرى‏.. ‏لا‏ ‏يوجد‏ ‏وقت‏ ‏كاف‏ ‏للإصابة‏ ‏بسرطان‏ ‏الرئة‏. ‏لابد‏ ‏أنه‏ ‏راح‏ ‏يتأمل‏ ‏حلقات‏ ‏الدخان‏ ‏المتصاعدة‏.. ‏لابد‏ ‏أنه‏ ‏تذكر‏ ‏أنه‏ ‏لم‏ ‏يستطع‏ ‏قط‏ ‏إخراج‏ ‏حلقات‏ ‏دخان‏ ‏من‏ ‏فمه‏ ‏مهما‏ ‏حاول‏.. ‏لابد‏ ‏أنه‏ ‏ابتسم‏ ‏للفكرة‏..‏
أعرف‏ ‏أنه‏ ‏أنهى‏ ‏اللفافة‏ ‏فدفنها‏ ‏في‏ ‏قدح‏ ‏القهوة‏.. ‏ما‏ ‏تبقى‏ ‏منها‏..‏
أعرف‏ ‏أنه‏ ‏فتح‏ ‏الدرج‏ ‏من‏ ‏جديد‏ ‏وأخرج‏ ‏المسدس‏, ‏وتحسسه‏ ‏بأنامله‏. ‏منظر‏ ‏الرجل‏ ‏الجالس‏ الى المكتب‏ ‏ومسدس‏ ‏في‏ ‏يده‏ ‏يذكره‏ ‏بصورة‏ ‏مدير‏ ‏المصرف‏ ‏الذي‏ ‏أفلس‏ ‏بسبب‏ ‏الاختلاس‏ ‏أو‏ ‏المقامر‏ ‏الذي‏ ‏خسر‏ ‏كل‏ ‏شيء‏, ‏كما‏ ‏نراهما‏ ‏في‏ ‏القصص‏ ‏الغربية‏.. ‏لابد‏ ‏أنه‏ ‏ابتسم‏ ‏للفكرة‏ ‏مرة‏ ‏أخرى‏..‏
أعرف‏ ‏يقينا‏ ‏أنه‏ ‏ألصق‏ ‏الفوهة‏ ‏بصدغه‏ ‏وأنه‏ ‏شعر‏ ‏بالمعدن‏ ‏البارد‏ ‏القاسي‏ ‏هناك‏ ‏يضغط‏ ‏علي‏ ‏شريانه‏.. ‏أعرف‏ ‏أنه‏ ‏تحسس‏ ‏الزناد‏.. ‏أنه‏ ‏أغمض‏ ‏عينه‏.. ‏أنه‏ ‏ضغط‏ ‏الزناد‏ ‏القاسي‏..‏
*******

Wednesday, October 20, 2010

مما سبق - عن العلم و شبه العلم

فكرت كثيرا و طالبني الكثير  بعرض مقاﻻت و قصص د أحمد السابقة التي تم نشرها من قبل.. و لكن لم يسعفني الوقت لذلك من قبل.. لكن أيقنت أن الوقت لن يسعفني أبدا.. فقررت أن أنشرها واحدة تلو اﻷخرى قدر ما أستطيع.. مع استمرار عرض المقاﻻت و القصص الأخيرة حال نشرها

--------------------------------------------------------

كتاب أنيق هو يحمل ذات الطابع (ابن الناس) الموحي بالثقة لدار المعارف، تلك التي بدأنا القراءة مع سلسلتها (كل شيء عن)... سلسلة علمية صدرت في الزمن الجميل كتبها عالم أمريكي محترم وترجمها عالم مصري محترم، والتي لم أندهش عندما وجدت أن عدد طبعات أجزاء منها تجاوز التسع, ثم كبرنا فعرفنا سلسلة (اقرأ) التي قدمت لنا المعلومة والأدب الراقي. لهذا كان لي الحق كل الحق أن أتحمس لشراء هذا الكتاب الذي يحمل اسم (أسرار الوحوش الخفية والإنسان العملاق - 1999) للدكتور (علي علي السكري) وهو من المهتمين بمفهوم العلم من الناحية الإسلامية كما تدل على ذلك مؤلفاته السابقة

ـ عن "الحلّوف" الذي لم يَرفُق بـ"القوارير" ـ


ولكن لماذا ينفعل المرء على فتاة رقيقة نحيلة ويصفعها ويركلها؟ "سمية" طالبة الدراسات الإسلامية في الزقازيق تُضرب بوحشية على أيدي وأرجل الحرس الجامعي!

أين أنت يا أستاذ "عباس"، يا من كنت تمشي في المدرسة الثانوية حاملاً رِجل كرسي غليظة، وكنت تهوي بها على رءوس الفتيان عندما يثيرون حفيظتك؟ وفي يوم رائق قلت لنا إنك كنت تعمل في مدرسة بنات قبل هذا:
- "لم أتحمل العمل هناك.. الفتاة تكفيها كلمة غليظة أو زغرة كي تتشنج ويُغمى عليها.. الفتيات هشّات رقيقات أكثر مما يجب، والتعامل معهن يحتاج إلى عبقري؛ بينما أنتم مجموعة من الأوغاد ثخيني الجلد.. "ربنا يخليكوا ليّ"!.. طلبت أن أُنقل لهذه المدرسة؛ حيث أتعامل مع الفتيان.. والفتيان فقط.. هكذا أهوي على رأسك بمقعد فلا تصاب حتى بصداع، ولا تشعر بأنك أُهنت.. العمل هنا يريحني ويناسبني..".

هكذا تكلّم الأستاذ "عباس"، وقد لاحظت بعد ذلك أن كثيرين من المدرسين جاءوا فارّين من مدارس البنات. كان الناس في ذلك الزمن يحترمون تكوين الأنثى الجسدي والنفسي، ويعرفون أنها لا تتحمل أي نوع من غلظة التعامل.. رفقاً بالقوارير... رفقاً بالقوارير. 

إذن لماذا ينفعل المرء على فتاة نحيلة صغيرة الحجم ويصفعها ويركلها؟

Friday, October 15, 2010

سيارتكم



اتصل بي قريبي الذي يعمل في الخارج، وطلب مني أن أسأل له عن السيارة (كوكي) التي رأى إعلانها في الصحف، وهو راغب في شرائها بمجرد العودة إلى الوطن.. يسألني عن مواصفاتها وهل هي أوتوماتيكية أم يدوية، وما إذا كانت سعة الموتور 1500 سم مكعب أم 1300. ونظم التقسيط الخاصة بها.. إلخ. توقعت أن يسألني عن الأشخاص الذين سيركبونها، وتاريخ الحادث الذي يمكن أن يقع لها، لكنه لم يفعل.

رفعت سماعة الهاتف وطلبت الرقم الموضح في الإعلان فجاء صوت رشيق لفتاة:
«النصاب للسيارات.. تحت أمرك».

Friday, October 8, 2010

كفى



هذا مسكين من مساكين الإنترنت الذين فاض بهم، فأرسل للجميع هذه الرسالة التي وصلتني هذا الأسبوع.. إنها صرخة أليمة قاسية تقول: كفى! تعال نرى معًا ما يعذبه:

Thursday, October 7, 2010

بين حادث 4 فبراير وحادث 5 أكتوبر


لا أرى الأمور قد بلغت هذه الدرجة بالطبع، لكنها كلمات صديق لي قال بمجرد أن سمع خبر إقالة عيسى: "هذا هو الانتحار الثاني للوفد.. الانتحار الأول كان بعد حادث 4 فبراير عام 1942 عندما حاصرت الدبابات البريطانية القصر لتصل بالوفد إلى سدة الحكم،  أما الانتحار الثاني فهو الآن في 2010 حينما تحالف مع النظام في مؤامرة تكلفت عشرين أو ثلاثين مليوناً من الجنيهات لعزل كاتب سياسي معارض، وبهذا أعلن الوفد صراحة أنه أحد مكاتب الحزب الوطني".

بالفعل لا أعتقد أن الأمور بلغت هذه الحد، وفي الكلام الكثير من المبالغة التي تقارن حادث 4 فبراير بإقالة عيسى، لكن تبقى حقيقة لا مهرب منها؛ هي أن الدكتور السيد البدوي كان له دور رئيس في إسكات كاتب معارض مهم. ومتى ؟.. في فترة شديدة الحرج تحتاج إلى كل لسان شريف. والرجل -د. السيد- قد استقال بعد إنهاء مهمته على كل حال، على طريقة (قل كلمتك ثم انصرف).

Monday, October 4, 2010

كائنات مهددة بالانقراض


الحياة تزداد تعقيدًا بلا شك.. في بعض النقاط صارت أسهل بكثير؛ فقد كان من المستحيل في السبعينات أن تتخيل -حتى لو كنت "جول فيرن" نفسه- أن تحمل هاتفك الخاص في جيبك وتطلب به أي شخص في بلدك أو حتى في ألاسكا. كان الاتصال بالقاهرة أو الأسكندرية أو شبين الكوم يعني أن تذهب للسنترال في ساعة مبكرة من اليوم، وتمضي أربع ساعات تنتظر في توتر؛ بينما الصوت الهادر الحكومي يدوي من آن لآخر عبر مكبر الصوت
ـ"4543 مصر.. كابينة 8"ـ

فترى أحد الجالسين يهرع كالملسوع نحو كابينة 8 ويغلقها عليه ويبدأ في الصياح؛ بينما كل الجالسين يسمعون تفاصيل ما يقال.. عشر ثوان ثم تنقطع المكالمة فيخرج خائب الأمل ليجلس بانتظار محاولة ثانية.. باختصار كان الاتصال بالقاهرة، يعني أن تأخذ يوم إجازة من العمل، وأن تمضي خمس أو ست ساعات في مكان واحد

Friday, October 1, 2010

أنت فضولي



عرفت في سن العاشرة أنني فضولي جدًا، ولدرجة تقترب كثيرًا من الوقاحة.. كنت أدخل على أبي وأمي يتكلمان، فلا يقطعان المحادثة، لكني أسمع كلمات مثل: «هذا المرض العضال – الطبيب يائس – إنها النهاية» أو كلمات مثل «بيع البيت – ورطة مادية – إفلاس».. فأتوقف وأسأل في توتر:
«هل هناك مشكلة؟»

فيقول أبي في أسف وحزن لسوء تربيتي:
«أنت فضولي جدًا.. ما دمت لست طرفًا في المحادثة فلا تتدخل»

أشعر أن الدم يتدفق من أذني خجلًا، وأبتعد بينما المزيد من العبارات يخرق مسمعي «اللص الذي تسلل للبيت – لا تخبري الأطفال – سوف ينتقم»

Wednesday, September 29, 2010

جولة فنية


المغامرون الخمسة وتختخ وشوارع المعادي !.. أعتقد أن هذه السلسلة الممتعة التي أبدعتها عبقرية (محمود سالم) قد تركت علامة لا تُمحي لدي كل مراهق بدءًا من سبعينيات القرن الماضي. كنت أنا في المدرسة الإعدادية، أتابع بنهم مغامرات الصبي البدين تختخ الذي يكلفه رئيس المباحث شخصيًا بمهام شديدة الخطر. ولأن محمود سالم عبقري، فقد قدم لنا في أحد الألغاز (نسيت اسمه للأسف) عملية سطو علي متحف محمد محمود خليل.. لقد عرفت بوجود المتحف للمرة الأولي من ذلك الكتيب. اللوحة التي سرقت في القصة كانت أزهار الخشخاش لفان جوخ !.. الأجمل أن سارقها أعادها للشرطة مرة أخري مع بطاقة صغيرة كتب عليها بأناقة أنها (مزيفة)!.. لقد اكتشف السارق أن اللوحة سرقت من قبل وأن اللوحة التي سرقها لا قيمة لها

Wednesday, September 22, 2010

حسب الهوية


أتذكر راجفًا القصة التي حكاها لي أحد المصريين عن صديق له، ذهب إلي بيروت للهو في أعوام الحرب الأهلية المنحوسة. ركب سيارة نقل عام فكان من حظه الأسود أن استوقفتها في شارع جانبي مجموعة من الشباب الملثمين المدججين بالسلاح .. راحوا ينزلون ركاب السيارة واحدًا واحدًا فيسألونه عن ديانته ويفحصون أوراقه، والمشكلة هي أن باقي ركاب السيارة لا يعرفون الإجابة .. هذا يتركونه ينصرف، وهذا يأخذونه علي جنب إلي جوار الجدار فيذبحونه بالسونكي كالدجاجة .. كان هذا كمين «إعدام حسب الهوية» من الكمائن التي انتشرت في لبنان وقتها. قل لي بربك ما هي الإجابة الصحيحة؟.. ما هي الإجابة الصحيحة؟.. بسرعة !.. هل الصواب أن تكون مسلمًا في هذه اللحظات أم مسيحيًا؟.. لم يعرف صاحبنا الإجابة قط لأن دوره جاء .. وعندما وقف وسط الجثث المذبوحة لمن سبقوه، وعندما طلبوا منه أوراقه ظهرت دورية من الشرطة؛ ففر المعتدون ونجا بمعجزة شبه سينمائية.. عاد المصري علي الفور إلي وطنه، ويحكي صديقي أنه ظل أعوامًا يجلس في غرفة خافتة الإضاءة يحملق في الجدار ولا يتكلم .. لقد احترق جهازه العصبي ولا تثريب عليه 

Saturday, September 18, 2010

كلهم ناجحون



كقاعدة لم ألق قط حتى اليوم عربياً هاجر للخارج وفشل

صديقي هذا لم يكن طالباً متميزاً قط في أية لحظة من لحظات الدراسة. أذكر أننا كنا في مشرحة الكلية قبل امتحانات التشريح النهائية، فاقتحم المكان في حماسة حتى بلغ الجثة.. فأشار إلى شريان عملاق في البطن وتساءل
ـ «ما اسم هذا الشريان؟»

نظرنا له في عدم فهم وحسبنا أنه يمزح، ثم قلنا له أنه الشريان الأبهر (الأورطى)، وهو شريان معروف أعتقد أن أي صبي في العاشرة يعرفه.. لولا ما في ذلك من مبالغة لاعتقدت أن اسمه مكتوب عليه. فبدت عليه الراحة وقال وهو يتنهد
ـ «هذه معلومات كافية لهذا اليوم!»

Tuesday, September 14, 2010

وداعا أيها الشيخشاب


هذه من المرات القليلة التي يشعر فيها المرء بالاختناق لأنه يكتب مقالاً أسبوعيًا وليس يوميًا. منذ البداية أعتبر كتابة مقال يومي همًا مقيمًا والسبيل الأقصر لدخول العناية المركزة.. إنها ذات وضعية المدين الذي يقضي حياته هاربًا أو مهمومًا.. لكنه لا يتعامل بالمال بل يتعامل بالأفكار. إلا أن الأحداث تتلاحق أحيانًا بشكل مضن وسريع، بحيث تشعر بأنك بحاجة لمقال يومي -حتي لو كان قصيرًا جدًا- يواكبها

هناك موضوع «البرادعي» والصور العائلية التي استخدمها البعض للتشهير به، وهناك مسلسل الجماعة الذي أثار انتباه الجميع بدقة صنعه وبراعته، وإن بدت الحلقات الأخيرة أقرب لتصفية الحسابات التي توقعها الجميع علي كل حال، حتي حسبت أحيانًا أنني أرى الفصول الأخيرة من فيلم (الوجه ذو الندبة) أو (الأب الروحي). هناك كذلك قضية كاميليا التي تشتعل بها النفوس والتي تحتاج لتفسير واضح بكلمات واضحة. هناك قضية زهرة الخشخاش التي يتكلم عنها الجميع، بين مذهول لأن لوحة بهذه الأهمية تختفي بهذه البساطة، وبين مذهول لأنه لا يتصور أن تساوي قطعة قماش خمسين مليونًا ويري أن القصة كلها (هيافة) لا شك فيها

Wednesday, September 1, 2010

مصحة الدكتور أنطوان - 6


===============================


رفع الأستاذ سامي عينيه عن رقعة الشطرنج.. كان ينظر لنا في دهشة وقد وقفنا في حجرته/زنزانته.. بدا هشًا ضعيفًا جدًا.. قالت له نادية وهي تجلس على حافة الفراش

ـ"أنت طبيب.. الأطباء والممرضات بالخارج هم المجانين الذين استولوا على المصحة.. أليس كذلك؟.."ـ

ارتجفت شفته السفلى، وخُيّل لي أن في عينيه نظرة أمل.. فأردفت نادية
ـ"لقد حطموك بالتعذيب حتى لم تعد تجرؤ على الكلام.. لا تجرؤ على الاعتراف.. لكننا سنحررك"ـ

المختار من المختار


هذه‏ ‏المرة‏ ‏أرجو‏ ‏أن‏ ‏تعد‏ ‏لي‏ ‏كوبا‏ ‏حقيقيا‏ ‏من‏ ‏الشاي‏ ‏بدلا‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏الماء‏ ‏الأصفر‏ ‏الساخن‏ ‏الذي‏ ‏تعده‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏مرة‏. ‏الشاي‏ ‏الجيد‏ ‏في‏ ‏رأيي‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏تمسك‏ ‏بالكوب‏ ‏منه‏ ‏فلا‏ ‏ترى‏ ‏أصابعك‏ ‏من‏ ‏الجهة‏ ‏الأخري‏.. ‏ويجب‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏كميته‏ ‏قليلة‏ ‏جدا‏.. ‏فأنا‏ ‏غير‏ ‏راغب‏ ‏في‏ ‏الانتحار‏..‏

سوف‏ ‏أحكي‏ ‏لك‏ ‏اليوم‏ ‏قصة‏ ‏جميلة‏ ‏قرأتها‏ ‏قديما‏ ‏في‏ ‏مجلة‏ ‏المختار‏ ‏من‏ ‏الريدرز‏ ‏دايجست‏.. ‏مجلة‏ (‏المختار‏) ‏كانت‏ ‏تصدر‏ ‏عن‏ ‏دار‏ ‏أخبار‏ ‏اليوم‏ ‏في‏ ‏مصر، ‏وكانت‏ ‏مهمتها‏ ‏أن‏ ‏تقدم‏ ‏لنا‏ ‏وجها‏ ‏جميلا‏ ‏للسياسة‏ ‏الأمريكية‏ ‏والحياة‏ ‏في‏ ‏أمريكا‏.. ‏مجلة‏ ‏لها‏ ‏نفس‏ ‏سحر‏ ‏مارلين‏ ‏مونرو‏ ‏ونفس‏ ‏مذاق‏ ‏الكولا‏ ‏وظرف‏ ‏ميكي‏ ‏ماوس‏ ‏ودونالد‏ ‏دك‏، ‏ولأسباب‏ ‏كهذه‏ ‏كانت‏ ‏بعض‏ ‏علامات‏ ‏الاستفهام‏ ‏تحوم‏ ‏حولها‏ ‏دائما‏، ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏الزمن‏ ‏كانت‏ ‏لفظة‏ (‏العالم‏ ‏الحر‏) ‏لها‏ ‏مذاق‏ ‏استعماري‏ ‏أمريكي‏ ‏خانق‏، ‏وكان‏ ‏موقف‏ ‏أمريكا‏ ‏ملتبسا‏، ‏فهي‏ ‏مازالت‏ ‏واعدة‏ ‏كمحررة‏ ‏العالم‏ ‏بعد‏ ‏الحرب‏ ‏العالمية‏ ‏الثانية‏، ‏لكن‏ ‏بعض‏ ‏الأنياب‏ ‏بدأت‏ ‏تظهر‏ ‏مع‏ ‏مشاكل‏ ‏كوبا‏ ‏وقصة‏ ‏خليج‏ ‏الخنازير‏ ‏وغزو‏ ‏لبنان‏ ‏وسحب‏ ‏تمويل‏ ‏السد‏ ‏العالي‏ ‏ووقف‏ ‏تصدير‏ ‏القمح‏.. ‏إلخ‏.. ‏ثم‏ ‏زاد‏ ‏الطين‏ ‏بلة‏ ‏مع‏ ‏قضية‏ ‏مصطفي‏ ‏أمين‏ ‏الشهيرة‏، ‏وفي‏ ‏لحظة‏ ‏ما‏ ‏توقفت‏ ‏تلك‏ ‏المجلة‏ ‏لأعوام‏، ‏ثم‏ ‏عادت‏ ‏لنا‏ ‏هذه‏ ‏المرة‏ ‏من‏ ‏بيروت‏.. ‏وأشهد‏ ‏أن‏ ‏الصورة‏ ‏الأولي‏ ‏للمجلة‏ ‏بطباعتها‏ ‏الرخيصة‏ ‏وألوانها‏ ‏الباهتة‏ ‏وورقها‏ ‏الذي‏ ‏لايصلح‏ ‏ورقا‏ ‏للجرائد‏، ‏كانت‏ ‏أروع‏ ‏وأكثر‏ ‏إمتاعا‏.. ‏دعك‏ ‏من‏ ‏ترجمتها‏ ‏الرشيقة‏. ‏الترجمة‏ ‏اللبنانية‏ ‏تثير‏ ‏أعصابي‏ ‏غالبا‏، ‏خاصة‏ ‏عندما‏ ‏تتحول‏ ‏السويد‏ ‏بمعجزة‏ ‏ما‏ ‏إلي‏ (‏أسوغ‏)، ‏والطماطم‏ ‏والخيار‏ ‏يصيران‏ (‏بندورة‏) ‏و‏(‏كبيس‏) ‏بالترتيب‏، ‏واللبان‏ (‏علكة‏)، ‏ويظهر‏ ‏ممثل‏ ‏اسمه‏ (‏غريغوري‏ ‏بيك‏) ‏وآخر‏ ‏اسمه‏ (‏كلارك‏ ‏غابل‏)، ‏دعك‏ ‏طبعا‏ ‏من‏ (‏البوظة‏) ‏التي‏ ‏هي‏ ‏الآيس‏ ‏كريم‏ ‏بالترجمة‏ ‏اللبنانية‏، ‏بينما‏ ‏عندنا‏ ‏تعني‏ ‏كارثة‏ ‏وليلة‏ ‏في‏ ‏التخشيبة‏

Tuesday, August 31, 2010

قُرب الجبل امرأة مرحة


منذ طفولتي والمعلمون يقولون إن عندي استعداداً طبيعياً لتعلّم اللغات.. هذا كلام جميل بالتأكيد، ولعلي ورثت هذا من أبي الذي كان يجيد أربع لغات؛ بل إنه قَطَع شوطاً كبيراً في تعلّم لغة الاسبرانتو التي كان العزم معقوداً على أن يتكلمها العالم كله، أيام عُصبة الأمم والحلم بعالم واحد بلا حروب


لكن تعلّم اللغات ما زال يمثل لي عقبة شديدة التعقيد، ولا عجب إذا اعترفنا بأن المرء لا يجيد اللغة العربية نفسها حتى اليوم، ومن يزعم غير هذا مغرور حتماً

لأنني رجل محظوظ



كنا داخل الطائرة في مطار كوالا لامبور العاصمة الساحرة لماليزيا، التي تجمع ما بين سحر آسيا العريقة وتحضر أية دولة غربية حديثة، عندما لاحظنا أن الضباب كثيف أكثر من اللازم خارج المطار.. ثم عرفنا أن هناك حريق غابات هائلاً جعل الرؤية في العاصمة شبه معدومة، وأن هناك حالات اختناق لا بأس بها. لكن الطيار قدر أن الرؤية معقولة لأن الدخان لم يبلغ المطار بعد، وهكذا انطلق علي الممر وسرعان ما صرنا فوق السحاب، وصارت كوالا لامبور وحريق غاباتها ذكرى بعيدة. من حسن الحظ أنهم سيطروا علي الحريق سريعًا فلم تحدث كارثة كالتي حدثت في روسيا

كان هذا شعورًا ممتعًا وقاسيًا في آن.. أن تترك المشاكل علي الأرض وتفر.. صحيح أنه لا يخلو من النذالة، فأنت تخليت عن إخوانك في الإنسانية لمجرد أنك محظوظ وأن لديك مقعدًا في الطائرة.. لكن الحماسة لم تكن لتبلغ بي درجة أن أصرخ ليوقفوا الطائرة وأنزل