قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Saturday, December 29, 2012

يسقط عباس الشماشرجي !


الاحتجاج صار عادة وأي طرف يخسر الانتخابات يشعل الأرض نارا

كان الطريق خاليا ولا توجد ميليشيات لحسن الحظ.. هناك هدنة قصيرة اتفق عليها الطرفان، سوف تستمرّ ساعة أخرى

كان بوسع محمود أن يشقّ طريقه منحنيا جوار الجدار المزدان بالطلقات، حتى يبلغ بائع الخبز فيبتاع بعض أرغفة للأولاد.. يا لرائحة البارود هذه!! هل هذه رائحة الموت التي تحكي عنها القصص؟

المدارس متوقّفة منذ فترة بسبب سوء الأحوال الأمنية، والشرطة لم يعد لها وجود طبعا.. تحسس ما في جيبه من دولارات قليلة؛ فهو يعرف أن بائع الخبز لن يقبل سواها بعد ما صار سعر الدولار خمسين جنيها مصريا.. لم يعد لديه حساب في المصرف بعد ما أفلس المصرف منذ زمن

اليوم تستمرّ التظاهرات الملتهبة ضد الرئيس عباس الشماشرجي.. جهات عديدة خرجت إلى الميادين تطالب بإسقاطه وتقول إن الانتخابات مزوّرة، لا يوجد استفتاء واحد أو انتخاب واحد لم يقولوا إنه مزوّر منذ فاز الرئيس حمدين صباحي بالرئاسة

الرواية - 2


كان جيروم غارقًا في عمله مع الجمجمة الأولى، عندما دق جرس الباب.
صوت الأجراس اللعين هذا يتردد في أرجاء البيت ذي الطابقين.. وعندما أزاح ستار النافذة لينظر لأسفل رأى الفتاة ذات المعطف الأبيض والحذاء ذي العنق واقفة هناك.. شعرها يتطاير مع الريح، بينما الموج يضرب الشاطئ فتحلق النوارس.. هذه سامانتا طبعًا..

نظر إلى الجمجمة.. نظر إلى الفوضى والنجمة الخماسية.. نظر إلى بقع الدم على الجدران. نظر إلى رأس أخته الموضوع في طبق، والذي يبدو كأنه لقطة من لوحة رافائيلية مخيفة.. سيكون من الصعب جدًا أن يسمح لها بالدخول هنا، ولو فعل فلسوف تشك كثيرًا.
الأسوأ ألا يسمح لها بالدخول وهذا سوف يزيد الأمور تعقيدًا..

Monday, December 24, 2012

رامى وإسلام



وقعت إصابات عديدة تقترب من الستين فى مليونية الجمعة السابقة عند مسجد القائد إبراهيم. تذكرت ذلك الصحفى الأيرلندى ألستير بيتش الذى كان يسألنى منذ ستة أشهر عن توقعاتى للمستقبل وعن مصير الثورة ومصر كلها.. قلت للصحفى ضمن الكلام إنها ثورة خالية من الدماء، فقال بطريقة عابرة شبه ساخرة: «يجب أن تكفوا عن هذه المقولة.. لقد سالت دماء كثيرة فعلا، ويمكن القول إن ثورتكم من الثورات الدموية فى التاريخ». السمة الأخرى التى لاحظتها لدى كل الغربيين هى الدهشة. لقد كانت ثورتكم رائعة متحضرة فماذا حدث لها بالضبط؟.. وأين مكمن الخلل؟

مكمن الخلل؟.. رامى وإسلام يعرفان مكمن الخلل

Saturday, December 22, 2012

الرواية - 1


عندما جاء الظلام وعندما انتصر الأسود العظيم على سائر الألوان، وعندما أعلنت العاصفة عن مجدها القادم

عندها أغلق جيروم ماكبرايد النوافذ.. طبعا أخذ شهيقا عميقا قبل كل شيء، ثم أغلقها.. عاد إلى غرفة المكتب حيث كانت أماندا جالسة ملتفة بذلك الشال الصوفي ذي الشراشيب.. شعرها الأشيب وشفتاها المزمومتان النحيلتان الشبيهتان بكيس مصرور.. شفتان تشيان بربو طويل الأمد. نظرات كئيبة من عينين رماديتين غلفت سحابتان قرنيتيهما.. كل هذا يجعلها أقرب إلى ساحرة هندية عجوز تجلس أمام النار منها زوجة لمحاسب من أدنبره

كانت أماندا جالسة ملتفة بذلك الشال الصوفي ذي الشراشيب

الحقيقة أنها كانت كذلك

Tuesday, December 18, 2012

الاختيار



يتقدم الطابور فتتقدم معه وأنت تشعر بأنك رأيت هذا الفيلم من قبل عدة مرات. سافرت قليلاً ثم عدت لأشعر بتلك الحالة من عدم التوازن والاغتراب، وأنا أحاول ان أعيد حشر نفسى فى الثوب المصرى من جديد. ضيق جدًا.. هل أنا ازددت بدانة أم أن الثوب قد ضاق فعلاً؟

عشت هذا الموقف عدة مرات منذ قامت الثورة.. ربما أرى نفس الجنود ونفس الوجوه وأرى ذات القطة التى تتبول على العشب جوار نفس الشجرة فى نفس المدرسة الثانوية. وكانت المرة الأولى فى استفتاء مارس 2011 المشئوم الذى بدأ ذلك الشرخ بين (نعم) و(لا).. ثم تطوع الأخوة الشيوخ وجعلوها غزوة الصناديق وجعلوا من قال (لا) عدوًا للإسلام كأن الاستفتاء كان حول إلغاء الإسلام أم إبقائه، ومنذ ذلك الحين ظل الشرخ واضحًا وازداد اتساعًا.. وبرغم مرور هذه الفترة الطويلة فما زال الصراع محتدمًا بين من سيقول لا ومن سيقول نعم.. صراع تعدى السياسة بمراحل ليصل إلى العقيدة ذاتها. طالما ظل الإخوان فى لعبة السلطة فلسوف تصطبغ كل انتخاباتنا بطابع دينى، كأنها الصراع بين معسكر الكفر ومعسكر الإيمان

نعم أم لا؟

Thursday, December 13, 2012

أكواريل - الأخيرة



وقف محمود في الغرفة التي بدأت الظلال تزحف عليها
كان يفكّر في عمق

القصة إذن واضحة جدا واللوحة تحاول أن تخبره بكل شيء.. الفتى لم يفر من البيت ولم يختفِ في ظروف غامضة.. الفتى قد قُتِل؛ قتله خال محمود في مشادة عنيفة، والسبب أن الفتى شيطاني غريب الأطوار.. كائن مخيف لا يمكن فهمه.. ربما هو شخصية سايكوباثية فعلا وربما هو ممسوس.. لقد فات أوان معرفة الحقيقة

لقد مات الفتى.. وما فعلته خالة محمود هو أنها أخفت حاجياته والأوراق في تلك الأريكة وفي الصندرة، لكن اللوحة تحمل طاقة غير عادية.. اللوحة تحاول أن تتكلّم.. اللوحة تحكي قصة

ماذا يوجد تحت هذه الأرضية الخشبية؟
من الظريف أن تحاول التخمين
كنز علي بابا؟ حذاء سندريلا؟ حذاء الطنبوري؟ طاقم أسنان هتلر؟ مجوهرات لوكريشيا بورجيا؟

هناك في المطبخ سكين عملاقة؛ رآها عندما كان هناك.. أعتقد أنها تصلح
هلمّ يا محمود.. إن الليل يتوغّل ولم يعد هناك الكثير من الوقت لتعرف فيه الحقيقة.. إن القصة توشك على الاكتمال؛ على الأرجح سوف ينفتح الباب تلقائيا إذا وجدت الحل

هكذا جلب السكين ثم عاد.. جثا على ركبتيه وراح يعالج الأرضية.. حاول جاهدا رفع قطعة الخشب.. صبرا.. في مثل هذه المواقف لا بد أن تنكسر السكين ويطير النصل في عينك.. هذا حادث ينتظر أن يحدث

جثا محمود على ركبتيه وراح يعالج الأرضية ـ (رسوم: فواز) ـ

يجب أن...ـ

Saturday, December 8, 2012

أكواريل - 4

ـ"باسيونيه!"ـ
هكذا راح يكرر النداء من النافذة
مع الوقت كان يدرك أكثر فأكثر أنه في مأزق.. هذه الشقة ليست على ما يرام، والأسوأ من الشقة هذه اللوحة المائية التي لا تكف عن التغيّر

هذه اللوحة المائية لا تكف عن التغيّر

هل اللوحة تتغير فعلا؟ ربما يخيل له ذلك.. ربما كانت اللوحة تعبيرا عن حالته النفسية لا أكثر، هذا وارد
هناك غرفة الصالون.. كل شيء يقول إن اللوحة تحذّره من دخولها، وهذا سبب كافٍ كي يجرّب حظه، سوف يتوكل على الله ويأخذ نفسا عميقا ويتجه إلى هناك

Wednesday, December 5, 2012

أين ذهب الجميع؟




المنطقة 51 .. مخلوق روزويل .. دوائر المحاصيل .. الاختطاف .. الأطباق الطائرة .. مسدسات الليزر 

هذه هي مفردات ثقافة الفضاء التي يحملها كل منا في عقله منذ بداية القرن العشرين تقريبًا، وهي ثقافة صارت مجسدة جدًا وقوية جدًا. عام 1898 كتب هـ . ج. ويلز قصته (حرب العوالم) فصار الأمر مفروغًا منه، وصار الناس يرون الكائنات الفضائية في كل مكان. انتشرت مجلات الخيال العلمي وقصص الخيال العلمي، وسادت ثقافة الأطباق الطائرة .  سوف يأتون من المريخ بالذات .. سوف يكون لونهم أخضر ولهم ثلاث أعين وهوائي على رأسهم ومسدسات تطلق عصارة خضراء .. إنهم أوغاد يريدون احتلال الأرض لأن مواردنا ما زالت بكرًا بالنسبة لمواردهم ..ظهرت مجلات سوبرمان ومعها صار الكون يعج بالكواكب .. هذا كوكب زوس وهذا كوكب بلغور وهذا كوكب يوتان .. هذا كوكب سكانه غير مرئيين وهذا كوكب سكانه يطيرون .. وهذا كوكب سكانه يتنفسون النوشادر .. إلخ .. كل الكائنات الفضائية كانت تراقبنا بجهاز الراصد ولهذا كلهم يجيدون لغتنا (أي لغة ؟.. طبعاً هي الإنجليزية).. استكملت أفلام الخيال العلمي المهمة، ثم بدأ كثيرون يلتقطون صورًا لأطباق طائرة، وبدأ الفضائيون يخطفون البعض .. البعض الذين يعودون ليحكوا عن أجهزة غريبة وحقن عجيبة اخترقت أجسادهم .. في الوقت نفسه راح الفضائيون يرسمون دوائر محاصيل لا يعرف أحد الغرض منها 

Monday, December 3, 2012

ضد الجميع




أشهر عبارة يسمعها المرء اليوم من كل من عادى الثورة أو أعلن رفضها منذ قامت هى: «ألم نقل لكم؟..» أو «كنا بعيدى النظر». وهذا يثير جنونى لأننى راهنت على فوز الثورة منذ البداية، وأؤمن أن الثورة تفشل عندما يتكلم الناس عن فشلها كحقيقة واقعة، كما فعلت دير شبيجل فى ذلك الحوار المنحوس مع البرادعى حيث تقول: «هل يمكن القول إذن إن ثورة مصر هى بداية فشل الربيع العربى؟». منذ أعوام وفى أحد المنتديات افتتح أحد القراء الخبثاء موضوعا عن انهيار مستوى قصصى ومقالاتى. هذا جعل فشل القصص حقيقة واقعة يتم البناء فوقها ولا تحتمل الجدل

هذه أيام سوداء بحق، وما زال ذلك الخوف المزمن من نشوب الحرب الأهلية يلاحقنا..عام ونصف يلاحقنا وكلما بدا أنه تراجع لاح من جديد. المشكلة هى ذلك الجنون المزمن الذى يصيب الناس ويجعلهم يصممون على الانتحار بلا سبب واضح، أو لأسباب تبدو لهم منطقية. وفى الوقت ذاته تشعر أن الجميع لا يعبأ بمصر حقا.. هى مواقف مجانية من أجل الوصول للحكم لا أكثر. لا أحد يفهم الديمقراطية التى يلوكونها كاللادن فى فمهم.. شعارهم هو: أى ديمقراطية لا تقودنى للحكم لا تساوى مليما

Monday, November 26, 2012

سبتمبر الخاص به



الأحداث في مصر تتدفق كالسيل، وفي كل لحظة تجد أحداثًا جديدة توحي لك بأنه لم يكن لدينا سواها منذ البداية. كنا نتكلم عن القطارين اللذين تصادما فإذا بقطار أسيوط يفتت التلاميذ .. وقبل أن نتكلم بما يكفي عن هذه الحادثة هاجمت إسرائيل غزة، ثم هبت أحداث محمد محمود 2 .. وقبل أن نتكلم جاءت قرارات مرسي .. إلخ ... كل حادثة تأتي فتنسينا ما قبلها كأنه لم يكن .. قديمًا قال شارلي شابلن إنه لابد من ترك ثلاث دقائق بين المشهد المضحك والتالي له، وإلا أفسدت النكتتان بعضهما .. هنا نتكلم عن مآس لا عن نكات، لكن القاعدة صالحة . سرعة الأحداث لا تعطي وقتًا للتمهل والتفكر.. عبارة (في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها مصر) صارت شبه يومية وتقال في كل المناسبات

Saturday, November 24, 2012

أكواريل - 3

مشي نحو الشبح الجالس وقلبه يتواثب في ضلوعه
لكن شيئا كان يخبره أن العجوز لن تؤذيه.. لن تفعل.. كانت تحبه فعلا، وعلى الأرجح لن تفعل سوى أن تشكو له، أو تصارحه بشيء يعذّبها

وقف على بُعد خطوات منها ونبضه يتسارع
لا تفكر في الموقف الآن.. لا تحاول تبيّن أبعاد الواقعة الغريبة.. لو أدركت فجأة أنك تقف أمام شبح فسوف تُجن، كما يحدث في أفلام الرسوم المتحركة.. توم يمشي فوق الهاوية في ثقة ويسر، فإذا نظر لأسفل واكتشف فجأة أنه يمشي فوق الهاوية صرخ وسقط من علٍ

وقف على بُعد خطوات منها ونبضه يتسارع ـ (رسوم: فواز) ـ

أنت لا تخاطب شبحا.. هذا الواقف أمامك ليس شبحا.. لا تعتقد هذا
كانت تنظر إليه، وإن ظل وجهها في الظل.. هذا التأثير الشهير.. ربما هي تنظر إلى الجهة الأخرى.. لن يتبين الفارق لأن (وضع ثلاثة أرباع) الأمامي والخلفي يتساويان في الظل

Monday, November 19, 2012

بحر البقر ـ 2012



سجل أيها التاريخ أن العدو الغاشم الذى لا يرحم طفلا ولا امرأة قام فى الثامنة صباح يوم السبت 17 نوفمبر بعمل اهتز له العالم، وهو يكرر ما قامت به إسرائيل منذ 42 سنة بالضبط عندما قامت بقصف مدرسة بحر البقر الابتدائية.. هذه المرة بلا طائرات فانتوم وبإمكانيات بيتية بسيطة جدا

سجل أيها التاريخ أنه فى ذلك اليوم الذى لم تشرق له شمس، قام العدو الكافر الظالم بمهاجمة حافلة فيها 47 طفلا بريئا ذاهبين للمدرسة ففتك بهم ومدرستين وسائق الحافلة. اختار العدو مزلقان المندرة بمدينة منفلوط بمحافظة أسيوط لتنفيذ العملية النوعية المشينة

مدرسة بحر البقر الجديدة هى مدرسة (دار حراء). العدو لا يرحم ولم يرأف بطفل واحد. هكذا فقدنا خمسين ضحية بريئة فى ثوان

Wednesday, November 14, 2012

أكواريل - 2


يا لخيوط العناكب
كانت تلتصق بثيابه وشعره.. كان الغبار يغطّي حاجبيه وأهدابه، وقد عرف هذا عندما رمش بعينيه، فصارت الدنيا كلها بلون التراب

راح يسعل.. وبصق عدة مرات غير مبالٍ بأن الأرض اتّسخت.. البصقة مع كل هذا التراب تنظف مكانها

هكذا جلس في الصالة على الأريكة المتسخة وراح يحاول تأمل اللوحة في الضوء القادم من الشارع

كانت في إطار.. وكان الزجاج مهشمًا متسخًا.. حاول أن يمسحه بخرقة عدة مرات.. في النهاية أدرك أنه يرى رسمًا بألوان الماء (أكواريل) متوسط المستوى.. رسمًا من الطراز الذي يميّز من لم يؤتوا موهبة شامخة، لكنهم قادرون على استخدام أيديهم جيدًا.. كان هناك وادٍ يتلوّى.. وكان هناك بيت من طوب.. وكانت هناك فتاة حسناء تطل من نافذة في برج في أعلى البيت.. صورة رأى مثلها كثيرًا خاصة ما يمثل الحسناء الألمانية طويلة الشعر (رابونزيل)... أما شكل الوادي وشكل البيت فيدلان على أن من رسم الصورة لم يرَ أي واد من قبل.. هو يرسم ما انطبع بشكل طفولي في خياله.. كل الناس ترسم الجبل والنهر والوادي بنفس الطريقة ما دامت لم ترهم

Monday, November 12, 2012

لن يتغيروا أبدًا



فى أعوام الكلية – أتذكر – قمت مع رفاقى بعمل مجلة حائط. على سبيل الدعابة ألصقت زهرة من البلاستيك على فرخ المجلة، وكتبت إننى أراهن أن هذه الزهرة سوف تبقى حيث هى أسبوعين دون أن تُمس، لأننا سنبرهن على أننا شعب متحضر راق. علقنا المجلة.. ذهبت لأشترى سجائر.. عدت بعد ربع ساعة فوجدت أن الزهرة غير موجودة!.. لقد دام التحضر ربع ساعة فقط

السؤال هنا هو: ماذا يمكن عمله بزهرة بلاستيكية رخيصة ؟.. لا شيء فى الواقع.. لكن هناك قاعدة رئيسة تقول إن أى شيء يمكن أن يُسرق سوف يُسرق. السرقة على سبيل (الاستخسار) لا توجد إلا فى مصر على قدر علمى. ثم أن هناك لذة التحدى والتخريب ورفض أن يختبرك أحد.. عملية نفسية معقدة جدًا

Friday, November 9, 2012

أكواريل - 1



عندما كان محمود ينظر للوحة رسمها فان جوخ بتلك الطريقة النقطية والخطوط الملتفّة الدوّامية، كان يشعر بأن جوخ رسمها وهو يمر بحالة صرع متقدمة.. الجديد هو أن حالة الصرع هذه صارت قابلة للانتقال عبر الأجيال والأزمنة.. صار محمود يشعر بأن الصرع يداهمه هو الآخر كلما أمعن النظر في هذه اللوحة، وفيما بعد رأى الجنرال النازي الذي يصاب بالصرع عندما يرى لوحات فان جوخ، في فيلم "ليلة الجنرالات".. فهم المشهد على الفور برغم أن أمه لم تفهمه وكانت تشاهد التليفزيون معه

شعر محمود بأن جوخ رسم لوحته وهو يمر بحالة صرع ـ (رسوم: فواز) ـ

المرض النفسي ينتقل بالفيروسات والبكتريا كأي مرض آخر.. حقيقة ليست علمية ولا يرضى عنها أي طبيب، لكنها عملية لو شئت الدقة.. الجنون مُعدٍ والعصاب مُعْدٍ والهستيريا مُعْدية

ضع نفسك في ذلك المصعد الضيّق المعطل جوار تلك السيدة الهستيرية التي لا تكفّ عن الصراخ موشكة على الاختناق.. بعد دقائق سوف تنقل لك فيروسات الهستيريا.. بعد دقيقة أنت هستيري مثلها ومُعدٍ.. أنت تصرخ وتوشك على الاختناق

Monday, November 5, 2012

خالد يموت من جديد



من الواضح تماما أننا نمر بمرحلة تعثر واضطراب لا شك فيه. لم نضع أقدامنا على أرض صلبة بعد، وما زال هناك الكثير من التخبط فى القرارات، والضباب الذى يمنعنا من معرفة من نحن حقا وإلى أين نحن ذاهبون. احتجاجات فى كل مكان واعتصامات فى كل صوب.. سائق التاكسى غاضب ورجل الشارع غاضب والحلاق غاضب والموظف غاضب. معادلة بسيطة جدا هي: الكل ضد الكل. هل فشلت الثورة؟.. هل تعثرت؟.. هل ضلت الطريق ؟.. لقد انتهى التوريث ولدينا رئيس منتخب ومعظم اللصوص فى السجن، لكن لماذا لم تتغير الأمور إلا إلى أسوأ؟. تذكرت مقطعا من مسرحية (مارا – صاد) التى كان الشباب يهوون تقديمها على مسارح الكليات، وهذا المقطع الذى نظمته شعرا أيام الكلية يقول:ـ
مارا.. فين راحت ثورتنا؟.. مارا.. ليه سكتت غنوتنا؟
مارا.. مش قادرين نستنى..لسه فقرا زى ما كنا
لسه الشعارات هيا حياتنا..لسه الأحلام هيا قوتنا
النهارده.. هات لنا بكره.. مش قادرين نستنى لبكره

إلى أن أفهم الجواب عن هذه الأسئلة، يجب أن أتكلم عن (تقادم الخطيب)… قصة تقادم الخطيب مقلقة جدا لأنها مألوفة، وكان يمكن أن تطالعها فى أى جريدة قبل 25 يناير 2011.. بل يمكن أن تشم فيها روائح قصة سيد بلال وخالد سعيد وسواهما.. والسؤال هنا هو: كيف ؟.. كيف الآن ؟

Monday, October 29, 2012

للمرة الثانية



كل عام وأنت بخير.. كنت أطالع بعض الصحف مؤخرا فبدا لى أن الصحافة المصرية أفاقت بصعوبة من صدمة الثورة، وبدأت -ورأسها يترنح- فى استعادة دورها فى نفاق الحاكم وتفخيم كل قرار له. بداية جديدة نعم لكنها تتحرك على ذات الدرب اللعين، وهكذا تذكرت من جديد هذا المقال الذى نشر منذ زمن فى جريدة الدستور بعنوان (لعنة البدايات الجديدة). اسمح لى بان أذكرك به

Tuesday, October 23, 2012

فيليكس.. لا مؤاخذة.. وأشياء أخرى



مؤامرة فيلكس:ـ
كان العالم كله ينظر هناك إلى الفضاء، حيث كان واحد آخر يفتح بابا جديدا للبشرية.. لو لم تهتم بنتائج الوثبة العلمية، فهى قد أضافت الكثير لإيماننا بقدراتنا وعلمتنا أننا أقوى مما نعتقد

المغامر النمساوى فيلكس بومجارتنر – وهو ليس صغير السن – يصعد لارتفاع 128 ألف قدم فى كبسولة من الألياف الزجاجية والإكريليك

لابد أنه فى ذلك الوقت تقريبا كان هناك من يبيع البوظة على الطريق الزراعى السريع فى مصر، ملوحا بالكيس البلاستيكى داعيَا سائقى اللورى إلى رى عطشهم

وفى مكان آخر كانت ثلاث سيارات تمشى على الطريق السريع عكس الإتجاه، وسائقوها يكتفون بتشغيل الإشارات المتقطعة وهم يطلقون السباب من النافذة، لاعنين أبا من لا يعجبه هذا

Monday, October 22, 2012

رسائل المحبة - اﻷخيرة


تشاك! كليك!ـ
سمع حمدي الصوت، وهو بالطبع رجل أمن محترف أطلق الرصاص مئات المرات في التدريب وسواه، ويعرف معنى ما يسمعه

جلب كومة الصحف.. ووضعها تحت النافذة، ثم تسلق عليها ليصل إلى النافذة الضيقة.. لحسن الحظ أنها غير ذات قضبان.. فقط عليه أن يهشّم الزجاج ويحشر جسده من خلالها. بالفعل لفّ المنديل حول قبضته بعناية، ولكم الزجاج بأعنف ما استطاع، وهو يغمض عينيه ويضغط على أسنانه.. شم رائحة المطر والبلل من الخارج.. وقدّر أنه سيفلت.. فقط لو تأخر هذا القاتل ثلاث دقائق أخرى

بدأ يحاول أن يحشر جسده عبر النافذة
تبا!! ضيقة جدا.. لكنه سوف يفعل ذلك
هذا هو الزقاق.. هه.. هه... ضيق جدا

بدأ يحاول أن يحشر جسده عبر النافذة ـ (رسوم: فواز) ـ
أرنب يحاول الفرار عبر شق ضيق في عشة الدجاج عند جدته.. هل ينجح؟
لكن الوضع بالخارج كان مثيرا فعلا.. رسائل المحبة قد ذهبت في كل صوب.. إنه يرى بوضوح

Monday, October 15, 2012

صدّقنى يا صاحبى



صدقنى يا صاحبى أنا لا أهتم بالسياسة ولا أفهمها، ولا أهتم كثيرًا بكل هذا الجدل الدائر.. فى رأيى أنه لا بد لنار الإعلام المضطرمة ليل نهار من حطب.. من جثث تلقى فيها لتظل مشتعلة. فى بداية الثورة كانت الأمور واضحة جدًا والأسود والأبيض واضحين.. نحن وهُم.. نحن الأخيار أبطال الفيلم وهم الأشرار. هناك مشهد إجبارى فى النهاية لو لم يأت فلسوف ينصرف المشاهد ساخطًا.. يجب أن نلقّنهم درسًا وننتصر. لا تسمح بموت البطل أبوس إيدك. ليس هذا فيلمًا لجودار تموت فيه البطلة فى أول الفيلم. المشاهد المصرى لم يعتد هذا

مع الوقت اختلط الأسود والأبيض وصارت هناك منطقة رمادية مبهمة، وصار الكل يتهم الكل بأى شىء، وظهر عكاشة ليقول كلامًا عجيبًا، والأغرب أن تكتشف أن هناك مَن يصغون له، والأعجب أنهم يصدقون

Thursday, October 11, 2012

رسائل المحبة - 7


عند ذلك المحل الخالي الخاص بالاتصالات في شارع جانبي أوقف سيارته، واعترف لنفسه بأنه فقد الاتجاه تماما.. لا يعرف أين هو بتاتا.. كان المحرك يلهث من الإنهاك، وكذلك هو.. قلبه يتواثب بلا توقف.. الدخان يتصاعد من ماسورة العادم ومن رئتيه

طلب الهاتف من البائع الذي ظل يرمقه في دهشة.. هناك أمر يتعلق بالحياة والموت.. ليس أقل

طلب رقم اللواء جابر الذي يحفظه لحسن الحظ.. عندما جاء صوت الرجل المتقدم في السن، والذي يبدو أنه كان يوشك على النوم بعد الغداء، صاح حمدي في ذعر:ـ
ـ سيدي.. أنا لا أستطيع السيطرة على نفسي
احتاج إلى بعض الوقت حتى يشرح سبب اتصاله من هاتف آخر

Monday, October 8, 2012

أربعمائة عام فقط



بالطبع احتفل كثيرون بمرور مئة يوم من حكم مرسى، فهى مناسبة تمنحهم فرصة ممتازة للتشفى والانتقام واقتناص الأخطاء. المقارنة بين ما وعد الرجل به وما تحقق فعلاً مغرية بشدة، والأهم أنها حق طبيعى للمواطن لا يجسر أحد على مناقشته

بالطبع دار جدل قوى بين من يرى أن المئة يوم كانت حافلة بالإنجازات، وقد بالغ هؤلاء بشدة لدرجة اعتبار كل خطوة وكل خطاب وكل زيارة إنجازًا تاريخيًا، وسمعنا من يصف مرسى ببطل حرب أكتوبر !.. يبدو أن داء تحويل الحكام إلى آلهة مستعص غير قابل للعلاج عندنا.. والنتيجة هى أنهم قادرون على إفساد أى حاكم مهما حسنت نواياه. أنتظر فى رعب أن أسمع الهتاف سيء السمعة (بالروح بالدم نفديك يا مرسي) لأدرك أننا لم نتغير بعد الثورة قط

الطرف الآخر من الجدل هو هؤلاء الذين يرون أن المئة يوم تجربة فاشلة لم تحقق أى وعد وامتلأت بالأخطاء والتسول، وإن ولاء مرسى الأول ليس لمصر ولكن للإخوان. بعض هؤلاء ما زالوا يعتقدون أن مرسى اختطف نتيجة الانتخابات، وفاز بهامش ضئيل (على الحركرك). استمرار هذا الجدل مؤذ لأن أحدًا لا يعاير الفائز فى الانتخابات فى الدول المتقدمة بالهامش الضئيل الذى فاز به.. متى فاز صار رئيسًا للجميع، وعلى سفينة البلاد أن تستمر فى الإبحار تحت قيادته.. رأيى الخاص يقع بين الطرفين، وأرى أن مشاكلنا بالغة التعقيد وكثيرة جدًا، وأننا خرجنا من تجربة اغتصاب مصر لمدة 30 سنة، وبعدها تفككت صواميل الدولة توطئة لإعادة جمعها بشكل أردناه صحيحًا .. ميراث ثقيل ومضن لكننا ننتظر.. إن الفترة الباقية من رئاسة مرسى سوف تكون صاخبة وعسيرة، ولسوف ننتقد الرجل ونعاتبه ونعارضه.. لا شك فى هذا، لكننا لن نضع أمامه الحفر ليسقط فيها

Friday, October 5, 2012

رسائل المحبة - 6


عندما دقّ جرس الباب من جديد قوطعت المحادثة للحظات، أدرك فكرون من العينين الزائغتين للفتاة أنها في مأزق.. مشكلة البحث عن رد سريع، يحب هو توجيه هذه الضربات الخاطفة

عندما انفتح الباب كان هذا أنا
كنت أقف هناك مترددا أجفف قطرات الماء.. النظارة السوداء، والشارب الذي حلقته والثياب غير المعتادة.. الحقيقة أنني لم أعرف نفسي في المرآة، من أهم أساليب التنكر أن ترتدي ثيابا لم يعتد الناس أن يروها عليك.. هذا يختصر 80% من الجهد

ـ أستاذ فكرون؟
ـ هو هنا
ـ نصر الخولي.. صحفي

Monday, October 1, 2012

التحفز



حالة التحفز ضد محمد مرسى غير مسبوقة ولا أذكر لها مثالًا قريبًا. منذ أيام أرسل لى صديق عزيز خطابا يقول فيه: «اذكر فارقًا واحدًا بين مرسى ومبارك.. مبارك متمسك باتفاقية الكويز ومرسى متمسك باتفاقية الكويز. مبارك يقترض من البنك الدولى ومرسى يقترض من البنك الدولى. مبارك يفض الاعتصامات بالخرطوش ومرسى يفض الاعتصامات بالخرطوش». بصراحة شعرت بنغمة الافتراء والتحفز. هناك جبل من الأزمات والمشكلات، وبالتأكيد لم تحل مشكلة الوقود بعد (هناك تقدم واضح فى مشكلتى القمامة والكهرباء)، لكن لا تقل إنه لا فارق بين مرسى ومبارك.. هذا يفقد الكلام موضوعيته ويكشف أن الموضوع موضوع حقد شخصى أيديولوجى على الرجل، وليس انتقادا لأدائه. مرسى يحتاج إلى عشرين سنة من الفساد حتى يصل إلى مكانة مبارك العظيمة فى تاريخ مصر. لى صديق ظريف رد على صاحب الخطاب الأول فقال:ـ

ـ «مرسى ملتح.. مرسى عين نائبا، ومرسى لم يسرق، ومرسى يتلقى الشتائم قبل أن يفعل أى شىء، ومرسى ما زال يعيش فى شقته الموجودة بالتجمع، ويصلى الفجر فى المسجد، ومرسى يسافر إلى الخارج ليجلب مالا بدلا من السفر لتهريب أموالنا، ثم يزعم أنه لا يملك مليمًا خارج مصر.. مرسى خلال 3 أشهر قلب أكبر مراكز قوى فى البلد، ومرسى أستاذ جامعى مثقف، ومرسى ضُرب ومن ضربوه نالوا البراءة.. أقول كمان؟»ـ

المشكلة هى أن مرسى رئيس الجمهورية، وهكذا فإن محاولة الدفاع عنه تشوبها تهمة النفاق تارة، وتهمة أنك إخوانجى تارة أخرى.. هكذا يجب أن تصمت حتى لا تتلقى الهجوم المسعور.. كل الأطراف فى مصر اليوم لديها لجان إلكترونية قادرة على تمزيقك لو قلت ما لا يروق لها. ومن الغريب أن مرسى يبدو لى كثيرًا هو الطرف المظلوم فى هذا.. الطرف الذى تخاف أن تدافع عنه حتى لا يشتمونك هو غالبا الطرف الذى يستحق أن تدافع عنه فعلا. وانطباعى الخاص هو أن الرجل مخلص وصادق ويريد تحقيق شىء.. ربما يفشل.. لكن أتمنى إذا فشل أن لا يكون هذا بسببنا نحن

Friday, September 28, 2012

رسائل المحبة - 5


عندما اجتمع الرائد حمدي مع رؤسائه كان الدخان ينعقد في سماء الغرفة، حتى لتشعر أن هطول المطر وشيك.. وكانت الوجوه مكفهرّة بما يكفي
ـ"بصمات؟"ـ
ـ"بصماتي أنا فقط يا سيدي"ـ

 ـ"المختبر الجنائي؟"ـ
ـ"لا شيء.. لكنها تلك المادة التي يرتابون فيها.."ـ

طريقة وضع الخطاب في تابلوه السيارة.. هذه قدرات غير عادية ما لم يكن السائق متواطئًا.. وهذا احتمال تم استبعاده.. الأمر أقرب لشبح طار ووضع هذا الخطاب

Tuesday, September 25, 2012

الهباء



أستاذ رأفت مشغول جدًا.. لا تضايقوه ولا تطلبوا منه أى شىء من فضلكم

أستاذ رأفت لديه ابنة فى الصف الثانى الثانوى، وهى ابنة مراهقة.. وهناك جدول معقّد من الدروس الخصوصية لا بد من أن تذهب لها. تذهب وحدها؟ هل تمزح؟ الشوارع تغص بالأوغاد المراهقين الذاهبين إلى الدروس الخصوصية أو العائدين منها، أشبه بعصابات تقطع الطرق وتبقر بطون الحوامل وتغتصب النساء فى كل ركن.. لا هَم لهم سوى الشجار بالمطاوى من أجل البنت فيفى التى (حلقت) لأحدهم

ركوب سيارة أجرة؟ أنت مُصر على المزاح إذن؟ كل سائقى الأجرة يختطفون الفتيات المراهقات إلى منطقة نائية ويغتصبونهن.. هم لا يفعلون أى شىء آخر.. يبدو أنهم لا يمنحون الرخصة إلا للسائق الذى يحب اغتصاب البنات

لهذا لا بد أن ترى أستاذ رأفت يصحب ابنته إلى هذا الدرس أو ذاك، وهو يرمق الناس بشك وكراهية وخوف.. تريدون خطفها يا أولاد الزنى؟ جرّبوا ذلك. أحيانا يصحبها بسيارته الـ128 الخربة الموشكة على التحلل أو مشيًا على القدمين. العملية معقدة جدًا.. يجب أن يحتفظ بجدول صغير يذكره بالمواعيد والعناوين: مس هيام الساعة 3 عصرًا.. درس الرياضيات.. مستر عادل الساعة 4 عصرًا ودرس الفيزياء.. طبعًا المسافة بين البيتين تستغرق ساعتين على الأقدام وأربع ساعات بالسيارة، لكن هذه ليست مشكلة المدرسين.. هى مشكلته هو

Sunday, September 23, 2012

رسائل المحبة - 4


آه لو كنت معي في تلك اللحظات
ثمّة مواقف في الحياة يغدو من السخف أن تحاول وضعها في كلمات، وإلا لكان من السهل أن تصف شعورك عندما همستْ هي بأنها تحبك، أو عندما رأيت أنا أبي يغمض عينيه لآخر مرة ويأبى أن يرد عليّ.. كل هذه أمور عاصية على الوصف، معجزة لقدرة اللغة على التعبير

الأسهل أن ترى معي هذا المشهد الرهيب
كان الخطاب يحترق في يد الدكتور فكرون، وعندها بدأ اللهب يتصاعد.. ثم الدخان

احترقت الورقة ورأيت هذا الوهج الغريب ـ (رسوم: فواز) ـ

أنت لا تحلم ولا تهذي.. أنت ترى ما نراه جميعا.. هذا وجه شيطاني له قرنان يضحك في سخرية، وقد صنعه اللهب والدخان كأنه رسم بألعاب نارية في كرنفال.. يرتفع إلى نحو ثلاثة أمتار فوق الرءوس
صرخات.. في الظلام بدا المشهد رهيبا فعلا

Monday, September 17, 2012

للمرة الألف



طبعًا كما هى عادة مقالى الذى يكتب يوم الخميس وينشر يوم الاثنين، نشر مقال يوم الاثنين الماضى، الذى أتكلم فيه عن أكشاك شارع النبى دانيال التى تمت إزالتها، بينما موضوع الفيلم المسىء للإسلام هو حديث الساعة. حدث هذا مرارًا من قبل، وكانت أسوأ تلك المرات عندما كنت أتكلم عن الناشطة التى ظهرت عارية على «فيسبوك». نشر المقال بينما أحداث محمد محمود فى ذروتها! لهذا أرجو أن تسامحنى لو نشر المقال الحالى بعد ما ألقت أمريكا قنبلة ذرية على إيران، أو قام حلف الشمال الأطلنطى بالإنزال فى تونس مثلًا

على فكرة أكتب هذا المقال يوم السبت، ومنذ ساعتين أطلق عدد من البلطجية من طراز (ثلاثة على موتوسيكل – بانجو – آثار مطواة – شبشب بصباع) الرصاص على أمين شرطة استوقفهم فى كمين طالبًا الرخص، ومنذ قليل عرفت أنه استشهد متأثرًا بجراحه. حدث هذا فى شارع البحر أهم شوارع طنطا. كلام كثير يجب أن يقال عن رجل لن يعود إلى أولاده هذه الليلة، لأنه أدى واجبه ببسالة.. للأسف تصرف كهذا قد يدفع الشرطة لمزيد من السلبية أو مزيد من الشراسة. فليرحم الله هذا الرجل الشجاع ويرحمنا

Friday, September 14, 2012

رسائل المحبة - 3


الثلاثاء 18 إبريل سوف يبقى طويلا في ذاكرة من رأوه

كان هذا في النادي الرياضي الذي لن أذكر اسمه بالطبع.. ما حدث هو أن عددا زائدا من المتسللين ظهر فجأة.. أشخاصا ليسوا أعضاء بالنادي ظهروا، وبدا كل منهم كأن له هدفا واحدا محددا

كان حراس البوابة أميَل إلى التراخي، خصوصا في هذه الساعة من مساء الثلاثاء، حيث بدت الحياة ناعسة سهلة، ولا يمكن أن تتوقع أن ينهار الكون لو أن بعض المتسللين دخلوا النادي.. وهكذا دخل النادي نحو عشرة أشخاص.. عشرين شخصا 

لو أنك رأيت الواحد منهم لشعرت برجفة قشعريرة تزحف على عمودك الفقري حتى يكسوه الثلج على طريقة أفلام توم وجيري، النظرة الجامدة والخطوات الثابتة.. ثم السلاح.. السلاح الذي كان مخفيا في كيس ورقي أو في الجيوب لحظة اجتياز البوابة، ثم ظهر للأعين

ماذا تفعل عندما ترى هذا التمثال الآدمي يمشي في خطوات ثابتة نحو ملعب كرة القدم المترامي، وفي يده مسدس لا يوحي بالثقة، أو سكين شريرة أو سيف خبيث؟ سوف تخطر لك أفكار كثيرة، لكن لن يكون من بينها الضحك أو الاسترخاء

Monday, September 10, 2012

من فضلك.. لا تفسد دوائرى



من القصص الشهيرة جدًّا فى التاريخ، تلك القصة عن الفيلسوف والرياضى العظيم أرشميدس، صاحب مقولة (وجدتها وجدتها) إياها. الرجل الذى أتعبتك دراسة نظرياته الخاصة بالحجم والكثافة وإزاحة السوائل، والذى استطاعت اختراعاته أن تحمى جزيرة صقلية من الغزاة لفترة طويلة

تقول القصة إن غزو الجزيرة نجح فى النهاية بفضل (الولس).. أى أن الخيانة أدت إلى سقوط البلاد، ولم يكن عمنا أرشميدس حاضر الذهن عندما حدث هذا.. كان فى بيته منهمكًا فى حل مسألة هندسية معقدة أنسته كل شىء. أى أن الجزيرة تم احتلالها ووقعت المذابح والحرائق فى الشوارع، وهو لا يعلم شيئًا، ويجلس القرفصاء على الأرض، يرسم بالطبشور ويحاول إيجاد حل هندسى صعب. وما حدث هو أن الرومان دخلوا بيته وذبحوا الجميع.. وفوجئ العالم وهو مستغرق فى التفكير بصندل رومانى ملوّث بالعرق والدم والغبار يدخل مجال رؤيته ويدوس على الدوائر الطبشورية.. لم يرفع رأسه أو ينهض، بل قال فى تهذيب:ـ
ـ«من فضلك.. لا تفسد دوائرى»ـ

بالطبع كان رد الجندى هو أن قطع رأس العالم. أفسد دوائره فعلًا بالدم الذى سال ليغرق الطبشور. هذه قصة شهيرة جدًّا وإن كان أول ما تثيره من أسئلة هو: مَن رأى هذا ليحكيه فى ما بعد؟ ليس الجندى الرومانى بالتأكيد.. لكنها قصة مفعمة بالرموز والمشاعر الجيّاشة على كل حال

ما حدث هذا الأسبوع هو أن هذه القصة تكررت تقريبًا بنفس الشكل، لو افترضنا أن الجندى الرومانى هو مديرية أمن الإسكندرية والفيلسوف هو شارع النبى دانيال

Thursday, September 6, 2012

رسائل المحبة - 2


فرغ مصطفى من تصوير آخر صفحة في المذكرة التي تركتها له طالبة كلية التجارة الحسناء.. هذه الفتاة الرشيقة التي لا يعرف لها اسمًا تأتي كل بضعة أيام لتصوّر بعض تلك المقررات الكئيبة، ولطالما تمنى أن يعرف اسمها.. قرأه ذات مرة على المذكرة "نجوى السيد".. وراح يتنهد مفكرًا في نجوى وحلم كثيرًا بنجوى، ثم فطن إلى أن هذا حمق.. بالتأكيد نجوى هو اسم صديقتها صاحبة المذكرة لا اسمها هي.. وبرغم هذا ارتاح للاسم، وبالنسبة له ظلت الفتاة نجوى

كان يصوّر الورق برفق وحنان وعناية، حتى إنه تذكر باسمًا إسماعيل يس عندما كان يصف لهند رستم الفطيرة التي سيصنعها لها عندما كان اسمه (حسونة الفطاطري).. نجوى لا تنتظر وإنما تترك له المذكرة وتنصرف باسمة.. ثم تعود بعد ساعات لتأخذ الأصل والصور

اليوم جلبت له تلك المذكرة التي تحمل اسم (إدارة أعمال) وابتسمت وانصرفت كالعادة.. نسخة واحدة.. تغليف بلاستيك

Monday, August 27, 2012

إلى السيرك



تعالوا تعالوا يا أولاد ويا بنات
تعالوا لتضحكوا وتمرحوا وأنتم تشاهدون السيرك العظيم. راقبوا الألعاب الخطرة التى يؤديها اللاعبون فتتقطع الأنفاس وتحتبس فى الصدور
تعالوا.. تعالوا

الفرجة مجانية ولا توجد تذاكر.. فقط هات معك قطعة رخام مكسورة. أى قطعة.. لو وجدت مدية أو سنجة، ولو كنت تعرف كيف تعبّئ زجاجة مولوتوف فهى فرصتك.. ستدخل السيرك مجانًا وتكون لك فقرتك الخاصة

إن محمد أبو حامد الساحر العظيم يقدم لنا فقرته المذهلة.. يعدنا بأن يشعل الثقاب ثم يضعه جوار فوهة زجاجة تتصاعد منها أبخرة البنزين، ورغم هذا يعدنا أنه لن يحدث حريق.. لماذا؟.. لأنه الساحر العظيم رجل النار والكهرباء

أبو حامد كذلك يحذر.. يتوقع أن يقوم الإخوان بإحراق مقارهم وإلصاق التهمة بأعوانه. صديقى المسيحى الذى لا يحمل للإخوان مودة قال لى: «واضح أن الرجل ينوى فعلًا حرق مقار الإخوان، لكنه يمارس نوعًا من اللؤم!»ـ

Sunday, August 26, 2012

رسائل المحبة - 1


الأستاذ كمال يفرغ من المجموعة الثالثة

من حسن حظه أنه يعطي الدروس الخصوصية في بيته، وليس في مركز متخصص كما يفعل الآخرون، وهذا يتيح له أن يهرع إلى المطبخ من حين لآخر وبين مجموعة وأخرى.. هناك تركت زوجته إناء فيه أرز وإناء فيه خضر.. يدسّ ملعقة في فمه من هذا الإناء وذاك.. يمضغ بسرعة ثم يهرع للصبية كي يعاود الحديث عن محمد الفاتح والأستانة... إلخ

المشكلة هي أنه عندما يأتي وقت الطعام الحقيقي.. الطعام الذي يجلسون له إلى المائدة، يكون قد شبع تمامًا أو انتهى ما في الإناء.. كما أن هذه العادات الغذائية العجيبة جعلت لديه كرشًا لا بأس به، وقد صارت أكثر سراويله لا تنغلق عند الخصر.. غريب هذا! كان يعتقد أن عدم انتظام عادات الطعام يجعلك تفقد وزنًا ولم يتصوّر أن هذا يزيدك سمنة

يهرع كمال إلى المطبخ ويعدّ لنفسه كوبًا سريعًا من الشاي، قبل قدوم أولى أفراد مجموعة البنات.. خجلى تتحسس أولى درجات عالم الأنوثة في حذر وتوتر.. ثم يسمع الضحكات ويعرف أن العدد يتزايد.. يكون قد أنهى الكوب ووضعه في الحوض

يهرع إلى المطبخ ويعدّ لنفسه كوبًا سريعًا من الشاي ـ (رسوم: فواز) ـ

Tuesday, August 21, 2012

العيد.. بشار.. وأشياء أخرى



كل عام وأنت بخير

ثمة احتمال كبير أن تقرأ هذا المقال أول أيام عيد الفطر. يمكننى تخيل صورتك وأنت جالس فى الصالة بالجلباب الأبيض وقد وضعوا جوارك طبق الكعك وكوب الشاى.. بينما أطفال الأسرة يصخبون ويجرون فتشتمهم فى عدم تركيز وتواصل القراءة. تطالع المقال ثم تغمغم فى قرف:ـ
ـ«لم يعودوا يعرفون كيف يكتبون هذه الأيام.. كلهم لم يحصلوا على الابتدائية كما يبدو!»ـ

Friday, August 17, 2012

Mutilated.com - الأخيرة


كانت تنظر لي
العينان المجنونتان القاسيتان تنظران لي.. ما زلت أجد هذا الوجه شائقًا مغريًا، لكن في الوقت ذاته أخافه كثيرًا.. أنت تجد الكثير من الجمال في الأفاعي بالتأكيد.. البعوضة حشرة رائعة الجمال رشيقة التصميم.. الخطر والموت لا يتعارضان مع الحسن

تقول:ـ
ـ"تأخرت كثيرًا في... كفر الشيخ"ـ
طبعًا هذه اللهجة والتلكؤ في نطق كفر الشيخ يدلان على أنها لا تصدّق حرفًا.. قلت لها وأنا أمسح على شعري:ـ
ـ"مشاكل كثيرة بخصوص الأرض.. لم تكن نزهة"ـ

Tuesday, August 14, 2012

الجين المستهتر



منذ أعوام عدة -فى عصر الجنرال شارون- اقتحم بلدوزر إسرائيلى الحدود مع لبنان وتوغل مسافة عشرين مترًا. لم تكن هناك حرب وقتها وكانت الأوضاع شبه هادئة. على كل حال لم يعش سائق البلدوزر ليتجاوز المتر الواحد والعشرين، لأن قذائف حزب الله أحرقته حيث هو، وفى ما بعد قال شارون عبارته الشهيرة -التى لا يستعملها إلا مع حزب الله- إن إسرائيل تحتفظ لنفسها بحق الرد فى الزمان والمكان المناسبين. الشبه قوى بين هذا الحادث وما وقع منذ أيام وتلك المذبحة التى أودت بحياة عدد كبير من شبابنا فى سيناء. على أن استجابة رجال حزب الله كانت سريعة جدًّا وقاسية جدًّا، وكنت أتوقع أن جيشنا النظامى سيتصرف بكفاءة مماثلة أو أكبر. هذا الحادث يدق أجراس خطر كثيرة، ومنها جرس يقول إننا لسنا بالقوة ولا الجهوزية اللتين نعتقد أنهما موجودتان. نفس الأخطاء والتقاعس والتراخى.. ونفس العجز عن الاستفادة من المعلومات المتوافرة. رأيت هذا الموقف مرارًا فى حياتى، حتى بدأت أعتبر أنه عيب كامن فى الجينات المصرية نفسها. فى 1967 ينذر عبد الناصر الجيش أن الهجوم سيكون صباح 5 يونيو.. ثم تصل إشارة الإنذار الشهيرة (عنب عنب) من موقع عجلون، تلك التى أرسلها الشهيد العظيم عبد المنعم رياض لينذرنا من أسراب الطيارات الإسرائيلية القادمة.. لكن لا شىء يحدث.. (سيد حبارة) غيّر مفتاح الشفرة ولم يخطر بها من بعده وهكذا ضاعت أهم شفرة فى تاريخ مصر.. وفى لحظة الحقيقة تجد الطائرات واقفة صفوفًا كبط ينتظر الذبح فى المطارات، ويتبين أن المصريين يستعملون نفس موجات اللاسلكى التى استعملوها عام 1956 لأنهم لا يتعلمون أبدًا. حوادث لا حصر لها.. مثلا حادث الأقصر الذى انتهى بذبح 58 سائحًا بالسكين، وتبين أنه لا يوجد إلا (سيد حبارة).. جندى شرطة واحد على مسافة ثلاثة كيلومترات. قال مبارك إن هذه خطة تهريج، وأطارت كلمته هذه رؤوسًا كثيرة.. ومن جديد يتكرر نفس السيناريو

Friday, August 10, 2012

Mutilated.com - 4


خطاب غريب في صندوق البريد الخاص بي.. فتحته في توجّس؛ لأن العنوان يحمل لفظة
Mutilated.com
كان الخطاب مكتوبًا بإنجليزية ممتازة فعلاً، وقد كتبه من يدعى "مايكل أندروود" مدير الموقع:ـ

ـ"سيدي

سرّني أن تلقيت استفسارك بصدد الصور الخاصة بمصر، وأنا أقدّر حيرتك.. بل أسمح لنفسي بأن أفترض أن هذه الصور تخصّ شخصًا تعرفه.. هنا أعترف لك أننا موقع غريب وأن لدينا إمكانيات غريبة، كما أن عقيدتنا نفسها مختلفة ويصعب أن أشرحها لك، ما لم تُرد بالطبع أن تكون واحدًا منا، وهذا يستدعي إجراءات معقدة نوعًا.. ما أريد قوله هو أننا لا نصنع هذه الصور ولا نلفّقها، ولكن يرسلها لنا مراسلونا عبر العالم.. وما يمكنني قوله كذلك هو أننا لا نسبب الحوادث لكننا نرصدها.. والفارق الوحيد أننا نرصدها قبل حدوثها.. لقد تقدّم علم التنبؤ كثيرًا عن عهد نوستراداموس، وصار بوسع البعض أن يريك شريطًا كاملأً لما سيحدث.. النصيحة التي أقدّمها لك هي: هذه الصور أصلية.. ليأخذ صاحبها الحذر.. هكذا يمكنك أن ترى أننا نؤدي دورًا اجتماعيًا مهمًا"ـ

بإخلاص
مايكل أندروود

Monday, August 6, 2012

الكهرباء يا ملك الزمان



فى القرن الماضى دارت المعركة الشهيرة بين العبقرى الأمريكى إديسون والعبقرى الصربى تسلا، حول الكهرباء وهل من الحكمة الاعتماد على التيار المتردد أم المستمر، مع حلم تسلا بأن يجعل الكهرباء فى الهواء كله كأنها موجات الراديو.. كهرباء بلا أسلاك متاحة للجميع. هذا امتداد لفكر تسلا الذى يعرف الفيزيائيون أنه أول من اخترع الريموت كنترول، لكنه منحوس فى كل شىء فعله، لهذا نُسب الاختراع العبقرى لآخرين. للأسف كان إديسون هو الأقوى والأقدر.. المخترع العظيم لم يكن بالصورة المثالية التى نعرفها عنه، ولم يرق له قط أن ينافسه عالم مجهول من شرق أوروبا بدأ حياته بالعمل عنده. هكذا انتصرت أفكار إديسون فى النهاية. كان الرجلان يؤمنان أنهما على باب ثورة علمية بسبب الكهرباء.. الحقيقة أننا على أبواب ثورة هنا فى مصر فعلا، لكنها ليست علمية

Sunday, August 5, 2012

رمضان جانا


لهذا الشهر رائحة، ولهذا الشهر صوت.. وله شخصية كاسحة حفرت الذكريات لدى كل واحد منا. لو لم يكن لديك فيض من الذكريات يتعلق برمضان فأنت على الأرجح لست مصريًا 

لرمضان صوت. لا شك في هذا، وأنا أضع على رأس قائمة الأصوات صوت الشيخ محمد رفعت الرهيب المزلزل، القادم من عوالم يعرفها هو وحده، والذي تقشعر لسماعه وتنتعش. بعد هذا يأتي صوت تواشيح النقشبندي.. هذه تواشيح قد استطاعت أن تكون هي صوت رمضان بجدارة، وكل مصري يعرف الجو الذي تبعثه كلمات مثل (يقول أمتي. يا رب أمتي).. أو صوت تواشيح ما قبل صلاة الفجر، مع صوت من يقول بصوت عال ممطوط: اللهم صل على حضرة النبي ي ي ي 

Friday, August 3, 2012

Mutilated.com - 3


عندما تراقب الفتاة وهي تأكل فأنت تأخذ فكرة لا بأس بها عن طباعها الدفينة، ولعلك تذكر قصة شاعرنا العظيم الذي رأى حبيبته المطربة الرقيقة تأكل الفسيخ في شم النسيم، فأصابه الهلع وشفي من حبها تمامًا.. خاصة طريقتها في تهشيم البصل الأخضر كأنها معلم من وكالة البلح.. هناك الفتاة التي تلتقط طعامها بحذر كأنها عصفور.. وكأنها تخشى أن يلمس شفتيها أو أناملها، وهناك الفتاة التي تعبث في طعامها كقط، وهي التي وصفها فلوبير ببراعة في "مدام بوفاري".. في هذا المطعم أراقب غادة وهي تأكل وتمزّق شرائح اللحم بالشوكة والسكين، ثم تدسّ المكرونة في فمها كما ينقلون للفيل الدريس في السيرك القومي.. عندما أرى هذا أرتجف

غادة تدسّ المكرونة في فمها كما ينقلون للفيل الدريس ـ (رسوم فواز) ـ

Wednesday, August 1, 2012

ـ مقال شديد الهيافة!! ـ



مشكلاتنا كثيرة جدا وكلها خطرة وبالغة الجدية، فإذا تركنا مصر وجدنا حربا أهلية مستعرة في سوريا مع اختيار مصيري بين أن تترك الأسد يذبح شعبه، أو تسمح بأن يحتلّ الغرب سوريا لتنتهي عاصمة خلافة أخرى وتلحق ببغداد. في كل ركن مشكلة.. لهذا بدا من السخف أن أقطع هذا كله لأتكلّم عن برنامج تليفزيوني، وأنا بطبعي لست من هواة الكلام عن برامج رمضان؛ لأنني أرفض المنظومة كلها. لسبب ما حشروا في أذهاننا منذ كنت أنا طفلا أن رمضان هو نفسه الفوازير، وبرامج المسابقات وبرامج الطبخ والكاميرا الخفية، وطبعا قعدات حظ الفنانين التي نرى فيها كيف يمزحون وكيف يتبادلون القفشات.. إلخ

غير أنني مضطرّ للكلام حتى لا أموت كمدا، وإنني لأرجو أن يكون رصيدي لديك يسمح بهذا المقال شديد الهيافة وسط ما نحن فيه

ـ "رامز ثعلب الصحراء".. ما معنى هذا الذي يحدث وكيف يستمرّ؟

Monday, July 30, 2012

نقابة تَغْلِى



أعتقد أن كتابة مقال يومى أمر مستحيل وعذاب مقيم، لا يختلف كثيرًا عن الجَلْد بسياط مشتعلة فى قبو مظلم من أقبية المستنطقين. عندما بدأت «الدستور» الثانية عرض علىَّ العزيز إبراهيم عيسى أن أكتب مقالا يوميا من 500 كلمة، فاعتذرت بشدة، مفضلا أن أكتب مقالا أسبوعيا من ألف، على أساس أن تراكمات الأحداث والأفكار على مدى أسبوع سوف تجعل الكتابة أسهل. وهذا ما وجدته فعلا، غير أن الكتابة اليومية لها تأثير واضح.. إنها تشبه الضربات المتلاحقة بالمطرقة على صخرة لا تلبث أن تنهار. بينما لو تلقت ضربة كل أسبوع فلن يحدث لها شىء. هكذا يقدر كاتب المقال اليومى على بدء حملة صحفية فى أى لحظة يريد، ويستطيع أن يكون لَحوحًا عالى الصوت أو يسبب صداعًا لمن يلاحقه. هنا تأتى مشكلة المساحة، مثلا أريد هذا الأسبوع الكلام عن الإخوان ورئيس الوزراء الجديد وخطة الخلاص من الزبالة، والشرخ الذى حدث فى جبهة الليبراليين، إلخ.. لكن تنهال علىّ هذه الخطابات من أعضاء فى مجلس نقابة الأطباء فلا أجرؤ على تجاهلها، وبالتالى أفسح لها هذه المساحة اليوم. لست متحمسًا للمطالب الفئوية الآن على الأقل.. مثلا هناك ورقة وجدها أحد العباقرة تطلب فيها من الجامعة أن تعيد لك ضرائب معينة حصلتها بغير حق على مدى خمس سنوات ماضية، وقد هرع الجميع يقدمون هذه الورقة السحرية التى تتيح لك استرداد ستة آلاف جنيه. مزقت ورقتى ولم أقدم هذا الطلب، لأننى ببساطة لا أجد أن الدولة قادرة على تلبية هذا الاستنزاف الآن، وسياسة (ليأخذ من يستطيع لوح الخشب الذى يجده قبل غرق السفينة) هذه.. لماذا ظللت صامتًا كل هذه الأعوام ثم قررت أن تكون أسدًا لا يتخلى عن حقوقه، بينما الدولة تترنح؟ أعتقد أن هذه ليست مصادفة، وأن فى كل مصلحة حكومية محترفين يشعلون أوار هذه المطالب. هناك كذلك هواية جعل الأمور جحيمًا ومستحيلة بالنسبة إلى الرئيس -الذى لم أنتخبه- محمد مرسى، بينما العدل يقتضى فعلا أن نعطيه فرصة ليقف على قدميه.. فرصة واحدة.. أقول إن هذا رأيى، وهو بالطبع لا ينطبق على كل ما سيرد فى الجزء التالى. بعض المطالب مشروع ومهم فعلا

Thursday, July 26, 2012

Mutilated.com - 2


في الأيام التالية فطنت لحقيقة أن الإنترنت تعجّ بصور عملية تشريحي، يبدو أن هذه أشهر صور في التاريخ، ولو كنت أكثر جرأة لطالبت بحق الأداء العلني.. طبعًا لم أرَ وجهي في أي صورة، لكن الإنسان الذي لا يتعرف على سمات جسده أحمق.. وأنا لست أحمق

كان الخاطر الأول الذي لاحقني هو أن هذا مقلب من غادة، إن الفوتوشوب هو لغة العصر، وسوف يأتي يوم نكتشف فيه أننا غير موجودين في هذا العالم بل تمّت إضافتنا بإحدى حيل فوتوشوب.. إذن هناك من استعمل صوري ولفّقها على صور جثة.. والغرض هو ترويعي أو هي دعابة ثقيلة

اتجه ذهني على الفور إلى غادة.. لو كان هناك من يفعلها فهو غادة، التي أثبتت أنها قادرة دومًا على ارتكاب أكثر الأفعال حماقة

Monday, July 23, 2012

لحظة الوصال



توفى عمر سليمان.. عرفت الخبر من المذياع وأنا أقف فى طابور البنزين فى الواحدة ظهرًا تحت الشمس الحارقة، فلا أنكر أننى شعرت بنوع من الشجن إذ تذكرت هذا الرجل فى الماضى، عندما كان غموضه وصمته يوحيان بالكثير، وخطرَ للبعض أنه يصلح فعلاً لتولى المسؤولية بعد مبارك، ثم بدا واضحًا أنه ينتمى إلى الجانب الآخر بقوة، وأنه آن للشافعى أن يفرد ساقيه.. شاءت الأقدار أن يعلن سليمان بنفسه وبصوت مبحوح نهاية عصر مبارك. وما زال كثيرون يعتبرونه هو الطرف الثالث أو اليد الخفية التى حركت الثورة المضادة وكل هذه الأحداث. لا ننكر أن الرجل كان قويا وكان يعرف الكثير فعلا. سوف أتجاهل طبعا تلك الإشاعات القوية التى تقول إنه لم يمت فى الولايات المتحدة ولكن فى سوريا، فى أثناء اجتماع المخابرات المتفجر إياه، الذى أودى بحياة وزير الداخلية ووزير الدفاع معا

Saturday, July 21, 2012

Mutilated.com - 1


مع الوقت بدأت تلك المجموعة من الصور تجتاح شبكة الإنترنت

يمكن أن تصلك الصور في خطاب أو اثنين، لكن في الآونة الأخيرة بدا كأن كل الخطابات يحوي مشهدًا أو اثنين.. إن أفلام الفيديو صارت أقصر وأكثر وضوحًا وأسهل في إرسالها بريديًا

هناك من يهوى زيارة تلك المواقع الرهيبة.. الفكرة هي أنك تريد أن ترى أقصى مدى تصل له بشاعة الأمور، وبعد هذا تنتشي بأنك ما زلت حيًا

لهذا يحقق موقع
mutilated.com
معدلات مخيفة في الزيارة.. وهذا يدل على أن الناس ليسوا على ما يرام تمامًا.. من يحب زيارة هذه المواقع الشنيعة هو بالتأكيد مريض نفسي آخر.. لا أحد يحب أن يرى جثة تم انتزاع عينيها.. لا أحد يحب أن يرى جرحا امتلأ بالديدان، أو يرى مخّ فتاة هشمته عجلة الحافلة وعجنته بالأسفلت

لا أحد يحب هذه الأمور أو هذا ما يخيّل لك.. لكن عداد هذه المواقع يؤكد أن الموت سلعة مرغوبة ومشتهاة ومحبوبة.. الموت البشع طبعًا

الموت سلعة مرغوبة ومشتهاة ومحبوبة.. الموت البشع طبعًا

Monday, July 16, 2012

ناتاشا والذئاب



كل عام وأنتم بخير.. المقال القادم سيكون فى رمضان إن شاء الله. ما زال المرء يحاول أن يبتلع لسانه ويصمت قليلا، ويترك للرئيس الجديد فرصة يحاول فيها لملمة الوطن المفكك تقريبا. اعتدت فى كل مقال أن أقول إننى لا أميل إلى الإخوان، حتى صار هذا مملًّا. نوع من الاعتذار لا داعى له، لكنه بالفعل ضرورى هذه الأيام، لأنه لا أحد يقول كلمته لله أبدا… تخيل أن ابنك -لا سمح الله- مريض جدا، وذهبت به إلى الطبيب (أ) فأكد أن هذا تسمم ناجم عن الغازات التى تنشرها إسرائيل فى الجو، بينما الطبيب (ب) يقول إن السبب نقص تغذية ناجم عن الأزمة الاقتصادية، والطبيب (ج) يقول إن السبب هو أننا لا نتقى الله فعوقبنا.. وهكذا.. أنت تريد التشخيص السليم الدقيق، بينما كل طبيب يعطيك تفسيرا أيديولوجيا يناسب ميوله هو. لهذا عندما لا يهاجم المرء الإخوان فعليه أن يؤكد أنه ليس من الإخوان

Friday, July 13, 2012

قصة لم تكتمل - الأخيرة


بعد المرحلة الإجبارية الأولى عندما يفترض الناس أنك مجنون، بدأ رجال الشرطة يجدون شيئًا مسليًا في القصة وراحوا يصغون

بدأ رجال الشرطة يجدون شيئًا مسليًا في القصة ـ (رسوم: فواز) ـ

بالطبع هي قصة لا يقولها سوى مجنون تفككت صواميل عقله تمامًا، وقد ازداد الزحام في الغرفة وبدأت التعليقات الساخرة تنهمر، لكن مصطفى لم يتزحزح.. حكى عشرات المرات قصة السفاح الذي أوجده على شاشة الكمبيوتر ثم فر من هناك

الحقيقة أنه كان يعرف بعض التفاصيل.. مثلاً كان يعرف أن القاتل يلبس حذاء غليظًا يشبه أحذية تسلق الجبال. وكان يعرف أنه أشول.. هذه أشياء لم يقلها أحد في وسائل الإعلام

Saturday, July 7, 2012

حارس البوابة



نسرين كانت فاتنة الدفعة وحلمها. أنفاسها فراشات تتراقص في ضوء القمر الشاحب. كلماتها قطرات من العطر تنسكب على روحك. عيناها نافذتان ترى من خلالهما لمحة عن الجنة. خطواتها زحف الربيع وسط أراض غمرها الثلج في أصقاع سيبيريا .. عندما ينتهي الزحف سيكون السوسن والنرجس والتيوليب قد ملأ الممرات كلها، وسوف تخرج الغزلان تتواثب. سل أي ذكر شارد في دفعتنا عن سبب شروده .. أو لا تسل . قل هي نسرين ولسوف تكون مصيبًا في 99% من الحالات

Friday, July 6, 2012

قصة لم تكتمل - 2


التمع فلاش الكاميرا عدة مرات بتلك الطريقة الحكومية الكئيبة التي توحي بمسرح الجريمة، وكان رجال البحث الجنائي عاكفين على فحص الجثتين.. وأخذ عينات من العشب

هناك نطاق من رجال الشرطة يمنع المتسكعين من الدخول، وكان المتسكعون والحق يقال أكثر من الذباب، تلك العاطفة الراسخة فينا أن نرى الموت في أشنع صورة ممكنة.. أن نرى الجثث المشوهة المذبوحة أو التي تحوّلت لعجين، سوف تشعر بقشعريرة وهلع وتقزز، لكن الجزء الخفي من كيانك يشعر برضا تام: لست أنا.. أنا ما زلت حيا.. لقد ظللت صامدا

ستيفن كينج يطلق على هذا "هواية الإبطاء بالسيارة لإلقاء نظرة على حوادث الطرق"، ليس الفضول هو السبب الوحيد

بالنسبة لسمير وهِبة كان وضعهما سيئا.. سيئا إلى حد أن أي مارّ سوف يشعر أنه سعيد الطالع محدود الحظ، لا يمكن مهما حدث أن يسوء وضعك إلى درجة أن يبحثوا عن رأسك -لا قدّر الله– وسط العشب

هناك ورقة ملوثة بالدم تقول: ابن أبراكساس
لم يفهم أحد معنى هذا الاسم، لكن أحد رجال المباحث كان يهوى أفلام الرعب، وقد أعلن أن أبراكساس هو اسم شيطان.. نفس الشيطان الذي اشتقوا من اسمه لفظة أبراكادابرا التي يستعملها كل سحرة العالم

هناك ورقة ملوثة بالدم تقول: ابن أبراكساس