قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Monday, February 20, 2012

قصاصات من كل صوب



جريمة العصر: هذا الوصف استخدمه أستاذ الجيل أحمد بهاء الدين، عندما وصف تهجير اليهود الروس إلى إسرائيل فى الثمانينيات، واليوم تظهر فجأة عبارة قبيحة مشينة اسمها (تهجير الأقباط)، وهى جريمة عصر أخرى. هل صار تقسيم مصر واجبا دينيا فجأة يسعى الجميع لتحقيقه؟ ولماذا نتصرف بهذا الحمق والغباء دون شعوب الأرض جميعا؟ لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب أقرت ما حدث من تهجير أقباط بقرية شربات التابعة لمدينة النهضة بالعامرية، وقامت فقط باستبدال كلمة التفريق بكلمة التهجير. لماذا يصر مجلس الشعب على إثبات أن مخاوف القوى الليبرالية لها أساس؟ وتقول الأخبار إن هذه اللجنة أقرت بتهجير المواطنين المصريين الأقباط، وبيع ممتلكات التاجر القبطى لويس أبسخيرون خليل سليمان الشهير بأبى سلمان. بالتأكيد هذا هو أخطر منعطف مرت به مصر، وهو البداية الحقيقية لنهاية الدولة. تهجير أقباط؟ يا نهار أسود! لسنا فى فلسطين هنا نتحدث عن تهجير عرب 48، هذا الحديث لا يجب أن يقال أو يرد على الألسنة أصلا. وإذا قيل فلا يجب أن تتوقف المقالات عن التنبيه لخطره، فمن الغريب أن هناك صمتا إعلاميا واضحا.. الموضوع أهم بالتأكيد من تقبيل البرادعى لأنجلينا جولى. هناك بالتأكيد أخطاء فادحة من الطرفين، وهناك قضية أخلاقية تتعلق بامرأة مسلمة وترزى مسيحى، والتاجر لويس أبسخيرون الذى أطلق أعيرة نارية فى الهواء، وحدث احتقان طائفى مرعب.. وتأخرت قوات الأمن كالعادة مدة ساعتين وتمت عدة جلسات عرفية. وفى النهاية يتم الاتفاق على تهجير ثمانى أسر مسيحية من القرية، بل وتفويض من يبيع ممتلكات هذه الأسر. بالتأكيد هناك مبررات قوية لدى من رأوا هذا، ولربما قالوا إن هذا لسلامة تلك الأسر.. لكن هذا أسوأ وأخطر حل ممكن. إنه حل قبلى عجيب يخل بفكرة الدولة أساسا.. بل يذكرك بأفلام رعاة البقر (عليك أن تلحق بآخر عربة مسافرين تغادر البلدة.. لا أريدك فى مدينتى بعد الآن)، على فكرة أفرج عن الترزى المسيحى لعدم كفاية الأدلة. منذ ستة أسابيع حدث نفس السيناريو فى قرية بهيج فى أسيوط. الأحداث تدور بسرعة، وسيناريو تقسيم مصر أو انفراد الأقباط بدولة فى الجنوب فكرة بعيدة وفانتازية، لكن سابقة خطيرة كهذه تجعلها واردة فعلا. يجب أن تكون الدولة حازمة.. لا مجال للمزاح أو التهاون فى هذه الأمور، وللمرة الألف نكرر ما قاله الأستاذ هيكل: مهمة الدولة فى مصر تنحصر فى شيئين لا تهاون فيهما، ومن حقها استخدام العنف فيهما: تدفق مياه النيل، والوحدة الوطنية

سلاح خطر: فى خطبة الجمعة السابقة ليوم العصيان المدنى أو الإضراب، راح الخطيب يتكلم عن خطورة العصيان المدنى على الدولة، ودعانا بحرارة إلى عدم الامتثال لهذه الدعوات التخريبية، وهنا مر شاب جوار المسجد فصاح بصوت عال:ـ
ـ«حسبى الله ونعم الوكيل فيك يا شيخ!»ـ

وكررها عشرات المرات، ولا شك أن الصوت بلغ الشيخ. غريب جدا.. نفس الموقف حدث منذ عام بالضبط، وكان نفس الشيخ يدعونا لعدم الخروج فى جمعة الغضب وعدم الخروج على الحاكم، وقد بدأ المصلون واحدا بعد آخر يستردون أحذيتهم ويذهبون لمسجد آخر تأهبا للمظاهرة الكبرى بعد الصلاة. كنت أعرف يقينا وقتها أن هذه الخطبة كتبت فى أمن الدولة، ولربما كتبها مراد بيه شخصيا.. مر عام ووصل الشيخ إلى الحكم بفضل هؤلاء الذين لم يطيعوا ما طلبه فى الخطبة السابقة، لكنه ما زال ينصح بعدم الثورة. ومن الغريب أننى كنت أخالفه فى الرأى فى المرتين. ماذا استجد؟ هناك مزية واحدة هذه المرة هى أن هذا رأيه فعلا، وليس رأى مراد بيه.. هذا رأيه فلا بد أن أحترمه. إلا أننى ما زلت أحمل اعتراضا كبيرا على فرض الآراء السياسية على خطبة الجمعة أو مزج الدين بالسياسة بهذا الشكل.. كما قلت فى مقال سابق، هذه طريقة غير عادلة بتاتا.. لا أحد سوف يغادر صلاة الجمعة على الأرجح، ولن يجادله أحد. أدق وصف قيل عن انتخابات مجلس الشعب السابقة هو أنها غير مزورة، لكنها غير عادلة. ويبدو أن الإمام يعرف مصدر قوته جيدا

وخطاب لوم: ألخص هنا -تلخيصا شديدا- الخطاب الثانى الذى أرسله إلىّ الصديق محمد مصطفى الذى ضايقه مقالى (كان يا ما كان)، وأعرض رده هنا. سوف أكتفى بنشر كلامه ولا أعلق تجنبا للعبة غير عادلة أخرى هى: من يرد أخيرا يبد أكثر حكمة: «أستاذى الفاضل الدكتور أحمد خالد.. للأسف أتى هذا المقال بصدمة شديدة لى.. وأنا أولا لا أريد ممن أقرأ له أن يكتب ما أحبه وإلا لكتبت أنا وقرأته، ويجب على احترام وجهة نظر الكاتب، ولكن الاختلاف يجب أن يكون فى الصغائر مثلا لن أقرأ للكاتب الذى يطالب ببقاء المشير رئيسا أو مجىء أحمد شفيق. يبدو أنه كتب على جيلنا أن يتحمل الطعنات من الأقارب والأصدقاء وحتى الكتاب والمفكرين. مذبحة بورسعيد قد تكون من تدبير ظباط كبار ومن دون علم الوزير لكن ماذا عن الاشتباكات فى شارع منصور ومحمد محمود؟ لا تحاول إقناعى أن الوزير لا يستطيع إعطاء أوامر لرجاله بالانسحاب لمحيط الوزارة. ومن المستحيل أن لا يكون الوزير عارفا بهذه الانتهاكات. ثم ألم يحدث أن ضرب ما يقرب من 6 نواب بالغاز عندما كانوا يحاولون التهدئة؟ صدقنى المسألة ليست معارضة على طول.. المسألة أن المجلس العسكرى ضدنا ولم يفعل شيئا وإذا جاء رئيس جديد ورأينا أنه يحاول مجرد يحاول الإصلاح سوف نقف وراءه، ألم نعط العسكر ألف فرصة لفعل أى شىء أى شىء لمصلحة الوطن فأبى إلا أن يخدم مصالح النظام ورجاله؟ المسألة أن الحاكم ليس جادا فى الإصلاح ولا التغيير وصدقنى سوف أكون من أشد مؤيدى الرئيس الجديد إذا أتى بعيدا عن دعم العسكر أو حتى إذا رأيته يحاول الإصلاح

أنا أريد أن أقول لك ما أراه على الجبهة، وأنه الشباب الذى يلقى الحجارة على الداخلية يسارع بإطفاء أى حريق فى أى مكان إلى جانب أنه أنا بنفسى قرأت على قنابل الغاز عبارة خطر الحريق ويمكنك التأكد من ذلك بسهولة.. فالهدف هو تلبيس الثوار مزيدا من التهم أو من الممكن أن يكون قد حرق عن طريق الخطأ وسعدت الداخلية بهذه الصدفة السعيدة. ألم يقل الإخوان إنهم ملتزمون بخارطة الطريق التى وضعها المجلس؟ ألم يتخلوا عنا فى محمد محمود الأولى لننتزع بدماء الشهداء وأعين المصابين والصحة والمال ميعاد تسليم السلطة الذى لم يكن فى الإعلان الدستورى الذى لا نعرف محله من الإعراب لكن الإخوان يريدون عمل الدستور لكى يضمنوا الحكم إلى الأبد

الشعب الذى انتخب الإخوان 30% منه أمى إلى جانب أنه لم يقرأ أى برنامج لأى حزب وهل يمكنك أن تقول لى بضمير صاف إن الشعب اختار الإخوان من دون تأثير الأعمال الخيرية والدعاية الدينية؟

ومن يومين تجاذبت أطراف الحديث مع صحفى فرنسى سألنى أن أسأل شابا ممن نطلق عليهم أطفال الشوارع لماذا أنت هنا فرد على الشاب أنه يريد رحيل المجلس العسكرى وحق الشهداء وكذلك لأنه الآن 15 سنة وبلا مستقبل ويريد عندما يصبح 20 أن يكون لديه مستقبل وأحواله أحسن، هل يمكن أن تجادل فى هذه المطالب؟

وأيضا هناك تعليق أبكانى على لسان أحد أطفال الشوارع قال: خلينا نموت يمكن الناس تعرف إننا موجودين. ألا ترى أنهم على صواب؟

(النجاح يقاس بالدماء دمائك ودماء أعدائك)
وما زلنا لا نمانع فى الموت لكى يتحرر هذا البلد

وأنا آسف على الإطالة، وأنا لا أطلب منك النزول فى محمد محمد أو تغير رأيك لأن هناك من اختلف معك. أنا فقط أطلب إعادة النظر والتأكد من المعلومات التى تقولها والمصادر التى استقيت منها الأخبار»ـ

كما قلت لن أعلق.. وصلت وجهة نظرك يا محمد وأنا شرحت وجهة نظرى من قبل. فعلا خلاف الرأى كبير.. فقط تذكر عبارتيك (فالهدف هو تلبيس الثوار مزيدا من التهم)، و(وسط تشجيع الأهالى الواقفة مع الشرطة). لكنى مثلك مصر على رحيل العسكر اليوم قبل الغد، وإن كان الخلاف على الأسلوب كبيرا