قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Monday, April 23, 2012

تخبُّط



الآن، دعك من هذا الصخب وكل هذه الآراء المتناقضة.. تعال نشرب كوبا من الشاى أمام التليفزيون ونناقش الوضع بدقة. اخفض الصوت من فضلك.. إن رأسى سوف ينفجر.. هذه (المكلمة) بدأت من 25 يناير 2011 على كل الفضائيات ولم تتوقف ربع ساعة.. كلما ضغطت على الريموت رأيت عشرة أشخاص جالسين وقد غلبهم التعصب والغضب، وهناك مذيع مسرور جدا من مباراة المصارعة الفكرية التى يقدمها.. تصور أن يستمر هذا لمدة 15 شهرا بلا توقف

ملايين الآراء فى كل اتجاه.. تصطدم وتتناقض.. حتى صار رأسى أقرب لعشة فراخ تسلل لها قط متوحش

هناك أنامل خفية تحرك كل هذا، وخطة مرسومة يبدو أن المجلس هو مَن يحركها، لكننا كذلك لا ننكر أن الناس صارت أكثر غوغائية وميلا لعدم احترام القوانين مهما كانت

Friday, April 20, 2012

ـ الطريف في طب الريف ! ـ



يمر كل طبيب شاب يعمل في الوحدات الصحية الريفية بفترة من الاضطراب ناجمة عن الصعوبات اللغوية التي سنتكلم عنها حالا, بالإضافة إلي قلة خبرته, واختراقه حاجز العرف والتقاليد أحيانا من دون أن يعرف

مثلا كانت أول حالة أقابلها في الريف هي طفلة في السادسة , وكان ما قمت به بسيطا جدا كما علمونا في طب الأطفال , وهو أنني جعلت الطفلة ترقد وقمت بقياس طولها بالمتر القماشي الذي أحمله , وكانت النتيجة أن الأم وقفت علي باب الوحدة وراحت تولول :ـ 'بيقيسوا بنتي بالمازورة!'ـ

يبدو أنها شعرت بأنني كائن شيطاني جاء من سقر كي يحسد الطفلة , وكان هذا أول درس تعلمت منه ألا ألمس هذا المتر القماشي اللعين أبدا . الحالة الثانية مثلا أعطيتها بعض أقراص فيتامين (ب).. وكانت النتيجة أنها جاءت محمولة وقالوا لي إنها لم تتحمل تلك الأقراص وأصابتها الدوخة والدوار وسقطت علي الأرض (مع نظرات شك تقول في صمت إنني طبيب أحمق) .. نحن نتحدث عن فيتامين (ب) وليس عقار (فنكرستين) الذي يعالج السرطان . كان هذا هو الدرس الثاني , وهو أن الأقراص لا جدوي منها وقاتلة غالبا 

المريض التالي - 5


نظر السائق إلى د. هجرس متسائلاً، فقال له في وقار:ـ
ـ"رغيفان من الحواوشي.. وليكثر من الشطّة"ـ

أمر هجرس السائق أن يشتري له رغيفان حواوشي

ابتعد السائق في الظلام على حين جلس د. هجرس يراقب الشارع.. حركة السيارات.. الكشّافات.. المارة.. الهاتف لا يكفّ عن التوهج.. لا بد أن الممرضة تعيش ألعن حالاتها الآن في العيادة وهي تواجه طوفان غضب المرضى.. إنه لم يتصل ولم يعتذر.. لا يملك سعة نفسية لذلك

فقط هو يشعر بالحاجة إلى أن يجوب الشوارع الليلية.. يريد أن يأكل "حاجة حرشة" كما يقولون، لذا طلب من السائق أن يذهب به لهذا الحي، حيث يكمن في الظلام ويفكّر

Wednesday, April 18, 2012

أماركورد

مجلة الشباب - نقلا عن صفحة أحمد خالد توفيق - أبريل 2012


أماركورد هو عنوان فيلم شهير لفيلليني، وترجمته (أنا أتذكر). هذا المقال ليس عن فيلم فيلليني، ولكنها مجرد طريقة لجذبك بعنوان غريب. قد مر عام تقريبًا على ذلك اليوم الذي أتذكره كأنه حلم. السبت 2 إبريل 2011.. بعد أشهر متواصلة من صعوبة التنفس والربو الذي لم أعهده من قبل. الربو من الأسباب القوية التي جعلتني من القلائل الذين لم يذهبوا لميدان التحرير قط، لأن الغاز هناك أكثر من الهواء. كنت منهكًا بشكل متواصل حتى صرت أحمل هم المشي في الشقة أو صعود الدرج. قللت التدخين إلى معدل غير مسبوق ولكن لم أر نتيجة واضحة

يوم 2 إبريل عدت من الكلية مرهقًا.. كانت منال زوجتي في المطبخ تنهي إعداد الغداء. همست: ألا يا عتبة الساعة.. أموت الساعة الساعة. لم تفهم ما أعنيه فقلت لها إنه بيت شعر لأبي العتاهية كان يمقته لأنه ضعيف المستوى. جلسنا لتناول الغداء.. ثم.. شعرت للحظة بتلك الضربات المختلة من قلبي.. نوع من النغبشة الكهربية الغريبة.. لا تتوقف.. قلت لنفسي سوف تتوقف حالاً. اصبر 

(ظلام)

Monday, April 16, 2012

في هذه اللحظة


الأحداث تتغير بسرعة البرق.. كالشلال، بحيث لا تعرف أبدًا ما قد يحدث في اللحظة التالية.. لهذا أسجّل في هذه اللحظة بالذات أنني متفائل وراضٍ جدًا، لكن لا أضمن أن يتغير كل شيء غدًا أو تدلهم الأمور أو "نروح في ستين داهية"ـ

أسجل في هذه اللحظة بالذات أنني متفائل وراض جدًا

السباق بالنسبة لي هو سباق بين أبي الفتوح وحمدين صباحي حاليًا، بالطبع ما لم يعد المرشحون العشرة الذين تم استبعادهم، ولو ظل الوضع في صورته الحالية فأنا سعيد جدًا؛ لأن الرجلين شريفان صادقان، لهما تاريخ سياسي حافل.. وأنت تعرف جيدًا أنهما لا يريدان سوى الصالح العام. هذا رأيي.. وبالطبع كان تفاؤلي ليكون أكثر اكتمالاً لو ظل البرادعي في السباق

مبارك بارت تو



الرئيس المناسب الوحيد لمصر هو الرئيس الذى يسمح باختيار رئيس آخر بعد أربع سنوات. فى رأيى أن اسم الرئيس ليس مشكلة طالما نحن نعرف يقينا أنه سيرحل، وهذا فى حد ذاته كفيل بتصحيح المسيرة تلقائيا، وكفيل بأن يخبرنا بأن الثورة نجحت وحققت معجزة. (هذا المقال يوم الخميس 12 أبريل ولا أعرف ما ستسفر عنه الأمور)ـ

لكن مؤخرا ظهر اسمان شديدا القوة، هما عمر سليمان وحازم أبو إسماعيل. والمشكلة هى قلقى البالغ من أنهما لا يحققان شرط الرحيل، وهناك بوادر خطر واضحة لدى كل منهما كما سنبين حالا

Wednesday, April 11, 2012

المريض التالي - 4


هناك عند هذا المنحنى في الطريق، حيث اصطدمت عشرات السيارات بالحاجز الحديدي من قبل فالتوى وتشوّه، كان السياج تالفًا.. وكان ذلك المنحدر الذي يقود إلى الترعة

هذا هو المكان الذي توقّف عنده المهندس مينا.. كان واثقًا من أنه رأى شيئًا أسفل هذا المنحدر، لكنه لم يستطع أن يحكم ما هو.. فقط هو شيء لا يبعث الراحة في النفس، توقّف بعيدًا عن مسار العربات المندفعة وانحنى ليلقي نظرة أدقّ

بالفعل.. هذا ثوب أو معطف ممزق.. جسد بشري يتعلق بغصون الأشجار البارزة من المنحدر، ومن الجلي أنها أنثى كذلك.. كان قلبه يتواثب بين الضلوع عندما مدّ يده لجيبه وطلب رقم الشرطة

عندما جاءت سيارة الشرطة بعد وقت طويل، استطاع شرطيان أن يجرّا الجثة إلى أعلى.. القصة واضحة، لقد قتلها أحدهم ثم ألقى بها من فجوة السياج للهاوية، وتعلّقت بالغصون، تأمل الضابط الوجه

تأمل الضابط الوجه إنه قد تشوه بالرعب وآثار دماء ـ(رسوم: فواز)ـ

إنه قد تشوه بالرعب وآثار دماء، لكن يمكن بسهولة أن تدرك أنها كانت جميلة يومًا ما، كانت تلبس معطفًا.. وجد يده تمتد لتعبث في جيبها ثم خرجت ببطاقة هوية صغيرة.. هي إذن من النساء اللاتي يحملن الهوية في الجيب وهذا يسهّل الأمور

قرّب البطاقة من عينه وقرأ:ـ
ـ"شاهنده منصور محمد.. مهندسة اتصالات"ـ

ثم نظر إلى الوجه المذعور، وغمغم:ـ
ـ"ترى من قتلك أيتها الحسناء؟.. والأهم.. كيف قتلك؟"ـ

***********

Monday, April 9, 2012

صندوق مفعم بالشيكولاتة - 2



حالة الحيرة التى نعيش فيها مستمرة، وما زالت أحوال الثورة مقلقة والجدل لا ينتهى، دعك من الارتباك الناجم عن اضطراب قائمة المرشحين.. تراجع ثم ظهور عمر سليمان، وحازم أبو إسماعيل الذى اعتقدت أن موضوع فوزه صار منتهيا مع كل هذه الدعاية الساحقة، لكن موضوع الأم الأمريكية جعلنا لا نعرف أى شىء، والظهور المفاجئ لخيرت الشاطر. لكن لو نظر المرء إلى نصف الكوب الممتلئ لوجد أننا نخوض انتخابات رئاسة حقيقية لأول مرة فى تاريخنا.. أليس هذا رائعا؟ ولو أننا ضمنا أن يرحل الرئيس القادم بعد أربعة أعوام أو ثمانية، فهذا يعنى أن الثورة نجحت بالفعل وباقى المشكلات يمكن أن تصحح نفسها، وسوف نصير أفضل بالتأكيد، لأن مبدأ الحساب سوف يأتى بالأفضل والأنشط والأصدق. سوف يتعلم الناس من الأخطاء وتخضع الأطراف للتجربة الحية من دون شعارات، ثم تأتى لحظة الحساب ويقرر الناخب بعد أربعة أعوام خلاصة التجربة. هذه هى النقطة التى ربحناها ويجب الدفاع عنها حتى الموت، ولو فقدناها فمعنى هذا أن الشهداء ومن فقدوا أعينهم خسروا ما خسروه بلا ثمن

البعض يرى فى هذا سذاجة، لأن الطرف الذى وصل بالشعارات الدينية قادر على البقاء للأبد، لكن لا توجد طريقة أخرى لممارسة الديمقراطية على قدر علمى. إما أن تمارسها كما هى أو تعترف بأن مبارك وأحمد نظيف كانا على حق عندما قالا إن الشعب المصرى لم ينضج للديمقراطية بعد. أطراف عديدة تؤمن أن أول شهر يونيو هو الفيصل مع صدور الحكم على مبارك.. يرون أنه موعد مصمم بدقة لتنفجر الأمور وتعلن الأحكام العرفية قبل انتخابات الإعادة. رأيى أننا سنعرف وقتها، لأننا قضينا عاما ونصف العام من التكهنات الخاطئة.. ولو راجعنا أعمدة الصحف القديمة لأصابنا الذهول.. الكل يتكلم ولا أحد يعرف أى شىء على الإطلاق

Tuesday, April 3, 2012

المريض التالي - 3


لم تتصل تلك الحمقاء بعد
فكر د. هجرس في هذا وهو يراقب الشارع الصاخب الذي يطل عليه عبر النافذة التي تحتل جدارًا.. يرشف رشفة من عصير البرتقال الذي أعدّته له الممرضة، ويفكر في شاهنده

يرشف رشفة من عصير البرتقال الذي أعدّته له الممرضة ـ(رسوم: فواز)ـ

عاد إلى المكتب وداعب خصلات شعره الأبيض، يبدو أن وقت الفراق قد اقترب جدًا.. هذا حظك السيئ يا فتاة.. سوف تفقدين كنزك قريبًا، ولكن لا ننكر أن معرفتك كانت ممتعة. مشكلة الصديقة -وهو اسم مهذب للعشيقة- هي أنها تتحول إلى زوجة بسرعة.. تطالب بأشياء.. تمدّ أناملها تحاول أن تعتصر حياتك.. لكنك بالطبع سوف تختار البقاء مع الزوجة الشرعية، وعندها سوف ترحل هذه، لكن لا بد أن يكون الرحيل ناعمًا.. لا جروح لا أحقاد.. وإلا كان بوسعها أن تُحدث ضوضاء حولك
-"No grudges"ـ

قالها لنفسه وابتسم
جلس إلى المكتب وصاح مناديًا المريض التالي

*********

صندوق مفعم بالشيكولاتة - 1



ـ«صندوق مفعم بالشيكولاتة».. مع الاعتذار للخواجة فورست جام الذى ذكر هذا التعبير الشهير فى فيلمه

هذا هو ما تشعر به وأنت عائد من القاهرة، حاملا معك كتابا جديدا لهيكل وكتابا جديدا للدكتور جلال أمين. الأول هو كتاب «مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان»، والثانى هو كتاب «ماذا حدث للثورة المصرية؟». بعد فترة لا بأس بها من الجوع الفكرى وجدت هذه الوجبة الدسمة، ورغم أنك غششت وتسللت للمطبخ كثيرا قبل موعد الغداء، وفى كل مرة كنت تخرج بفم محشو بالطعام وابتسامة خبيثة.. معظم هذه المقالات نشر فى الصحف وأكثره موجود على شبكة الإنترنت، وقرأته أنت من قبل، لكنك فى هذه المرة سوف تجلس وتلتهم بهدوء وجبة كاملة صحية دسمة كما يفعل البنى آدمين