قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Friday, September 28, 2012

رسائل المحبة - 5


عندما اجتمع الرائد حمدي مع رؤسائه كان الدخان ينعقد في سماء الغرفة، حتى لتشعر أن هطول المطر وشيك.. وكانت الوجوه مكفهرّة بما يكفي
ـ"بصمات؟"ـ
ـ"بصماتي أنا فقط يا سيدي"ـ

 ـ"المختبر الجنائي؟"ـ
ـ"لا شيء.. لكنها تلك المادة التي يرتابون فيها.."ـ

طريقة وضع الخطاب في تابلوه السيارة.. هذه قدرات غير عادية ما لم يكن السائق متواطئًا.. وهذا احتمال تم استبعاده.. الأمر أقرب لشبح طار ووضع هذا الخطاب

Tuesday, September 25, 2012

الهباء



أستاذ رأفت مشغول جدًا.. لا تضايقوه ولا تطلبوا منه أى شىء من فضلكم

أستاذ رأفت لديه ابنة فى الصف الثانى الثانوى، وهى ابنة مراهقة.. وهناك جدول معقّد من الدروس الخصوصية لا بد من أن تذهب لها. تذهب وحدها؟ هل تمزح؟ الشوارع تغص بالأوغاد المراهقين الذاهبين إلى الدروس الخصوصية أو العائدين منها، أشبه بعصابات تقطع الطرق وتبقر بطون الحوامل وتغتصب النساء فى كل ركن.. لا هَم لهم سوى الشجار بالمطاوى من أجل البنت فيفى التى (حلقت) لأحدهم

ركوب سيارة أجرة؟ أنت مُصر على المزاح إذن؟ كل سائقى الأجرة يختطفون الفتيات المراهقات إلى منطقة نائية ويغتصبونهن.. هم لا يفعلون أى شىء آخر.. يبدو أنهم لا يمنحون الرخصة إلا للسائق الذى يحب اغتصاب البنات

لهذا لا بد أن ترى أستاذ رأفت يصحب ابنته إلى هذا الدرس أو ذاك، وهو يرمق الناس بشك وكراهية وخوف.. تريدون خطفها يا أولاد الزنى؟ جرّبوا ذلك. أحيانا يصحبها بسيارته الـ128 الخربة الموشكة على التحلل أو مشيًا على القدمين. العملية معقدة جدًا.. يجب أن يحتفظ بجدول صغير يذكره بالمواعيد والعناوين: مس هيام الساعة 3 عصرًا.. درس الرياضيات.. مستر عادل الساعة 4 عصرًا ودرس الفيزياء.. طبعًا المسافة بين البيتين تستغرق ساعتين على الأقدام وأربع ساعات بالسيارة، لكن هذه ليست مشكلة المدرسين.. هى مشكلته هو

Sunday, September 23, 2012

رسائل المحبة - 4


آه لو كنت معي في تلك اللحظات
ثمّة مواقف في الحياة يغدو من السخف أن تحاول وضعها في كلمات، وإلا لكان من السهل أن تصف شعورك عندما همستْ هي بأنها تحبك، أو عندما رأيت أنا أبي يغمض عينيه لآخر مرة ويأبى أن يرد عليّ.. كل هذه أمور عاصية على الوصف، معجزة لقدرة اللغة على التعبير

الأسهل أن ترى معي هذا المشهد الرهيب
كان الخطاب يحترق في يد الدكتور فكرون، وعندها بدأ اللهب يتصاعد.. ثم الدخان

احترقت الورقة ورأيت هذا الوهج الغريب ـ (رسوم: فواز) ـ

أنت لا تحلم ولا تهذي.. أنت ترى ما نراه جميعا.. هذا وجه شيطاني له قرنان يضحك في سخرية، وقد صنعه اللهب والدخان كأنه رسم بألعاب نارية في كرنفال.. يرتفع إلى نحو ثلاثة أمتار فوق الرءوس
صرخات.. في الظلام بدا المشهد رهيبا فعلا

Monday, September 17, 2012

للمرة الألف



طبعًا كما هى عادة مقالى الذى يكتب يوم الخميس وينشر يوم الاثنين، نشر مقال يوم الاثنين الماضى، الذى أتكلم فيه عن أكشاك شارع النبى دانيال التى تمت إزالتها، بينما موضوع الفيلم المسىء للإسلام هو حديث الساعة. حدث هذا مرارًا من قبل، وكانت أسوأ تلك المرات عندما كنت أتكلم عن الناشطة التى ظهرت عارية على «فيسبوك». نشر المقال بينما أحداث محمد محمود فى ذروتها! لهذا أرجو أن تسامحنى لو نشر المقال الحالى بعد ما ألقت أمريكا قنبلة ذرية على إيران، أو قام حلف الشمال الأطلنطى بالإنزال فى تونس مثلًا

على فكرة أكتب هذا المقال يوم السبت، ومنذ ساعتين أطلق عدد من البلطجية من طراز (ثلاثة على موتوسيكل – بانجو – آثار مطواة – شبشب بصباع) الرصاص على أمين شرطة استوقفهم فى كمين طالبًا الرخص، ومنذ قليل عرفت أنه استشهد متأثرًا بجراحه. حدث هذا فى شارع البحر أهم شوارع طنطا. كلام كثير يجب أن يقال عن رجل لن يعود إلى أولاده هذه الليلة، لأنه أدى واجبه ببسالة.. للأسف تصرف كهذا قد يدفع الشرطة لمزيد من السلبية أو مزيد من الشراسة. فليرحم الله هذا الرجل الشجاع ويرحمنا

Friday, September 14, 2012

رسائل المحبة - 3


الثلاثاء 18 إبريل سوف يبقى طويلا في ذاكرة من رأوه

كان هذا في النادي الرياضي الذي لن أذكر اسمه بالطبع.. ما حدث هو أن عددا زائدا من المتسللين ظهر فجأة.. أشخاصا ليسوا أعضاء بالنادي ظهروا، وبدا كل منهم كأن له هدفا واحدا محددا

كان حراس البوابة أميَل إلى التراخي، خصوصا في هذه الساعة من مساء الثلاثاء، حيث بدت الحياة ناعسة سهلة، ولا يمكن أن تتوقع أن ينهار الكون لو أن بعض المتسللين دخلوا النادي.. وهكذا دخل النادي نحو عشرة أشخاص.. عشرين شخصا 

لو أنك رأيت الواحد منهم لشعرت برجفة قشعريرة تزحف على عمودك الفقري حتى يكسوه الثلج على طريقة أفلام توم وجيري، النظرة الجامدة والخطوات الثابتة.. ثم السلاح.. السلاح الذي كان مخفيا في كيس ورقي أو في الجيوب لحظة اجتياز البوابة، ثم ظهر للأعين

ماذا تفعل عندما ترى هذا التمثال الآدمي يمشي في خطوات ثابتة نحو ملعب كرة القدم المترامي، وفي يده مسدس لا يوحي بالثقة، أو سكين شريرة أو سيف خبيث؟ سوف تخطر لك أفكار كثيرة، لكن لن يكون من بينها الضحك أو الاسترخاء

Monday, September 10, 2012

من فضلك.. لا تفسد دوائرى



من القصص الشهيرة جدًّا فى التاريخ، تلك القصة عن الفيلسوف والرياضى العظيم أرشميدس، صاحب مقولة (وجدتها وجدتها) إياها. الرجل الذى أتعبتك دراسة نظرياته الخاصة بالحجم والكثافة وإزاحة السوائل، والذى استطاعت اختراعاته أن تحمى جزيرة صقلية من الغزاة لفترة طويلة

تقول القصة إن غزو الجزيرة نجح فى النهاية بفضل (الولس).. أى أن الخيانة أدت إلى سقوط البلاد، ولم يكن عمنا أرشميدس حاضر الذهن عندما حدث هذا.. كان فى بيته منهمكًا فى حل مسألة هندسية معقدة أنسته كل شىء. أى أن الجزيرة تم احتلالها ووقعت المذابح والحرائق فى الشوارع، وهو لا يعلم شيئًا، ويجلس القرفصاء على الأرض، يرسم بالطبشور ويحاول إيجاد حل هندسى صعب. وما حدث هو أن الرومان دخلوا بيته وذبحوا الجميع.. وفوجئ العالم وهو مستغرق فى التفكير بصندل رومانى ملوّث بالعرق والدم والغبار يدخل مجال رؤيته ويدوس على الدوائر الطبشورية.. لم يرفع رأسه أو ينهض، بل قال فى تهذيب:ـ
ـ«من فضلك.. لا تفسد دوائرى»ـ

بالطبع كان رد الجندى هو أن قطع رأس العالم. أفسد دوائره فعلًا بالدم الذى سال ليغرق الطبشور. هذه قصة شهيرة جدًّا وإن كان أول ما تثيره من أسئلة هو: مَن رأى هذا ليحكيه فى ما بعد؟ ليس الجندى الرومانى بالتأكيد.. لكنها قصة مفعمة بالرموز والمشاعر الجيّاشة على كل حال

ما حدث هذا الأسبوع هو أن هذه القصة تكررت تقريبًا بنفس الشكل، لو افترضنا أن الجندى الرومانى هو مديرية أمن الإسكندرية والفيلسوف هو شارع النبى دانيال

Thursday, September 6, 2012

رسائل المحبة - 2


فرغ مصطفى من تصوير آخر صفحة في المذكرة التي تركتها له طالبة كلية التجارة الحسناء.. هذه الفتاة الرشيقة التي لا يعرف لها اسمًا تأتي كل بضعة أيام لتصوّر بعض تلك المقررات الكئيبة، ولطالما تمنى أن يعرف اسمها.. قرأه ذات مرة على المذكرة "نجوى السيد".. وراح يتنهد مفكرًا في نجوى وحلم كثيرًا بنجوى، ثم فطن إلى أن هذا حمق.. بالتأكيد نجوى هو اسم صديقتها صاحبة المذكرة لا اسمها هي.. وبرغم هذا ارتاح للاسم، وبالنسبة له ظلت الفتاة نجوى

كان يصوّر الورق برفق وحنان وعناية، حتى إنه تذكر باسمًا إسماعيل يس عندما كان يصف لهند رستم الفطيرة التي سيصنعها لها عندما كان اسمه (حسونة الفطاطري).. نجوى لا تنتظر وإنما تترك له المذكرة وتنصرف باسمة.. ثم تعود بعد ساعات لتأخذ الأصل والصور

اليوم جلبت له تلك المذكرة التي تحمل اسم (إدارة أعمال) وابتسمت وانصرفت كالعادة.. نسخة واحدة.. تغليف بلاستيك