قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Monday, November 5, 2012

خالد يموت من جديد



من الواضح تماما أننا نمر بمرحلة تعثر واضطراب لا شك فيه. لم نضع أقدامنا على أرض صلبة بعد، وما زال هناك الكثير من التخبط فى القرارات، والضباب الذى يمنعنا من معرفة من نحن حقا وإلى أين نحن ذاهبون. احتجاجات فى كل مكان واعتصامات فى كل صوب.. سائق التاكسى غاضب ورجل الشارع غاضب والحلاق غاضب والموظف غاضب. معادلة بسيطة جدا هي: الكل ضد الكل. هل فشلت الثورة؟.. هل تعثرت؟.. هل ضلت الطريق ؟.. لقد انتهى التوريث ولدينا رئيس منتخب ومعظم اللصوص فى السجن، لكن لماذا لم تتغير الأمور إلا إلى أسوأ؟. تذكرت مقطعا من مسرحية (مارا – صاد) التى كان الشباب يهوون تقديمها على مسارح الكليات، وهذا المقطع الذى نظمته شعرا أيام الكلية يقول:ـ
مارا.. فين راحت ثورتنا؟.. مارا.. ليه سكتت غنوتنا؟
مارا.. مش قادرين نستنى..لسه فقرا زى ما كنا
لسه الشعارات هيا حياتنا..لسه الأحلام هيا قوتنا
النهارده.. هات لنا بكره.. مش قادرين نستنى لبكره

إلى أن أفهم الجواب عن هذه الأسئلة، يجب أن أتكلم عن (تقادم الخطيب)… قصة تقادم الخطيب مقلقة جدا لأنها مألوفة، وكان يمكن أن تطالعها فى أى جريدة قبل 25 يناير 2011.. بل يمكن أن تشم فيها روائح قصة سيد بلال وخالد سعيد وسواهما.. والسؤال هنا هو: كيف ؟.. كيف الآن ؟

من هو تقادم ؟.. إنه ليس شخصا عاديا أو نكرة.. إنه الناشط السياسى الصعيدى والقيادى بالجمعية الوطنية للتغيير، وعضو لجنة تقصى الحقائق المشكلة بمعرفة رئيس الجمهورية. يحكى تقادم قصة مفزعة عن قيامه برحلة بالحافلة ل…….. تعال نترك له السرد بدلا من تغيير كلماته:ـ
يقول تقادم: «كنت استقل أتوبيس السوبر جيت لقضاء إجازة العيد مع أهلى فى الصعيد بمحافظة الأقصر وعند مدخل مدينة نقادة بمحافظة قنا تم إيقاف الأتوبيس. صعد إلى الأتوبيس ضابط شرطة برتبة ملازم أول أحمد فتحى… عرفت اسمه بعد كده وكان معاه ٢ أمناء شرطة وكان بيطلب البطاقات الشخصية وانا لم اكن منتبهَا. توجه نحوى وقال لى طلع بطاقتك فقلت له ماشى وانا بأطلع البطاقة رفع صوته وقال خلص بسرعة يالا.رفضت أسلوبه وقلت له لا تكلمنى بهذه الطريقة.. انت مش من حقك تكلمنى بهذه الطريقة لا يوجد قانون طوارئ يبرر هذا الأمر.. فيه ثورة حصلت فى البلد ضد التعامل بالطريقة دى. رد وقال لى جيب البطاقة وأعطيته البطاقة وبعدها قال لى انت مش عامل نفسك راجل كمل لحد الآخر وشوف اللى حيحصل لك ايه ورفضت النزول معاه. بعدها مباشرة كلمت مساعد وزير العدل أمين لجنة تقصى الحقائق اللى انا عضو فيها وشرحت له الموقف فقال لى حدد لى مكانك بالضبط وانا حاتصرف»ـ

هنا نتوقف.. لاحظ أن هذا رجل يعرف حقوقه، ولديه القدرة على الاتصال بمساعد وزير العدل.. لكن هذا لم يفده كثيرا كما سنرى حالا:ـ
ـ«بعدها مباشرة صعد الأتوبيس عسكرى وقال لى انزل ضرورى وانا باكلمك بالذوق لأنك لو مانزلتش بالذوق حتنزل بالعافية والذنب حيكبرعليك جدا.. رفضت انزل.. بعدها على طول طلع ضابط امن مركزى وقال لى انزل يا حيوان فرفضت النزول وقلت له خليك محترم،فيه واحد راكب جنبى قال له ده دكتور فى الجامعة..رد ضابط الأمن المركزى وقال له طظ فيه وفى الجامعة ولازم ينزل»ـ

إذن الطريقة الأمنية الشهيرة: «اركن قدام يا روح أمك» ما زالت قائمة حسب هذا الكلام. هل تم تحطيم جهاز الشرطة ليفيق من جديد مستعملا ذات الأسلوب وذات السياسة ؟.. ولو كانت طريقة التعامل هذه هى الطريقة الوحيدة مع (سوكة) و(منص) فمن الواضح تماما من صور تقادم الخطيب أنه لا ينتمى لهذه العينة. على الأقل لا توجد خياطة جرح مطواة على خده

ـ«رفضت النزول وكلمت على طول مستشار الرئيس المهندس محمد سيف الدولة ابلغه بالأمر. وانا باكلم مستشار الرئيس صعد الأتوبيس ملازم اول محمد عمر عرفت اسمه بعد كده وخطف التليفون من ايدى وشدنى من ذراعى وضربنى فى بطنى بالبوكس. الخط كان مفتوح ومستشار الرئيس سمع كل حاجة وسمع الشتيمة القبيحة من الضابط ولما شدنى الضابط دفعنى ناحية سلم الأتوبيس والجنود بعدها استلمونى. كل واحد من الجنود كان ماسكنى من ناحية والضابط كان بيضربنى فى اللحظة دى بإيديه ورجليه وشدونى ناحية الضابط الأول أحمد فتحى، ولما شافنى قال لى اديك نزلت بالعافية يا ابن الوس** وحط إيده فى جيبه وطلع قطعة حشيش من جيبه وقال لى انا حلبسك قضية المخدرات دى وحاكتب فى المحضر أنى ضبطتها معاك يامع** وخلى حد يطلعك من الناس اللى بتكلمها،فقلت له وضميرك فين قال لى ضميرى عند أمك يا ابن المرة…….بعدها مباشرة الضرب اشتغل فيّ تانى وأخذوا يضربونى ويدفعونى على عربية البوكس ويمارسوا أسلوب القهر ضدى وشتائم لا يمكن وصفها. وجانى الضابط أحمد فتحى وقال لى الثورة فى التليفزيون بس مش هنا، هنا مافيش ثورة وقال لى انت حتقعد معانا أسبوع اتنين ثلاثة لحد ما نشوف مين اللى حيقدر يطلعك، ومركبيني عربية البوكس وركب معايا عسكرى فقلت له عاوز اعمل مكالمة.. العسكرى قال لى مش حاقدر أعطيك التليفون قدامهم فقلت له حاعطيك فلوس فوافق وقال لما يمشوا بعيد عن العربية لأنك لو ماكلمتش حد حيموتوك فى القسم. وصلنا قسم شرطة نقادة وهناك كان رئيس المباحث منتظرنى اول مانزلت من العربية»ـ

نحن نقابل رجل الشرطة هذا فى كل مكان.. يمكنك أن تحصل على أى شيء منه مقابل البقشيش.. لكن هؤلاء القوم فاجرون حقا ولا يخافون الأسماء والمناصب الكبيرة.. مستشار الرئيس فى الموضوع وبرغم هذا هم لا يهتزون.. هل هم أقوى من رئيس الجمهورية شخصيا ؟. وما سر قلة الأدب والعدوانية هذه ؟.. لا أشكك فى القصة طبعا لكن هناك فصلا ناقصا لا أعرفه. الأمور لا تتم هكذا

ـ«كلمنى بعدها مساعد وزير العدل وقال لى الدنيا كلها عرفت بموضوعك وماتخافش وبعدها بشوية جاءنى ٣ عمداء وعقيد أحدهم رئيس شعبة واعتذروا لى فرفضت، بعدها كلمنى مساعد وزير الداخلية مدير الأمن واعتذر لى فرفضت اعتذاره وقلت له انا عاوز حقى ومش حسيب حقى أبدا لو حصل ايه وانا مش حاسكت أبدا. كلمت بعدها وائل قنديل وكلمت ناس كتيير علشان الأمر يتحول لقضية رأى عام وكلمت مستشار الرئيس مرة تانية وقلت له بلغ الرئيس باللى حصل معايا»ـ

يستمر إصرار تقادم على المحضر برغم الإلحاح والضغوط: «فعلا تم عرضى على النيابة والضباط اتحقق معاهم لمدة ٦ساعات واللى حقق معايا كان مساعد المحامى العام وكان رجلا فى غاية التهذيب والاحترام. أثناء عرضى على النيابة كلمت مستشارين للرئيس احدهما القانونى والآخر للأمن القومى فكانت جملتى لهم طهروا الداخلية وقولوا لمرسى طهر الداخلية. تم إخلاء سبيلى بضمان محل إقامتى وكذلك الضابطين والقضية مستمرة والشهود متواجدين ولن أتراجع أبدا واحمل مرسى المسؤولية الكاملة لما حدث معي»ـ

انتهت القصة.. هى قصة مرعبة وأرجو – أو ربما لا أرجو – أن تكون صادقة بكل تفاصيلها. المشكلة أننا لن نعرف الحقيقة أبدا لأن التحقيقات ستسفر عن أن هذا لم يحدث كالعادة.. وسوف يقال إن (تقادم) اخترع هذه القصة بسبب خلاف شخصى مع قيادة أمنية أو مع أحد الضباط.. كل القصص يحيط بها الضباب هذه الأيام فلا تتبين طريقك أبدا، ووسائل الإعلام تكذب بلا رحمة. عندها لن نعرف هل قصة تقادم غير دقيقة أو مبالغ فيها، أم أن تلاعبا قد تم فى الأدلة والشهود.. هذا عصر يموت فيه الفتى أمام عدسات الكاميرا حيث يسهل أن تعرف كل شيء عن قاتليه، وبرغم هذا يظفر القاتل بالبراءة وربما أدين أهل الشاب وأعدموا

قصة كهذه لو صحت بكل ما فيها من تطاول وفجر ووقاحة وعنجهية من جهة ضباط الداخلية تصلح فعلا أن تكون (خالد سعيد عصر مرسي)، ونحن نعرف أن خالد سعيد هو الشرارة الأهم فى تفجير ثورة يناير. يجب أن يتم تحقيق مدقق نعرف نتائجه، ونضمن ألا تتكرر قصة كهذه ربما معى أو معك أو مع شخص لا يملك رقم هاتف مساعد وزير العدل أو مستشار الرئيس