كان هذا الصيف صيفا داميا بحق.. داميا صاخبا مفعما بالأحداث، وأعتقد بلا جدال أنه أعنف صيف مر بمصر منذ عقود طويلة وربما قرون
صيف سمعنا فيه صوت الطلقات تحت بيوتنا، ورأينا فيه الجرافات تحمل الجثث كأنها حجارة. هناك الكثير مما يمكن قوله لكن المرء قرر أن يبتلع لسانه ويصمت، لأن أحدا لم يعد يسمح لك إلا بأن تقول ما هو فى رأسه بالضبط.. لو غيرت حرفا فعليك اللعنة. هذه من التغيرات الأخرى المهمة هذا الصيف: لم يعد أحد فى مصر يتحمل رأى أى واحد آخر. يكره المرء أن يصمت ويكتم شهادته فى وقت تمس فيه الحاجة إلى الكلمات، لكن القارئ نفسه يتمنى أن تخرس، ولسان حاله يقول: «حد طلب يسمع رأيك يا سى زفت؟». لم يعد عليك أن تواجه النظام كما فى الماضى السعيد فيطرى القارئ شجاعتك.. صار عليك أن تواجه النظام والقارئ معا !! هذه حرب يخسرها المرء قبل أن تبدأ، ولهذا هو بلدكم يا سيدى فقولوا ما تريدون وافعلوا ما تريدون، أما أنا فسعيد بأن أبتعد عن مستنقع السياسة لأتكلم فى أمور أخرى
بعد هذا الصيف الدامى، بدأت مظاهر العودة للمدرسة كأن شيئا لم يكن. برهن التعليم فى مصر على أنه أقوى من الرصاص والدبابات والمولوتوف والخرطوش وجيوش البلطجية. لكنه كذلك برهن على أنه لن يتغير أبدا