قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Wednesday, July 30, 2014

موضوع محلى جدًّا



كل عام وأنت بخير. لو أحيانا الله فلسوف تقرأ هذه الكلمات فى عيد الفطر. كنت أنوى الكتابة عن الشاعر الخطير المتمرد أحمد مطر الذى فقدناه هذا الشهر، أو عن جرح غزة المفتوح الذى ينزف باستمرار، بينما يهلل طربًا بعض رموز آلة ضخ الأكاذيب التى يسمونها الإعلام، ثم رأيت أن على أن أختار موضوعًا أقل قسوة فى العيد. هذه المرة على الأقل.

سوف آخذك اليوم إلى طنطا مدينتى الصغيرة.. أتحاشى دومًا أن أكتب عنها لأنها موضوع شخصى حميم، لكنى أتكلم عنها عندما تكون القضية ذات طابع عام..

Thursday, July 24, 2014

التقمص


كنت أركب مع ذلك الصديق في سيارته؛ وهو فنان تشكيلي وشاعر خفيف الظل. دار الكلام عن فنانة شهيرة قيل إنهم زوَّجوها في قسم الشرطة في شبابها. هنا راح يحكي لي القصة بأصوات أبطالها: صوت الفتاة وهي تبكي لأنها فقدت شرفها، صوت الأم الريفية المذهولة التي تضرب ابنتها بالخُفِّ، صوت الأخ البلطجي الذي يعرف بالأمر؛ فيتوجَّه لحبيب الفتاة في داره حاملًا سنجةً ليمزِّقه بها … ثم الحبيب الجبان المذعور الذي يضطر للزواج؛ حتى لا يفتحوا بطنه بالسنجة.


كان صديقي يقدِّم كلَّ هذه الأصوات ويتقمَّص كلَّ هذه الشخصيات وهو شارد الذهن زجاجيُّ العينين، يثبِّت بصره على الطريق أثناء القيادة. أُقسم إنني شعرت بالذعر؛ لقد كان في داخله خمسة يتكلمون، وكلُّ واحد مُقنِع تمامًا … الصوت الأنثوي المائع للفتاة … صوت الأم الرفيع المرتجف … صوت الأخ الغليظ المنذر بالويل. تذكَّرت فيلم «جماجم جوناثان دريك السبع» المخيف، حيث كان ساحر الفودوو يحبس الأرواح في جماجم، وعلى المسرح يستعين بسحر الفودوو لتتكلم كلُّ جمجمة بصوت صاحبها. بالمثل كانت تلك الأرواح حبيسةً في جسد صاحبي تتكلم عبر حنجرته. كانت لحظةً من عبقرية الأداء لم يستطع أن يكرِّرها قطُّ بعد ذلك كلما طلبتُ منه.

Tuesday, July 22, 2014

القصة ذاتها



ربنا يجعل كلامنا خفيف على الكهربا، هناك حالة تحسن ملحوظ منذ ثلاثة أو أربعة أيام.. كانت الأحوال فى طنطا قد بلغت درجة الجنون فعلاً، خاصة عندما يقطعون الكهرباء ساعتى الإفطار والسحور بالذات بإصرار مريب، مع فترات تصل لسبع ساعات يوميًا بلا مبالغة. كنت أنوى الكتابة عن هذا الموضوع اليوم، خاصة أنه غامض وغريب (لا تحدثنى عن ارتفاع الأحمال فى الثالثة أو الخامسة صباحًا بعد ما أغلقت كل المحلات والمقاهى أبوابها منذ ساعات).. كأن هناك من يضغط على الناس لتنفجر. فمن هو؟ لا تقل لى خلايا إخوانية نائمة من فضلك فهذا تفسير سهل مللناه. أقول إننى كنت أنوى الكتابة عن ذلك، لولا أن موضوع غزة وثب ليتصدر الأنباء ويصير حديث الساعة. انقطاع الكهرباء يجعل الحياة جحيمًا، فكيف بقصف جوى وبحرى لا ينقطع إذن؟ وكيف بمستشفيات مكدسة بالجثث؟

Thursday, July 10, 2014

عدوي الرقمي


كنتُ من أوائل من تعاملوا مع الكمبيوتر في مجتمعي، ولفترة طويلة في التسعينيات كان اسمي يقترن لدى معارفي بألغاز الكمبيوتر والبرمجة، ثم بدأت أتعب، فأتوقف، فأتراجع. أتراجع بسرعة البرق، لدرجة أنني لا أفهم اليوم نصف أي محادثة بين شابَّيْن عاديين حول آخر الإصدارات، كما أنني عاجز عن فهم الشبكات الاجتماعية؛ مثل: فيسبوك، وتويتر … إلخ. ولربما يأتي اليوم الذي أعجز فيه عن معرفة كيفية فتح جهاز الكمبيوتر، مثلما كان أبي — يرحمه الله — يجِد عسرًا في التعامل مع جهاز الكاسيت


عن قوة الضعف


لو كانت الحياة تسير بمنطق القوة فحسب، لما كان للضعفاء أي فرصة للوجود.  ولتحقق هذا الخليط الدارويني النيتشوي النازي من الأفكار، حيث ينقرض الضعفاء بلا توقف، وفي النهاية نصل إلى الرجل مكتمل القوة .. السوبرمان القادم فوق جثث الملايين الذين لم يصمدوا. 

قال لي صديقي ساخرًا وهو يتحسس عويناته:
ـ"الحمدلله أنني اخترت الزمن الصحيح .. لو جئت منذ مليون عام فلم أكن لأظفر ببيت أو زوجة أو طعام. كان الأقوياء سيقهرونني، وكنت سأمضي باقي حياتي مذعورًا فوق غصن شجرة. دعك من أن عويناتي ستتهشم في أول ثلاث دقائق !"
طبعًا سيظل على غصن الشجرة بعض الوقت إلى أن يأتي قرد ليركله ويأخذ مكانه. 

Monday, July 7, 2014

خواطر



رأيت فيلمين، أحدهما لقنبلة الاتحادية التى أودت بحياة الشهيدين عقيد أحمد عشماوى والمقدم محمد لطفى العشرى خبيري المفرقعات، وهو مشهد يحطم الأعصاب فعلا، لأنك فجأة صرت كالقدر تعرف أن هذا الرجل سوف يموت هنا والآن. هذا رجل يؤدى واجبه سواء اتفقت أو اختلفت مع الوزارة التى يعمل فيها. هذا رجل من حقه أن يعود لأولاده سالما. وتذكرت لواء المطافئ الذى استشهد منذ أعوام وهو يتقدم جنوده حاملا (الباشبوري) وسط ألسنة النيران فى حريق هائل. فيما بعد تذكر ضابط شاب يعمل معه مقولته: «عمرك سمعت عن ضابط مطافئ اتهموه باستغلال منصبه أو الفساد؟.. احنا فوق الشبهات يا بني». تذكرت هذا وأنا أرى الرجل الشجاع يعابث الموت بأنامله وسط الحر والعرق وزحام الفضوليين، وفجأة دوى الانفجار ولم يعد فى عالمنا. عواطف كثيرة سوف يحركها فيك ذلك المشهد، لكن العاطفة الأشد هى الغضب والدهشة.. لقد كان يعمل وقد احتشد الناس حوله فى استمتاع كأنهم يشاهدون فقرة فى السيرك، فلا ثياب واقية ولا حواجز ولا أى شىء.. يتفرجون فى عدم اكتراث ولا مبالاة كأنه يصلح دراجة مثلا. هناك من يقف ليراقب المشهد وعلى وجهه تعبير: «فهمني بقى انت بتعمل ايه بالضبط؟». دعك من أنهم بالفعل ساهموا فى تشتيت انتباهه مما جعله يلمس السلك الخطأ. من المعجزات أن الانفجار لم يفتك بمئة شخص. رأيت فى النشرة استشهاديا تم القبض عليه فى إسرائيل، بينما يقوم (روبوت) موجه عن بعد بتفتيشه وفك حزام المتفجرات عنه. لكن هذه إسرائيل!

حكايات النوم


سمعت الكثير من حكايات ما قبل النوم، لكني — على قدر علمي — لم أسمع حكايات النوم نفسه من قبلُ. سأعترف لك أنني أحب النوم وأحترمه كفَنٍّ راقٍ، لكني لم أمارسْه ببراعةٍ قط … أعرف أشخاصًا ينامون وهم يستكملون كلامهم معك، ومن ينامون بمجرد أن يميل رأسهم بزاويةٍ أقل من ٩٠ درجة. يعني لو صارت الزاوية ٨٨ درجة لتعالى شخيرهم باعتبارهم في وضعٍ مناسبٍ للنوم. كان هناك لغم دبابات ألماني يعمل بهذه الطريقة. هؤلاء هم أنقياء الضمير الأطهار، وهم يختلفون كليةً عن الأوغاد مُثْقَلِي الضمير مثلي على ما يبدو.


Wednesday, July 2, 2014

صبيحة الزفاف

كتبها د أحمد وعمره 24 عاما


وكانت باقة الأزهار تنظر لي من الشرفة
لقد كانت تواسيني
تفتش في قفار اللفظ عن عطف يعزيني ..
برغم ضراوة الأشواك قد أحسست بالألفة..
لقد كانت تصارحني
بما قد كان في أمسي
ولم تجهل حكايا الوهم .. والآهات .. واللهفة ..
وتعرف
كم عشقت الليل في أستار شرفتها
ورحت أطارد الأمجاد في الآفاق مفتونًا
وأرسلها كما الأسرى لكى تعنى بغرفتها ..
وفي ليلٍ
تولت غادتي الحسناء عني قبلما أدري ..
لتعبث في غدي الأشباح
تبعث في دمي رجفة..!

*******

Tuesday, July 1, 2014

الافتراس - 3



يوسف إدريس عبقرى لم يجد الزمان بمثله إلا نادرًا، ولا شك أن جائزة نوبل كانت أضيق أفقًا من أن تتشرف بفوزه بها، بينما تُمنح غالبًا لكتاب أقل عبقرية منه بما لا يقاس. السنة القادمة سوف يفوز بها اسم مثل (ريكاردو بالانوزا كوفاليرا) الأديب المسرحى البيروفى صاحب الرواية الرائعة (صباع رجل زوج خالتي).. أو اى اسم آخر يمكنك أن تخترعه.

مغرور؟ هذا ما قالوه عن يوسف إدريس. هذا من حقه لو صح.. الجميع يعانون حالة متقدمة من تضخم الذات، فلا بأس أن نسمح ببعض الغرور لمن هم متميزون فعلاً مثل يوسف إدريس وبرنارد شو ومحمد على كلاى وسلفادور دالى. كلما حاولت أن تستشهد على شىء وجدت قصة من قصصه تلخص الموقف ببراعة.