قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Saturday, May 30, 2015

استراحة

مجلة الشباب


أكتب في مجلة الشباب منذ أحد عشر عامًا، ومنذ شرفني فقيد الصحافة لبيب السباعي بدعوتي لكتابة قصة شهرية. بدأ الأمر بحوار صحفي معي في منزلي بطنطا أجراه شاب متحمس اسمه شادي (لا أعرف أين هو اليوم)، ثم فوجئت بأن الحوار لن يُنشر لأن الأستاذ لبيب اقترح نشري أنا شخصيًا بدلاً من الحوار!. ، وهكذا بدأت حلقات (الآن نفتح الصندوق) مع دكتور محفوظ. في اليوم الأول تعرفت الأستاذ محمد عبد الله الشاب المتحمس النشط الذي صار رئيس التحرير لمرتين.  بعد فترة دعاني محمد عبد الله إلى إغلاق الصندوق وكفاية كده على دكتور محفوظ، لتبدأ سلسلة مقالات اخترت لها عنوان (شاي بالنعناع).  وعاصرت الأستاذين محمد عبدالله وحسن فتحي ثم محمد عبدالله ثانية. بعد هذا قام بعملية ثورية هي تحويل المجلة إلى جريدة أسبوعية رشيقة، مع جعل المقال أربع مقالات قصيرة.

Wednesday, May 27, 2015

شهر كئيب



هكذا كنت جالسًا في سرادق العزاء أرمق زحام المراهقات والأمهات المسربلات بالسواد يحتشدن على الباب وهن يبكين بحرقة، وكانت مريم ابنتي وأمها في الجانب الآخر من السرادق مع السيدات طبعًا. لقد ماتت (رنيم) الرقيقة الهادئة – ابنة السادسة عشرة – صديقة (مريم). أخفينا الخبر عن مريم بعض الوقت لكنها فتحت (الفيس زفت)، فرأت أول ما رأت صورة صديقة عمرها. انفجرت في البكاء الحار. لم أستطع معرفة كيفية وفاة رنيم، فالأقاويل كثيرة حول انفجار في الزائدة وخطأ في التشخيص من طبيب افترض أن هذه نزلة معوية، ومن قائل إنه تم استئصال الطحال في المنصورة لسبب لا نعرفه.. لم أتبين الحقيقة قط ولم أجرؤ على سؤال أبويها، فقط تذوب الأسئلة وتبقى مرارة الموت والثكل. هكذا كنت جالسًا جوار باب السرادق أصغي لصوت المقرئ الشجي، وأرى في الشارع من بعيد أسراب الفتيات اللاهيات يتنزهن، ويتبادلن الضحكات والمرح، ذاهبات لجلسة هواء طلق في النادي، أو احتساء الميلك شيك في كافتيريا، وبالطبع ستفتح كل واحدة الموبايل ليتبادلن صور القطط الصغيرة و(السيلفي) عبر (واتساب). رنيم كانت ستكون بينهن بالتأكيد.. بل كانت بينهن فعلاً أول من أمس، ولكنه القدر. لن تضاف مقاطع جديدة لصفحتها على فيس بوك وسوف تظل في السادسة عشرة للأبد. لن .. ولن ... كمية خواطر قاسية، مع ذكريات لا حصر لها في المدرسة وحفلات أعياد الميلاد والدروس و.. وجدتني أنفجر في البكاء و(أبربر) كالأطفال. وأعتقد أنني وجدت الباب وأكف أهل الفقيدة لأصافحها بالكثير من العسر. ليرحمها الله ويمنح أبويها الصبر.

Monday, May 18, 2015

رجل من شارونا


قابلتُهُ أوَّلَ مرة منذ عشرة أعوام في حفلٍ بمكتبة مبارك، وكان — وكنت — من ضمن الأسماء التي تمَّ تكريمها في ذلك اليوم. ظَلِلتُ أرمقُه في افتتانٍ كما تراقِب المراهقةُ مطربَها المفَّضل … إِذَن هو أنت! يعقوب الشاروني … الاسم الذي رافَقَ طفولتي وصار علامةً على الاستمتاع والمنفعة العقلية … الرجل الذي لا يُذكَر أدبُ الطفل في العالَم العربي إلا ويُذكَر اسمه تلقائيًّا. ظَلِلتُ أراقب سكناته وحركاته ولم أستوعب شيئًا ممَّا قيل في الحفل، وبعد الحفل قدَّمْتُ له نفسي راجفًا … لم يكن قد سمع عني قطُّ، لكنه على الفور تأبَّطَ ذراعي كأنني صديق قديم، وراح يناقش الموظفةَ عن كتبٍ استعارها أحفادُه ولم يعيدوها … هذا الرجل يمشي على الأرض مثلنا وله أحفاد إِذَن! ارتكبتُ غلطةً مضحكةً عندما قلتُ له إنني أُعجبتُ جدًّا بكتابه عن الخيال العلمي في الأدب العربي، فقال باسمًا: «لأ … ده يوسف!»


كنتُ أخلط دائمًا بين يعقوب الشاروني ويوسف الشاروني. لهما أخٌ ثالثٌ هو صبحي الشاروني، وهو فنان تشكيلي مهم … كاتب أطفال وفيلسوف أديب وفنان تشكيلي.

مؤامرة الصمت


فى المدرسة الثانوية كنا فى واحد من تلك الامتحانات التى لا أهمية لها، ولا تضاف درجتها إلى المجموع الكلى، لذا كان مسموحا لنا أن نعبث كما نريد وأن نخرج الكتب لننقل منها، والكل كان يفعل ذلك، بعلم المراقبين وصفحهم طبعا. طلب المراقب من أحد الطلبة ألا يحدث صخبا، فقال الطالب متظرفا: «بنغش بس يا بيه !».

هنا استشاط المراقب غضبا، وأصر على طرد الطالب قليل الأدب خارج اللجنة وتمزيق ورقته. خطر لى فى تلك اللحظة أن الفتى استحق هذا العقاب، لأنه قد خرق مؤامرة الصمت أو (الاستعباط) العام الذى يسود اللجنة: أقنعنا أنفسنا أن هذا امتحان محترم وأننا أمناء صادقون، فلماذا يتطوع بأن يذكرنا بأننا نغش؟ ولماذا يهدم سلامنا النفسى بهذه الحقيقة؟


تذكرت هذه القصة عندما عرفت قصة المستشار محفوظ صابر وزير العدل. لقد صرح بأن ابن عامل النظافة ليس من حقه العمل فى القضاء. هنا انقلبت الدنيا كلها عليه، برغم أنه ذكر حقيقة واقعة.. قاسية فعلا وتدل على العنصرية وتخرق الدستور، لكنها حقيقة راسخة. الدستور يقول فى المادة 53 إن الناس سواسية فى الحقوق والحريات والواجبات بلا تمييز، والتمييز جريمة يعاقب عليها القانون.

سيد الحرب

التحرير - 11 مايو 2015

منذ البداية أدرك يورى أورلوف وهو قادم من أوكرانيا أن المطاعم تستغل شيئا واحدًا هو غريزة حب الطعام لدينا، وبالمثل فإن الرغبة فى القتل كامنة لدى البشر جميعًا، وعندما ترتحل أسرته إلى الولايات المتحدة فإن أباه يزعم أنه يهودى، لأن هذه من المرات القليلة التى يفيدك فيها جدًا أن تنتحل الديانة اليهودية.

يتلقى درسه الأول من تاجر سلاح شهير ناجح، يعترف بأنه يمد العراق وإيران معًا بالسلاح فى حرب الخليج الأولى. المبرر الأخلاقى لديه هو أنه يتمنى أن يخسر الطرفان معًا.


هذه هى العشر الدقائق الأولى من فيلم (سيد الحرب) الذى أنتج عام 2005 وقام ببطولته نيكولاس كيدج مع جاريد لوتو، وأعتبره فيلمًا بالغ الأهمية لم يلق حظه من الشهرة.

ليست شيوعية


أذكر عام 1986 أننى كنت طبيب امتياز، وكنت أركب الحافلة فى الصباح مرهقًا، إذ لم أنم الليل بطوله بعد نوبتجية سوداء.. دعك من البلطجى مدمن المخدرات الذى كاد يمزقنا بالمطواة أطباء وممرضات فى الثالثة صباحًا.. وكان فى جيبى خمسة جنيهات هى ما بقى من الراتب، بينما جلس خلفى رجل عالى الصوت يحكى لصديقه فى حماسة: «هؤلاء الأطباء الملاعين الجهلة يحصل كل واحد منهم على ألف جنيه يوميًّا، وفى مسكن الأطباء ينعم بأفضل فراش وأرقى الأكلات، ثم يذهب للقسم ليلاً ليسرق الأدوية ثم يضاجع الممرضات جميعًا.. ويهمل المرضى تمامًا. إنهم حطب جهنم!..».


طبعًا كان كلامه معجونًا بألف (ابن كذا) وألف صوت حلقى مستنكر وألف وصف لعورات الأمهات. بالطبع لم أقل شيئًا وأسندت رأسى للزجاج وغبت فى نوم عميق. هناك درجة من الظلم وخطل الرأى تجعلك عاجزًا عن قول حرف واحد.

Wednesday, May 6, 2015

لغز الغرفة المغلقة


قال المفتش مكدوجال:
- «حفظ الله الملكة... لعمرى يا صاحبى هذا لغز محير يستفز ذكاءنا»

قال مساعده المفتش ولسلى:
- «لقد مررنا بما هو أعقد أيها القومسيير.. لابد أننا واجدون حلا»


أشعل مكدوجال غليونه. سيكون من المخزى لسمعة رجال سكوتلانديارد أن يفشلوا فى كشف غموض هذه الجريمة خاصة أنهم ليسوا فى بلدهم.. إنهم فى مصر يمثلون الشرطة البريطانية. الكل يتوقع منهم جوابا حاسما.

أما هذا المصرى الواقف جوارهما فهو بسطويسى.. مخبر ضخم الجثة محدود الذكاء كما هو واضح.