قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Thursday, November 26, 2015

حكايات الدم


http://www.calhum.org/initiatives/literature-medicine

سؤال: "ما علاقة الطب والأدب؟". سؤال مكرر عتيد، وقد كتبت عنه مرارًا. المرء يصادف العديد من المواقف غير  المعتادة في حياته كطبيب، ويرى أصحاب النفوذ يموتون من دون نفوذهم، والأثرياء يتوسلون من أجل الحياة يومًا آخر، والفقراء الذين يبدو لهم الموت حلاً معقولاً للخلاص.. يرى وجه الفتاة غير المتزوجة التي يخبرونها أنها حامل، ووجه الزوج الذي يخبرونه أن أيام زوجته معدودة، ويرى أمين الشرطة السابق الذي يعلق الكاسكيت على الفراش ليؤكد سلطته ويحكم العنبر. يرى وجه الشاب المفعم بالحياة الذي وجدوا بفحص إشعاعي عابر ورمًا سرطانيًا في كبده.  يرى الطبيب كل شيء ...  وهكذا يولد السؤال الأهم: كيف لا يصير من رأى هذا كله أديبًا؟

Saturday, November 21, 2015

مساء الخير .. وحظًا سعيدًا!


عندما يتكلم الناس عن الشمولية أو الشك المزمن في كل شيء، فهم يتذكرون شعار (الحُمر تحت السرير reds under bed) حين سيطر هاجس زحف الشيوعية على المجتمع الأمريكي، ورأى الساسة كل شيء أحمر وكل شخص متآمرًا ...

وهنا يبرز اسم السيناتور الجمهوري جوزيف مكارثي الذي صار اسمه يرمز لاتجاه سياسي كامل .. يكفيه الفخر بأنه أدخل مصطلح المكارثية إلى العلوم السياسية.. شاهد هذا الفيلم الذي يريك المكارثية في ذروة عهدها. إنه الجنون بكل تفاصيله ... 


سيطر مكارثي على حقبة كبيرة من التاريخ الأمريكي ولقن الأمريكيين درسًا لا ينُسى، لأنهم عاشوا بسببه في جحيم من الشك أو (صيد الساحرات) لفترة طويلة تبدأ من خمسينيات القرن الماضي. كان يؤمن أن هناك طابورًا خامسًا شيوعيًا في كل ركن من الولايات المتحدة، وبعضهم عملاء فعلاً وبعضهم متعاطفون. ومن ليس شيوعيًا أو متعاطفًا هو شاذ جنسيًا .. واشتهرت جلسات المحاكمات التي كان يتحرى فيها من شخصيات عامة عن السلوك غير الأمريكي Unamerican. 

هناك سلسلة جلسات شهيرة دارت بين ممثل الجيش الأمريكي وبين مكارثي في الفترة من إبريل إلى يونيو 1954.  الجيش يتهمه بالفساد واستغلال المنصب، وهو يزعم أن هذا الاتهام جاء بسبب كشفه لتغلغل الشيوعية في الجيش.  شاهد لقطة منها هنا.

لقد جعل مكارثي وإدجار هوفر حياة الأمريكيين سوداء كابية في تلك الفترة، واضطر فنانون كثيرون للهرب من الولايات المتحدة.
في العام 2005 ، أخرج لنا جورج كلوني فيلمًا جميلاً عن مكارثي . ليس مكارثي بالضبط بل المقدم التلفزيوني الشجاع الجرئ في محطة CBS إدوارد مارو الذي اشتهر بعبارة (مساء الخير وحظًا سعيدًا) في نهاية حلقات برنامجه المهم (شاهده الآن)...هذا اسم البرنامج !!. أقترح أن تجد هذا الفيلم وتشاهده فهو درة ثمينة. شاهد التريلر الخاص به هنا.


كان مارو هو الصحفي العبقري الذي فضح مكارثي وأظهر للعالم كم هو منافق وكم أنه يدعو لجرائم الكراهية .. قام بدور مارو ممثل عظيم هو ديفيد ستراثيرن، لكن يمكنك أن ترى لقطة لمارو الحقيقي هنا في لقطة من برنامجه.  برغم أن كلوني مخرج الفيلم فقد اكتفى بدور منتج البرنامج، تاركًا الدور الأهم والأكثر جاذبية لستراثيرن. يظهر مكارثي في الفيلم في لقطات تسجيلية حقيقية، ومن الطريف أن من لم يروا مكارثي قط قالوا إن هذا الممثل فاشل جدًا، يبالغ في أدائه، ويتظاهر بالأهمية بشكل مضحك!.. لم يعرفوا أن هذا هو الشيء الحقيقي !

اهتم مارو بالقضية منذ البداية عندما سمع عن محاكمة لضابط طيران .. هذا الضابط فصل من الخدمة لأنهم اكتشفوا ان أباه شيوعي. في المحاكمة توضع كل أوراق القضية في مظروف مغلق .. ولا يلقى الطيار أي محاكمة عادلة ولا يعرف بأي شيء هو متهم.  فقط تصدر ضده إدانة ..  والكل يبتعد عنه كأنه مطلي به القار أجرب، لأن مكارثي يمكن أن يتهم أي واحد يدافع عنه بالشيوعية ..
يصمم مارو على أن يعرض فيلم المحاكمة وحوارًا مع الطيار.  وهي مجازفة لأن تمويل البرنامج له علاقة وثيقة بالحكومة.  


وكما هي العادة يتم استدعاء أحد أصدقاء مارو ليقولوا له إن اسم الأخير موجود في قوائم الرواتب التي يدفعها الاتحاد السوفييتي لعملائه منذ عام 1932. في مجتمع كهذا يكون الكل متهمين بالعمالة، وهؤلاء القوم مولعون بالظهور بمظهر العالمين ببواطن الأمور، الذين يعلمون كل قاذورات الآخرين .. هذا بالطبع قبل عصر السي ديهات.

ينجح مارو في حصار مكارثي أكثر عن طريق كشف أخطاء فاحشة ارتكبها، منها امرأة تم فصلها من العمل بسبب تشابه الأسماء . ثم يتحدى مكارثي للظهور في برنامجه كي يدفع التهمة. يقبل مكارثي التحدي . شاهد اللقطة هنا. النتيجة هي أن يلقي مكارثي دستة اتهامات بالشيوعية ضد مارو، منها أنه يتلقى راتبًا سوفيتيًا، وأن كاتبًا شيوعيًا أطراه في مقدمة كتاب.  قام مارو أثناء المواجهة ببعض الحيل التي يعرفها رجال الإعلام، منها تجسيد لقطة لمكارثي وهو يعبث بإصبعه في أنفه أو هو يتجشأ .. النتيجة هي إعطاء طابع الفظاظة والغباء . قال النقاد فيما بعد إن مارو استعمل حيلاً شبيهة بتلك التي اتهم مكارثي بعملها ! 

في النهاية يوقفون برنامج مارو لكن بعد أن يوجه ضربات قوية جدًا ضد مكارثي.  يضطر مجلس الشيوخ لفصل مكارثي، ويقضي باقي حياته وحيدًا ثم يموت في الثامنة والأربعين بفعل إدمان الكحول. على أن الفيلم يرينا لمحة من النصر النهائي للمذيع الشريف في مشهد حفل تكريمه الذي يبدأ به الفيلم وينتهي. شاهده هنا.

كما قلنا:  استعمل الفيلم لقطات حقيقية لمكارثي حسبها الناس ممثلاً يبالغ في الأداء. يمكن أن ترى تذاكيه وتظاهره بالخطورة والذكاء، فتتذكر حشدًا من الشخصيات عندنا، وتتذكر قناة الفراعين التي استضافت محاميًا كبيرًا على مدى ساعتين لسؤاله عن إشارات أبلة فاهيتا الإخوانية الماسونية. تذكر هذا المشهد العبثي هنا. هذا مشهد لا يمكن أن تصدقه ما لم تره.

مرت أمريكا بحقبة جنون وبارانويا لا شك فيها، لكن قدرة المجتمع الأمريكي على الالتئام ولعق جراحه مذهلة. علينا ان نتأمل تجربتهم هذه وكيف كانوا واثقين من أنهم على حق وقتها، وبعدها قالوا: كنا مجانين .. لقد أعمت البارانويا عيوننا.. 

نحن نمر بفترة مكارثية مكتملة، لكن ليس لدينا مذيعون من طراز إدوارد مارو يكشفون للأمة ضلالها.. لدينا نماذج مختلفة نوعًا، بعضها يطلب علفًا لأنه اكتشف أنه حمار، وبعضها يعرض لقطات من ألعاب فيديو باعتبارها لقطات من الطائرات الروسية التي تهاجم سوريا .. فهل يصلحون؟

Thursday, November 19, 2015

لو ماساكر


http://www.reuters.com/news/picture/editors-choice?articleId=USRTS7BPA

رأيت ذلك الكليب في "يوتيوب": شارع في بلد أوروبي ما، ثم تظهر مجموعة من المتسولين الذين يحملون أجهزة الكمان، ويبدؤون في عزف السيمفونية التاسعة لبيتهوفن.. يلتف المارة، ويبدؤون في التصفيق مع اللحن، ثم تلهج الحناجر بالغناء فتكتشف أنهم كلهم يحفظون مقاطع النشيد الأوبرالي الرائع المصاحب للحن، وترى أطفالاً يرقصون مع أهلهم.. وتتعالى الملحمة والنشوة العامة.

في نفس اليوم وجدت (كليب) صغيرًا لداعش يعطي دروسًا تعليمية للأطفال في ذبح الأسرى المقيدين، والأطفال فخورون يحاولون التجويد وإرضاء الكبار.

إلام سيصير الطفل الذي يتعلم ذبح البشر في سن التاسعة؟ وإلام سيصير الطفل الذي يرقص على سيمفونيات بيتهوفن مع أبيه؟ سيكون عالمًا أو موسيقارًا أو طبيبًا ناجحًا.. بالتأكيد لن يتحوّل إلى سائق ميكروباص أو إلى اللمبي الذي يقول بوضوح: "مصاحب علي علوكة وأشرف كخه عايزاني أطلع إيه؟.. طيار؟!".

هذه هي المشكلة.. حضارة مزدهرة وراقية جدًا هناك، وحياة تحت مستوى الإنسانية هنا.. الفارق الأبدي بين الشمال والجنوب.. دول اليسر ودول العسر..  ومهما بلغت من تحضر فلابد أن تشعر بغصة، ودرجة ما من الحقد على هؤلاء الذين يرقصون على نغمات بيتهوفن، بلا كوم زبالة واحد.

Saturday, November 14, 2015

نسرين

كتبها د أحمد وعمره 15 عاما

قال دكتور أحمد: كنت في المدرسة الثانوية عندما كتبتها .. هرع أصدقاء الفصل يطلب كل واحد قصيدة مماثلة لحبيبته - عزة .. مها .. سلوى .. فتكات.. ست أبوها ..

بالفعل كتبت عدة أبيات تمر على الأبجدية كلها لكن لا أذكرها للأسف !!!

http://www.nihadnadam.com/arabic-calligraphy-names

Thursday, November 12, 2015

رسائل من الجحيم


http://arabpress.eu/paesi-della-primavera-araba-nel-2014/53182/

لدينا مشاكل جمة، لكنها لا تُقارن حتمًا بمشاكل الشعب السوري العزيز. كلما كتبت شاكيًا الأحوال أو أكاذيب الإعلام أو تدهور الخدمات والمرافق في مصر، جاءتني رسالة من صديق سوري – أرسلها بشكل غامض ما – من قلب الجحيم مباشرة، يقول لي فيها إن  ما نعانيه هو ضرب من التدليل الزائد.

ولهذا يعتنق عدد لا بأس من المصريين شعار: "فلنتحمل. هذا أفضل من أن نصير سوريا أو العراق أو ليبيا". السؤال هو ما الذي أوصل سوريا وليبيا والعراق إلى هذا؟ هل هي الثورات، أم الطغاة الذين خربوا البلاد بشكل منظم لعشرات السنين ولم يسمحوا بأي معارضة، ثم عندما رحلوا تفكك كل شيء؟ ولو لم يكن القذافي ديكتاتورًا لما بدد ثروة بلاده في مغامرات مجهولة في أفريقيا ونيكاراجوا، ولو لم يكن صدام طاغية لما ورّط بلاده في حرب خاسرة تلو الحرب، ولما غزا دولة مستقلة هي عضو في الجامعة العربية مثل الكويت، ليضع عنقه ووطنه في أنشوطة المشنقة. هل كان من الحكمة الحفاظ على كل هؤلاء الطغاة ليمارسوا النهب ولننعم نحن بالاستقرار؟

Monday, November 9, 2015

عن جيفارا وإسراء وقلة الحكمة


عندما تم إعدام جيفارا في تلك المدرسة في بوليفيا عام 1967، انتصرت شهوة الظفر، تلك الشهوة التي تجعل الصيادين يلتقطون صورة لأنفسهم جوار رأس الوعل الذي اصطادوه. حرص الضباط على التقاط صورهم مع جثة التشي، وطلبوا من إحدى الممرضات ان تقوم بغسل وجهه من الدماء والوحل لأجل الصورة. قالت الممرضة بعد ذلك:"كانت هذه غلطة قاتلة لأنه بدا حيًا بشكل لا يصدق في الصورة، وذكرني بصور يسوع التي كانت أمي تعلقها". بعبارة أخرى هم صنعوا منه أيقونة بلا قصد .. وخلدوه أكثر، وفي الآن ذاته لعنهم العالم كله.


عندما قررت إسرائيل إن ياسر عرفات هو المشكلة وليس الحل، حاصرت مقره .. وكان بوسعها أن تقتله بمنتهى السهولة، لكنها رفضت أن تفعل ذلك لا حبًا في القيم الإنسانية، ولكن حتى لا تجعله شهيدًا يخلد في وجدان العالم والشعوب العربية، وبالطبع تخلصت منه فيما بعد بطريقة أقل درامية وأكثر غموضًا. 

عندنا في مصر يتم التعامل على طريقة جنود بوليفيا هذه، هناك مزيج فريد من القسوة والحمق، مما يعطي صورة بالغة السوء. عندما تتعامل بخشونة فمن الأفضل أن تتصرف بحيطة.  

Thursday, November 5, 2015

مشكلة التربة


@luckydevilmedia

بعد الضجيج الذي صاحب مشكلة ريهام سعيد، كتب لي صديقي الشاب راجح يقول إن الموقف ذكره بمقال قديم لي اسمه (ذلك الخنزير مروان)، وقد انبهرت فعلاً بهذه الملاحظة الذكية. حقًا امتلأ المجتمع بالجنون وامتلأ الإعلام بالفساد، فلماذا نضع كل شيء على شماعة ريهام سعيد والسبكي؟ ريهام ليست ظاهرة بل هي تعبير عن ظاهرة. لم تنبت وحدها من تربة صالحة.

لو لم تكن تتابع كتاباتي فأنا ألخص لك مقال مروان الذي كتبته منذ أعوام. صديق لنا يدعى مروان أخطأ كثيرًا في حق زوجته وخانها ولم ينفق عليها ولا على أطفاله. لاحظت أننا في كل مرة نجتمع لنحكي قصة تدل على نذالته ثم نندهش .. الموضوع صار مملاً فعلاً.. (يا له من نذل .. كم نحن رائعون).. هكذا في كل مرة..

Sunday, November 1, 2015

فيروس إجبلانت «1»


هذا بلاغ لمنظمة الصحة العالمية، وأعتقد أنه سيلاقي الاهتمام الملائم له، وهذا يتعلق بتفسير حالة الجنون العجيبة التي تجتاح المجتمع المصري حاليًّا..

أعتقد أن هناك فيروسًا من نوعية RNA قد تسرب إلى مصر من الفضاء الخارجي، ولعله كان على نيزك كما توقع كاتب الخيال العلمي الأشهر مايكل كرايتون، فقد قال إن فرصة هذا اللقاء من النوع الثالث أعلى بمراحل من فرصة لقائنا بكائنات خضر تحمل هوائيات على الرؤوس. ثمة احتمال أن يكون جزءًا من حرب بيولوجية يشنها مجلس إدارة العالم علينا، لكن لا أعتقد أنهم قادرون على تصميم فيروس بهذه الكفاءة. 


أقترح أن يتم إطلاق اسم (فيروس إجبلانت 1) أو Eggplant Virus 1 على الفيروس للدلالة على الباذنجان الذي تحولت له عقولنا مؤخرًا.