قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Wednesday, March 23, 2016

ليس آخر المحذوفين


محمد البرادعي

قاموا بحذف اسم د. محمد البرادعي من كتب الصف الخامس الابتدائي، وهكذا سحبوا اعترافهم بأنه قد حصل على جائزة نوبل. هذا بالطبع توطئة لحذف وجوده نفسه. ليصير (لا شخص Unperson) على طريقة رواية أورويل 1984.

بالطبع لن ينتقص من مكانة البرادعي أن يحذفوه، ولن يفيده في شيء أن يضيفوه. لو إنني رسمت خارطة العالم دون أن أرسم نيوزيلندا فهي موجودة.. سواء أردت أو لم أرد. وكما تقول الإعلامية الراقية ليليان داود في تغريدة لها: "لا ينتقص من مقام عالم حذف اسمه من كراسة وورق، بل يعيبك أن يذكر التاريخ جهلك".

Monday, March 21, 2016

رسالة من الصعيد

كتبت في مقال سابق عن دهشتي البالغة بين إنفاق مذهل على حلقات مقالب مثل برنامج رامز جلال، وبين فقرات إعلانية لا تكف عن تسول المال لمشروعات طبية. كل جهات مصر العلاجية تطلب الصدقة من المشاهدين. صدقة من أجل العلاج.. من أجل تمويل مستشفى جديد.. إلخ.

أي أن العلاج في مصر يعتمد على سياسة أم عفاف التي تقف جوار المصرف أو على باب المطعم حاملة طفلة سقيمة، وتنظر لك في توسل وذلة، مرددة: "كل سنة وانت طيب.. مفيش حاجة للعيّلة دي؟".

كان هذا يذهلني. فلماذا لا تنال المستشفيات جزءًا من الملايين التي تنفق على الترفيه؟. قلت إنني أشعر كأن مصر الفلاحة الرشيقة الفارعة، تلبس اليوم ثوبًا ممزقًا، وتمد يدها مرددة: عشانا عليك يا رب.. 

لحظة الانفجار


على ناصية شارع محب بطنطا يقفون.. مجموعة من طلبة المدارس الإعدادية على الأرجح، بصوتهم شبه الرفيع شبه الخشن، وحلفانهم بـ (وعهد الله). وجوههم قبيحة وأصواتهم قبيحة وكلماتهم أقبح. كلما مرت فتاة زنوها بعيونهم أو أهانوها أو – على الأرجح – تحسسوا جزءًا من جسدها. وطبعًا لا تهتم الشرطة بهذه التفاهات، بل هي تلاحق الناشطين السياسيين وبتوع شعار رابعة ورسامي الكاريكاتور فقط.


قال سائق التاكسي الذي يقلني وهو يغلي أمام المنظر:
ـ"أتخيل لو كنت أمشي جوار ابنتي قرب هؤلاء، أو كانت ابنتي تتقدمني ورأيت ما يفعلونه معها.."

Wednesday, March 9, 2016

ما تقولوا ليه بتهينوا مصر؟


AP

منذ أعوام كنت أسكن في الرياض مع صديق تونسي. لو كان لي أن أحكم على شعب كامل من شخص واحد، لكان التونسيون أرقى الشعوب العربية وأكثرها ثقافة وأمانة. هنا طبعًا خطأ التعميم وهو من أخطاء المنطق الشهيرة، لكني انبهرت بموقف معين منه. حكى لي يومًا عن عادة سخيفة معينة لدى الفلاحين التوانسة البسطاء فضحكنا كثيرًا، وفجأة بدا عليه ندم كبير واعتذر عما قال، وطلب مني أن أقسم على أنني لن أحكي عن هذه العادة لمخلوق، فهو لا يتحمل فكرة أن يسخر أحد من شعبه، وقد بررت بقسمي كما ترى. أذكر راكبًا جزائريًا جلس جواري في الطائرة ذات مرة، وراح يعب النبيذ عبًا ثم قال لي بأنفاس تفوح بالخمر: "لا تعتقدنّ أن الجزائريين مثلي.. هك!.. إنهم شعب محترم متدين.. هك.. أنا الفاسد الوحيد!". حتى هذا السكير احتفظ بالغيرة على وطنه.

الإعلامي الأكثر أهمية


بصراحة لا أعتقد أن صفحة عكاشة قد طويت من السياسة والإعلام المصريين بهذه السهولة، فالرجل مثل الأنثراكس قادر على التحوصل والبقاء حيًا في ظروف سيئة جدًا، ثم ينتعش من جديد. وقد قال محاميه حسام سليمان "إن موكله سيتقدم بطعن أمام النقض ضد قرار إسقاط عضويته، خصوصاً أن هذا القرار مخالف للدستور واللائحة".

قال المحامي إن هناك أخطاء قانونية من بينها عدم الاستماع لموكله أثناء الجلسة ومنعه من دخول القاعة، فضلًا عن عدم التصويت أولًا على توصية اللجنة الخاصة المشكّلة للتحقيق معه، بحرمانه من حضور الجلسات، وأضاف أنه كان يجب فى البداية التصويت على هذا القرار قبل التصويت على إسقاط العضوية.

هناك خبراء قانونيون قالوا إن طرد عكاشة حق داخلي للمجلس لا يجوز الطعن فيه. لا أعرف الحقيقة يقينًا لكني متأكد من أن لقاءه بالسفير الإسرائيلي ليس سبب طرده. 


صار عكاشة جزءًا من الحياة الثقافية والسياسية لكل المصريين بعد ثورة يناير، وتسلل إلى كل البيوت، وبالتأكيد استطاع أن يفسد تفكير المصريين لجيل كامل. ما زال يذكرني بعم أحمد إمام الزاوية في شارع يسكن فيه صديقي. كان عم أحمد قد بلغ أرذل العمر لذا كانوا يتجاوزون عن كثير مما يقول ويفعل.. هذا الكثير كان يتضمن أن يفتح الميكروفون من الواحدة صباحًا حتى صلاة الفجر، وينهال بالدعاء على خصومه وأعدائه بالاسم واحدًا واحدًا.. كلما رأيت توفيق عكاشة تذكرت هذا الرجل.

Wednesday, March 2, 2016

أحزان الصراف الآلي


https://en.wikipedia.org/wiki/Cash_machine

يبدو هذا العنوان موحيًا، له مذاق عناوين الروايات المترجمة العظيمة مثل (مقتل طائر مغرد) أو (لا يوجد لصوص في هذه المدينة).. لكن القصة الحقيقية أبسط من هذا بكثير.

ككل شيء في الحياة يقتحم الكمبيوتر مجالاً جديدًا في كل يوم، وهذا يُفترض به أن يبسط الأمور لكنه في مصر بالذات يعقّدها. وكالعادة يبدو مصطلح (هيكلة الدهولة) الذي ابتكرته جريدة العربي الناصري مناسبًا جدًا. إن دخول الكمبيوتر قد أقحم في الحياة المصرية مصطلح (السيستم واقع). السيستم واقع فلن تحصل على مالك من المصرف في وقت دفع القسط. السيستم واقع فلن تحصل على تذكرة قطار قبل تحركه. السيستم واقع فلن تستطيع دفع فاتورة الهاتف. السيستم ذلك الإله الوثني القديم قد نام تحت أعماق المحيط مثل (كتولو)، ولا يعرف أحد سوى الخواجة لافكرافت متى يتحرك.

هنا دخل الصراف الآلي الساحة.

شاعر!



في سن العاشرة كنت عائدًا من السوق محملاً بالمشتروات والخضر، ضمن أعمال السُخرة التي يجب على كل طفل من أسرة متوسطة أن يقوم بها، عندما وجدت زحامًا من البشر الغاضبين مطلقي السباب بسخاء.. دنوت أكثر فرأيت أنهم يلتفون حول شاب في الثلاثين، قد تكور على نفسه أرضًا ككلب جريح وهو لا يكف عن العواء، وفي الوقت نفسه لم يكف واحد من الواقفين عن البصق عليه أو ركله في خاصرته أو توجيه لكمة له..
ـ"يا حرامي يا بن الـ......"

هؤلاء إذن مجموعة من المواطنين الشرفاء الذين قبضوا على لص، وبدلاً من تسليمه للشرطة قرروا أن يقيموا حفلاً لإخراج ساديتهم أولاً. هتف بي أحد الواقفين:
ـ"ياللا يا له.. اديله شلوت!!"