قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Monday, May 16, 2016

احنا اللي هزمنا نيوتن


هناك لحظات تكرر فيها نفس الكلام في كل مرة، ثم تكتشف أنك تصارع موج البحر ولا جدوى مما تقوله. في السياسة أدركت أن الناس (مبسوطة كده)، وراضية حتى لو صار الدولار بثلاثين جنيهًا، أو مررنا بالشدة المستنصرية من الجفاف، فصار من التزيد أن تعارض كل شيء كما اعتدت في مقالاتك.

في العلم تكتشف أن الناس مصممة على أن تنخدع. أعتقد أنني كتبت آلاف الكلمات عن الطب الزائف والأعشاب الخادعة والاختراعات الوهمية، وكتبت كثيرًا عن كفتة عبد العاطي.

هناك كتاب كامل خصصته لهذه النوعية من المقالات؛ هو (شربة الحاج داود). في النهاية تعترف لنفسك أنه لا جدوى من أي شيء وتقرر أن تهمد وتصمت.

عندما تكتشف من جديد أن الناس مصرة على أن تعاود النصابين برغم أن هذا أثر فأسهم. بعد الكفتة والوحش المصري الذي ليس سوى عربة كبدة، وكل علاجات الفيروس سي العجيبة، بعد هذا كله تجد هذا الخبر في جريدة شهيرة.

هناك مواطن في الاسكندرية هدم كل نظريات أينشتاين ونيوتن بضربة لازب، واخترع جهازًا لتوليد الطاقة من عدم بلا بترول أو أي مصادر شمسية أو هوائية إنما يحصل على الطاقة من فراغ. ويؤكد المخترع أن مقولة إن الطاقة لا تفنى ولا تستخرج من العدم كلام فارغ. فالله تعالى خلق الكون من العدم بطاقة الفراغ لا أكثر. وقد استلهم هو اختراعه من طريقة خلق الكون، وقد عرضت عليه عديد من الدول الغربية إغراءات كي يبيعها اختراعه لكنه رفض. شاهد هذا الكليب عن الاختراع.


يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم .. قرأت هذا الخبر سبعين ألف مرة من قبل، ومن الواضح أن الدول الغربية لا هم لها سوى عرض المليارات على مخترعينا لكنهم يرفضون. الحركة العلمية في الغرب تعتمد بالكامل على المخترعين المصريين.. مصر (تزهل) العالم من جديد.

هناك كذلك خرق دائم لنظريات راسخة وتحد لقوانين الطبيعة بلا دراسة حقيقية. قرأت في كتاب من الكتب الصفراء إياها عن الأعرابي الذي أثبت أن الشمس تدور حول الأرض وأخرس كوبرنيكوس. ما هي الدراسات المعقدة التي أجراها؟. لا شيء... لكن ما زال هناك من يصرون على هذا الهراء ويقدمونه في شكل علمي احترافي مثل هذا الكليب العجيب.

هناك كذلك انتحال طابع ديني للكلام بحيث يبدو لك أن من يعارض الرجل مهتز الإيمان. كل مدعيي العلم أو أصحاب النظريات الفاشلة يدهنون كلامهم بطابع ديني.

طبعا المبدأ خطأ.. وقد أضاع آلاف المخترعين الغربيين حياتهم على المحرك ذاتي الحركة أو استيلاد الطاقة من لا شيء، وقد كتبت مقالاً عن هذا تجده هنا.

هناك من هاجم الخبر بطريقة (كفايه تخلف بقى) وهناك من تحمس له كالعادة وكتب أحد المعلقين على النت، في عدة مواقع بنفس الصيغة (أرجو ألا يكون هو نفسه المخترع):
"تحية للاستاذ مخترع الجهاز واتمنى انشاء جهاز يتبع رئاسة الجمهورية مباشرة لدراسة وفحص الاختراعات وتسويق او تنفيذ ما يعود على مصر وشعبها بالرخاء مع ضمان المحافظة على الملكية الفكرية للمخترع وهذا يستلزم اخنيار افراد الجهاز بعناية شديدة جدا جدا جدا جدا..!! ويكون لهم سلطات رئيس الجمهورية فى مجالهم .. لسهولة التنفيذ وسرعة الاتصالات ... مما يعود بالخير على جمهورية مصر العربية بالكامل ... وهذا واقع لا مبالغة فية ... لانه سيكون نقلة حضارية تقلب كل الموازين فى زمن قياسى .... مرة اخرى تحية لكل عقل مفكر مخلص فى هذا الزمن ...."

عندما تنتقد هذه الاختراعات العجيبة، فهناك التعليق الجاهز المعلب:
ـ"أنت لا تجيد سوى (النقض).. على الأقل هو حاول أما أنت فماذا فعلته سوى الكلام؟"

كأنني أنتقد لمجرد التسلية او لميول نفسية مجهولة. لهذا أقول للمعلق من هذا الطراز إنني قد اخترعت أشياء كثيرة بدوري، وأطلب أن تنظر لي الدولة بعين الاهتمام.. هناك طريقة عبقرية ابتكرتها لتحويل عصير الفراولة إلى دم فصيلة AB سالب... وهو مشكلة في المستشفيات. بهذه الطريقة يمكن بسهولة لأي مستشفى أن يشتري شوب عصير فراولة من أقرب محل عصير، وتتم معالجة العصير لعشر دقائق لا أكثر بعدها يُحقن في المريض. لاحظ أن بذور الفراولة الدقيقة تتحول لأنوية خلايا دم بيضاء، وهذه هي قمة الإعجاز. تلقيت عروضًا من السويد وإيطاليا لشراء هذا الاختراع بملياري يورو لكني أقدمه لبلدي مصر بنية صافية، فقط لو اهتمت جهة حكومية بي خاصة أن أبحاثي مكلفة، وما زال تحويل لتر العصير يكلف خمسين ألف جنيه، لكن آمل ان تنخفض التكلفة مع الوقت.

قرأت كذلك عن قدرة مشايخ الطريقة على التواجد في مكانين في وقت واحد. كلهم يفعل هذا ويمشي على الماء، لذا قمت بابتكار جهاز للانتقال الآني يسمح لك بأن توجد في طنطا والقاهرة في وقت واحد. وقد قمت بتجربته على الفئران. وهكذا يمكنك أن تجد فأرًا أسود ببقعة بيضاء في طنطا.. وتجد واحدًا مماثلاً في القاهرة في نفس الوقت. لدي فيلم على يوتيوب يظهر هذه المعجزة العلمية. فقط أطالب بأن تتكفل الدولة برعاية هذا الاختراع بدلاً من أن أخضع للإغراء وأبيعه لفرنسا أو يتم اختطافي.

هل تتشكك في اختراعاتي؟ هكذا نحن لا نجيد سوى هدم بعضنا البعض، وكلما حاول واحد أن يعلو وجد من يجذبه لأسفل.. اخص يا بلد.... وماذا قدمت أنت لمصر يا من تهاجمني سوى (النقض)؟ إن لي شرف المحاولة وجزاء المجتهد.

في النهاية ليست الغلطة غلطة هؤلاء المخترعين، بل غلطة الصحافة التي تصدقهم في كل مرة أو تتظاهر بأنها تصدقهم لتوزع أكثر. ثم هي غلطة التعليم الذي ترك العقول كالتربة الجرداء تأبى التفكير العلمي ولا تفهمه. ثق أنني لن أكتب أو أعلق على الاختراع الوهمي القادم لأني بصراحة قد تعبت وسئمت الحرث في المحيط