كلما فاز بجائزة من جوائز الدولة أو المهرجانات المحلية، اعتبروه باكستانيا، وتطوع المخرجون إياهم برفع القضايا لعدم أحقيته بالجائزة، فإذا فاز في مهرجان دولي -وما أكثر ما فعل هذا- فهو مصري حتى النخاع نفخر به. وهي نفس اللعبة التي لعبوها مع بيرم التونسي زمان، ثم مر بها صف طويل من الفنانين والأدباء، ونحن نتذكر أنهم يقررون فجأة أن بلال فضل يمني عندما ترتفع حرارة معارضته.
لكن المخرج العظيم الراحل محمد خان يثبت في كل أعماله أنه مصري جدا ويفهم كل مقهى وكل حارة وكل ورشة وكل عربة فول فى هذا البلد، أكثر بمراحل -والتعبير لسامي السلاموني- من كل المخرجين الذين يصورون المقاهي التي يجلس فيها الحرامية يشربون الخمر ويشاهدون الراقصة، ثم يكسرون (فياسكات النبيت) فوق رءوس بعضهم طيلة الوقت.
كلنا للموت في النهاية مهما تقدم بنا العمر، لكنك تشعر بغصة لا شك فيها كلما فقدت واحدًا ممن شاركوا في صنع ثقافتك ورؤيتك للعالم، والذين جاهدوا ليجعلوا العالم أروع، وبرحيلهم تبقى فجوة في وجدانك لا يمكن أن تملأها. لعب محمد خان هذا الدور بشدة. بالنسبة لعشاق السينما في جيلي كان أي فيلم جديد ليوسف شاهين أو محمد خان أو داوود عبد السيد أو شريف عرفة عيدًا ثقافيا مهما، وبالطبع كان صلاح أبو سيف قد توقف، ورحل عاطف الطيب بسرعة.