قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Thursday, September 28, 2017

إجبلانت من جديد



مؤخرًا انتشر كليب لمذيعة من قناة الحدث اليوم تتحدث عن أنها تلقت مكالمة استغاثة من صديقة لها في فلوريدا، خائفة من الإعصار الذي سيجتاح البلاد، وقالت:
صديقة ليا كانت ساكنة فى فلوريدا، طلبت مننا قبل الإعصار إننا نساعدها، وكانت خايفة جدا هي وولادها، لأن الإعصار كان ضارب فيهم حسب الخط المناخي، وكان هيشيل البلد اللي قاعدة فيها مع ولادها وإخواتها.. قدرنا إن احنا نحول مسار الإعصار ونوطي الطاقة بتاعته بنسبة أخف، وحاولنا نحدفه شوية تجاه خليج المكسيك ما فيش بشر فيه.

تتكلم بجدية شديدة ولهجة عملية احترافية، ودون أن يرمش لها جفن.

هذا الجنون الذي صار ينصب علينا من الفضائيات ومن كل شيء صار أقوى من السيطرة، وعلى كل حال ما زال هذا يخضع لقانون الرنجة الحمراء. أعط الناس أشياء يتكلمون عنها كي لا يلاحظوا أشياء أدهى مثل قانون نزع الجنسية على سبيل المثال. من أمثلة الرنجة الحمراء راية قوس القزح وانزلاق لسان أحمد الفيشاوي وفتاوى مضاجعة البهيمة والموتى.. إلخ.

Tuesday, September 26, 2017

قصص لا تكتمل - 3


رسوم الفنان طارق عزام

قال له الطبيب النفسي:
«بعض أدوية الاكتئاب تجعلك تتصرف بشكل غير واع.. تمشي ليلاً أو تفعل أشياء لا تدرك أنك فعلتها»

كان مصطفى يشك في بعض هذه الأدوية النفسية التي يتعاطاها لمرضه ثنائي القطبية، لكنه لم يتصور أن يصل الغياب عن الوعي لدرجة أن يمحو قصة كتبها، أو يتخلص تمامًا من أوراق طبعها..

قال مصطفى:
«سوف أتوقف عن أدوية الاكتئاب إذن.. فهذه الحالة تقلقني»

قال الطبيب ضاحكًا وهو يدير جهاز الواي فاي لتنبعث موسيقا ناعمة:
«النفس البشرية لغز… أعتقد أنك لا شعوريًا كنت تحمل كراهية لهذا الذي كتبته.. ثم تدخل اللاشعور ليجعلك تتخلص منه»

Saturday, September 23, 2017

ذكرى فينوس السوداء


شاهدت مؤخرًا فيلمًا عن حياة ساركي بارتمان أو فينوس السوداء من إخراج عبد اللطيف كشيش. الفيلم يحكي بشكل مطول وممل إلى حد كبير القصة الكاملة الحقيقية لفينوس الهوتنتوت، وهي قصة طويلة مؤثرة. اقرأ معلومات عن الفيلم هنا


يمكن تخيل القصة كلها لو فكرت في جارتك أو قريبتك ذات العشرين عامًا، والتي يتقاتل شباب الأسرة أو الحي  للفوز برضاها. هنا يختطفها أغراب إلى بلادهم البعيدة، حيث يضعونها في سيرك ويعرضونها عارية على الزوار. الزوار الذين دفعوا ثمن التذاكر، ليسخروا منها ومن غرابة جسدها.

قسوة؟.. من قال غير هذا؟.. هي قصة عن العنصرية والقسوة والتعالي الغربي. قصة عن علاقة غريبة أخرى بين طبيب ومريضة بائسة. سارة التي كان اسمها الحقيقي Saartje وينطق (ساركي).. يقولون إن معناه (سارة الصغيرة).

Thursday, September 21, 2017

قصة العَلَم


تحية العلم في جامعة الزقازيق

في المدرسة اعتدنا طقوس تحية العلم، وكانت هناك لوازم لدى المدرسين مثل: «أريد أن يسمع موشى ديان في تل أبيب صياحكم»… «لازم تخبط الأرض تطلع شرار»… وكنا نقضي ساعات طويلة مع طقوس الوطنية هذه، وهي طقوس صورية على الأرجح لكني أعتبرها ضرورية.

وكنا نتبادل المزاح والقرصات أثناء تحية العلم وأثناء غناء النشيد القومي، الذي كان (والله زمان يا سلاحي) ثم جعله السادات (بلادي بلادي)، فلم نتعامل معه بجدية وهذا مفهوم بالطبع بالنسبة لصبية مراهقين لا يرون سوى العبث في كل شيء. كنا في مدرستنا نُبدِّل الكلمات لتصير (بطاطس بطاطس بطاطس). طقوس صورية على الأرجح لكني أعتبرها ضرورية.

في الصف الثانوي كانت هناك الدراسة العسكرية، وهي طوابير لا حصر لها في الشمس لتعلم (صفا وانتباه) وسلام سلاح، وكان هناك كلام فارغ كثير، مثلاً كتاب التربية العسكرية للصف الثالث الثانوي كان ينصحنا بـ«عند انفجار القنبلة الذرية انبطح أرضًا».

ومرت السنون…..

Tuesday, September 19, 2017

قصص لا تكتمل - 2


رسوم الفنان طارق عزام

من جديد بدأ صوت طرقات أصابع مصطفى على مفاتيح لوحة الكتابة.. تك تتك.. تتك.. تك.. لفافة التبغ تحرق أنامله والقهوة تملأ معدته وتتصاعد إلى رأسه. سيكون الثمن هو الأرق، لكن لابد من ثمن لهذا التوهج الفكري الذي يشعر به.. الفكرة تولد.. الرأس يبرز.. ثم الجسد كاملاً.. الفكرة تصرخ وتعوي طالبة الرضاعة..

الحجرة مظلمة هادئة تفوح برائحة مبيد الحشرات، ودخان القهوة يتكاثف أمام الشاشة.. رائحة القهوة الزكية تملأ خياشيمه..

يرى على الشاشة ميلاد العنوان. كان من هؤلاء الكتاب الذين يضعون العنوان أولاً. كان يشعر بأن القصة ولدت بهذا الشكل وصار لها كيان وبيت ورقم قومي.. لم يستطع قط فهم الكتاب الذين يرجئون عنوان القصة إلى النهاية. ومن الغريب أنه قلما احتاج إلى تغيير العنوان فيما بعد..

Tuesday, September 12, 2017

قصص لا تكتمل - 1


رسوم الفنان طارق عزام

هكذا تولد الأفكار في الليل وتتبخر في الصباح. كان مصطفى يعرف جيدًا هذا الجو.. لكنه الليلة قرر أن يكتب ويكتب إلى أن يهده التعب. الزوجة نائمة والأطفال نائمون وهدوء البيت القاتل يغري بالعمل. حتى القط يستلقي على الأرض وقد تحول إلى كرة من الفراء.

أعد لنفسه كوبًا من الشاي في المطبخ مع شطيرة من الجبن، ثم اتجه إلى غرفته حيث الكمبيوتر يتسلى بحافظة الشاشة بانتظار القصة القادمة. كانت الأفكار تزدحم في رأسه.. ألف فكرة وفكرة، لكنه لا يعرف أبدًا كيف ينهي هذه الأفكار.. وقد كان يؤمن بمقولة: «لا تبدأ قصة لا تعرف نهايتها». لذا كان يهمل الكثير من الأفكار الجامحة التي لا يعرف إلا الله كيف يمكن أن تنتهي.

رشفة شاي.. قضمة شطيرة.. نفس من لفافة التبغ..

Saturday, September 9, 2017

وازن الأرواح



شاهدت مؤخرًا فيلم (21 جرامًا) الذي قام ببطولته شون بن مع ناعومي واتس وأخرجه إيناريتو،  وهو فيلم آخر معقد من الأفلام غير ذات السرد الخطي، أي أنك على الأرجح لابد من أن تشاهده مرتين.   يظل الفيلم (21 جرامًا) غامضًا حتى النهاية عندما تعرف القصة كاملة وتعرف سبب الاسم الغريب، وقد افترض الكثيرون أن الاسم يشير إلى المخدرات، لكنه في الحقيقة يشير إلى وزن الروح طبقًا للمقولة الشهيرة إن من يمت يفقد 21 جرامًا!

إن 21 جرامًا هو وزن الطائر الطنان وقطعة الشيكولاتة (حسب المقاييس الأمريكية)، لكن بطل الفيلم يؤمن في لحظات احتضاره بأن هذا كذلك وزن الروح. هذه المعلومة الغريبة مصدرها طبيب أمريكي غريب الأطوار اسمه (دنكان ماكدوجال).

Thursday, September 7, 2017

«بو» في مصر


مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، مصر

من قصص شاعر الرعب الأمريكي العظيم إدجار آلان بو قصة قصيرة صارت من كلاسيكيات الأدب العالمي ولسوف تجدها في أي كتاب مختارات قصص قصيرة؛ وهي أدق نموذج لمصطلح (الرعب القوطي) الذي نستعمله كثيرًا. اسم القصة هو (قناع الموت الأحمر). القصة تحكي عن اجتياح وباء الطاعون للبلاد.. بو لم يطلق عليه الطاعون صراحة، لكنه وصفه بأنه وباء يسبب ألمًا شنيعًا ونزفًا ويقتل خلال نصف ساعة.. الطاعون ليس بهذه الشراسة.

الحاكم بروسبيرو ومعه ألف من النبلاء يقررون الفرار من هذا الموت المخيف. يقررون في أنانية أن يتواروا خلف الأسوار الحصينة لقصر منيف يملكه بروسبيرو، وهذا إلى أن ينهي الوباء دورته.. كل الأوبئة تتراجع بعد قليل، وهكذا يمكن لك إذا ظللت حيًا فترة الوباء أن تنجو.. إلى حد ما تشبه هذه الحبكة تلك الحبكة العامة لقصص الديكاميرون لبوكاتشيو حيث يتوارى رجال ونساء من الطاعون، ويتسلون بسرد القصص المسلية. الديكاميرون هي الأب الشرعي لفن القصة القصيرة لو كنت مهتمًا.

هكذا تنعم القلعة بالسعادة على حين يطيح منجل الموت برؤوس القوم خارج الأسوار.