من كتاب "الآن أفهم" - رسوم: فواز
اندفعت السيارة وسط صفوف الموتى الأحياء.. إن ذوي الأعناق الحمراء Rednecks لا يطاقون أصلًا، فكيف لو تحولوا إلى زومبي؟
يمدون أيديهم عبر الزجاج.. أحدهم وثب على الزجاج واصطدم به وتهشَّم وجهه فسال دمه.. يحب المخرجون الجدد هذه المؤثرات المقرفة جدًا.. لكني أعتقد أن هذا المسخ الذي ضرب الزجاج صُنع بالكمبيوتر CGI لأنه لا وزن له تقريبًا، ويطير بتلك الطريقة غير المقنعة المميزة للتحريك الرديء.
استدرت وأنا مستمر في القيادة وأطلقت طلقة واحدة على رأس ذلك الشيء الذي كان في المقعد الخلفي.
دخان ورائحة البارود ومخ ذلك الشيء.. سينجح هذا الفيلم لأن الأمريكان يحبون هذه الأشياء.
أوقفت السيارة أمام تلك البناية الخشبية وجريت لأدخلها.. ومن بعيد سمعت صوت من تبقَّى حيًا من هؤلاء، كانوا قادمين نحوي ببطء لكن بثقة.. هناك مخزن بالداخل وهناك برميل وقود ركلتُه ليُغرِق الأرض، ثم وثبت من نافذة صغيرة هناك إلى الخارج وواربتها خلفي.. بسرعة درت حول البناية ورأيت آخِر هؤلاء الموتى الأحياء يترنح ليدخل البناية.. بسرعة أغلقتُ الباب من خلفه ووضعت صخرة خلفه.
جريت للنافذة الصغيرة وأشعلت عود ثقاب ثم فتحتها وأنا أطلق سُبَّة بذيئة.. يحب الأمريكان الشتائم التي تبدأ بحرف F أو S.
على أية حال.. ألقيت بعود الثقاب وأغلقت النافذة وابتعدت.. هذه لحظة رائعة.. سوف يجد المخرج ضالته وهو يظهر احتراق هؤلاء القوم وهم يترنحون، أو وهم يدقون على الباب محاولين الخروج.
البناية كلها تشتعل.. الدخان الأسود يتصاعد لعنان السماء وأنا ألهث.. لكن التترات لم تبدأ بعد.. ما السبب؟ إذن هو من نوع الأفلام السخيفة التي تُعدُّ للمُشاهِد خضة أخيرة بعد ما يحسب البطل أنه قتل المسوخ.. غالبًا ستخرج يدٌ مشتعلة من وسط النيران لتمسك بي.. أو..
لكن اليد جاءت من الخلف.
لا أعرف كيف ألقوني على الأرض ولا كيف وضعوا الأصفاد في يدي.. إنهم رجال شرطة.. هذا واضح.. ترى هل تحولوا بعد؟
هناك رجل شرطة ينظر لي في دهشة حيث رقدتُ وسَط الرمال.. تفحَّص البندقية وتشممها ثم نظر إلى البناية الخشبية التي صارت رمادًا، وأمسك بجهاز لاسلكي وسمعته يقول: نعم.. فات الوقت لإنقاذ أي واحد منهم.. مجنون جاء إلى البلدة مع فتاته.. فجّر رأس صاحب الحانة وقتل صديقته والمأمور.. ثم دهم مجموعة من المزارعين بسيارة مسرعة.. وفي النهاية حبس مجموعة أخرى في مخزن وأشعل فيه النار.
ثم ركلني بطرف حذائه حيث رقدت على الرمال وقال: لابد أنك قتلت عشرين واحدًا أيها المجنون.
انفجرت في الضحك وصحت: كل هذا فيلم سينمائي.. ألم تفهم بعد؟ أنا وأنت وهم في فيلم سينمائي مرعب.. سوف تبدأ تترات النهاية حالًا.
*******
أنا في المصحة الآن.. مقيَّد في الفراش ولا أفيق تقريبًا من كثرة ما يصبُّون في دمي من عقاقير مهدئة.
لا أعرف.. إنهم يعتبرونني مجنونًا خطرًا بينما أنا لم أفعل شيئًا سوى أن حاولت إنقاذ نفسي.. هذا ليس هو الواقع بل هو مجرد فيلم يراه الناس في قاعة مظلمة.. ألا ترى هذا معي؟ أنت اقتنعت بوجهة نظري وصدَّقت أن هذا فيلم، فلو كنت أنا مجنونًا فأنت مجنون مثلي.
سوف تُكتب كلمة النهاية وتتصاعد التترات حتمًا.. أعرف هذا يقينًا وأنتظره.. لا أعرف لماذا تأخَّرت التترات لكنها آتية حتمًا.