قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Friday, June 12, 2009

عن سوبر مان الجديد - 2



هكذا - لو كنت مازلت تذكر المقال السابق - يبدو أن الثقافة الغربية تفرغت لتكريس فكرة أن سوبر مان الجديد هو اليهودي الزنجي الشاذ. ورهاني الذي لا أملك دليلًا علميًا يؤيده هو أن هذا الاتجاه الإعلامي يضيف للوجود المزيد من الشواذ (فهو لن يضيف زنوجا ولا يهودًا بالطبع!).

تخيل أن (جيمي) يهوى العبث في أنفه.. هذه عادة قذرة، وهو يحاول إخفاءها والتخلي عنها.. ثم يجد أن الإعلام كله يؤكد أن العبث في الأنف شيء طبيعي وحق للبشر، ومن يعترض عليه عنصري، ويكتشف أن هناك جمعيات كاملة ومظاهرات تدعو لحرية العبث في الأنف.. هل يتخلّى (جيمي) عن عادته؟ بالطبع لا.. سيدس إصبعه في أنفه في كل مكان والويل لك لو اعترضت.. بينما كان من الممكن أن ينجح بمعونة بسيطة في التخلي عن هذه العادة.

Tuesday, June 9, 2009

ﻻ مستحيل.. إﻻ هنا

الدستور - 9 يونيو 2009


(لا مستحيل) كان هو التعليق على تلك الصورة التي رأيتها لشاب أسمر يجلس أمام أحد الأكواخ الكينية، ويدخن سيجارة جوار عجوز رثّ الثياب يعبث بأصابع قدميه. هذا الشاب هو (أوباما) في (بلدهم) قبل أن يحكم أقوى وأكبر وأغنى دولة في العالم. بالفعل هي صورة تدير الرأس؛ وتقول بوضوح إنك يمكن في أمريكا أن تبلغ قمة العالم مقابل أن تملك طموحًا وتسعي جاهدًا لتحقيقه.. فقط.

قد تختلف حول أوباما.. هناك معسكر الذين يرون أنه ليس في وسعه شيء؛ لأنه ترس ضمن آلة عملاقة موجودة منذ عشرات السنين، والتروس العملاقة التي تديرها فعلًا هي الشركات الكبرى ومصالح البيزنس واستراتيجية عليا مرسومة منذ زمن. أميل لهذا الرأي، وأرى أن نموذج كنيدي أمثولة أمام عيون الأمريكان لكل من يتمادى أو يحاول الاستقلال أكثر من اللازم. دعك من أن أوباما أسود وهذا يضيف خطرًا مضاعفًا عليه.. لا تنس أن خطر الاغتيال كان ماثلًا أمام عيني (كولين باول) فعلًا، مما جعله يحجم عن ترشيح نفسه للرئاسة بسبب ضغوط أسرته عليه، وهكذا لم تجد مجموعة الجمهوريين الظامئة للحكم سوى بوش الابن. لكني كذلك لا أطالب أوباما بأن يبكي مطالبًا بعودة الحق الفلسطيني لأصحابه، أو أن يطالب بعودة دولة الخلافة ولواء الإسكندرونة كما أتصور أن الذين يهاجمونه بلا توقف يريدون منه. أذكر عندما قدّم كوستاجافراس فيلمه الجميل (هانا - ك) الذي يحكي عن معاناة شاب هُدم بيته في فلسطين لتتحول قريته كلها إلى مستعمرة إسرائيلية.. لقد عرض الفيلم في القاهرة في وجود مخرجه.. طبعًا كوستاجافراس مخرج يوناني يوجه كلامه للعالم وليس للعرب، لهذا كانت رؤيته محايدة نوعًا مما أغضب عليه حشدًا من المثقفين في مصر أوشكوا علي التهامه في المؤتمر الصحفي.. كانوا يريدون منه أن يقدم فيلمًا يشتم إسرائيل ويؤيد العرب بوضوح تام! وكان سؤال المخرج العظيم البسيط هو: «إذن لماذا لا تصنعون أنتم هذا الفيلم الذي تريدونه؟».

Monday, June 8, 2009

جاى لك فى الكلام

الاتحاد - 8 يونيو 2009

pixabay.com

يحكي الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أنه قبل غزو الكويت استدعى (صدام حسين) السفيرة الأميركية في بغداد (إبريل جلاسبي) ليبلغها رسالة مهمة. هنا لاحظ هيكل أن وثائق السفيرة اكتفت بذكر ما قالته هي لصدام حسين. والنتيجة هي أن اللجنة التي قيمت أداء السفيرة بعد الحرب أعلنت أنَّ فشلها كان كاملاً. يذكر هيكل ملاحظة نحسبها بديهية، هي أنَّه عندما يستدعي رئيس الدولة السفير فإنَّ المهم في الكلام هو ما قاله رئيس الدولة. أما عندما يطلب السفير لقاء رئيس الدولة فالمهم ما قاله السفير. بينما الشائع في الوثائق العربية بالذات أن نجد العكس.. يطلب رئيس الولايات المتحدة شخصياً مقابلة سفير عربي، فيكتب السفير العربي في تقريره: «قلت للرئيس الأميركي كذا.. وأوضحت له أنَّ موقف حكومتنا ثابت من كذا.. وأنَّ العلاقات بين البلدين لن تتأثر بكذا»... بينما يظل السؤال بلا إجابة: يا أخي ماذا كان الرئيس الأميركي يريد منك؟

هذا يتكرر كثيراً في حياتنا... يحكي لي (عباس) إنَّ (إبراهيم) اتصل به وطلب لقاءه لأمر ملح.. يذهب (عباس) للقاء (إبراهيم) متوجساً. بعد هذا يحكي لي عباس كلاماً لا أول له ولا آخر: «قلت له كذا وكذا.. وأنذرته أنَّ كيت وكيت.. ثم كررت عليه أن كذا وكذا».... هنا تستوقفه طالباً معرفة ما قاله (إبراهيم) فهذا هو بيت القصيد، لكنه يقول العبارة الشهيرة: «جاي لك في الكلام». ويواصل القصة: «قلت له إنَّ موقفه من (آمال) موقف جبان، وإنَّ عليه أن يعتذر.. وإن لم يفعل فلسوف تكون هذه آخر مرة أراه فيها، وإنني أعرف (سيد الشماشرجي) و(سيد) قادر على جعله يندم على كل كلمة قالها».. «وماذا قال هو؟.. أريد معرفة كل كلمة قالها».. «يا أخي اصبر قليلاً»! والنتيجة أنك بعد ساعة لا تعرف السبب الملح الذي استدعاه (إبراهيم) من أجله. (جاي لك في الكلام) عبارة شهيرة في هذا النوع من المحادثات، لكن خبرتي المتواضعة تقول إنَّ هذا الشيء لا يأتي في الكلام أبدًا!

Saturday, June 6, 2009

عن سوبر مان الجديد - 1


peakpx.com

بسبب ولعي بالسينما أتابع الأفلام الغربية باهتمام شديد، وإن كان هذا الاهتمام يقتصر غالبًا على روائع الستينيات والسبعينيات التي سمعت عنها، ولم أرَها؛ لأن سنّي لم تكن تسمح بهذا في ذلك الوقت، والتي تُقدّم غالبًا على قناة TCM، ولهذا أندهش عندما أتابع الأفلام الغربية الحديثة جدًا؛ بسبب نغمات تتكرر بإلحاح مزعج وبلا توقف.. هناك نغمة تقدير واضحة للزنجي.. هذا شيء جميل فعلًا، ويناقض ما عرفته في صباي من نوازع عنصرية لا تخفى لدى السينما الأمريكية.. ويبدو أن هذه النغمة قد بلغت ذروتها على أرض الواقع بانتخاب أول رئيس أسود للولايات المتحدة.. لو كنت قد رأيت دور (مورجان فريمان) في فيلم (بروس الجبار) لفهمت إلى أي مدى يمكن أن يبلغ تقديس الزنجي، (وأعتذر عن التفسير أكثر).