قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Thursday, April 30, 2015

عن العزاء المتحفظ


فقدنا الأبنودي، ففقدنا جوهرة أخرى من تاج الفن المصري والقوة المصرية الناعمة.. ليس هناك واحد لم تترك كلمات الأبنودي علامة في عقله أو قلبه.. إنه جزء من نسيج حياتنا والهواء الذي نتنفسه. كل هذا مفهوم.. ما لم أفهمه هو التعليقات التي ظهرت في بعض الصحف وعلى مواقع الإنترنت.


في مواقع الليبراليين: الرجل ساند العسكر.. في مواقع الإخوان: الرجل أيد الإطاحة بمرسي.. في مواقع اليساريين: الرجل لم يصطدم بالسلطة قط وظل على يمين الحاكم في كل العصور، ولم ينضم لثورة يناير إلا عندما تأكد من أنها طوفان جارف.

أعادني هذا الموقف لظاهرة تتكرر دائما في المواقف المشابهة.. العزاء المشروط المتحفظ.. فلان موهبة عظيمة، لكن كذا وكذا.. وضع موقفه السياسي.

Tuesday, April 28, 2015

دعني أخدعك … دعني أنخدع


تكلَّمْتُ كثيرًا في كتاباتي عن هذه القاعدة التي اخترعتُها، والتي تقضي بأن القارئ للرواية يبتلع بعضَ الأشياء غير القابلة للابتلاع ويغفرها للكاتب، وهذا من منطق أنه يقبل أن ينخدع كي تدور عجلةُ الخيال؛ كالزوجة التي تتجاهل الأدلةَ التي توحي بأن زوجها يخونها، فقط لتستمرَّ الحياة …


كل العملية الفنية نوعٌ من الخداع في الأصل؛ أنت تجلس لتقرأ روايةً تعرف أنها لم تقع على الأرجح (وإلَّا لقرأتَها في صفحة الحوادث)، وترى أشخاصًا مثلي ومثلك على المسرح وفي السينما، يمثِّلون أشياء لم تحدث؛ عندما يسقط البطل برصاصةٍ فأنت تعرف أنه سليم، وفي المسرح يسمون هذا بالحائط الرابع. هذا الحائط الذي يقف بينك وبين الممثلين على خشبة المسرح، فيجعلك تتناسى أنهم ناس مثلي ومثلك يتظاهرون … لأنيس منصور كتاب جميل اسمه «يسقط الحائط الرابع»، يقوم فيه بالدُّنوِّ من شخصيات شهيرة لنراها كبَشَرٍ؛ أي إنه أزاحَ عنها هالةَ الإيهام.

Saturday, April 25, 2015

الأخــــرى


تغمض سلوى عينيها مفكرة، وتأخذ شهيقًا عميقًا. ثمة شىء غير أصيل فى هذه الإيماءة. تغمض عينيها وتشهق لتتظاهر أنها من النساء اللائى يغمضن عيونهن ويشهقن. تفاعل هستيرى واضح.

هناك فى الضوء الخافت الذى يغمر العيادة، وجو الخَدَر العام، الجو الذى يغريك بأن تغمض عينيك وتعترف بأنك اغتصبت كليوباترا أو قتلت كنيدى لو طلبوا منك ذلك... هناك فى هذا الجو المدوّخ ترقد سلوى على الفراش تلعب دور المريض النفسى.


فى الظلام خارج دائرة الضوء يجلس الدكتور صابر محاولًا لعب دور فرويد. يدوِّن بعض النقاط ويترك لتداعى الأفكار الحر أن يخبره بشىء عن مشكلات هذه الفتاة. جميلة لا شك فى هذا (خَطَرَ له) لكنها لا تجيد العناية بشعرها فاحم السواد، كما أن ثيابها غير مهندمة، وحالتها النفسية تنعكس إرهاقًا واضحًا على ملامحها.. تلك الانتفاخات والعوينات السميكة التى أصرّت على عدم خلعها لأنها لا تشعر بالثقة عندما تكون شبه عمياء فى هذه الإضاءة الخافتة. هناك سن مكسورة تعطيها نوعًا من الجاذبية الساحرة على طريقة ناعومى واتس. هو لا يعرف ناعومى واتس لكننا نعرفها، فلا بأس أن نتبادل معلومة كهذه.

451 بشرطة


تضحكنى دائما تلك المواقف التى يحاول فيها أحدهم نفاق الحاكم، لكن هذا يؤدى لإحراج الأخير من ثم ينقلب على المنافق. هناك قصة وقعت قبل الثورة عن تلك الطالبة التى كتبت موضوع إنشاء تطلب فيه من مبارك أن يتقى الله، وكان أن تحمس موجّه الوزارة للنفاق ومجاملة مبارك، فعاقب الطالبة عقابا شديدا.. لم تمر الحادثة على خير وانقلبت وسائل الإعلام والصحف على ذلك الموجّه، ووجدوها فرصة لإظهار أن نظام مبارك يسمح بالرأى الآخر، برغم ان الموجّه ما كان ليفعل ما فعل لو كان يعرف أن هذا صحيح. مؤخرا رأينا تلك المذيعة التى بالغت فى مجاملة النظام، فاتهمت شعبا عربيا بأكمله بأنه يمارس البغاء، وكانت هذه لقمة لم يستطع أحد ابتلاعها وعوقبت على سوء تقديرها. هل تذكر قصة شحنة التمور الباهظة التى وصلت لمبارك هدية من بلد خليجى؟ وهى قصة ملفقة تظهر مبارك آية فى النزاهة.. أنكرت الرئاسة القصة تماما وقتها، وبالتالى فالصحفى الذى ذكر الخبر كان يكذب ليجامل الرئيس.


مؤخرا رأينا مبادرة المسؤولين التربويين فى محافظة الجيزة، أولئك الذين قاموا بعمل حفل حرق لبعض الكتب التى اعتبروها مضرة للعقول، وكانوا يلوحون بالأعلام فى حماسة وطنية، مع أغان وطنية مثل (يا أغلى اسم فى الوجود)، مما أضفى على المشهد طابع جنون محببا للنفس.

Wednesday, April 8, 2015

المدلِّسون


هناك قصة طريفة من قصص مجلة ميكي تقوم فيها البطة الحسناء ديزي داك بمحاولةٍ يائسةٍ للظفر بوظيفة في جريدة؛ تُسنَد لها مهمةُ تغطيةِ أخبار حفلٍ نسائي كبير، وخشيةَ أن يسبقها محرِّرٌ آخَر، تقوم دون أن تغادر مكانها بكتابة موضوع كامل عن الحفل، وكيف كان حلمًا مبهجًا، ثم تكتشف لدى نشر الخبر أن الحفل قد أُلغِي بالكامل أمس!


ليست هذه قصة خيالية تمامًا. الحقيقة أن مثل هذه القصة تتكرر كثيرًا في عوالم الصحافة …

Monday, April 6, 2015

عوالم موازية



فكرة العوالم الموازية مألوفة فى قصص الخيال العلمى، حيث هناك آلاف المجرات حولها ملايين الشموس، وحول كل شمس هناك كواكب تدور.. لا شك أن بعض هذه الكواكب مر بنفس ظروف الأرض ومناخها، وبهذا حدث له ما حدث على كوكب الأرض.. تقريبا!!.. لهذا سوف تجد كوكبا فيه مصلح اجتماعى عظيم أسمه أدولف هتلر.. وسوف تجد كوكبا به سفاح أطفال اسمه غاندى، وسوف تجد كوكبا تطالب فيه الولايات المتحدة بحمايتها من الأساطيل العربية التى تتقدم نحو شواطئها، خاصة أنه لا مقارنة بين تسليح وتكنولوجيا هذه الأساطيل العربية وقدرات دولة ضعيفة مثل الولايات المتحدة.

فى عالمنا العربى أشعر أحيانا أننا انتقلنا لعالم مواز آخر حيث تقع نفس الأحداث مع اختلافات بسيطة.. لكن كل شىء يتكرر فى النهاية كأنها مصيدة زمنية لا يمكن الخروج منها..

Saturday, April 4, 2015

لاعب الشطرنج



كان هذا مؤتمرًا طبيًّا فى أحد فنادق القاهرة الفاخرة.. ذلك الجو الذى حفظته تمامًا من السلالم الرخامية والنافورة إياها، والبحث المحموم عن دورة المياه التى يبدو أنهم نسوا بناءها، وستاندات شركات الأدوية، حيث يقف شباب متأنقون يكلمونك عن الكارديوستاتين.. ده دوا بيوقف القلب خلال دقيقة بالضبط يا دكتور.. عاوزين يبقى لنا شير مع حضرتك ونسمع منك فيدباك عشان نعمل التارجت بتاعنا.. المخطط ده بيقارن بين الكارديوستاتين والدوا التانى اللى ما يتسمى.. أثبتت مجلة «لانسيت» أن الكارديوستاتين نجح فى قتل كل المرضى خلال دقيقة، بينما الدوا التانى فشل أحيانًا فى قتل المرضى أو أوقف قلبهم بعد ربع ساعة.. الكارديوستاتين يتيح لك قتل المريض، ولن يكلفه سوى خمسمئة جنيه فى العلبة الواحدة. ثم ترى فتيات يقلن للقمر قم لنجلس مكانك يقمن بتسجيلك ويعطينك الحقيبة الجلدية إياها وبطاقة (المام).  العاملون بالفندق يقفون فى صرامة وأوضاع رسمية وقد وضعوا ذراعهم اليسرى خلف الظهور، ويتبادلون نظرات موحية خطرة ثم يملؤون كؤوس الماء كلما فرغت. القاعة الفسيحة المظلمة وضوء البروجكتور وصوت المحاضر الناعس.. بينما على المنصة مجموعة من الأساتذة ذوى الأسماء البراقة يتبادلون الكلام همسًا فى الظلام.