قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Friday, December 25, 2015

عن ضربة الرحمة


يعرف دكتور يوسف زيدان تقديري البالغ له، إن لم يكن على جهده المضني الذي يبذله في البحث والتوثيق، فعلى أعماله الأدبية التي أضع على قمتها عزازيل فالنبطي.  لهذا يدرك جيدًا انني أتكلم من نفس الجانب وبدافع الصداقة والاحترام، ولا دافع لي سوى أن (دماغي كده).
كثر الكلام عن الرأي الذي أبداه دكتور يوسف مؤخرًا بصدد المسجد الأقصى، ولن أخوض في التفاصيل باعتباري لم أدرس الموضوع جيدًا ولست مؤهلاً للكلام عنه، وإن كنت قد قرأت مؤخرًا كلامًا كثيرًا لباحثين مدققين مثله يفندون ما قال. الرأي الذي قلته وأقوله دائمًا إن هذه المناقشات التي تمس صلب معتقدات الأمة وأثمن ما لديها تضر أكثر مما تفيد. اليوم يتحدث د. يوسف عن أن المسجد الأقصى ليس هو الذي يدافع عنه الفلسطينيون ويموتون من أجله.. هم يموتون فقط لأنهم يجدون هذا مسليًا أو لأنهم ضعفاء في التاريخ. يبرز د. سيد القمني ليقول إن الإسلام كله ليس دينًا بل دعوة سياسية حاول بها الرسول عمل امبراطورية.. أكثر من كاتب قال إن عبد الناصر عميل أمريكي وثورة يوليو كلها عملية مخابرات ناجحة.. السد العالي دمر الزراعة في مصر.. هيكل يتحدث عن نصر 1973 الذي أحاله شارون هزيمة، وكيف دمّر السادات أحلام الجيش. أنيس منصور يأخذ منك بناء الأهرام ليعطيه لكائنات فضائية غامضة..  ثورة يناير 2011 مؤامرة قذرة تم التدريب عليها في الصرب... إلخ....الخطوة القادمة المؤكدة هي إن فلسطين إسرائيلية شاء من شاء وأبى من أبى. صدقني هي لحظة آتية.

الرقص على غاز البوتاجاز


في العام 1967 انبهر العالم بقصة فيلم (يوم طفت الأسماك ميتة) التي كتبها وأخرجها عبقري السينما اليونانية كاكويانس صاحب زوربا اليوناني . كان الاسم الذي عرف به الفيلم في مصر هو (الرقص على الهيدروجين) وكان الموضوع المفضل لأي مثقف وقتها.

 اضغط هنا لتسمع اللحن المميز للفيلم، والذي كتبه تيدوراكيس.


الفيلم يحكي عن كارثة يمكن بسهولة أن تحدث للعالم، في عصر الحرب الباردة وأزمة الصواريخ الكوبية في ذروتها. في كل صباح كان الناس يتوقعون أن اليوم هو اليوم. ربما لا يأتي الليل أبدًا وربما يفقد أحد الأطراف أعصابه، ويضغط زرًا ما من ثم تبيضّ الدنيا ولا تعود هناك حياة . إن الفيلم يذكرنا أولاً بحادث السهم المكسور الذي وقع عام 1966 عندما سقطت طائرة تحمل أسلحة ذرية قرب المدينة الإسبانية الصغيرة بالوماريس, وأحدثت ذعرًا شديدًا.. اقتضى الأمر وقتًا حتى عرف الأسبان أن القنابل لم تلوث بلادهم .. 

Sunday, December 13, 2015

اسمه أشرف

التحرير - 12 ديسمبر 2015

بالتأكيد هناك فنانو كاريكاتور شباب موهوبون في مصر حاليًا. هذا مجال نادر تقدمنا فيه أو على الأقل احتفظنا بمكانتنا. من الواجب أن يتكلم المرء المنصف عن مخلوف ودعاء العدل وقنديل وسواهم. هم كذلك مثقفون جدًا، ولقد قرأت مقالًا مهمًا لقنديل عن اللباد في مجلة عالم الكتب (92 و93)، فانبهرت به ككاتب له أسلوب فصيح محكم (برغم موقف متحفظ سابق شعرته تجاه إصراره على أن يوقع اسمه بآنديل)، لكني هنا أتكلم بشكل خاص عن صديق عزيز أعرفه جيدًا هو فنان الكاريكاتور أشرف حمدي.

Wednesday, December 9, 2015

تعليقات بلا مقال



سوف أريحك من ثرثرتي ولا أنشر حرفًا من هذا المقال، بل سأكتفي بذكر التعليقات عليه قبل أن تُقال أو تكتب.  المقال نفسه كلام فارغ كالعادة طبعًا. ربما أمكنك استنتاج موضوعه من الردود:

Thursday, December 3, 2015

امرح مع فيروس سي

كلنا نمرح مع الفيروس سي بشكل أو بآخر، خاصة ولدينا أكبر نسبة لانتشاره في العالم كله. والحقيقة أن ضوء الشمس ظهر في الأفق مؤخرًا، والباب الموارب قد بدأ ينفتح، حتى أن المرء ليتذكر في حسرة كل مرضى الفشل الكبدي والقيء الدموي الذين أفلتوا من أنامله، لأنه لم يكن وقتها علاج فعال للفيروسين اللعينين بي وسي. اليوم نقف عند نهاية الممر، وعما قريب سوف ينتهي التهاب الكبد سي كخطر قاتل.  وسط هذا المناخ المتفائل كله تسمع خبرًا غريبًا، وتتلقى صفعة علمية...

فنانون علماء


أصاب دائمًا بحالة من الشك كلما قرأت عن تلميذ ابتدائي في قرية كذا تمكن من اكتشاف علاج السرطان أو طريقة جديدة للملاحة بين المجرات،  ومن الواضح أن هذا الخبر شائع في صحفنا لأننا عباقرة. غير أنني دهشت منذ أسابيع عندما فوجئت بجوجل يغير صفحته الرئيسة إلى صورة لنجمة السينما الهوليوودية الجميلة هيدي لامار، بمناسبة مرور 101 عام على مولدها، ثم اكتشفت أنها عالمة رياضيات مهمة وأن الكل يعرف هذا باستثنائي !


سمعت عن هيدي لامار لأول مرة في طفولتي عندما قرأت لبيرم التونسي يصف انحلال الأجيال الجديدة، فيصف فتاة بأنها:
عشان تقلد هيدي لامار
تقعد بجنب بخيت عالبار
تشرب طزازين

Thursday, November 26, 2015

حكايات الدم


http://www.calhum.org/initiatives/literature-medicine

سؤال: "ما علاقة الطب والأدب؟". سؤال مكرر عتيد، وقد كتبت عنه مرارًا. المرء يصادف العديد من المواقف غير  المعتادة في حياته كطبيب، ويرى أصحاب النفوذ يموتون من دون نفوذهم، والأثرياء يتوسلون من أجل الحياة يومًا آخر، والفقراء الذين يبدو لهم الموت حلاً معقولاً للخلاص.. يرى وجه الفتاة غير المتزوجة التي يخبرونها أنها حامل، ووجه الزوج الذي يخبرونه أن أيام زوجته معدودة، ويرى أمين الشرطة السابق الذي يعلق الكاسكيت على الفراش ليؤكد سلطته ويحكم العنبر. يرى وجه الشاب المفعم بالحياة الذي وجدوا بفحص إشعاعي عابر ورمًا سرطانيًا في كبده.  يرى الطبيب كل شيء ...  وهكذا يولد السؤال الأهم: كيف لا يصير من رأى هذا كله أديبًا؟

Saturday, November 21, 2015

مساء الخير .. وحظًا سعيدًا!


عندما يتكلم الناس عن الشمولية أو الشك المزمن في كل شيء، فهم يتذكرون شعار (الحُمر تحت السرير reds under bed) حين سيطر هاجس زحف الشيوعية على المجتمع الأمريكي، ورأى الساسة كل شيء أحمر وكل شخص متآمرًا ...

وهنا يبرز اسم السيناتور الجمهوري جوزيف مكارثي الذي صار اسمه يرمز لاتجاه سياسي كامل .. يكفيه الفخر بأنه أدخل مصطلح المكارثية إلى العلوم السياسية.. شاهد هذا الفيلم الذي يريك المكارثية في ذروة عهدها. إنه الجنون بكل تفاصيله ... 


سيطر مكارثي على حقبة كبيرة من التاريخ الأمريكي ولقن الأمريكيين درسًا لا ينُسى، لأنهم عاشوا بسببه في جحيم من الشك أو (صيد الساحرات) لفترة طويلة تبدأ من خمسينيات القرن الماضي. كان يؤمن أن هناك طابورًا خامسًا شيوعيًا في كل ركن من الولايات المتحدة، وبعضهم عملاء فعلاً وبعضهم متعاطفون. ومن ليس شيوعيًا أو متعاطفًا هو شاذ جنسيًا .. واشتهرت جلسات المحاكمات التي كان يتحرى فيها من شخصيات عامة عن السلوك غير الأمريكي Unamerican. 

هناك سلسلة جلسات شهيرة دارت بين ممثل الجيش الأمريكي وبين مكارثي في الفترة من إبريل إلى يونيو 1954.  الجيش يتهمه بالفساد واستغلال المنصب، وهو يزعم أن هذا الاتهام جاء بسبب كشفه لتغلغل الشيوعية في الجيش.  شاهد لقطة منها هنا.

لقد جعل مكارثي وإدجار هوفر حياة الأمريكيين سوداء كابية في تلك الفترة، واضطر فنانون كثيرون للهرب من الولايات المتحدة.
في العام 2005 ، أخرج لنا جورج كلوني فيلمًا جميلاً عن مكارثي . ليس مكارثي بالضبط بل المقدم التلفزيوني الشجاع الجرئ في محطة CBS إدوارد مارو الذي اشتهر بعبارة (مساء الخير وحظًا سعيدًا) في نهاية حلقات برنامجه المهم (شاهده الآن)...هذا اسم البرنامج !!. أقترح أن تجد هذا الفيلم وتشاهده فهو درة ثمينة. شاهد التريلر الخاص به هنا.


كان مارو هو الصحفي العبقري الذي فضح مكارثي وأظهر للعالم كم هو منافق وكم أنه يدعو لجرائم الكراهية .. قام بدور مارو ممثل عظيم هو ديفيد ستراثيرن، لكن يمكنك أن ترى لقطة لمارو الحقيقي هنا في لقطة من برنامجه.  برغم أن كلوني مخرج الفيلم فقد اكتفى بدور منتج البرنامج، تاركًا الدور الأهم والأكثر جاذبية لستراثيرن. يظهر مكارثي في الفيلم في لقطات تسجيلية حقيقية، ومن الطريف أن من لم يروا مكارثي قط قالوا إن هذا الممثل فاشل جدًا، يبالغ في أدائه، ويتظاهر بالأهمية بشكل مضحك!.. لم يعرفوا أن هذا هو الشيء الحقيقي !

اهتم مارو بالقضية منذ البداية عندما سمع عن محاكمة لضابط طيران .. هذا الضابط فصل من الخدمة لأنهم اكتشفوا ان أباه شيوعي. في المحاكمة توضع كل أوراق القضية في مظروف مغلق .. ولا يلقى الطيار أي محاكمة عادلة ولا يعرف بأي شيء هو متهم.  فقط تصدر ضده إدانة ..  والكل يبتعد عنه كأنه مطلي به القار أجرب، لأن مكارثي يمكن أن يتهم أي واحد يدافع عنه بالشيوعية ..
يصمم مارو على أن يعرض فيلم المحاكمة وحوارًا مع الطيار.  وهي مجازفة لأن تمويل البرنامج له علاقة وثيقة بالحكومة.  


وكما هي العادة يتم استدعاء أحد أصدقاء مارو ليقولوا له إن اسم الأخير موجود في قوائم الرواتب التي يدفعها الاتحاد السوفييتي لعملائه منذ عام 1932. في مجتمع كهذا يكون الكل متهمين بالعمالة، وهؤلاء القوم مولعون بالظهور بمظهر العالمين ببواطن الأمور، الذين يعلمون كل قاذورات الآخرين .. هذا بالطبع قبل عصر السي ديهات.

ينجح مارو في حصار مكارثي أكثر عن طريق كشف أخطاء فاحشة ارتكبها، منها امرأة تم فصلها من العمل بسبب تشابه الأسماء . ثم يتحدى مكارثي للظهور في برنامجه كي يدفع التهمة. يقبل مكارثي التحدي . شاهد اللقطة هنا. النتيجة هي أن يلقي مكارثي دستة اتهامات بالشيوعية ضد مارو، منها أنه يتلقى راتبًا سوفيتيًا، وأن كاتبًا شيوعيًا أطراه في مقدمة كتاب.  قام مارو أثناء المواجهة ببعض الحيل التي يعرفها رجال الإعلام، منها تجسيد لقطة لمكارثي وهو يعبث بإصبعه في أنفه أو هو يتجشأ .. النتيجة هي إعطاء طابع الفظاظة والغباء . قال النقاد فيما بعد إن مارو استعمل حيلاً شبيهة بتلك التي اتهم مكارثي بعملها ! 

في النهاية يوقفون برنامج مارو لكن بعد أن يوجه ضربات قوية جدًا ضد مكارثي.  يضطر مجلس الشيوخ لفصل مكارثي، ويقضي باقي حياته وحيدًا ثم يموت في الثامنة والأربعين بفعل إدمان الكحول. على أن الفيلم يرينا لمحة من النصر النهائي للمذيع الشريف في مشهد حفل تكريمه الذي يبدأ به الفيلم وينتهي. شاهده هنا.

كما قلنا:  استعمل الفيلم لقطات حقيقية لمكارثي حسبها الناس ممثلاً يبالغ في الأداء. يمكن أن ترى تذاكيه وتظاهره بالخطورة والذكاء، فتتذكر حشدًا من الشخصيات عندنا، وتتذكر قناة الفراعين التي استضافت محاميًا كبيرًا على مدى ساعتين لسؤاله عن إشارات أبلة فاهيتا الإخوانية الماسونية. تذكر هذا المشهد العبثي هنا. هذا مشهد لا يمكن أن تصدقه ما لم تره.

مرت أمريكا بحقبة جنون وبارانويا لا شك فيها، لكن قدرة المجتمع الأمريكي على الالتئام ولعق جراحه مذهلة. علينا ان نتأمل تجربتهم هذه وكيف كانوا واثقين من أنهم على حق وقتها، وبعدها قالوا: كنا مجانين .. لقد أعمت البارانويا عيوننا.. 

نحن نمر بفترة مكارثية مكتملة، لكن ليس لدينا مذيعون من طراز إدوارد مارو يكشفون للأمة ضلالها.. لدينا نماذج مختلفة نوعًا، بعضها يطلب علفًا لأنه اكتشف أنه حمار، وبعضها يعرض لقطات من ألعاب فيديو باعتبارها لقطات من الطائرات الروسية التي تهاجم سوريا .. فهل يصلحون؟

Thursday, November 19, 2015

لو ماساكر


http://www.reuters.com/news/picture/editors-choice?articleId=USRTS7BPA

رأيت ذلك الكليب في "يوتيوب": شارع في بلد أوروبي ما، ثم تظهر مجموعة من المتسولين الذين يحملون أجهزة الكمان، ويبدؤون في عزف السيمفونية التاسعة لبيتهوفن.. يلتف المارة، ويبدؤون في التصفيق مع اللحن، ثم تلهج الحناجر بالغناء فتكتشف أنهم كلهم يحفظون مقاطع النشيد الأوبرالي الرائع المصاحب للحن، وترى أطفالاً يرقصون مع أهلهم.. وتتعالى الملحمة والنشوة العامة.

في نفس اليوم وجدت (كليب) صغيرًا لداعش يعطي دروسًا تعليمية للأطفال في ذبح الأسرى المقيدين، والأطفال فخورون يحاولون التجويد وإرضاء الكبار.

إلام سيصير الطفل الذي يتعلم ذبح البشر في سن التاسعة؟ وإلام سيصير الطفل الذي يرقص على سيمفونيات بيتهوفن مع أبيه؟ سيكون عالمًا أو موسيقارًا أو طبيبًا ناجحًا.. بالتأكيد لن يتحوّل إلى سائق ميكروباص أو إلى اللمبي الذي يقول بوضوح: "مصاحب علي علوكة وأشرف كخه عايزاني أطلع إيه؟.. طيار؟!".

هذه هي المشكلة.. حضارة مزدهرة وراقية جدًا هناك، وحياة تحت مستوى الإنسانية هنا.. الفارق الأبدي بين الشمال والجنوب.. دول اليسر ودول العسر..  ومهما بلغت من تحضر فلابد أن تشعر بغصة، ودرجة ما من الحقد على هؤلاء الذين يرقصون على نغمات بيتهوفن، بلا كوم زبالة واحد.

Saturday, November 14, 2015

نسرين

كتبها د أحمد وعمره 15 عاما

قال دكتور أحمد: كنت في المدرسة الثانوية عندما كتبتها .. هرع أصدقاء الفصل يطلب كل واحد قصيدة مماثلة لحبيبته - عزة .. مها .. سلوى .. فتكات.. ست أبوها ..

بالفعل كتبت عدة أبيات تمر على الأبجدية كلها لكن لا أذكرها للأسف !!!

http://www.nihadnadam.com/arabic-calligraphy-names

Thursday, November 12, 2015

رسائل من الجحيم


http://arabpress.eu/paesi-della-primavera-araba-nel-2014/53182/

لدينا مشاكل جمة، لكنها لا تُقارن حتمًا بمشاكل الشعب السوري العزيز. كلما كتبت شاكيًا الأحوال أو أكاذيب الإعلام أو تدهور الخدمات والمرافق في مصر، جاءتني رسالة من صديق سوري – أرسلها بشكل غامض ما – من قلب الجحيم مباشرة، يقول لي فيها إن  ما نعانيه هو ضرب من التدليل الزائد.

ولهذا يعتنق عدد لا بأس من المصريين شعار: "فلنتحمل. هذا أفضل من أن نصير سوريا أو العراق أو ليبيا". السؤال هو ما الذي أوصل سوريا وليبيا والعراق إلى هذا؟ هل هي الثورات، أم الطغاة الذين خربوا البلاد بشكل منظم لعشرات السنين ولم يسمحوا بأي معارضة، ثم عندما رحلوا تفكك كل شيء؟ ولو لم يكن القذافي ديكتاتورًا لما بدد ثروة بلاده في مغامرات مجهولة في أفريقيا ونيكاراجوا، ولو لم يكن صدام طاغية لما ورّط بلاده في حرب خاسرة تلو الحرب، ولما غزا دولة مستقلة هي عضو في الجامعة العربية مثل الكويت، ليضع عنقه ووطنه في أنشوطة المشنقة. هل كان من الحكمة الحفاظ على كل هؤلاء الطغاة ليمارسوا النهب ولننعم نحن بالاستقرار؟

Monday, November 9, 2015

عن جيفارا وإسراء وقلة الحكمة


عندما تم إعدام جيفارا في تلك المدرسة في بوليفيا عام 1967، انتصرت شهوة الظفر، تلك الشهوة التي تجعل الصيادين يلتقطون صورة لأنفسهم جوار رأس الوعل الذي اصطادوه. حرص الضباط على التقاط صورهم مع جثة التشي، وطلبوا من إحدى الممرضات ان تقوم بغسل وجهه من الدماء والوحل لأجل الصورة. قالت الممرضة بعد ذلك:"كانت هذه غلطة قاتلة لأنه بدا حيًا بشكل لا يصدق في الصورة، وذكرني بصور يسوع التي كانت أمي تعلقها". بعبارة أخرى هم صنعوا منه أيقونة بلا قصد .. وخلدوه أكثر، وفي الآن ذاته لعنهم العالم كله.


عندما قررت إسرائيل إن ياسر عرفات هو المشكلة وليس الحل، حاصرت مقره .. وكان بوسعها أن تقتله بمنتهى السهولة، لكنها رفضت أن تفعل ذلك لا حبًا في القيم الإنسانية، ولكن حتى لا تجعله شهيدًا يخلد في وجدان العالم والشعوب العربية، وبالطبع تخلصت منه فيما بعد بطريقة أقل درامية وأكثر غموضًا. 

عندنا في مصر يتم التعامل على طريقة جنود بوليفيا هذه، هناك مزيج فريد من القسوة والحمق، مما يعطي صورة بالغة السوء. عندما تتعامل بخشونة فمن الأفضل أن تتصرف بحيطة.  

Thursday, November 5, 2015

مشكلة التربة


@luckydevilmedia

بعد الضجيج الذي صاحب مشكلة ريهام سعيد، كتب لي صديقي الشاب راجح يقول إن الموقف ذكره بمقال قديم لي اسمه (ذلك الخنزير مروان)، وقد انبهرت فعلاً بهذه الملاحظة الذكية. حقًا امتلأ المجتمع بالجنون وامتلأ الإعلام بالفساد، فلماذا نضع كل شيء على شماعة ريهام سعيد والسبكي؟ ريهام ليست ظاهرة بل هي تعبير عن ظاهرة. لم تنبت وحدها من تربة صالحة.

لو لم تكن تتابع كتاباتي فأنا ألخص لك مقال مروان الذي كتبته منذ أعوام. صديق لنا يدعى مروان أخطأ كثيرًا في حق زوجته وخانها ولم ينفق عليها ولا على أطفاله. لاحظت أننا في كل مرة نجتمع لنحكي قصة تدل على نذالته ثم نندهش .. الموضوع صار مملاً فعلاً.. (يا له من نذل .. كم نحن رائعون).. هكذا في كل مرة..

Sunday, November 1, 2015

فيروس إجبلانت «1»


هذا بلاغ لمنظمة الصحة العالمية، وأعتقد أنه سيلاقي الاهتمام الملائم له، وهذا يتعلق بتفسير حالة الجنون العجيبة التي تجتاح المجتمع المصري حاليًّا..

أعتقد أن هناك فيروسًا من نوعية RNA قد تسرب إلى مصر من الفضاء الخارجي، ولعله كان على نيزك كما توقع كاتب الخيال العلمي الأشهر مايكل كرايتون، فقد قال إن فرصة هذا اللقاء من النوع الثالث أعلى بمراحل من فرصة لقائنا بكائنات خضر تحمل هوائيات على الرؤوس. ثمة احتمال أن يكون جزءًا من حرب بيولوجية يشنها مجلس إدارة العالم علينا، لكن لا أعتقد أنهم قادرون على تصميم فيروس بهذه الكفاءة. 


أقترح أن يتم إطلاق اسم (فيروس إجبلانت 1) أو Eggplant Virus 1 على الفيروس للدلالة على الباذنجان الذي تحولت له عقولنا مؤخرًا. 

Wednesday, October 21, 2015

بناقص واحد

لن أذكر أسماء أدوية حتى لا يُقال إنني أستغل مساحة المقال لمشاكلي الخاصة، أو إنني من الطراز الذي يسوّد المقالات بسبب اختفاء "الفواجراه" من السوق مما يفسد شهيته. القصة ببساطة هي أنني أعتمد على عقارين للقلب بالغي الأهمية.. اعتمادي من نوع حياة أو موت. طبعًا لابد أن يختفي العقاران من السوق نهائيًا. تدخل كل صيدلية وتسأل، فينظر لك الصيدلي ويبتسم ويهز رأسه:
ـ"ناقص والله بقى له فترة.."
ـ"والبديل؟"
ـ"ناقص برضه"

Sunday, October 18, 2015

يا مدينة الصلاة


بما أننا في عصر الوسائط المتعددة..

فإنني أرجوك أن تستمع إلى صوت فيروز الرخيم وهي تغني : "لأجلك يا مدينة الصلاة.. يا زهرة المدائن"، بينما تطالع هذا المقال، وهذا لخلق الجو النفسي المناسب. كنت أستمع لهذه الأغنية في السبعينيات -وأنا طفل في المدرسة الابتدائية- فتدمع عيناي، وأتمنى أن أموت هناك. يمكنك كذلك أن تستمع لأغنية عبد الوهاب الجميلة "أصبح عندي الآن بندقية" من كلمات نزار قباني والتي غنتها أم كلثوم كذلك. وقتها كان عمر القضية عشرين عامًا فقط.. عشرين عامًا يبحث فيها عن أرض وعن هوية.. صحيح أن 67 عامًا تكسر وزن الأبيات لكنها الحقيقة القاسية!!

أولاً يجب أن نتذكر أن هذا الشهر يشهد مذبحة كفر قاسم يوم 29 أكتوبر عام 1956. تكلمت عنها في مقال سابق، لكننا اليوم نتحدث عن الأقصى والانتفاضة التي تزعزع إسرائيل، خاصة أنها قادمة من الداخل. من داخل الخط الأخضر، وليس لها قائد معروف يمكن التفاوض معه أو قطع رأسه. في هذا تذكرنا بانتفاضة الحجارة الرائعة التي هبت، بينما عرفات في الخارج.

Thursday, October 15, 2015

أناس طيبون



ذات مرة قال لي الكاتب المصري الجميل بلال فضل: "انتَ بتصعب عليا لما تتحمق في الكتابة. باحس يا عيني إن حيحصل لك حاجة!". بلال يجيد التحكم في أعصابه فعلاً ولهذا تخرج مقالاته ناضجة هادئة جدًا.  تذكرت هذه المقولة عندما أوشكت أن أكتب اليوم  عن فيروس الجنون الذي أصاب الجميع، لدرجة أن يذيع التلفزيون لقطات من لعبة فيديو يعرفها كل الأطفال، على أنها مشاهد من هجوم روسيا على سوريا، فيضحك علينا العالم حتى تنقطع أنفاسه، ومذيعة تسخر من معاناة السوريين واقتتالهم على المعونات، ثم تزعم أن إعلاميًا عظيمًا يشتمها ليكتسب شهرة، ولواء وخبير استراتيجي يرى أن اللجنة الرباعية للحوار الوطني في تونس أكيد "ست كويسة تستحق نوبل".. وغير هذا كثير من فضائح يومية توشك على قتلي غيظًا فعلاً.  كأنهم يريدون نسفي وقد نجحوا تقريبًا. 

كدت أكتب عن هذا اليوم، ثم قررت أن أرحم نفسي فأكتب عن موضوع خفيف نوعًا، وقد تكلمت عنه باختصار في مقال سابق من قبل.

إنه أكتوبر


أكتوبر جديد .. هذا من الأشهر الصاخبة المفعمة بالأحداث، ويذكرني جدًا بازدحام شهري سبتمبر وديسمبر، فيما عدا أن سبتمبر يحوي مجموعة ممتازة من المصائب والكوارث، لعل آخرها حادث التدافع في الحرم. إنه شهر متميز حقًا.

أكتوبر هو الأسابيع الكئيبة الأولى في المدرسة، والشمس التي تتعلم أن تغيب مبكرًا، ولسعة البرد الخافتة ، والأمطار التي تتحسس طريقها في خجل (جو زمان) ، وهو بالنسبة للطنطاوية مثلي موسم زحف المئات القادمين لمولد السيد البدوي، وهذا حج على نطاق ضيق جدًا وجاهل جدًا ونابع من عقيدة الحرافيش الخاطئة، لكنه صار مناسبة سنوية كبرى. كتبت من قبل عن المولد وعن خيام السيرك التي تنتصب في كل مكان حتى يمر الخليفة، ثم تخلو طنطا من جديد وينهمر المطر.

بعد أسبوع تقريبًا من بدء أكتوبر تأتي ذكرى حرب العبور، وهي على قدر علمي آخر مناسبة حشدتنا جميعًا خلفها وذوبت الطبقات وأظهرت أن فينا معدنًا عجيبًا يظهر في لحظات بعينها فيغير العالم، لدرجة أن اللصوص أنفسهم كفوا عن السرقة أيام الحرب في ظاهرة غامضة لا أفهم تفسيرها. ثم جاءت فترة طويلة جدا من الخمول والإحباط قطعها هدف مجدي عبد الغني في هولندا. ثم لا شيء.

بالطبع هذا هو نفسه اليوم الذي قتل فيه السادات على يد رجال جيشه. حادث المنصة ماثل في الأذهان لا ينساه أحد. من العبث الكلام عنه فقد ملأ مجلدات ضخمة.

Wednesday, October 7, 2015

المهنة: مخبر



"المهنة: صحفي.."

هذا عنوان فيلم شهير لمايكل أنجلو أنطونيوني، وقام ببطولته جاك نيكلسون. أستعمله مع بعض التعديل طبعًا، بما يناسب الموقف.

اللجان الإلكترونية حقيقة واقعة مؤكدة، سواءً كانت تخص الحكومة أو أعداء الحكومة، وهناك مقال كتبه أحد العاملين بهذه اللجان الحكومية يصف تجربته وكل شيء. للأسف لا أجد هذا المقال أبدًا في ذاكرة الكمبيوتر المليئة بالكراكيب عندي.

تذكرت هذا المقال، وأنا أطالع تعليقات أحد القراء على موقع في "فيس بوك".  

Tuesday, September 22, 2015

ثقافة الديكا.. يا ويكا



فتحي سرور يا ويكا‏..‏ الكل يحبك حب الفرخة للديكا
أما حبك للقانون فهو في دمك وكلاويكا
أستاذ قانون ناجح لم تعرف شغل البولتيكا
 لأن مصر دايمًا في قلبك‏..‏ ليس لها شريكا
طلبة الحقوق بيقولوا كلامك حلو وسكر‏..‏ وعامل زي المزيكا

Thursday, September 17, 2015

طلع إيدك من جيبك يا دكتور


عندما قرأت قصة محافظ الجيزة الحازم الذي أمر طبيب وحدة كرداسة بأن يخرج يده من جيبه، تذكرت على الفور قصة وفيلم فيديو أرسلهما لي أيام مبارك د. أحمد حسين عبد السلام من نقابة الأطباء. رأيت الفيلم  فرأيت مجموعة من الأشخاص الوقورين يجلسون متجاورين في ممشى علي السلم بانتظار شيء ما، كأنهم متهمون ينتظرون أن يدخلوا لرئيس المباحث، ويقرأ أحدهم الصحف لتزجية الوقت. قال لي د. أحمد في خطابه: "ذهبت يوم الخميس 20/5 الساعة الثانية ظهرا إلي الوزارة لزيارة بعض الأطباء المعاقبين ومعرفة تفاصيل مشكلتهم، وبعد معاناة في البحث عن مكانهم وجدتهم في مكان وكأنه اختير خصيصًا (كغرفة فئران) لعقاب من يريد المسئولون التنكيل به، وعرفت الآتي: قامت لجنة مكلفة من السيد اللواء محافظ أسيوط بالمرور علي مستشفي منفلوط المركزي الساعة الثالثة فجرًا وتم إثبات غياب هؤلاء الخمسة الإخصائيين. فقامت مديرية الشئون الصحية بأسيوط بالتحقيق مع الأطباء وتوقيع عقوبة 10 أيام جزاء علي كل منهم. بعد مرور أيام قامت وزارة الصحة باستدعائهم للتحقيق معهم وأمرت بحضورهم إلي ديوان الوزارة من يوم السبت 15 مايو (رغم أنه عطلة بالوزارة). منذ هذا التاريخ وهم يحضرون إلي ديوان الوزارة يوميًا من الساعة 9 صباحا حتي الخامسة مساء، ومكان انتظامهم طرقة ضيقة في مكان تصل إليه بصعوبة، وبجوار الأطباء مخلفات وزبالة من استعمال الموظفين. جلست معهم بعض الوقت وقمت بتصوير هذا الواقع وتصادف مرور موظفة قامت بإبلاغ د. سمير النمكي الذي قام بدوره بإرسال الأمن ظنا منه أنني صحفي، فأخبرتهم بأني سوف أحضر لهم طعامًا وشرابًا حيث إنهم ممنوعون من الخروج فقالوا هاته واحنا نوصله لهم، وبالفعل حدث ذلك. لست ضد التحقيق معهم لتقصيرهم رغم أنه تم جزاؤهم فعلاً ولا يجوز التحقيق في واقعة مرتين، ولكني ضد هذه الطريقة غير الآدمية فلو مررت عليهم دون أن تعرف لظننتها تهمة أخلاقية". انتهى الخطاب.

Friday, September 11, 2015

تحت الأمطار

كتبها د أحمد وعمره 19 عاما


وحيدًا في زحام الناس
أمضي حاملاً ذاتي
غريبًا
في ضجيج الأرض
أحسو خمر آهاتي
ظلام الليل والأوحال تغمر بالأسى دربي
وتلك اللهفة الحمقاء
كي أصغي لأنّاتي !!

*******

Wednesday, September 9, 2015

أرضية غير ثابتة


الصغير السوري غاف على الشط فلا توقظوه.. تكلموا همسًا... ثيابه الجميلة تشي بعناية أم مُحبِّة حنون. الـ«تي شيرت» الأحمر يذكرك بزهرة قانية قذفها الموج هناك. إنه نائم وقد انكفأ على وجهه، لكنك ترى خده (الملظلظ) الممرغ في الرمال يحلم.. يحلم بالبطة والقطة وسبونج بوب... نائم بعمق هو، لكن يبدو كأنه من السهل أن يفيق إذا سمع ضجيجًا. فلنتركه ينعم بغفوته، برغم أنه من الأفضل أن نوقظه لو استطعنا لنستعيد توازننا النفسي.


يا حبيبي يا ابني.. لا تعرف حرفًا عن بشار ولا العلويين ولا النصرة ولا داعش ولا الرقة ولا حصار حلب ولا دولة الخلافة. لا تعرف شيئًا على الإطلاق سوى أرنوب وبطوط. أنت قطة صغيرة دهمتها سيارة.  هذه الصورة القاسية ذكرتني بصور أخرى مماثلة في القسوة... صفوف جثث الأطفال المتراصة بعد مذبحة الغاز في الغوطة... الملائكة النائمون يحلمون. الرضيعة الفلسطينية إيمان حجو التي تغفو في سلام والبامبرز يحيط بخصرها. فقط عندما ترى ظهرها ترى فجوة دامية بحجم قبضة اليد صنعتها قذيفة اسرائيلية. وماذا عن محمد الدرة الذي ذهب سعيدًا مع أبيه للسوق ليشاهد سيارة مستعملة يريد الأب شراءها.. ثم لم يعد قط.. ظل صغيرًا للأبد...

Tuesday, September 8, 2015

711

بص وطل

توفي الكاتب الشاب والمخرج المبدع البراء أشرف، ولم ألتق به سوى مرة واحدة، لكني كنت قد بحثت عن رقم هاتفه واتصلت به مهنئًا بعد ما رأيت على قناة الجزيرة فيلم (تلفزيون الحقيقة) الذي كتبه وأخرجه. عندما أنبهر بشيء فأنا أنبهر به جدًا وبلا تعقل، لذا رحت أمطره بالإطراء عبر الهاتف وهو مرتبك. وأعتقد أن هذا كان عام 2011. منذ ذلك اليوم عرفت أنه كائن متمرد حساس عبقري، وكانت بيننا صداقة طويلة عبر الهاتف إلى أن التقينا مرة واحدة وأعطاني الكارت المثلث الأنيق الذي يحمل رقم هاتفه وعنوانه، وما زال تحت زجاج مكتبي في هذه اللحظة بالذات. لقد فقدنا فنانًا رائعًا مرهفًا بالتأكيد، ولا أجد ما أقدمه لذكراه سوى أن أنشر من جديد المقال القديم الذي كتبته عن فيلمه في موقع بص وطل. سامحني يا صديقي لو لم يرق لك المقال.


===================

عندما تقدم فيلمًا تسجيليًا عن شيء جميل فأنت قد تزيده بريقًا وألقًا وقد تفسده تمامًا. قناة ناشونال جيوجرافيكس مثلاً تقدم لنا روائع الطبيعة بالاستعانة بأعظم مصورين ومخرجين على ظهر البسيطة.. النتيجة معروفة للجميع ولا تحتاج إلى شرح. هكذا نحن نتكلم عن روعة الموضوع وروعة تقديم روعة الموضوع !

Thursday, September 3, 2015

اقتلوا حامل الرسالة



لم أستطع قط نسيان قصة يوسف إدريس العبقرية عن عالم الأنثروبولوجي الذي ركب حافلة مزدحمة كعادته اليومية، ففوجئ بأن رجلاً يتحرش بامرأة.. يتحرش بها لدرجة أنه بدأ رفع ثوبها من الخلف، والعرق يسيل من جبهته وهو يلهث كالثيران، هنا صرخت المرأة:
ـ"الحقوني يا ناس.. ده بيقلعني هدومي!"

هنا انهال عليها المتحرش بخمس أو ست صفعات، وراحت الحافلة كلها تشتمها وتتهمها بالعهر. لو كانت مؤدبة حقًا لما أحدثت هذه الضوضاء. وسرعان ما تم طرد المرأة من الحافلة مبعثرة الثياب مهانة.  كاد عالم الأنثروبولوجي يجن من فضوله العلمي لفهم هذه الظاهرة، فهو لم يتخذ موقفًا أخلاقيًا بل علميًا. صاح وسط الحافلة أن يا قوم كلكم عرفتم أن الرجل تحرش بها، فلماذا لم تعينوها وانهلتم عليها بالشتائم؟ النتيجة هي أن الصفعات انهالت عليه هو مع الشتائم، وسرعان ما وجد نفسه بدوره ملقى على الأسفلت ممزق الثياب مرضوضًا. لم يستطع قط فهم هذه الظاهرة الغريبة، لكنه واصل ركوب نفس الحافلة يوميًا لأنه لا يوجد حل آخر للذهاب لكُليته!

Wednesday, August 5, 2015

حجة اللئام



كانت تلك الطبيبة غاية في الثراء، فلابد أن أهلها يملكون إحدى جزر الأوقيانوسية بِمَن عليها من بشر. وهذه الأسرة تملك نفوذًا هائلاً، من الطراز الذي يسترد رخصة القيادة بعد خمس دقائق لو جرؤ رجل مرور على أخذها أصلاً، ويمكنه أن ينهي إجراءات تجديد الرقم القومي في صالون البيت على طريقة (عريس من جهة أمنية)، ولديها حشد من أونكل فلان وأونكل علاّن الذين يمكنهم أن ينهوا أي مشكلة بمكالمة من طراز (والله واحشنا يا بيه).. وأي كلام تتكرر فيه كلمتا (يا بيه) و(يا باشا) ألف مرة.

Wednesday, July 29, 2015

أبــاحة


عندما كان ابناي صغيري السن، كانت هناك قناة مختصة بعرض أفلام الرعب، وهي من تلك القنوات التي ما أنزل الله بها من سلطان. صورة خشنة رديئة وأفلام مسروقة وشريط إعلانات لا يتوقف طيلة العرض، وهي إعلانات عن كريم بيض النمل (لا أمزح) ومنع الحسد والعفاريت، وأرض للبيع في ميدان التحرير سعر المتر عشرة جنيهات، واشتر مروحة صينية لا تعيش أكثر من خمس دقائق، ولسوف نعطيك ست مراوح أخرى هدية .. إلخ ..


هنا ظهرت تلك الإعلانات الغريبة عن مناديل إطالة الوقت. وقد سألني الصغيران عن معنى هذا ولم أكن أعرف، لكن افترضت أنها (حاجة أبيحة)، وكان حماسهما شديدًا.. هذه لعبة مسلية بالتأكيد..  يكون موعد حلول الظلام بعد نصف ساعة فتجعله هذه المناديل بعد ثلاث ساعات، ويكون باقيًا على الامتحان ساعة فتصير ساعتين بفضل هذا الاختراع العبقري.

Tuesday, July 28, 2015

داعشيات - 5


[http://www.politico.com/magazine/story/2014/06/al-qaeda-iraq-syria-108214.html]

نستكمل المقال الشهير بالغ الأهمية لـ (رانيا أبو زيد)، والذى أفادنى كثيرا. كما قلنا: سيطرت داعش على الرقة ورفعت العلم الأسود، لكن التنظيم لم يتعرض لغارات النظام السورى العنيفة التى تهاجم باقى أجزاء سوريا، مما دعا المعارضة السورية إلى اتهام داعش بأنها صنيعة النظام. لا يوجد شيء يدعم هذه الفرضية، لكن (داعش) جعلت نظام الأسد يبدو –كما يزعم عن نفسه بالفعل– نظاما متمدينا يواجه قوى متطرفة وحشية، وحتى جبهة النصرة بدت رقيقة جدا بالمقارنة بداعش، وكما قال أحد القادة للصحفية: «داعش متوحشة، وتتصرف كمنشار يقطع من الناحيتين.. بينما النصرة أقرب للتعقل». وفى 3 يناير 2014 أعلنت القاعدة أن داعش لا تمثلها وتتصرف وحدها، وقالت داعش إن القاعدة فى عصر الظواهرى صارت أضعف وأقل التزاما من القاعدة فى عصر ابن لادن.

Friday, July 24, 2015

محمد محمد خميس


أهمية هذه القصة تنبع من كونها حدثت فعلًا، أما لو كانت مختلقة فهي تحوي الكثير من المبالغة والسخف. الحياة أكثر جرأة من الأديب، وتفعل أي شيء في أي وقت كما تريد. الأمثلة تفوق الحصر..


محمد محمد خميس..  يقف هناك أمامي في عيادة الجراحة المزدحمة.. في الستين من عمره.. الفلاح المصري التقليدي الفقير الذي ترعرعرت البلهارسيا وازدهرت من جسده.. الجلباب الممزق، والعينان اللتان غلفتهما سحابتان رماديتان.. القدمان المغلفتان بجورب سميك من (القشف) المتشقق.. نظرة البؤس المريرة والصبر من عهد أمنمحات الثالث. "محمد محمد خميس" هو الاسم مستعار طبعًا لكنه قريب من الأصل جدًا

Thursday, July 23, 2015

فتى الليمون


رئيس أوروجواي المحبوب خوزيه موخيكا نموذج للمناضل اليساري الشريف بالمعنى الحرفي للكلمة، فهو قد تولى الرئاسة عام 2010. ومنذ البداية أجرى إصلاحات اقتصادية كبيرة في أوروجواي، بعضها جريء، وبعضها غريب مثل إباحة الإتجار بالقنب الهندي – الحشيش عدم المؤاخذة –  وقد اشتهر بأنه أفقر رئيس جمهورية في العالم، لأنه يتبرع بتسعين في المئة من دخله الشهري للجمعيات الخيرية.  أي أنه يقبض 12 ألف دولار يحصل منها فعلًا على نحو ألف تقريبًا، وهذا وضعه فعليًا في طبقة الفقراء في بلده. سيارته فولكس متهالكة موديل 1987، ويعيش في بيت ريفي،  وبالطبع ليس له حساب مصرفي. هذا رجل يصعب علينا في العالم العربي أن نتصور وجود مثله، وهو يذكرك بقصص الخلفاء والحكام الصالحين المتقشفين في تاريخنا العربي.

ليس هذا موضوع المقال على كل حال..

Tuesday, July 21, 2015

داعشيات - 4


المقال التالى هو مقال طويل شهير جدا لمراسلة استرالية حسناء من أصل لبنانى، ولها أعصاب فولاذية أقوى من ألف رجل. أتكلم عن «رانيا أبو زيد» طبعا.
تقول رانيا -وهذا عرض مختصر وليس ترجمة لمقالها: إن القصة بدأت فى مارس من العام 2011 عندما بدأت الثورة السورية بالشكل المعروف لها، وحاول الأسد عمل بعض الإصلاحات الشكلية فى الوقت الذى سمح فيه لرجاله بقتل المتظاهرين. تم الإفراج عن مئات الإسلاميين كما قلنا من قبل. أدرك الإسلاميون منذ البداية لعبة النظام.. لقد أطلق النظام السورى سراح مئات الجهاديين من السجون، وهى خطوة أراد الأسد بها أن يظهر الثورة السورية كأنها مؤامرة لقوى التطرف.. يريد أن يقول للعالم كله: «انظروا إلى الإرهابيين.. أنا مضطر!» لقد كانت القوة الإسلامية الوحيدة قبل ذلك هى الإخوان المسلمون، الذين أبادهم حافظ الأسد فى حماة وذبح 20 ألفا منهم. أما اليوم فكل شىء سيتغير بينما ثمانية رجال مدججون بالسلاح والمتفجرات، يعبرون الحدود العراقية السورية فى ليلة من ليالى رمضان أو أغسطس 2011. ينتظرهم جهاديون من الذين أفرج عنهم الأسد. يدخلون عبر طرق التهريب إلى الحسكة، بينما سوريا فى شهرها الخامس من الثورة السلمية على بشار الأسد. قائد الثمانية رجل جاء من القاعدة يسمى نفسه محمد الجولانى، وهذا يشى طبعا بأنه سورى من الجولان، أما مساعده الشاب فاسمه أبو بكر البغدادى الذى لا نعرف عنه إلا القليل.

Wednesday, July 15, 2015

رامز للأبد


لا أتابع التلفزيون في رمضان أبدًا، كنوع من الاحتجاج الصامت على سيل المسلسلات المتدفق الرهيب. لكني أرغم في ساعة الإفطار على مشاهدة رامز جلال في برنامجه لأن الأولاد –مع كل مصر– يشاهدونه.


رامز جلال قصة حب عتيدة في حياتي منذ كان يخيف النجوم بالأسود ومطاردات قطاع الطرق، إلخ. وكتبت عن ذلك وأنا في حالة بالغة من الغيظ، قائلاً إن برامج استفزاز الناس وترويعهم بلغت درجة ألعن من كل ما شوهد من قبل، فإذا كانت الحلقة ملفقة فما جدوى ما يفعله؟  فقط يخدعنا بشكل مقزز سخيف، وإن كانت حقيقية فهو يروّع الناس بدرجة مستهترة شبه إجرامية. برامج هذا العام تلعب كلها حول السقوط من طائرة. في أثناء تصوير فيلم (منطقة الشفق -1983) سقطت طائرة هليوكوبتر بطريق الخطأ فأطارت مروحتها عنق بطل الفيلم (فيك مورو) وطفلين كان يحملهما، وهو دليل على أن (الهزار بيقلب بجد) حتى لدى الأمريكان. وفي اعتقادي أنه ستحدث كارثة يومًا ما مع أحد هذه البرامج -ليس هذا العام بالضرورة- من ثم تتوقف نهائيًا.

Tuesday, July 14, 2015

داعشيات - 3


أرسل لى د. طه بالى مقالا كتبه ياسين الحاج صالح، وهو مفكر سورى مهم. شقيقه خالد الحاج هو الذى أطلق اسم داعش على تنظيم الدولة. المقال رائع لكنه صعب ومتقعر وليست الصحف مكانه، لذا آثرت أن أنقل لك ملخصا لمقالين آخرين..



المقال الأول يتكلم عن اقتصاديات التنظيم، فلا يجب أن ننسى أن التحالف ينفق عشرة ملايين دولار يوميا فى حربه الخائبة على داعش، بينما يكسب التنظيم نفس المبلغ يوميا من بيع البترول والآثار. التنظيم سيطر على كل المحافظات السنية العراقية تقريبا وامتدت سيطرته إلى محافظتين فى شرق سوريا، بينما جاء 300 خبير أمريكى إلى بغداد لدراسة الموقف لمعرفة ما تستطيع أمريكا عمله. ويعكف خبراء معهد راند على دراسة عدد هائل من الوثائق المتعلقة باقتصاديات التنظيم، ولربما تصدر فى كتاب هذا العام. 

Tuesday, July 7, 2015

أكل زبالة - 2


عندما ظهرت مطاعم الوجبات السريعة، وعندما صار طفلاى واعيين للمكان والزمان، فإنهما اعتبرا هذه المطاعم جنة الأطفال. دخولها مكافأة والحرمان منها تنكيل، وعندما كانت الانتفاضة الفلسطينية فى ذروتها حرمت على نفسى وأسرتى بعض المطاعم الأمريكية الشهيرة، مع قائمة طويلة من المنتجات والمحلات والمشروبات.. لكن الطفلين لم يفهما مبرر هذا النوع القاسى جدًّا من العقاب. بعد فترة طويلة من المقاطعة فطنت إلى أننى العربى الوحيد الذى يطبقها، ورأيت زجاجات البيبسى كولا على موائد اجتماع القادة الفلسطينيين فى ذروة المذابح الإسرائيلية. هكذا تفككت المقاطعة ببطء وقد كنت من أكبر دعاتها. ليس هذا موضوعنا على العموم.. ما أردت قوله هو أن الأطفال منذ اللحظة الأولى وقعوا فى غرام تلك المطاعم، وكان ابنى يحكى لى وهو طفل عن (عمو ماكدونالد) الذى يحب الأطفال ويقدم لهم الشطائر والمشروبات الغازية، ولم يقتنع أن أباه الأحمق هو من يدفع ثمن هذا، وأنه لو مات جوعًا أمام (عمو ماكدونالد) فلن يعطيه لقمة مجانية واحدة.


داعشيات - 2



عن داعش، أستكمل خطاب صديقى السورى طه بالى استشارى الأمراض العصبية فى الولايات المتحدة:

«بالواقع، فإن فشل التحالف الدولى الذى يستخدم الطيران فقط فى محاربة داعش هو أمر ليس بالغريب. على مدى العقود الماضية، لم تنجح دول عظمى فى التغلب بسهولة، أو على الإطلاق، على ميليشيات مسلحة رغم توظيفها لقوات برية حتى. لاحظ تجارب الولايات المتحدة فى فيتنام وأفغانستان والعراق والاتحاد السوفيتى فى أفغانستان والشيشان.. إلخ. دون حل سياسى شامل فى كل من العراق وسوريا يوصل البلدين إلى مرحلة انتقالية ديموقراطية لن يمكن التغلب على داعش وتوابعها. فى الواقع، حضرتك تشير إلى ذلك فى مقالتك نفسها بشكل غير مباشر عند حديثك عن مصر، ولهذا أستغرب تلميحك لكون الموضوع مؤامرة أو مخططا شريرا، بينما أعتقد شخصيا أن المشكلة هى أولا وأخيرا مشكلتنا الخاصة فى كل من العراق وسوريا مع دور ثانوى يلعبه الغرب، إيجابا او سلبا. مشكلة داعش بالذات هى مشكلة معقدة، يختلط فيها القبلى مع السياسى مع الدينى مع الاقتصادى».

Tuesday, June 30, 2015

لا تنبُشْ بعمق


هي أديبة شابة من الجيل الذي بدأ قراءة قصصي في الصف السادس الابتدائي، ثم بدأ يجرِّب أن يكتب أشياءَ مماثلةً، ثم أشياءَ أفضل، وفي النهاية صارت كلماته جديرةً بحسدي وغيرتي. وجدتُ مقالًا قصيرًا لها، أقرب إلى قصيدة قصيرة تقول فيها ما معناه:

هو ذلك الحبيب المرهف… الفارس الوسيم الذي يحتوي وجودي كله. لا أعرف اسمه ولا شكله، لكني سأعرفه عندما أراه، سوف يصغي لهذياني ويحب نفس الكتب التي أطالعها، ويقرأ نفس أبيات الشعر. يبدأ اليومَ بتقبيل أناملي ويعانقني من حين لآخَر… يتبنَّى نفسَ أفكاري ويرى نفس آرائي، ويترك كلَّ شيء في العالم كي يأتي لي أنا… إلخ… إلخ

هذا هو ما أذكره من الكلام طبعًا، وقد كتبَتْه بأسلوب رشيق راقٍ لم أحتفظ به للأسف. البنات بارعات فعلًا في كتابة هذه الأمور؛ لأنها جزءٌ من خلاياهن، بينما نحن الرجال نفتعلها أحيانًا، أو نكشطُ طبقاتٍ من الطين والدم والعَرق تكسو جلودنا لنصل لهذه المشاعر. كلُّ إنسان يحتاج لدرجة طاقة معينة للوصول لروحه، وأنت ترى سائق «التوك توك» الذي رفع صوت السماعات لأعلى درجة ممكنة، مع أغنية مهرجانات لا يمكن تحمُّلها، وبرغم هذا يُطرَب وينتشي… لم يكن ممكنًا الوصول لروحه بطريقةٍ أرقَّ أو أرقى أو أخفض صوتًا؛ بينما روح المرأة قريبة للسطح جدًّا، ولا تغطيها سوى طبقة من الجلد الرقيق، هذا بالطبع قبل أن يكسوها ركوبُ الميكروباص وزحام القاهرة بطبقةٍ كثيفة شبيهة بما يكسو روح الرجال

داعشيات - 1



منذ ساعات قام أحد انتحاريي داعش بتفجير مسجد للشيعة في الكويت. قبل أسبوع رأينا فيلمًا جديدًا يظهر ابتكارات داعش الفنية الجديدة في الإعدام. هذا التنظيم يملك نزعة استعراض لا شك فيها، وقد تحدثت قديمًا عن (باليه الذبح) الشاعري الذي قدمه مع جنود سوريين، ثم مع المصريين الغلابة، واليوم تقدم لنا داعش ابتكارًا جديدًا هو الموت غرقًا في قفص أو قطع الرأس بالديناميت أو الاحتراق في سيارة مغلقة. الأمر لم يعد يتعلق بقضية سياسية أو دينية أو ترويع الأعداء، بل هو تلذذ سادي بالوحشية كالذي كان الرومان يشعرون به عند رمي المسيحيين للأسود. بالتأكيد لم يفعل أحدهم هذا تقربًا لزيوس وفينوس بل لأن مشهد التمزيق الدموي غاية في حد ذاتها. يحبون الدماء للدماء كما نحب الفن للفن.

Thursday, June 25, 2015

الدكتور يقول



في قصة قديمة لي، حكيتُ عن طبيب شاب اسمه ثروت:

«أنت تعرف (ثروت البربري).. عينان ملونتان لهما لون البرسيم، وشعر بني مجعد، وقامة نحيلة. الطبيب الشاب المفعم بالأحلام، والذي يعرف يقينًا أنه سيكون رائعًا وسوف يبهر العالم.. ربما يحكمه كذلك. هنا يجب أن نقول إن نمط (ثروت) شائع نوعًا بين الأطباء، فهو من أصل ريفي، ومنذ دخل كلية الطب نال احترامًا ووضعًا مرموقًا جدًا في قريته.  إنه يفحص المرضى بقلبٍ جريء ويكتب العلاج لهم من أول يوم له في الكلية، وبالطبع يرتكب أخطاء قاتلة، ثم مع الوقت بدأ يتكلم.. يتكلم في السياسة والدين والأدب والفلسفة، وكان يتكلم بلا أي خلفية ثقافية أو قراءات يستند إليها. لكنه تعلّم أن الناس يصغون له باهتمام واحترام.. إن (الدكتور) يتكلم فأنصتوا.  إنه الخلط المعتاد في مجتمعنا حينما يفترض أن المتفوق في دراسته مثقف حاد البصيرة كذلك. وهكذا كانت آراؤه تتخذ صيغة شبه مقدسة، ولكم من مرة جلس رجال واسعو الخبرة شابت شعورهم وشواربهم يتناقشون في قضية ما، ثم يلتفتون نحوه قائلين:
ـ"فلنسمع رأي الدكتور في هذا.."

كان يتنحنح ويتكلم في وقار.. يقول أي شيء، فكانوا يوافقون على كلامه في احترام..

Monday, June 22, 2015

شمشون وعنتر



فى رائعة جورج أورويل التى لا تموت أبدا(1984)، نعرف أن البطل يعمل فى وزارة الحقيقة؛ وهى وزارة مهمتها حجب الحقائق وتشويهها. بلغة الكلام الجديدة التى تختصر كل شيء يمكن أن نسميها (الوقيقة). وهذه الوزارة مهمتها تغيير الماضى كأنه لم يحدث، ليصير شيئا آخر.. ومع الوقت تصير هذه هى الحقائق الجديدة وينسى الناس. هل كانت البلاد فى حرب مع ايستاسيا أم يوراسيا ؟ ألم تكن تحارب أوراسيا ؟ تأتيك الإجابة أنك تهذى.. البلاد لم تحارب أوراسيا قط.. ألم يكن فلان موجودا منذ سنين ؟ تأتى الإجابة أنه لم يوجد قط.. إنه Unperson.

تكررت أحداث رواية 1984 بوضوح مع ثورة يناير 2011، حيث تم تشويه الحقائق، وصانعو الثورة تحولوا لخونة، ومن قامت ضدهم الثورة صاروا أبطالا، وأحداث أيام واضحة جلية مثل موقعة الجمل أو محمد محمود تحولت لضباب فلم يعد أحد يذكر من كان المجرم ومن الضحية. والمشكلة أنك تجد دائما من هم على استعداد لقبول أى شيء وتصديقه، وتوجيه أقذع السباب لمن يقولون العكس..

Wednesday, June 17, 2015

بستك عليه



فى مقال كتبته منذ شهور، قلت: «أذكر عام 1986 أننى كنت طبيب امتياز، وكنت أركب الحافلة فى الصباح عائدًا لدارى مرهقًا، إذ لم أنم الليل بطوله بعد نوبتجية سوداء.. دعك من البلطجى مدمن المخدرات الذى كاد يمزقنا بالمطواة أطباء وممرضات فى الثالثة صباحًا.. وكان فى جيبى خمسة جنيهات هى ما بقى من الراتب، (وهى تساوى خمسين جنيهًا اليوم)، بينما جلس خلفى رجل عالى الصوت يحكى لصديقه فى حماسة:
"هؤلاء الأطباء الملاعين الجهلة يحصل كل واحد منهم على ألف جنيه يوميًا، وفى مسكن الأطباء ينعم بأفضل فراش وأرقى الأكلات ويهمل المرضى تمامًا، ثم يذهب للقسم ليلاً ليضاجع الممرضات جميعًا ويسرق الأدوية... إنهم حطب جهنم !.."

طبعاً كان كلامه معجونًا بألف (ابن كذا) وألف صوت حلقى مستنكر وألف وصف لعورات الأمهات. بالطبع لم أقل شيئًا وأسندت رأسى للزجاج وغبت فى نوم عميق. هناك درجة من الظلم وخطل الرأى تجعلك عاجزًا عن قول حرف واحد»

عن الهراء العلمي


كتبت كثيرًا عن غزارة الاختراعات والاكتشافات التي نسمع عنها في مجتمعنا كل يوم. علاج الإيدز بالكفتة مثال شهير، لكن هناك أمثلة لا تنتهي.. وكما يقول الساخر الجميل أسامة غريب في تويتاته:
"تلميذ بالإعدادية من كفر أبو لبن يخترع صاروخًا مضادًا للدروع من بقايا واحد شاي سكر برة".
و
"فريق بحثي يتمكن من تحويل رغيف كبدة إلي اتنين شاي بالنعناع سكر برة لعلاج الرمد".


Tuesday, June 16, 2015

الشعر أم الرواية؟


أعشق متابعة المعارك الأدبية الشَّرِسة التي كانت تدور في العصر الذهبي للأدب العربي المعاصر؛ فهي تعكس حيوية فكرية غير عادية، وتعكس رُقِيًّا شديدًا. ما زلتُ أنبهر عندما أرى معارك لا تتم فيها شتيمة الأمهات أو جرح الأعراض، والأهم أنها معارك لا تدور حول اتهامات اختلاسٍ أو فسادٍ أو تقاضي أموال من نظام كذا وكذا، بل هي معارك حول معانٍ راقية سامية كالشعر والأدب … معارك عقول لا تحمل سلاحًا غير المنطق.


بطبيعته المشاكسة الباحثة عن المعارك حيثما كانت، كان للعقاد الباع الأكبر في هذه الصراعات، وقد قرأتُ عن معاركه فصلًا كاملًا في مجلة الهلال، فشعرتُ أنه قد اختلف مع الجميع تقريبًا.

Friday, June 12, 2015

ما تيجى تبيع يابا؟!



من الأمور المستفزة فعلاً أن يستعمل أحدهم كلماتك وأسلوبك واسمك لينشر آراءه السياسية أو العاطفية. ذات مرة دخلت صفحة فيس بوك تحمل اسمي ولا علاقة لي بها، لأجد من يدعى أحمد خالد توفيق يرد على القراء بعبارات لطيفة، ويغازل البنات زائرات الموقع، ويستعمل عبارات (أدبية) لزجة لا أتصور أن أنطق بها، حتى تخيلت أن يتحدث عن (السؤدد والعلياء والسيارة التي تنهب الأرض نهبًا وتطويها طيًا). هذه هي المرة الرابعة تقريبًا التي أضطر فيها لنشر تكذيب. يا شباب أنا كهل مسن متشكك لا يجيد التكنولوجيا ولا يتعامل بالفيس بوك أو تويتر، ولا يعرف كنه انستجرام وواتساب وسكايب، كما أنني ذئب متوحد يمقت الشبكات الاجتماعية. على كل حال يظل هذا خطرًا هينًا. كانت هناك صفحة باسمي على الفيس بوك وجدتها - بمحركات البحث - ، وكانت تسب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد استعنت بصديق لى كى يتم حذفها. 

Monday, June 8, 2015

معسكر الفائزين



1- النبيل: قابلته للمرة الأولى فى الشارقة. المشكلة التى أعانيها دوما هى ميلي للانطواء والعزلة، لهذا لم أعرفه عندما اتجه نحوى ليصافحنى فى حرارة، بينما أنا أتساءل أين رأيت هذا الوجه الذكى الوسيم من قبل؟. قال لى بلهجة متواضعة تقريرية: «فؤاد قنديل .. روائي». وقد قالت لى الناشرة والروائية أمل فرج همسا بعد ذلك: «لقد ظلمتك .. كنت أحسبك تتجاهل الناس بسبب الغرور، ثم فطنت إلى أنك لا تعرف أحدا على الإطلاق!».

وهو ما يمكن ترجمته بـ (الحمدلله أنك جاهل ولست مغرورا!). هذا صحيح إلى حد كبير .. فأنا أعشق فؤاد قنديل وأعرف صوره جيدا، لكنى لم أربط بينها وذلك الرجل اللطيف. كان فؤاد قنديل أكبر بكثير من كلمة روائى التى قدم بها نفسه، بل هو مشروع ثقافى كامل .. قال لى إنه كان متوعكا بشدة فى الفترة الماضية، ولم أعرف أنها المرة الأولى والأخيرة لأنه سيرحل بعد شهر تقريبا. ليرحمه الله .. أعتقد أنه أكبر خسارة أدبية حلت بنا منذ رحيل الخال الأبنودى.

ننتقل إلى موضوعنا اليوم

Saturday, June 6, 2015

أكل زبالة - 1



منذ عشرة أعوام كنت أشرح لطلبة الطب علامات نوع من الحميات، فقلت إنها تحدث ورمًا شبيهًا بالدونات Doughnut granuloma  فى الكبد .. هذه التشبيهات الغذائية المقرفة شائعة فى عالم الباثولوجيا، ويطلقون عليها اسم (باثولوجى محلات الأطعمة Delicatessen pathology). نظر لى الطلبة فى حيرة.. ما معنى الدونات؟. شرحت لهم أنه نوع من العجين الخواجاتى يُباع فى المهندسين والزمالك ورسمته لهم، وقلت: "هو نوع ممسوخ من كعك العيد (الحلقات) الذى كانت تصنعه المرحومة أمى".

بعد قليل قلت إن انسداد أوردة الكبد الصغيرة يحدث نتيجة لأكل الجُعضيض والرِجْلَة، كما علمنا فقيد الطب العظيم د. فؤاد ثاقب. عادوا ينظرون لبعض فى حيرة. فقلت لهم: "اختاروا طبقتكم.. إما أن تعرفوا الدونات مثل (شيرى) وإما تعرفوا الجُعضيض مثل (ست أبوها).. لكن من الصعب ألا تسمعوا عن الاثنين!"

Saturday, May 30, 2015

استراحة

مجلة الشباب


أكتب في مجلة الشباب منذ أحد عشر عامًا، ومنذ شرفني فقيد الصحافة لبيب السباعي بدعوتي لكتابة قصة شهرية. بدأ الأمر بحوار صحفي معي في منزلي بطنطا أجراه شاب متحمس اسمه شادي (لا أعرف أين هو اليوم)، ثم فوجئت بأن الحوار لن يُنشر لأن الأستاذ لبيب اقترح نشري أنا شخصيًا بدلاً من الحوار!. ، وهكذا بدأت حلقات (الآن نفتح الصندوق) مع دكتور محفوظ. في اليوم الأول تعرفت الأستاذ محمد عبد الله الشاب المتحمس النشط الذي صار رئيس التحرير لمرتين.  بعد فترة دعاني محمد عبد الله إلى إغلاق الصندوق وكفاية كده على دكتور محفوظ، لتبدأ سلسلة مقالات اخترت لها عنوان (شاي بالنعناع).  وعاصرت الأستاذين محمد عبدالله وحسن فتحي ثم محمد عبدالله ثانية. بعد هذا قام بعملية ثورية هي تحويل المجلة إلى جريدة أسبوعية رشيقة، مع جعل المقال أربع مقالات قصيرة.

Wednesday, May 27, 2015

شهر كئيب



هكذا كنت جالسًا في سرادق العزاء أرمق زحام المراهقات والأمهات المسربلات بالسواد يحتشدن على الباب وهن يبكين بحرقة، وكانت مريم ابنتي وأمها في الجانب الآخر من السرادق مع السيدات طبعًا. لقد ماتت (رنيم) الرقيقة الهادئة – ابنة السادسة عشرة – صديقة (مريم). أخفينا الخبر عن مريم بعض الوقت لكنها فتحت (الفيس زفت)، فرأت أول ما رأت صورة صديقة عمرها. انفجرت في البكاء الحار. لم أستطع معرفة كيفية وفاة رنيم، فالأقاويل كثيرة حول انفجار في الزائدة وخطأ في التشخيص من طبيب افترض أن هذه نزلة معوية، ومن قائل إنه تم استئصال الطحال في المنصورة لسبب لا نعرفه.. لم أتبين الحقيقة قط ولم أجرؤ على سؤال أبويها، فقط تذوب الأسئلة وتبقى مرارة الموت والثكل. هكذا كنت جالسًا جوار باب السرادق أصغي لصوت المقرئ الشجي، وأرى في الشارع من بعيد أسراب الفتيات اللاهيات يتنزهن، ويتبادلن الضحكات والمرح، ذاهبات لجلسة هواء طلق في النادي، أو احتساء الميلك شيك في كافتيريا، وبالطبع ستفتح كل واحدة الموبايل ليتبادلن صور القطط الصغيرة و(السيلفي) عبر (واتساب). رنيم كانت ستكون بينهن بالتأكيد.. بل كانت بينهن فعلاً أول من أمس، ولكنه القدر. لن تضاف مقاطع جديدة لصفحتها على فيس بوك وسوف تظل في السادسة عشرة للأبد. لن .. ولن ... كمية خواطر قاسية، مع ذكريات لا حصر لها في المدرسة وحفلات أعياد الميلاد والدروس و.. وجدتني أنفجر في البكاء و(أبربر) كالأطفال. وأعتقد أنني وجدت الباب وأكف أهل الفقيدة لأصافحها بالكثير من العسر. ليرحمها الله ويمنح أبويها الصبر.

Monday, May 18, 2015

رجل من شارونا


قابلتُهُ أوَّلَ مرة منذ عشرة أعوام في حفلٍ بمكتبة مبارك، وكان — وكنت — من ضمن الأسماء التي تمَّ تكريمها في ذلك اليوم. ظَلِلتُ أرمقُه في افتتانٍ كما تراقِب المراهقةُ مطربَها المفَّضل … إِذَن هو أنت! يعقوب الشاروني … الاسم الذي رافَقَ طفولتي وصار علامةً على الاستمتاع والمنفعة العقلية … الرجل الذي لا يُذكَر أدبُ الطفل في العالَم العربي إلا ويُذكَر اسمه تلقائيًّا. ظَلِلتُ أراقب سكناته وحركاته ولم أستوعب شيئًا ممَّا قيل في الحفل، وبعد الحفل قدَّمْتُ له نفسي راجفًا … لم يكن قد سمع عني قطُّ، لكنه على الفور تأبَّطَ ذراعي كأنني صديق قديم، وراح يناقش الموظفةَ عن كتبٍ استعارها أحفادُه ولم يعيدوها … هذا الرجل يمشي على الأرض مثلنا وله أحفاد إِذَن! ارتكبتُ غلطةً مضحكةً عندما قلتُ له إنني أُعجبتُ جدًّا بكتابه عن الخيال العلمي في الأدب العربي، فقال باسمًا: «لأ … ده يوسف!»


كنتُ أخلط دائمًا بين يعقوب الشاروني ويوسف الشاروني. لهما أخٌ ثالثٌ هو صبحي الشاروني، وهو فنان تشكيلي مهم … كاتب أطفال وفيلسوف أديب وفنان تشكيلي.

مؤامرة الصمت


فى المدرسة الثانوية كنا فى واحد من تلك الامتحانات التى لا أهمية لها، ولا تضاف درجتها إلى المجموع الكلى، لذا كان مسموحا لنا أن نعبث كما نريد وأن نخرج الكتب لننقل منها، والكل كان يفعل ذلك، بعلم المراقبين وصفحهم طبعا. طلب المراقب من أحد الطلبة ألا يحدث صخبا، فقال الطالب متظرفا: «بنغش بس يا بيه !».

هنا استشاط المراقب غضبا، وأصر على طرد الطالب قليل الأدب خارج اللجنة وتمزيق ورقته. خطر لى فى تلك اللحظة أن الفتى استحق هذا العقاب، لأنه قد خرق مؤامرة الصمت أو (الاستعباط) العام الذى يسود اللجنة: أقنعنا أنفسنا أن هذا امتحان محترم وأننا أمناء صادقون، فلماذا يتطوع بأن يذكرنا بأننا نغش؟ ولماذا يهدم سلامنا النفسى بهذه الحقيقة؟


تذكرت هذه القصة عندما عرفت قصة المستشار محفوظ صابر وزير العدل. لقد صرح بأن ابن عامل النظافة ليس من حقه العمل فى القضاء. هنا انقلبت الدنيا كلها عليه، برغم أنه ذكر حقيقة واقعة.. قاسية فعلا وتدل على العنصرية وتخرق الدستور، لكنها حقيقة راسخة. الدستور يقول فى المادة 53 إن الناس سواسية فى الحقوق والحريات والواجبات بلا تمييز، والتمييز جريمة يعاقب عليها القانون.