من الأمور المستفزة فعلاً أن يستعمل أحدهم كلماتك وأسلوبك واسمك لينشر آراءه السياسية أو العاطفية. ذات مرة دخلت صفحة فيس بوك تحمل اسمي ولا علاقة لي بها، لأجد من يدعى أحمد خالد توفيق يرد على القراء بعبارات لطيفة، ويغازل البنات زائرات الموقع، ويستعمل عبارات (أدبية) لزجة لا أتصور أن أنطق بها، حتى تخيلت أن يتحدث عن (السؤدد والعلياء والسيارة التي تنهب الأرض نهبًا وتطويها طيًا). هذه هي المرة الرابعة تقريبًا التي أضطر فيها لنشر تكذيب. يا شباب أنا كهل مسن متشكك لا يجيد التكنولوجيا ولا يتعامل بالفيس بوك أو تويتر، ولا يعرف كنه انستجرام وواتساب وسكايب، كما أنني ذئب متوحد يمقت الشبكات الاجتماعية. على كل حال يظل هذا خطرًا هينًا. كانت هناك صفحة باسمي على الفيس بوك وجدتها - بمحركات البحث - ، وكانت تسب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد استعنت بصديق لى كى يتم حذفها.
كان هناك برنامج لرامز جلال يقلد فيه مطاردة قطّاع الطرق لحافلة سياح في سيناء، وقد بدا لي سخيفًا وكتبت عن ذلك مقالاً. بعد عام وجدت مقالاً آخر لي أنتقد فيه رامز على برنامجه الجديد الذي يدور في مقبرة فرعونية، مستعملاً نفس مقاطع المقال القديم. أي أنني قمت بتغيير اسم البرنامج ونشرت المقال من جديد بعد عام. أثار هذا غيظي، ثم قال لي من نشر المقال الجديد - وهو صديق عزيز: إنه نشر في المقدمة، وبشكل واضح عبارة تؤكد أنها دعابة، لكن من نقلوا عنه المقال حذفوها.
كانت تلك فترة سوداء وجدت فيها أنني غزير الإنتاج فعلاً. هناك عشرات المقالات على النت لم أكتب منها حرفًا، وهناك رواية كاملة لي قمت بتحميلها واستمتعت بها فعلاً مع أنني لم أكتبها! إذا كان هذا كله يحدث وأنا ما زلت حيًا، فإن على المرء أن يتشكك في صحة التاريخ كما نعرفه.
الكل يكتب باسمي! في نفس الفترة رأيت مقالاً لي يؤيد اعتصام رابعة ويعلن أنني عرفت الحقيقة وراجعت موقفي وعرفت معسكر الصالحين إلخ. هذا شيء مستفز فعلاً لأن كاتب المقال يعبر عن رأيه ويعلق على شماعتي آراءه السياسية.
من يقرأ مقالاتي السياسية يعرف رأيي جيدًا، وليس هذا مجال ذكره، لكن سواء كنت أرى اعتصام رابعة عملاً إجراميًا مخالفًا للقانون، أو كنت أؤمن أن اعتصام رابعة أعظم شيء في التاريخ، فليس من حق أحد أن يكتب على لساني رأيه بهذه الطريقة السخيفة المدلسة. المرء يقبل أن يحارب من أجل آرائه، لكنه بالتأكيد لا يقبل أن يحارب من أجل آراء الآخرين.
الحرب بالوكالة By proxy ظاهرة قوية في عالم الكتابة. كل واحد يجلس في بيته ويتوقع أن تخوض له حربه الخاصة بقلمك. لاحظت في مقالات الأستاذ فهمي هويدي أن معظم الهجوم عليه في صفحته يأتي من الإسلاميين. الفكرة هي أنه يتكلم بعقلانية ويحسب كل كلمة قبل التلفظ بها، بينما هم يريدون كاتبًا يصرخ ويدعو للجهاد. فلو فعل هذا ومنع من الكتابة، فلسوف تكون هذه نقطة تفيدهم كثيرًا. كلما قصف قلم كان هذا أفضل. يجب أن يخوض حربهم بالوكالة.
فإذا لم تقل ما يراه أحدهم كتب مقالاً ووضع عليه اسمك ونشره وهو آمن في بيته، وإذا منعت أنت من الكتابة أو غرقت في المشاكل بسبب آراء لا تعتنقها، فلسوف يكسب هو نقطة جديدة.
هناك كذلك من يستخدمك كأنك دمية يحركها. منذ أعوام رأيت إحدى حلقات الشيخ القرضاوي على قناة الجزيرة، فوجدت من يتصل به ليصدر تعليماته: قل للناس كذا. وبيّن لهم أهمية كذا، ولا تقل لهم كذا وكذا!. كأن القرضاوي بحاجة لتعليماته. وهنا أتذكر جملة اللمبى الساخرة: ما تيجي تبيع انت يابا؟!