قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Monday, June 8, 2009

جاى لك فى الكلام

الاتحاد - 8 يونيو 2009

pixabay.com

يحكي الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أنه قبل غزو الكويت استدعى (صدام حسين) السفيرة الأميركية في بغداد (إبريل جلاسبي) ليبلغها رسالة مهمة. هنا لاحظ هيكل أن وثائق السفيرة اكتفت بذكر ما قالته هي لصدام حسين. والنتيجة هي أن اللجنة التي قيمت أداء السفيرة بعد الحرب أعلنت أنَّ فشلها كان كاملاً. يذكر هيكل ملاحظة نحسبها بديهية، هي أنَّه عندما يستدعي رئيس الدولة السفير فإنَّ المهم في الكلام هو ما قاله رئيس الدولة. أما عندما يطلب السفير لقاء رئيس الدولة فالمهم ما قاله السفير. بينما الشائع في الوثائق العربية بالذات أن نجد العكس.. يطلب رئيس الولايات المتحدة شخصياً مقابلة سفير عربي، فيكتب السفير العربي في تقريره: «قلت للرئيس الأميركي كذا.. وأوضحت له أنَّ موقف حكومتنا ثابت من كذا.. وأنَّ العلاقات بين البلدين لن تتأثر بكذا»... بينما يظل السؤال بلا إجابة: يا أخي ماذا كان الرئيس الأميركي يريد منك؟

هذا يتكرر كثيراً في حياتنا... يحكي لي (عباس) إنَّ (إبراهيم) اتصل به وطلب لقاءه لأمر ملح.. يذهب (عباس) للقاء (إبراهيم) متوجساً. بعد هذا يحكي لي عباس كلاماً لا أول له ولا آخر: «قلت له كذا وكذا.. وأنذرته أنَّ كيت وكيت.. ثم كررت عليه أن كذا وكذا».... هنا تستوقفه طالباً معرفة ما قاله (إبراهيم) فهذا هو بيت القصيد، لكنه يقول العبارة الشهيرة: «جاي لك في الكلام». ويواصل القصة: «قلت له إنَّ موقفه من (آمال) موقف جبان، وإنَّ عليه أن يعتذر.. وإن لم يفعل فلسوف تكون هذه آخر مرة أراه فيها، وإنني أعرف (سيد الشماشرجي) و(سيد) قادر على جعله يندم على كل كلمة قالها».. «وماذا قال هو؟.. أريد معرفة كل كلمة قالها».. «يا أخي اصبر قليلاً»! والنتيجة أنك بعد ساعة لا تعرف السبب الملح الذي استدعاه (إبراهيم) من أجله. (جاي لك في الكلام) عبارة شهيرة في هذا النوع من المحادثات، لكن خبرتي المتواضعة تقول إنَّ هذا الشيء لا يأتي في الكلام أبدًا!