قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Saturday, May 28, 2022

بعد الثانية صباحا - 2

من كتاب "الآن أفهم" - رسوم فواز

اقترب يا أستاذ مراد.

التوقيت على الشاشة يدل على الثانية والنصف وخمس دقائق صباحًا.. ماذا نراه هنا؟

هناك فتاة.. فتاة لا أرى وجهها ولا ملامحها، لكنها تتقدم بحركات متصلبة بطيئة لتعبر الكادر.. انتظر.. سوف أثبت الكادر وأكبر ملامحها.. هل ترى؟ سأزيل الضوضاء البصرية قليلاً.. هل تعرف هذا الوجه؟.. لا.. بيني وبينك أعتقد أن هذا ليس وجهًا بشريًا على الإطلاق.. أقرب لوجه دمية من الدمى التي تضعون عليها الثياب في المحلات.

إنها تدور.. تواجهنا.. لحظة.. أرى شخصًا آخر يتحرك.. إنه ذلك الموديل الذي كان في ركن المكان.. يتحرك بنفس الحركة المتخشبة.

هذه المانيكانات حية إذن.. بصراحة لا أعتقد أن هذه خدعة جرافيكية ما.. أليس هذا ما تريد معرفته؟ أمن أجل هذا جئت تطلب رأيي؟

لا توجد حيلة.. ليس هذا تحريكًا بإيقاف الكادر Stop motion.. في بدايات السينما العالمية عرض الفرنسيون على العالم فيلمًا اسمه (بيت الأشباح) يظهر أكوابًا وأطباقا تتحرك تلقائيًا، وقد حير هذا الأمر الأمريكيين الذين راحوا يبحثون عن خيوط خفية.. في النهاية عرفوا مبدأ التحريك بإيقاف الكادر.. حرك الكوب ملليمترًا ثم التقط صورة.. حركه ملليمترًا آخر والتقط صورة.. عند عرض الفيلم يبدو الكوب حيًا.. لكن هذا ليس الحال هنا.

تفسيري؟ تفسيري الوحيد هو أن هؤلاء أناسٌ متنكرون كالدمى.. هناك قصة قرأتها قديمًا عن لصوص تنكروا كدمى وظلوا ثابتين حتى أغلق المتجر أبوابه. أرى أنه لا بد من أن تفحص هذه التماثيل في الصباح. تقول إن شيئًا لم يسرق من المول ليبرر هذه الخدعة؟

لا أعرف.. كل ما أستطيع قوله هو أن هذه الصور أصلية تمامًا.. هل هذا كل شيء؟
لا؟ تقول أن أنتظر حتى الدقيقة 2:46؟ ماذا فيها؟

إن عددهم يتزايد وهم يتحركون في كل اتجاه.. في الواقع يبدو أن المول واقع تحت غزو هذه الدمى. مشهد كابوسي مريع.. لا أحب أبدًا أن أجد نفسي بينهم.
 
ولكن.. هناك جوار قاعدة الدرج أرى هذه البقعة الضوئية.. ماذا يحدث؟ إنها تزداد وضوحًا.. أرى الشكل الخارجي يظهر.. إنها فتاة.. سلويت فتاة رقراق شفاف.. برغم كل شيء يمكن أن أرى موضع العينين والفم.. إنها تستطيل وتفرد ذراعيها.. هذا تجسد.


لا.. لا أعتقد أن هناك أي عبث بهذه الصورة. لا تعتقد أنك ضحية خدعة ما. ما تراه هو الصورة ذاتها.

ما هذا؟ لا أعرف.. يذكرني بتجسد الإكتوبلازم في تجارب تحضير الأرواح. إن شبكة الإنترنت تعج بصور كهذه لكنها جميعًا زائفة، أما هنا فأنا فعلاً لا أعرف ما أعتقده.. لو سمحت لنفسي بالتعبير فأنا أعتقد أن هذا شبح.. لا أجد تفسيرًا آخر.

هذه ظاهرة غريبة.. لكن دعني أقل شيئًا: أنا لست طفلاً يا أستاذ (مراد) وإنني لأرى في نظرات عينيك أنك تعرف أكثر بكثير مما تقول.. لنقل إنك لست مذعورًا بما يكفي.. لست مصدوًما بما يكفي.. أن للمشهد خلفية عندك.

أراك تريد الكلام.. هلم.. تعالي يا (شاهندة) وقدمي لضيفنا بعض المياه الغازية الباردة.. هيا.. حاول أن تكون صريحًا معي كما يجب على كل إنسان أن يكون صريحًا مع مصمم الجرافيك الخاص به.. ماذا تقول؟

"أقول إنني أعرف مصدر هذا كله.. هناك من مات في هذا المول.. لم نجد الجثة قط، لكن الكل يجمع على أن حالة وفاة مرعبة حدثت هنا.. نحن لا نحكي هذه القصة علنًا، فهي مضرة بسمعة المول، لكن ما يحدث ليس له تفسير آخر.. أنا طلبت رأي من يفهم هذه الأشياء وقال لي إن حالات الوفاة التي يصحبها عنف تترك الكثير من الطاقة النفسية في مكان الوفاة.. هذه الطاقة تتردد كما الصدى بلا توقف.. طاقة تحرّك وتُحدِث جلبة وتتجسد أحيانًا.. فقط كنت آمل أن تؤكد لي أن الشريط ملفق وأن هناك من يريد العبث بي"


اطمئن من هذه الناحية! لا أحد يعبث بك على الإطلاق.. سوف تحكي لي هذه القصة بالتفصيل، وفي الوقت ذاته أريد أن ترتب لي السهر ليلة في هذا المول.. وحدي! نعم.. أنت لم تخطئ سماع ما أريد!

.......

يُتبع