قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Wednesday, October 14, 2009

قصة هيام - الحلقة الثالثة



====================================


ليلة غريبة هي تلك التي قضتها مع أقاربه في الفيوم
لم يكن قد حكى لها عنهم قط، وهي تعرف يقينًا أنه بلا أقارب.. لكن الصورة تتغير، وهو يحدثها عن أقارب قدامى له.. مجموعة غريبة الأطوار من البشر، وأنا أعني ما أقول.. عندما لا تتكلم طانط (علياء) أبدًا وتظل ترمقك في ثبات، وطانط (ميرا) التي تضع الإيشارب ليحجب معظم وجهها لأنها لا تتحمل الشمس، فلا ترين سوى عينيها.. ثم ذلك الرجل الغريب المدعو (عزمي) الذي لا يكف عن شرب أشياء من زجاجات صغيرة، ويؤكد أنها دواء
عندما وضعت (نانسي) -قريبته- يدها على يد (هيام) شعرت بأنها باردة كالثلج.. قاسية.. صلبة.. يمكنها أن تنتزع قلب أسد من ضلوعه بلا جهد يذكر
الجو لم يكن ودودًا برغم أن (رامي) بالغ كثيرًا جدًا في التظرف والتمثيل.. كان يطوح رأسه للخلف ضاحكًا، ويثب في الهواء متظاهرًا بالحيوية



في نهاية اليوم قالت طانط (علياء) بصوتها الخشن الأنفي الذي يذكرك برجل عجوز يرتجف
"شد حيلك يا (رامي).. نحن نريد الذرية.. أنت تعرف هذا جيدًا.."
لم تكن دعوة طيبة.. كان هذا أمرًا صارمًا لا راد له، وتقسم (هيام) على أن (رامي) وقف في مكانه بشيء من الرهبة، واحمرت أذناه قليلاً
 "طبعًا يا طانط..."

كانت مندهشة من تأثير أقاربه عليه، ولماذا لم يظهروا في الصورة إلا بعد الزواج

عندما جاء المساء أعد لها (رامي) الطعام.. جلب الكثير من عصير البرتقال وجلس معها على ضوء الشموع.. كانت تفكر: أن هذا ليس عدلاً.. الفتاة تقبل المخاطرة وتتزوج رجلاً لا تعرف عنه إلا أقل القليل.. ثم يكون عليها أن تواجه هذا كله وحدها، وأن تدفع ثمن قرارها هذا. ماذا تعرف عن (رامي)؟.. لا شيء سوى اهتمامه بالطرود المرسلة لألمانيا، وأنه وسيم منمق
بالتأكيد كانت في وضع أفضل عندما كانت عزباء تملي شروطها، كقائد يستعرض صفوف الجنود من الخطاب
فجأة بدأ النعاس يلعب بعينيها.. تثاءبت ولم تعد تشعر إلا بـ (رامي) يقتادها للفراش وهي لا تكف عن التثاؤب.. الأرض عالية جدًا ولينة.. من قرر فرش الشقة بالمراتب الهوائية؟ لابد أنه مجنــ..................

هنا نهض (عباس) محنقًا وألقى بالورق على الأريكة وقال
ـ "ها نحن أولاء قد انتقلنا لقصة (طفل روزماري) مع أننا بدأنا بقصتك الخاصة.. الزوج يعمل مع عبدة الشيطان بغرض المجيء للكون بابن للشيطان من امرأة بشرية.. زوجها متواطئ يا أستاذ.. متواطئ..!.. هذا واضح وكذلك هو يدس لها المنوم في عصير البرتقال.. بل من الممكن أن تسوء الأمور أكثر ويكون زوجها هو الشيطان نفسه"
نهضت وبدأت أجمع أوراقي أمام عينيه المندهشتين، فسألني في غباء عما هنالك.. قلت له
 "أرى أن تقوم أنت بالتأليف.. فلديك موهبة ممتازة في هذا الصدد.."
جذبني من ذراعي وقال ملحًا
 "أنت لا تقبل النقد.."
 "وأنت لا تقبل الفن"
 "فقط عندما يكون جيدًا.."
ـ "أنا لا أؤمن بموضوع تذوق البيضة لمعرفة إن كانت فاسدة أم لا.. لابد من التهامها كاملة أولاً.. إن تسممت كانت فاسدة وإلا فهي جيدة.. فقط اخرس قليلاً ودعني أكمل"
هكذا جلس مغتاظًا وبحث عن الصفحة التي كان يطالعها...

هيام الآن حامل
إنها مندهشة من كل هذه المهانة التي تلاقيها أنوثتها؛ فهي عاجزة عن اعتبار الأنوثة مجدًا.. ليس لها سوى بطن منتفخة وقدمان متورمتان وأنفاس قصيرة متلاحقة وحجاب حاجز يوشك على أن يخرج من فمها.. الركلات... الركلات من الداخل لا من الخارج
الطبيب الذي فحص بطنها بالسونار اتسعت عيناه رعبًا
"هل هناك مشكلة ما؟"
تجمعت قطرات العرق على جبينه، برغم تكييف الغرفة القوي، وقال
ـ"أشياء غريبة في الصورة.. أعتقد أن هذا ناجم عن التزييغ.. أجسام في السائل الأمنيوسي تعطي صورًا غريبة.. ربما الغازات.. ربما.... فقط يجب أن نعيد هذا الفحص بعد شهر"



لكن (رامي) جن غيظًا عندما عرف أنها خضعت للفحص بالسونار، وقال لها
"أشياء كهذه لا تتم دون علمي.. ربما عرّض السونار الجنين للخطر"
"لكن السونار لا يؤذي.. إنه آمن تمامًا"
ـ"هكذا يقول الأطباء اليوم، وعما قريب سوف يعرفون أنه خطر داهم.. في طفولتي كانوا يفحصون الأجنة بالأشعة السينية ويحسبون لا خطر هنالك"
هكذا اضطرت لأن تصمت وتقبل ألا يفحصها طبيب طيلة فترة الحمل
والجواب عن مخاوفها كان قريبًا جدًا.. جدًا

.......

يتبع