قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Sunday, September 5, 2021

فالوذج - 3


منذ طفولتي أعشق كلمة (فالوذج) بما لها من رنين عربي أصيل، لكني بدأت أتوتر كلما سمعت هذه الكلمة. هكذا فكرت وأنا في غرفتي أتفحص هذه الجوهرة الصغيرة التي وجدتها في طبق الخضر.. جوهرة بحجم الحمصة لكني رأيت مثلها من قبل.

كان هناك خاتم قبيح في يد رجل بدين.. هذه الجوهرة الصغيرة كيف سقطت منه؟ ربما دخل المطبخ وعبث بطبق ما. هي مصادفة غريبة جدًا.

اتصلت بي (رادا) الحسناء عند الظهيرة واقترحت علي اقتراحًا جديدًا من نوعه:
ـ "لماذا لا نتناول العشاء في مطعم (فالوذج)؟"

رسوم فواز

تفكير ثوري جدًا.. قلت لها إنني سعيد لحماسها، لكن ألا تلاحظ أننا نأكل هناك للمرة الثالثة خلال أربعة أيام؟ قالت لي إن المكان يروق لها.. فيه دفء شرقي محبب والطعام جيد.. لا تنكر هذا.

وضعت سماعة الهاتف. هنا دق من جديد.. هذه المرة كان صوت (ديمتري).. كان متحمسًا وقلقًا. قال لي:
ـ "هل تعرف أنني سرقت عظمة من عظام ذلك الماعز الجبلي الذي أكلناه منذ أيام في مطعم (فالوذج)؟"

ارتجفت واحتبس صوتي للحظة ثم سألته بقلق:
ـ "أنت سرقت عظمة من......."
ـ "نعم.. دسستها في جيب المعطف خلسة.. كنت أريد أن يراها خبير.. طبيب بيطري أو من يشرّح الحيوانات.. لقد قال إنها غريبة جدًا، ووعد بأن يجري عليها اختبار الترسيب المناعي لمعرفة نوعها. هناك حل أفضل هو الحمض النووي لكنه باهظ الثمن ويستغرق وقتًا.. سوف يخبرني بالنتيجة الليلة"

قلت في توتر وأنا أشعر بغثيان:
ـ "ماذا؟"
ـ "سوف أخبرك بكل شيء الليلة.. على الأرجح سوف أطلب من رجال الشرطة مداهمة هذا المطعم. هناك أسئلة كثيرة في ذهني.. على فكرة.. هناك أشخاص أكلوا في هذا المطعم مرة أو مرتين ثم اختفوا. القومسيير (يوسفاكي) صديقي وقد عرفت منه أشياء كثيرة، ويبدو أنه مقتنع بوجهة نظري"
ـ "التي تقول...؟"
ـ "لن أشرح الآن.. فقط لا تأكل في هذا المطعم حتى أخبرك بما عرفته.. صدقني.. الأمر خطير"

وضعت سماعة الهاتف من جديد ووقفت شاردًا ومعدتي تتقلص.
كل شيء يؤكد ما كنت أفكر فيه ولا أجرؤ على تصوره.

و(رادا)؟ النظرة التي تبادلتها مع النادل لا تفارق ذهني. هل هي تحب المطعم فعلًا أم تحب استدراج الناس له؟ أنظر لوجهي في المرآة.. وجه عكر قبيح يثير الكآبة في النفس ويوحي بالسقم، وهي نضرة كالزهرة.. كأرنب صغير رشيق.. قل لي ما هي المعجزة التي تجعل فتاة كهذه تعجب بي بمجرد النظر؟

إننا نصير أغبياء أمام الجمال.. هذه حقيقة.

رسوم فواز

هكذا قضيت ساعات قلقة حتى المساء.. لم أذهب للمطعم طبعًا. خرجت لقضاء بعض الأعمال، وعندما عدت استحممت بالماء الساخن وجلست جوار الهاتف.

طبعًا لم يتصل بي (ديمتري). اتصلت بي صديقته (ماشا) تسأل عنه.. لقد خرج ولم يعد.. اتصلتْ به في كل مكان ممكن فلم تجده.. لم أقل لها إن (ديمتري) لعب دور من يعرف أكثر من اللازم في أفلام العصابات أو (الفيلم نوار)..
قلت لها:
ـ "اسألي عن القومسيير (يوسفاكي).. لابد أنه يعرف مكانه"
وجلست جوار الهاتف.

عندما اقتربت الساعة من الثانية صباحًا أدركت أنني لن أستطيع البقاء ساكنًا للأبد.. سأجن.. يجب أن أعرف.. سوف أقتحم مطعم (فالوذج) وأعرف الحقيقة بنفسي.

.......

يُتبع