قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Wednesday, May 11, 2005

لماذا يمزقون أفيشات منى زكي؟


Mabel Amber - Pixabay

قرأت باهتمام ما نشر في عدد الدستور بتاريخ 4 مايو 2005 عن هواية تمزيق صور الفنانات. في الحقيقة أعتقد أن التطرف ليس هو الإجابة الصحيحة تماما بل القضية أعقد من هذا وتحتمل عدة تفسيرات:
  1. إن الجماهير تعامل الفنانين كأصنام تصنعها ثم تعبدها ثم تحرقها في أول فرصة بتلذذ وحشي. ورجل الشارع يعجب بالممثلة الفلانية لكنه كذلك يحمل نحوها مزيجا معقدا من الاشتهاء والمقت والشك، وبالتأكيد سيرحب جدا بفضيحة لها تنشرها جريدة صفراء. ولهذا تزاحم الفرنسيون لرؤية مشهد إعدام "ماري أنطوانيت"، كما كانوا يتزاحمون لرؤية موكبها قبله بأسابيع. تمزيق صور الفنانين هو إذن نوع من الإعدام الرمزي لهم.

  2. في مصر يمكنك أن تكتشف بسهولة حقيقة أن الكبت الجنسي والحرص الزائد على الأخلاق هما وجهان لعملة واحدة. يسهل على المرء أن يبدي تذمره بسبب الإباحية المتفشية لكنه في الآن ذاته يتذمر بسبب إحباطه الجنسي الخاص على طريقة (وأنا ما ليش). وكل عاشقين يعرفان أن الرجل الذي ينهرهما أو يكتفي بالصياح: "سيب النعجة يا خروف!" لا يفعل ذلك بسبب حرصه على الأخلاق فقط، بل إن هناك قدرا لا بأس به من الحقد في هذا التصرف. وهو – للغرابة – النوع الوحيد من الحقد الذي يرحب به المجتمع لأنه يدل على شدة التقوى.

  3. في جريدة (سوشيالست ريفيو) يتحدث"بات ستاك" عن جماعة دينية أيرلندية تمزج العقاب الجسدي للخطاة مع مداعبتهم جنسيا، ويقول إن هؤلاء المتدينين هم الأكثر احتراما بالنسبة للمجتمع الأيرلندي. كانت نشأتهم نموذجا للكلوستروفوبيا الدينية، حيث تعرضوا لما يسميه (سادية دينية) في التربية، ولديهم استعداد شديد للعنف. وفي صور الفنانات الممزقة يسهل أن تجد نوعا من الغل والسادية الواضحين. هناك رائحة ما من انتقام المحرومين، ولذا أرتجف عندما أرى هذه المشاهد كأنني أرى حادثة اغتصاب وقتل حقيقية، لأنني أعرف أن نفس سفاح تعبر عن نفسها بتمزيق صور الصدور والسيقان هذه، وهو نوع من الاغتصاب الرمزي symbolic rape يعرفه الأطباء النفسيون جيدا. لقد كان أحد هؤلاء يحكي لي كم بلغ الفساد بنا! وراح يحكي لي ما كانت تلبسه – أو لا تلبسه – تلك الممثلة أو تلك فرأيت عينيه الحمراوين واللعاب الذي كاد يسيل من فمه، فأقسمت في سري على أن هذا وجه شهوة لا وجه تعفف، لكنها الشهوة الوحيدة التي يمكن أن تتخفى في ثياب التعفف. هل كان رجال محاكم التفتيش مخلصين للدين حقا في عقابهم للنساء بتلك الطرق البربرية التي نقرأ عنها اليوم؟ إنها مجرد سادية اتخذت شكل ورع ديني.
هل يبدو الأمر واضحا؟ للأسف هو ليس كذلك بالنسبة لأكثر الناس. من يمزق صور الفنانات في الإعلانات هو رجل عفيف النفس لا يحب الحال المايل، وما عدا ذلك سفسطة. أما عن حكمة ومسئولية تعليق صور مثيرة في شوارع مكبوتة ارتفع فيها سن الزواج واستحالة الزواج نفسه، فموضوع طويل ليس هنا مجاله على كل حال.