منذ طفولتي أعشق كلمة (فالوذج) بما لها من رنين عربي أصيل، وحتى هذه الليلة أشعر بحنين لهذه الكلمة وأنا أرى اللافتة المطفأة في آخر الشارع. أشعلت لفافة تبغ بصعوبة بالغة لأن يدي تجمدتا فعلًا بسبب الصقيع والثلوج والريح الباردة.
مشيت حتى بلغت باب المطعم ثم بدأت أدور حوله بحثًا عن طريقة للدخول.
بالطبع لابد من باب آخر.. باب يخرج العمال منه ويدخلون، وتدخل المؤن ويخرجون القمامة. القمامة التي لو فحصتها جيدًا لفهمت كل شيء. هكذا واصلت المشي. فجأة تصلبت وقد رأيت بابًا مفتوحًا.. أرى رجلًا لعله عامل بالمطعم يخرج صندوق قمامة كبيرًا ثقيلًا مبتعدًا.. طبعًا لا وقت لفحص هذه القمامة لأن الباب مفتوح والفرصة سانحة.. تسللت إلى الداخل بسرعة قبل أن يعود، لأجد نفسي في كواليس مطعم (فالوذج) لو اعتبرنا أن خشبة المسرح هي قاعة الطعام.
بالفعل كان هناك مطبخ كبير مظلم. أخرجت الكشاف الصغير الذي أحمله ورحت أتفحَّص عشرات الآنية وأدوات الطعام وصفوفًا متراصة من السكاكين.. لا بأس من أن أنتقي أكبرها على سبيل الاحتياط.
![]() |
رسوم فواز |
ثم الثلاجة! الثلاجة العملاقة الجديرة بمطعم والتي يمكن أن يسجن فيها إنسان. اتجهت وفتحت المقبض.. كانت أكياس اللحم معلقة على خطاطيف.. فتقدمت ومزقت أول كيس وفحصته على ضوء الكشاف.. لا شيء.. هذا
لحم بقري ولا شك في هذا.. أنا لا أخطئ في هذه الأمور.. الكيس الثاني.. هناك رأس وعنق حيوان يشبه الوعل.. هل هذا هو الماعز الجبلي غريب المذاق؟