قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Saturday, December 18, 2021

حدث في الخامس من مايو - 4 - الأخيرة

من كتاب "الآن أفهم"

يبدو أن لكلمات الأستاذ (محمود) مفعول السحر.. لقد خرج البدين من مكتبه راضيًا.. اصطدم بليلى وهي خارجة من الحمام وقد أصابها الصراخ بالذعر.

فقط نظر بكراهية لجمال ووجهه يحمل سُبَّة بذيئة لم يقُلها ثم ابتعد. هنا فقط تعالت الضحكات سخرية منه ومن كل شيء.

طلبت ليلى كوبًا من الماء من العامل.. إنه رابع كوب تشربه منذ الصباح.

*****

ريقي جاف تمامًا.. أشعر بأن ممحاة ثبتت في مكان لساني.

هذا طبيعي.. إن الأدرينالين يتعالى في دمي. ومعنى هذا أن يجف ريقي ويتسارع نبضي وتتسع حدقتاي.. أنا الآن كالنمر المُتأهِّب للوثب.

أريد لفافة تبغ.. يدي ترتجف فعلًا.

*****

رسوم فواز

أشعل جمال لفافة تبغ ونفث سحابة كثيفة أحاطت بعبارة (ممنوع التدخين). ابتسم البعض في تسامح.. لو جاء رئيس القسم لنسفه نسفًا، لكن (جمال) يتصرف منذ البداية باعتباره يضيع وقته هنا بدلًا من الجلوس في الكافتيريا.. سوف يمضي أيامًا هنا ثم يتشاجر ويرحل.. هذا شيء مكتوب ومحدد.

(مجدي) ينظر لساعته بلا توقُّف.. يهزها ويصغي.. إنه قلق لسبب غير مفهوم.

*****

لكم حسدت (جمال) على أنه يملك شجاعة التدخين علنًا.. أنا لا أملك هذه الشجاعة ولا حتى في دورة المياه.. متى بدأت هذه العادة الذميمة؟ ربما منذ عام مع قصة الحب الفاشلة تلك.

كم الساعة الآن؟ اقترب الوقت جدًا.. إنهم جميعًا هنا.. فقط سوف ألمس السلكين وهما في جيب السترة وينتهي كل شيء.. لن أعرف أنني انفجرت ولا أن رأسي طار ليستقر في ركن الغرفة.

يجب أن أجرد طرف السلك.

*****

نظر (جمال) إلى (شريف) في دهشة ثم سأله:
ـ "هل زال الصداع؟"
ـ "نعم.. الحمد لله"
ـ "إذن عمَّ تُفتش في جيوبك؟ عن المزيد من البانادول؟"

ابتسم (شريف) وأخرج علبة من اللادن وألقاها على المكتب وقال:
ـ "ألا تحب اللادن؟ هذا له مذاق الموز"
ـ "أنت رائق البال"

*****

السلك الذي عزلته يأبى أن ينسلخ من غطائه.. تبًا! يجب أن أحاول أكثر.. (شريف) يقدم لي بعض اللادن بلا مودة فأرفض مع الشكر. ليلى تميل عليّ لتقول:
ـ "كُفِّي قليلاً عن التغزل في شريف يا حمقاء! نظراتك تفضحك.. على الفتاة أن تحب مَن تجد إن لم تجد من تحب.. (مجدي) يهيم بك حبًا"

يا لكِ من حمقاء! كل شيء سينتهي خلال ثوان وهي ما زالت تتكلم عن هذا السخف!
السلك.. ظفري يحاول أن يجرده.

تقول ليلى:
ـ "هل دخلتِ الحمام لتدخين سيجارة عندما كان ذلك الخنزير يتشاجر؟ لقد اختفيت بسلاسة تامة.. أنا أعرف أنك تدخنين.. أليس كذلك؟"

في هذه اللحظة لم أعرف ما يحدث.. فقط سمعت اسمي (فاتن) يدوي بصوتٍ عالٍ، ثم وجدت نفسي على الأرض بينما رجلان يبدو أنهما من رجال الشرطة يُثبِّتان معصمي بكفاءة غريبة.

رسوم فواز

صحت من بين أسناني:
ـ "لا تلمسوني يا أوغاد.. سأتهمكم بالتحرش! أريد سيدة لتفتشني!"

بالفعل سرعان ما كانوا يقتادونني إلى الحمام، بينما ظهرت سيدة من مكان ما.. سيدة حازمة خالية من الأنوثة تنزع القنبلة عن جسدي.. وتناولها للرجلين.

من الخارج أسمع (عزة).. (عزة) صديقة عمري تشرح لهم:
ـ "إن الفتيات يعشقن الثرثرة.. لم تستطع (فاتن) أن تنفذ مخططها من دون أن تشرح كل شيء في خطاب لي، وطلبت ألا أفتحه إلا مساء اليوم.. نسيت أن أقول إن الفتيات فضوليات كذلك.. لهذا فتحت الخطاب قبل الموعد ووجدت هذا الكلام المخيف! (فاتن) ستفجر نفسها عند الظهر.. هذا مستحيل.. كلام فارغ.. قولوا لي ذلك!"

وصوت رجل صارم يقول لها:
ـ "للأسف كل ما قالته دقيق.. لقد نجا هؤلاء بمعجزة.. إنني لأسائل نفسي عمّا يمكن أن تصل له الأمور بعد ذلك!"

الخامس من مايو.. في مثله تُوفِّي المناضل الأيرلندي (بوبي ساندز) وأرسلت أمريكا أول رائد فضاء لها، ومات بونابرت في منفاه بسانت هيلينا ووصل كريستوفر كولمبس لجامايكا، وصار قوبلاي خان إمبراطور المغول..
وهو اليوم الذي انتهت حريتي فيه.