قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Thursday, July 26, 2012

Mutilated.com - 2


في الأيام التالية فطنت لحقيقة أن الإنترنت تعجّ بصور عملية تشريحي، يبدو أن هذه أشهر صور في التاريخ، ولو كنت أكثر جرأة لطالبت بحق الأداء العلني.. طبعًا لم أرَ وجهي في أي صورة، لكن الإنسان الذي لا يتعرف على سمات جسده أحمق.. وأنا لست أحمق

كان الخاطر الأول الذي لاحقني هو أن هذا مقلب من غادة، إن الفوتوشوب هو لغة العصر، وسوف يأتي يوم نكتشف فيه أننا غير موجودين في هذا العالم بل تمّت إضافتنا بإحدى حيل فوتوشوب.. إذن هناك من استعمل صوري ولفّقها على صور جثة.. والغرض هو ترويعي أو هي دعابة ثقيلة

اتجه ذهني على الفور إلى غادة.. لو كان هناك من يفعلها فهو غادة، التي أثبتت أنها قادرة دومًا على ارتكاب أكثر الأفعال حماقة

لقد قامت بالتلفيق على الأرجح، ثم راحت ترسل لي هذه الصور من أكثر من حساب.. يمكننا أن نعرف أنها هي مودي ولوعة وأي واحد آخر

على كل حال قررت أن أجري بحثًا مدققًا عن هذه الصور

كان هناك البحث الصوري الخاص ببرنامج جوجل، وهو عمل عبقري في رأيي.. تضع الصورة التي تريدها ثم تطلب منه البحث

هكذا أجريت بحثًا عن صور تشريحي اللطيفة هذه

وهكذا وجدت ذلك الموقع اللعين
Mutilated.com
وقد أصابني الهلع: موقع مهمته أن يعرض لنا صور الجثث التي كانت نهايتها شنيعة، أو تعرّضت لأسوأ مصير، أو -في أبسط صورة- الجثث التي تحلّلت أو تعفّنت

يبدو البحث هنا كأنك تبحث في مقبرة فعلاً، لكني وجدت الصور أخيرًا.. وكان هناك عنوان يقول بالإنجليزية:ـ
ـ"من مصر.. الحب يصنع المعجزات"ـ

وهو عنوان ساخر طبعًا يعني أن هذه جريمة عاطفية لا تصدّق.. بدأت أقرأ الخبر، فوجدت أن صاحب الجثة رجل من مصر عمره خمسة وثلاثون عامًا، قتلته خطيبته بطريقة بشعة عندما حاول هجرها

طريقة بشعة؟ ما هي؟ آه.. أدخلت قناة وريدية في عروقه ثم راحت تنفخ الهواء بفمها حتى أحدثت سدة هوائية.. تشنّج وارتجف ثم مات

يا ساتر يا رب.. الغريب أن طريقة الوفاة واردة جدًا بالنسبة لي. من الطبيعي جدًا أن تقتلني غادة لو شعرت بأنني أتملص منها.. دعك من أنها طبيبة.. أي أن عندها الخبرة الطبية التي تجعل طريقة القتل هذه سهلة.. هذا شيء لن يدهشني أبدًا.. ذات مرة قلت لها إنني راغب في إنهاء العلاقة، فاتسعت عيناها، وصارت أقرب إلى نمر متوحش.. اتسعت عيناها جدًا جدًا وصارت الحدقتان كأنهما نقطتان بقلم وسط البياض ثم قالت بصوت كالأفعى:ـ
ـ"ده إنت تبقى سافل!"ـ

من الطبيعي جدًا أن تقتلني غادة لو شعرت بأنني أتملص منها

وكان هذا كافيًا لأن أضحك وأتظاهر بأنني أمزح.. لقد رأيت لمحة من تحوّلها إلى أفعوان أسطوري مخيف خارج من ملاحم الخواجة هوميروس.. لا يا سيدي.. لتذهب الشجاعة للجحيم

الاحتمالات إذن أن هذه صدفة نادرة عجيبة جدًا.. وفاة الشخص الذي يشبهني والذي له خطيبة تشبه خطيبتي.. الاحتمال الثاني أن هذه صور ملفقة أرسلها صانعها للموقع.. الموقع يستمد محتواه من القراء

رحت أتصفح باقي الصور.. تداخلت الرؤى الشنيعة في ذهني، لكني توقفت للحظة عند صورة لرأس مقطوع معلّق فوق سلك هاتف على الطريق الزراعي.. وكل شيء يدل على أنها صورة مصرية أخرى. كان التعليق يقول:ـ
ـ"من مصر.. حافظ على رأسك عندما تركب القطار"ـ

طريقة تعبير ساخرة أخرى.. حافظ على رأسك معناها "تعقّل".. كانت القصة التقليدية عن الرجل الذي ركب على ظهر القطار تفاديًا لدفع التذكرة، وبالطبع نسي ووقف بينما هناك جسر آتٍ بسرعة.. طار الرأس في الهواء واستقر على سلك الهاتف

اكتفيت جدًا من هذا الموقع، وشعرت بأن معدتي تتقلص.. سوف أقضي ليلة ليلاء بسبب هذه الصور وهذا المزاج الأسود

*****************************

بعد يومين بالضبط وأنا في المكتب وجدت الخبر في الجريدة

كان هناك خبر عن متسكّع ركب فوق القطار المتجه من بنها للقاهرة، ويبدو أنه فقد رأسه بالمعنى الحرفي للكلمة.. كانت هناك صورة للرأس.. لم تكن نفس الصورة في الموقع لكنها لنفس الشخص كما هو واضح

بدأت يدي ترتجف.. حملت الجريدة ودخلت الحمام لا لشيء إلا لأنفعل دون عيون فضولية.. الحادث وقع أمس.. أنا رأيت الصور منذ ثلاثة أيام... ومعنى هذا أنها أرسلت للموقع قبل هذا بفترة

هناك شيء غريب

موقع
Mutilated
هذا سابق لزمننا ببضعة أيام.. إن ما يظهر فيه من صور لم يكن قد حدث بعد عندما نشره الموقع.. لكنه سيحدث خلال أيام

أرسلت لإدارة الموقع أسألها عن مصدر صور (من مصر.. الحب يصنع المعجزات) ومتى أرسلت بالضبط.. لم يرد أحد عليّ.. في الواقع هذا الموقع غامض فعلاً.. سوف أحاول التحري عنه فيما بعد

المهم في الموضوع أنني رأيت صور عملية تشريحي كاملة
غادة حانقة.. غادة تغار عليّ بشدة

ليس هذا أنسب وقت للتخلص منها كما ترى.. عليّ أن أتحكم في نفسي قليلاً
لو كانت نظريتي صحيحة فأنا أسبق الناس بالعلم ببضعة أيام.. هذا مفيد جدًا.. هذا مخيف جدًا كذلك

والسؤال هنا: لو استطعت أن أمنع غادة من قتلي فهل تتلاشى تلك الصور من الموقع؟ هل تختفي عند الناس الذين يحتفظون بها؟

يجب أن أحاول تحسين علاقتي معها.. يجب أن أحسن علاقتي بها جدًا وفي الآن ذاته لا أنفرد بها أبدًا

ربما كان من المفيد أن أسافر قليلاً وأبتعد.. لكن غادة تعرف دائمًا كيف تجدني.. لا جدوى من الفرار منها لأنها تشم رائحتي
الفرار من غادة هو تحت الأرض فقط

.......

يُتبَع