قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Tuesday, October 12, 2021

حدث في الخامس من مايو - 1

من كتاب "الآن أفهم"

 لماذا أفعل ذلك؟
أنت تسأل أسئلة غريبة اليوم.. من الأوفق أن تسأل: لماذا لا أفعل ذلك؟

لقد قرأت الكثير من كتابات الفوضويين، وآمَنتُ أن التدمير أروع بمراحل من أيَّة متعة يحظى بها المرء في حياته.. لحظة انفجار قنبلة أو انطلاق رصاصة هي الاكتمال بعينه.. هذه أشياء لن تفهمها.

يلذ لي أن أرى وجوه رجال الشرطة عندما يأتون للتحقيق.. منذ فترة صارت عندهم صورة محددة لأسباب هذه العمليات، ولن يخرج تفكيرهم عن هذا النطاق.. لن يفهموا أبدًا أن هناك مَن قرأ كتابات الفوضويين وآمن بمبادئهم.. دعك من أنه يكره المكان فعلًا.

الخوف؟
أعترف بهذا.

وأنا أرتدي ثيابي صباح اليوم شعرت بجفاف في حلقي.. ألفُّ الحزام حول جسدي العاري وأتأكَّد من أن السلكين بارزان.. العبوة التي قضيت أيامًا أُركِّبها بالاستعانة بتعليمات الإنترنت.. لماذا يتركون هذه المواقع تعمل إذا كانوا يريدون الأمان حقًا؟ لا أصدق أن الحكومة الأمريكية عاجزة عن منعها أو إغلاقها.

شعور غريب أن يلتف الحزام حولك.. نوع من القلق.. التردد.. يمكنك في أية لحظة أن تتراجع، لكني اتخذت قراري منذ زمن ولن يغيره شيء.

 رسوم فواز

البنوك! أنا أكره عمل البنوك.. أكره وجوه العملاء وأكره زملائي وأكره مكتبي.. الجشع في أعتى صوره.. تأمّل القلق والتوتر في وجه هذا العميل أو ذاك وهو يعد ماله.. جميل جدًا أن يدوي انفجار مروِّع هنا وتتناثر الجثث مع الدماء.. صحيح أن رأسي سيكون بينها لكن من قال إنني أهتم برأسي؟

لقد فقدت الحب ولم أعد أبالي بيوم آخر في الحياة.. المزيد من الحياة في المستنقع لا تعني سوى المزيد من العطن.

اليوم يبدو مناسبًا.. أحب أن أفجِّر نفسي يوم الخامس من مايو.. هذه عادة لم أستطع التخلي عنها قط.. إن الخامس من مايو يوم لطيف.

في مثل هذا اليوم - حسب مواقع الإنترنت التي تهتم بهذه الأمور - توفي المناضل الأيرلندي "بوبي ساندز" عام 1981 بعد إضرابه شهرين عن الطعام في السجن.. عام 1961 تُرسِل أمريكا أول رائد فضاء لها بعدما سبقها السوفييت.. الزعيم الهندي "الثور الجالس" يفر إلى كندا عام 1877.. عام 1821 يموت "بونابرت" في منفاه بسانت هيلينا.. عام 1494 يصل "كريستوفر كولمبس" لجامايكا.. وعام 1260 يصير "قوبلاي خان" إمبراطور المغول..

وأموت أنا!

*******

كان "جمال" قلقًا وهو يسرع إلى مكتبه في المصرف.. لقد تأخر فعلاً اليوم، ومدير القسم ليس مولعًا بالتسامح.. أستاذ "محمود" ليس من الطراز اللطيف الذي يتجاهل التأخير.. إنه من طراز الموظفين المتحذلقين الذين يشعرون بأنهم خبرة إدارية عُظمى.. يتأنّق ويتحدث بألاطة شديدة، وقد علق النظارة بسلسلة فضية لتتدلى على صدره، ويقف طيلة الوقت ليعرض كرشه الممتاز البارز من صدرية البذلة على الموظفين.

"جمال" لم يكن نموذجًا رائعًا كذلك، فهو شاب حديث التخرج من الطراز الذي لا يقدر على ترك السهر مع رفاقه.. يقولون إن سهراته ليست بريئة جدًا، لكن لا يجرؤ أحد على إعلان ذلك.. غير أن أستاذ "محمود" يمكنه أن يوبِّخَه في أي وقت يريد.

ـ "أستاذ جمال.. أنت متأخر نصف ساعة"

في حرج قال "جمال" وهو يسرع بنزع سترته والجلوس بالقميص وربطة العنق خلف شاشة الكمبيوتر:
ـ"المواصلات يا سيدي.. أنا آسف"

رسوم فواز

من تحت أسنانها غمغمت "ليلى" دون أن تنظر لأحدهما:
ـ "والإنترنت طبعًا.. معنا عبقري هنا"

نظر لها "جمال" في غيظ وابتلع تعليقاته الحادة.

.......

يُتبع