المذيع: هل تسمعني يا مروان؟ هل تسلقت؟
مروان: صبرًا.. إن التسلق ليس سهلاً... سوف أصمت قليلاً لأنني لا أستطيع التسلق بيد واحدة.. إن الهاتف المحمول يضايق حركتي وليست لدي جيوب أضعه فيها.. آه ه ه!!
المذيع: مروان.. ماذا حدث؟
مروان: لقد.. لقد انزلقت قدمي وسقطت... أرجو ألا يكون كاحلي قد.. لا.. فيما عدا الألم أنا بخير.. خفت كذلك أن يكون الهاتف قد تهشّم لكنه بخير..
المذيع: أرجو أن تكون حذرًا.. لو أنك تعرضت لكسر لا سمح الله........
مروان: أعرف.. أعرف.. لو كنت محقًا بصدد هذه الكائنات فهي تملك ممصات قوية تثبتها في الصخور، لهذا تستطيع تسلق هذه الصخور الزلقة.. أنا لست مثلها.. سأحاول من جديد وبالطبع لن أتكلم..
(صمت طويل)
المذيع: هل تسمعني يا مروان؟ هذا الانتظار يحطم الأعصاب حقًا..
مروان: تسلقت... أنا الآن في مستوى أعلى من الكهف.. هناك ضوء أحمر غريب يغمر المكان ولا أعرف مصدره لكنه يسمح بالرؤية.. كأن الصخر ذاته مشع. مثل.. مثل الفحم عندما تستقر النيران بداخله ثابتة واثقة فيبدو كحجر كريم... هناك رسوم على الجدران. رسوم تشبه تلك التي تراها على جدران الكهوف الغامضة الأخرى..
المذيع: هل لك أن تصفها لنا؟
مروان: هناك.. هناك رسوم تبدو كمجموعة رجال يلاحقون فريسة.. شيئًا يشبه الوعل. إنهم في كهف مغلق يتحسسون الجدران.. هناك ما يشبه مشاجرة.. مأدبة.. إنهم يتصارعون.. هناك ثلاثة يأكلون بقايا الآخرين... فهمت.. في وقت ما منذ ثمانية آلاف سنة سُجن بعض الصيادين في هذا الكهف.. وقد اضطروا لأن يأكلوا الخفافيش ويأكلوا بعضهم البعض. مع الوقت تطوّرت هذه الكائنات على طريقة (هـ. ج. ويلز).. صارت غيلانًا حقيقية ترى في الظلام وتأكل اللحم النيئ وتمشي على الجدران.. هذا الكهف يعجّ بهم. لا بد أن تحولاً جيولوجيًا ما أدى لفتح الكهف من جديد.. لكنهم لم يعودوا بحاجة للخروج.. لقد صاروا كائنات الكهف.. صار هذا عالمهم الحقيقي.. ربما يخرجون في الظلام لاقتناص فريسة والعودة هنا. وأعتقد أن العظام التي رأيتها كانت تخص مكتشفين حمقى دخلوا هنا ليكتشفوا الحقيقة المروعة قبلي..
المذيع: نظرية معقدة جدًا.. ولماذا لم تهاجمك هذه الكائنات حتى الآن؟
مروان: لا أدري.. ربما هم يرتّبون ذلك الآن.. ربما يخشون ضوء الهاتف الأزرق الغريب.. ربما هم مندهشون لأنني وحيد وأتكلم.. لا أدري.... لكني لن أنتظر حتى يتشجّعوا... لحظة.. هناك قطعة عظام.. إن ثيابي معي ربطتها كحرملة حول عنقي قبل التسلق.. سوف ألفّ الثياب على هذه العظمة وأصنع منها مشعلاً... سأشعل عود ثقاب...
المذيع: أعتقد أنك تبالغ يا مروان.. لكن ما دام هذا يريحك..
مروان: لا شيء يريحني سوى أن أرى ضوء النهار.. صدقني.. هناك عظمة أخرى مدببة سوف أستعملها كرمح... لا بأس... لست خائفًا الآن...
المذيع: هل توجد مخارج في هذا الطابق الذي أنت فيه؟
مروان: هناك حافة صخرية تشبه الشرفة.. وهي تطل على.. تصور أنني لم أر ما تطل عليه بعد..
المذيع: لم لا تلقي نظرة ولكن بحذر...
مروان: هذا هو.. رباه!... هذا مشهد لا يمكن وصفه.. إنني أطل على هاوية عميقة.. وفي هذه الهاوية تشتعل نار زرقاء غريبة.. هناك شياطين حقيقية ترقص حول هذه النار.. شياطين لا تمس الأرض بل تحلّق.. من حين لآخر أرى هيكلاً عظميًا يرقص وسط اللهب.. هناك سلاسل تتشبث في لحم أناس معذبين يصرخون، وهناك كائن عملاق يشبه الوطواط يضحك... إن هذه رقصة الموت.. رقصة الجحيم.. إنني أرى مشهدًا من كابوس...
المذيع: لقد أغلقت الهاتف أيها المستمعون.. يبدو لي أن هذه هي النهاية.... لقد فقد توازنه تمامًا.. سأفتح الهاتف.. مروان.. أنا هنا..
مروان: أين ذهبت؟ إن ذلك الوطواط العملاق يراني.. لقد بدأ يتحرك وسط اللهب الأزرق وهو ينظر لي.. ما أقبح وجهه وما أبشعه! اسمع.. سوف أفرّ من هنا.. سأهبط في الدرج إلى حيث كنت..
المذيع: احترس يا مروان.. لقد كان الصعود الحذر صعبًا، وكدت تكسر ساقك، فكيف بالهبوط الأخرق؟
(صوت صرخة)
.......
يتبع