الأحداث تتغير بسرعة البرق.. كالشلال، بحيث لا تعرف أبدًا ما قد يحدث في اللحظة التالية.. لهذا أسجّل في هذه اللحظة بالذات أنني متفائل وراضٍ جدًا، لكن لا أضمن أن يتغير كل شيء غدًا أو تدلهم الأمور أو "نروح في ستين داهية"ـ
أسجل في هذه اللحظة بالذات أنني متفائل وراض جدًا |
السباق بالنسبة لي هو سباق بين أبي الفتوح وحمدين صباحي حاليًا، بالطبع ما لم يعد المرشحون العشرة الذين تم استبعادهم، ولو ظل الوضع في صورته الحالية فأنا سعيد جدًا؛ لأن الرجلين شريفان صادقان، لهما تاريخ سياسي حافل.. وأنت تعرف جيدًا أنهما لا يريدان سوى الصالح العام. هذا رأيي.. وبالطبع كان تفاؤلي ليكون أكثر اكتمالاً لو ظل البرادعي في السباق
لقد تلقّى البرادعي الكثير جدًا، وأعتقد أنه فرّ بكرامته وربما حياته ذاتها بعد كل هذه الشراسة في الهجوم والضرب تحت الحزام
حتى عندما كنت أطريه في مقال أو أدافع عنه في مقال آخر، كنت أتلقى عبارات هجوم شرسة جدًا.. لقد صنعوا حوله دائرة من الإرهاب قطرها مائة متر.. مستحيل أن تقترب، لكن الرجل كان صاحب رؤية عميقة واضحة متكاملة لمصر عصرية، وأعتقد أننا فقدناه بلا مبرر سوى أن البعض يريد السلطة بلا رحمة.. برضه هذا رأيي
عندما أتذكر موضوع الشيخ حازم أبو إسماعيل مثلاً، أندهش فعلاً؛ لقد تمتع الرجل بميزة الشك وما زال.. لماذا لم ينعم بها البرادعي الذي طعنوا في دينه وشرف أهل بيته، ولماذا لم تظفر بها الفتاة التي مزّقوا عباءتها؟
كان الحكم وقتها صارمًا على غرار "يا واد يا مؤمن".. و"إيه اللي نزلك يا اختي بعباية بكباسين على اللحم؟".. بينما وصلنا لهذا الحد مع الشيخ حازم، وما زالوا مصرين على أنه على حق
بالطبع لم أتهم الشيخ حازم بالكذب حتى وإن فعلت اللجنة، لكنه لم يبعد عنه التهمة قط. ما زالت التهمة معلقة وهو مصرّ على ألا يبعدها بإحدى الطرق التي اقترحوها عليه، ولماذا لم يقسم؟ ولماذا اكتفى بهذه الألعاب اللفظية التي يجيدها المحامون؟
وكمثال ذكره صديق لي: أنا أعمل في كلية طب طنطا وأعمل في عدة كليات أخرى بالقطر دون أن أخطر الكلية.. على من يريد الحقيقة أن يستفسر من الكليات الأخرى. أما طب طنطا فلا مانع عنده من إعطائي شهادة فحواها أنهم لا يعلمون إن كنت أعمل في كليات أخرى أم لا.. هذه الشهادة أحملها هاتفًا أنني انتصرت.. أما عن شهادة الكليات الأخرى فأنا أرفضها وأتهمها بالتزوير. على كل حال سوف يستمر هذا الجدل ليوم الدين؛ لأن الرجل ذكي جدًا وقد امتصّ الصدمة وصار في موقف المهاجم لا المدافع، وعندما تنشر الوثائق على النت سيؤكد أنصاره أنها مزوّرة وفوتوشوب!ـ
ليس صدق الشيخ أو كذبه هو ما يقلقني، ولكن تصرف أنصاره وعدم استعدادهم للقبول بأي حل سوى أن يترشح شيخهم للرئاسة، وهم يهددون بالنار والدم بلا توقف.. فلنلغِ القانون نفسه.. النت مليئة بالتهديدات
وهذا أحدهم يقول على فيسبوك:ـ
وغير هذا كثير.. وأنت تعرف أن النت مليئة بهذا، فلا تتوقف عند هذا المثال وتعتبره استثنائيًا من فضلك
كيف لي أن أطمئن لما سيحدث لو صار الشيخ رئيس البلاد؟ كان مبارك يقول أنا أو الفوضى، وهم يقولون نحن أو الدم. واستعراض القوة واضح جدًا في كل تحركات الشيخ.. حتى قبل هذه المشكلة. وعندما جاء الدور على اللجنة لتحكم، اتجهوا جميعًا إلى مقرها قبل أن تغلق الشرطة العسكرية الشارع
تذكّرت قصة حدثت قديمًا في إيران في أول عصر الشاه أيام آية الله كاشاني، عندما قام مواطن باغتيال رئيس الوزراء رزم آراه نصير الشاه.. الكل رأى الرجل يطلق الرصاص، يوم المحاكمة امتلأت الشوارع بأنصار آية الله كاشاني ودخل القضاة المحكمة ليجدوا عجولاً تذبح على الباب بمناسبة براءة القاتل، قال القضاة إنهم لم يصدروا الحكم بعد، فقيل لهم إننا واثقون من عدالتكم! هكذا دخل القضاة المحكمة عالمين بأن دورهم آتٍ في الذبح لو أدانوا الرجل، وبالفعل تمت تبرئته!ـ
توقّعت أن يخاف رجال اللجنة عندنا بنفس الطريقة، لكن هذا لم يحدث
أما بالنسبة لعمر سليمان فالموضوع بالنسبة لي منتهٍ كذلك.. لو جاء هذا الرجل للحكم فنحن نعود بآلة الزمن ليوم 24 يناير 2011.. بصراحة لست متحمسًا لموجة الدفاع عنه والكلام عن ترزية القوانين... إلخ
وقانون العزل لن يصل له على كل حال؛ فهو طلقة أطلقت بعد ما أمسك الدبّ بعنقك فعلاً، عيشوا حياة الجنتلمانات ثم افتحوا عيونكم لتجدوه رئيسًا للجمهورية، وعندها سوف تصرخون إن الانتخابات مزوّرة
هناك من انتقد قرار اللجنة حبًا في المخالفة وخلاص، ولو أقرّت اللجنة ترشيح سليمان لصاح محتجًا أن هذه كلها لعبة ليدخل سليمان ويخرج حازم، كل قرار في أي لحظة خطأ وكارثي
هناك من يرى أن هذا كله كلام فارغ ولن تكون هناك أي انتخابات.. سوف ينفجر الوضع ويتولى العسكر السلطة، زاعمين أنهم يسيطرون على الوضع المتفجر، وشاهدهم على هذا الوضع المتدهور واستفزاز الحكومة للسلفيين والإخوان وأزمة السولار... إلخ. كل هذا مصمم بعناية كي يسيطر المجلس أو من يرشحه على كل شيء، ولسوف يرحب الناس باستعادة الأمن، في كل مرة كنت أتوقع هذا أنا نفسي لكنه لم يحدث حتى اليوم، ولربما يخيب ظني
إن ما يقوله الناس وما تكتبه أعمدة الصحف هو التخبط ذاته.. جلست اليوم جلسة مع من يتحدثون عن المؤامرة التي لعبها المجلس العسكري؛ للتخلص من عمر سليمان العظيم
بعد نصف ساعة جلست مع من يتحدثون عن المؤامرة التي سيلعبها المجلس العسكري عندما يعيد عمر سليمان للترشيح؛ لأن عمر سليمان هو الطرف الثالث وهو مرشح المجلس، هناك من أكد أنه غير مسموح له باستكمال التوكيلات، بينما أقسم آخرون أن الفقهاء القانونين قالوا إن بوسعه استكمالها والترشح
بصراحة لو راجع الكتّاب -وأنا أولهم- ما كتبوه منذ عام وقارنوه بما يكتبون اليوم لماتوا خجلاً. يمكن أن أكتب مقالاً رائعًا عن التوقعات الخاطئة والفتاوى التي مارسها الجميع، دعك من آلاف التناقضات والمواقف المتغيرة، لكن لن يبقى لي صديق في مهنة الكتابة بعدها وربما في العالم كله. إن عامًا ونصف العام تقريبًا من الفتاوى فترة أطول من اللازم لو أردت رأيي
لنكتف بالتفاؤل في هذه اللحظة بالذات مع الوجهين العزيزين النظيفين: أبو الفتوح وصباحي
كان صديق عمري د. أيمن الجندي يقول لي أيام الكلية: "لم أر في حياتي شاعرًا يصف سعادته، كل الشعراء مهمتهم أن يقولوا إنهم تعساء وأنتم مجموعة من الأوغاد"، لهذا قرر أيمن أن يكتب أول قصيدة سعادة في التاريخ:ـ
إني سعيد .. كيف أنكر طفلتي أني سعيدْ؟
وبكل يوم ينجلي للقلب برهان جديدْ؟
هذا هو حالي في هذه اللحظة، ولربما يتغير بعد دقائق!ـ