معذرة لأننى لم أجد نيلا فى طنطا أثرثر فوقه، وإنما هو مصرف للمجارى يصر أهل طنطا على أنه (كورنيش)، واسمه الرسمى هو (المرشحة) بتشديد الشين. مكان ممتاز وشاعرى لو كنت ممن يتحملون لدغات البعوض والهاموش. هذه مجموعة خواطر مترابطة أو غير مترابطة. كل خاطرة أقصر من أن تحتل مقالا كاملا
عيد الميلاد المجيد: كل عام وإخوتنا المسيحيون بخير. لابد للمرء من أن يكتب هذا بوضوح اليوم حتى يحدد موقفه. هذا زمن غريب يتجادلون فيه حول تهنئة المسيحى بعيده أم لا، وكأن تهنئته بعيده معناها أننى أقر بإيمانى المطلق بكل عقيدته، وأننى سأذهب لآخذ (القربانة) من الكنيسة القريبة صباح غد. ومن الغريب أن هذا الجدل بدأ منذ أكثر من خمسة عشر عاما، وخاصة مع شريط الكاسيت لداعية سكندرى شهير قال فيه: «لا تهنئ بطرس.. لاعبه بالكلام.. لا تقلها مباشرة وإلا فأنت منافق». جدل مستمر منذ 15 سنة حول نقطة كهذه.. لا عجب فى أننا نهوى للقاع بلا توقف. قرأت فتوى للشيخ القرضاوى وللأزهر ولعلماء مستنيرين يقولون إن هذا جائز بل ومرغوب فيه، وبرغم هذا قرأت من يقول على النت: «هل نستمع لكبار العلماء أم نستمع للشيخ ترتان والشيخ علان؟». أى أن البعض يرفض رسالة التسامح والحب هذه ويصر على التعصب والكره. وفى ظروف أخرى كان سيدافع عن القرضاوى ويعتبر من يخالفه رويبضة، ويقول كالعادة إن لحوم العلماء مسمومة، لكن فتوى القرضاوى جاءت تدعو للاعتدال.. إذن فالويل له. رسالة المقت والحقد تجد دائما من يصغى لها فى حب وحماس، ولهذا تجد من يرحب جدا ويرقص قلبه طربا لكلمات الداعية (يا روح أمك) والداعية (انت حلو زى ليلى علوى يا باسم).. إنهم ينتقون من الدين ما يصلح فقط لاستعماله للحقد أو التمييز أو نبذ الآخر ولا ينظرون للصورة كلها.. الدين بالنسبة لهم رداء تنكرى يضعونه على عقدهم الشخصية وأحقادهم لتبدو مستساغة اجتماعيا. بينما الدين جاء لجعل حياة البشر أكثر عدلا وإنسانية، ولم يأت كى يبرر لنا اضطهاد الآخرين
أذكر أننى كنت فى كوالا لامبور - ماليزيا، عندما وقفت سيدة مصرية ضمن مجموعتنا أمام الحافلة التى ستقلنا، وأشارت لصورة صغيرة جدا على الزجاج الأمامى وسألت السائق المسلم:ـ
ـ«ما هذا؟»ـ
كان ملصقا لبوذا يبتسم فى ثقة كعادته. قال السائق المسلم الذى رأيته يواظب على الصلاة وقراءة القرآن فى كل فرصة:ـ
ـ«هذا بوذا.. إن الفنى الذى يعمل معى بوذي»ـ
سألته فى غيظ:ـ
ـ«كيف تسمح بتعليق هذا؟.. لابد من انتزاعه»ـ
شرح لها فى صبر أن الجميع هنا زملاء.. كل له عقيدته وكل له طريقته فى الإيمان. هناك سائق مسيحى وآخر مسلم والفنى بوذى.. نحن لا نتناقش فى الدين أبدا ولا نختلف لأننا جميعا زملاء نطلب الرزق، وأنا أهنئهم بأعيادهم. البوذيون والهندوس هنا يعرفون رأيى فى دينهم: إنهم وثنيون وكفرة، وهم يؤمنون أننى ضال، لكننا لا نفتح هذه المواضيع أبدا. إجابة بسيطة جدا لكنها لم ترض السيدة قط، وبدت عليها حسرة واضحة فلو ضمنت النتائج وألا يحز البوذى حلقومها، لمزقت الملصق بيدها. المهم هنا أن السائق بدأ يقلق.. هذه سيدة قادمة من مصر (حيث الإسلام الحقيقي) فلابد أنها تعرف ما تقول.. بدأ يشعر بالتوتر والذنب ورأيت هذا فى عينيه بوضوح. لقد بذرتْ هى البذرة ولربما تنمو مع الوقت
طريقة السائق المتحضرة فى التفكير بدت لى هى الفارق بين حضارة ماليزيا العظيمة وبين حضارة مصر اليوم. ربما هى كذلك الفارق بين حال ماليزيا وحال طالبان التى نسفت تماثيل بوذا العملاقة
عن الأمطار: وفى نفس الوقت تقريبا أقرأ هذه الكلمات المتداولة على النت، وهى منسوبة لخديجة خيرت الشاطر. ابنة خيرت الشاطر. لم أخف قط أننى متعاطف مع مرسى برغم أخطاء أدائه، وأكره هذه الحملة المسعورة ضده، وهى حملة لا تنتقد أداءه كما هو مفروض لكنها تطالب بإلقاء نتائج انتخابات الرئاسة فى الزبالة وإسقاطه. الديمقراطية يجب أن تأتى بنا نحن وإلا فلتذهب للجحيم. هذا موضوع آخر.. لكنى بالتأكيد لست متعاطفا مع معظم جماعة الإخوان، كما سأشرح حالا. خاصة إذا صحت نسبة كلمات كهذه لخديجة: «ومن عجائب الأقدار أن ترى الجو فى أعياد النصارى كل عام يتقلب ويثور وترتعد السماء وتمطر.. الكون كله يثور متبرءا مما زعموه على آلاهنا ولظلم وبهتان ما أدعوا كذبا على حبيبنا المسيح عيسى..و ترى الشمس فى أعياد المسلمين تشرق لو جاء العيد فى الشتاء ويهدأ لهيبها لو كان الجو صيفا فيأتى عيد المسلمين فى كون مشرق جميل..أما يكفينا ذلك دليلا على أن الإسلام هو الدين الحق وأن خالقنا الله هو القادر على كل شيء وأنه جميل..أيا من ألهتم عيسى وهو منكم بريء وألحقتم بالاله ما ليس فيه ! لما لا تسألوا آلهكم أن يسّرى عنكم بجو جميل فى عيدكم»ـ
أولا عندما يكون الشخص فى أهمية مرسى أو الشاطر فإننى أعتبره مسئولاُ عن كلمات أولاده، كما لمنا مبارك على تصرفات ولديه، وقد لمنا الرئيس مرسى من قبل على عبارة (اسمه الرئيس مرسى يا بغل) التى نسبت لابنه. ثانيا نفت خديجة فى موضع آخر أن يكون هذا كلامها وقالت إن هناك من تسلل لحسابها على فيس بوك. كان نفيها خافتا وواهنا جدا. يجب أن يكون النفى علنيا واضحا وأن يتم إجراء تحقيق ويقبض على الفاعل بتهمة ازدراء الأديان. أنا ميال إلى أن هذا ليس كلامها لأنه غير مسئول، ولأنه ركيك ساذج ومليء بأخطاء نحوية وإملائية على غرار (لما لا تسألوا.. آلاهنا).. أما لو كان هذا كلامها وليس مدسوسا عليها، فلها أقول إنه كلام ساذج لا نفع منه سوى إشعال البنزين أكثر وجعل ما يقال عنكم صحيحا. دعك من أن الرد عليه سهل جدا لأنه سلاح ذو حدين للأسف، لو تذكرنا عدد المرات التى هطلت فيها الأمطار أو انقلب الجو فى أعياد المسلمين، وكم من عبارة غرقت وكم من حجاج اختنقوا فى الزحام. عندما توجد طائفة دينية لها عيدان فى يناير وإبريل فأنا لا أتوقع أن يكون الجو مشمسا ويذهب الناس للمصايف فى هذين العيدين. لقد تغيرت مصر كثيرا فعلا. عام 1991 كان عيد القيامة المجيد وغرقت مصر فى سيول نوة (عوة) الرهيبة.. كتب كاتب مسلم فى الأهرام أن بركة عيد المسيحيين حلت على مصر بهذا الفيض، واعتبرناها مجاملة رقيقة ولم يتهمه أحد بالكفر. نعم. أرجو أن تكون هذه الكلمات مدسوسة عليك يا أخت خديجة
لكن هناك مشكلة مزمنة بالنسبة للإخوان هى الكلام الكثير.. يتكلمون كثيرا جدا ويخطئون كثيرا وينسون ما قالوه من قبل، وهذا يمنح معارضيهم فرصا ذهبية. (محمد حمدي) صديق وأديب ذو اتجاه إسلامى قوى، ونختلف كثيرا ونتفق أحيانا لكنى أشهد له بالذكاء ورجاحة العقل. يقول فى خطاب أرسله لي:«أبرز مثال على ما أقول د. عصام العريان.........سيكون مكسبا لحزب الحرية والعدالة لو واراه عن الإعلام، واستفاد بفكره بالطريقة المناسبة فى الوقت المناسب. وأرى أنه أخطأ بتقديم استقالته من منصبه كمستشار للرئيس، فهذا هو مكانه الصحيح كمفكر.. الاستقالة التى كان عليه أن يقدمها، هى استقالته كسياسى يتصدر الواجهة الإعلامية عن حزبه، دون أن يستطيع ضبط تصريحاته». بالفعل أرى أن هناك كتيبة من الذين يحدثون كارثة كلما فتحوا فمهم.. وفى كل مرة يقدمون هدية لا تقدر بثمن لأعداء الإخوان
وللثرثرة على (المرشّحة) بقية
وللثرثرة على (المرشّحة) بقية