مجلة الشباب
منذ عشر سنوات كنت أنشر مع الفنان المبدع فواز قصصًا مصورة في ملحق (صبيان وبنات) الصادر عن أخبار اليوم. وكانت هناك قصص تحكي بشكل ساخر قصة حملة نابليون على مصر. في إحدى القصص يخشى الجنرال الفرنسي أن يسقط بالمنطاد في الصحراء الغربية لأن البدو سيحولون جلده إلى قماش لخيامهم.. مجرد دعابة لكنها دقيقة تاريخيًا؛ لأن الفرنسيين خشوا ركوب المنطاد الذي قد يسقط وسط بدو الصحراء. وطبعًا لأن الرسم كاريكاتوري فقد ضخّم فواز ملامح البدو نوعًا. فوجئت بعد صدور العدد بالأستاذة آمال عثمان رئيس التحرير تتصل لتقول لي في حرج إن خطابًا جاءها من قارئ غاضب، وطلبت مني أن أقرأه. قرأت الخطاب بخطه الردئ، فوجدت كاتبه يقول إنه مفتش مالي وإداري.. ويقول إن القصة برمتها تافهة وتربي مفاهيم إجرامية لدى الأطفال، كما إنها تتهم البدو بأنهم يسلخون البشر، خاصة مع الملامح التي اختارها فواز والتي توحي بأن البدو إسرائيليون أصلاً. هكذا يرى أننا خائنان وغير أمينين على الأطفال. أعرف الجنون عندما أسمعه، ولا أحتاج لطبيب نفسي. الأسلوب المختل والقواعد والإملاء وكل شيء.. هذا شخص لم ينل أي قسط من التعليم، دعك من أن عقله مضطرب تمامًا. قالت لي الأستاذة إن الرجل قادم إلى الجريدة في الواحدة بعد الظهر ليحاسبني، وطلبت مني أن أنتظر لأناقشه.. قلت لها إنه لا يوجد شيء ليناقش، ومن المستحيل أن أجادل هذا الرجل لأقنعه أنني جيد. صعب للغاية أن أنتظر أن يصل هذا المجنون، فقد عرفت رأيه على كل حال. لكنها طلبت مني أن أتريث.. لا بأس بسماع الرأي الآخر. وجدت معها بعض الحق.. لربما تسرب لي الغرور فعلاً ولربما أفادني سماع رأي هذا الرجل. ظللت أنتظر حتى الثالثة بعد الظهر ودخنت ألف سيجارة وشربت ألف فنجان قهوة، ثم قلت لها إن احترام هذا القارئ للمواعيد ليس ضمن مسئولياتي.. هناك قطار لطنطا يجب أن ألحق به. فسمحتْ لي بالانصراف.
تعودت على أن هناك بابًا لكل إنسان، يوصلك لروحه.. لصداقته. لفهم منطقه وطريقته في التفكير. لكن هناك أشخاصًا ذوي أرواح مغلقة بالشمع الأحمر لا يمكن الوصول لهم. من الأفضل مع هؤلاء أن تتحاشاهم ولا تضيع وقتك معهم. لا أستطيع تعريف هؤلاء القوم لكنك تعرفهم بسهولة عندما تراهم. ليست السمة المميزة لهؤلاء هي الشر ولكنها صفة الغباء. كلهم أغبياء. وغباء الروح يختلف جدًا عن غباء العقل. أنت لا تستطيع أبدًا أن تحب صاحب الروح الغبية، بينما يمكنك بسهولة أن تحب شخصًا محدود الذكاء طيب القلب. هناك عمال وبوابو عمارات وبائعات خضر في السوق، كلهم لم يتلقوا أي تعليم ومعظمهم محدود الذكاء لكني أشعر معهم بالكثير من الراحة والمرح. بينما قد أقابل أستاذًا جامعيًا ذا روح غبية فلا أتحمل خمس دقائق.
http://www.quickmeme.com/ |
منذ عشر سنوات كنت أنشر مع الفنان المبدع فواز قصصًا مصورة في ملحق (صبيان وبنات) الصادر عن أخبار اليوم. وكانت هناك قصص تحكي بشكل ساخر قصة حملة نابليون على مصر. في إحدى القصص يخشى الجنرال الفرنسي أن يسقط بالمنطاد في الصحراء الغربية لأن البدو سيحولون جلده إلى قماش لخيامهم.. مجرد دعابة لكنها دقيقة تاريخيًا؛ لأن الفرنسيين خشوا ركوب المنطاد الذي قد يسقط وسط بدو الصحراء. وطبعًا لأن الرسم كاريكاتوري فقد ضخّم فواز ملامح البدو نوعًا. فوجئت بعد صدور العدد بالأستاذة آمال عثمان رئيس التحرير تتصل لتقول لي في حرج إن خطابًا جاءها من قارئ غاضب، وطلبت مني أن أقرأه. قرأت الخطاب بخطه الردئ، فوجدت كاتبه يقول إنه مفتش مالي وإداري.. ويقول إن القصة برمتها تافهة وتربي مفاهيم إجرامية لدى الأطفال، كما إنها تتهم البدو بأنهم يسلخون البشر، خاصة مع الملامح التي اختارها فواز والتي توحي بأن البدو إسرائيليون أصلاً. هكذا يرى أننا خائنان وغير أمينين على الأطفال. أعرف الجنون عندما أسمعه، ولا أحتاج لطبيب نفسي. الأسلوب المختل والقواعد والإملاء وكل شيء.. هذا شخص لم ينل أي قسط من التعليم، دعك من أن عقله مضطرب تمامًا. قالت لي الأستاذة إن الرجل قادم إلى الجريدة في الواحدة بعد الظهر ليحاسبني، وطلبت مني أن أنتظر لأناقشه.. قلت لها إنه لا يوجد شيء ليناقش، ومن المستحيل أن أجادل هذا الرجل لأقنعه أنني جيد. صعب للغاية أن أنتظر أن يصل هذا المجنون، فقد عرفت رأيه على كل حال. لكنها طلبت مني أن أتريث.. لا بأس بسماع الرأي الآخر. وجدت معها بعض الحق.. لربما تسرب لي الغرور فعلاً ولربما أفادني سماع رأي هذا الرجل. ظللت أنتظر حتى الثالثة بعد الظهر ودخنت ألف سيجارة وشربت ألف فنجان قهوة، ثم قلت لها إن احترام هذا القارئ للمواعيد ليس ضمن مسئولياتي.. هناك قطار لطنطا يجب أن ألحق به. فسمحتْ لي بالانصراف.
تعودت على أن هناك بابًا لكل إنسان، يوصلك لروحه.. لصداقته. لفهم منطقه وطريقته في التفكير. لكن هناك أشخاصًا ذوي أرواح مغلقة بالشمع الأحمر لا يمكن الوصول لهم. من الأفضل مع هؤلاء أن تتحاشاهم ولا تضيع وقتك معهم. لا أستطيع تعريف هؤلاء القوم لكنك تعرفهم بسهولة عندما تراهم. ليست السمة المميزة لهؤلاء هي الشر ولكنها صفة الغباء. كلهم أغبياء. وغباء الروح يختلف جدًا عن غباء العقل. أنت لا تستطيع أبدًا أن تحب صاحب الروح الغبية، بينما يمكنك بسهولة أن تحب شخصًا محدود الذكاء طيب القلب. هناك عمال وبوابو عمارات وبائعات خضر في السوق، كلهم لم يتلقوا أي تعليم ومعظمهم محدود الذكاء لكني أشعر معهم بالكثير من الراحة والمرح. بينما قد أقابل أستاذًا جامعيًا ذا روح غبية فلا أتحمل خمس دقائق.
تقدم له خدمة فلا يمتن لك.. تعتذر عن خطأ ارتكبته في حقه فيشتمك كأنك لم تقل شيئًا ولم تعتذر.. تداعبه فلا يضحك أو تداعبه فلا يفهم الدعابة ويشتمك.. هناك قصة قصيرة أو مقال رائع للعبقري محمد عفيفي يحكي فيه عن امرأة من هذا الطراز قابلها لدى صديق له. يقول لها:
ـ"تصوري إن ناس فاكرة هتلر مسلم؟ هه هه"
كان هذا أيام الحرب العالمية الثانية، لكن المرأة تقول في سماجة:
ـ"ما جايز مسلم ف قلبه! حد فتح صدره وشاف؟!!"
في النهاية شعر بأن هذه الولية تكرهه وتكره وجوده، وكأن هناك تهمة خطيرة اسمها (تهمة التواجد على قيد الحياة)..
عرفت الكثيرين من هؤلاء وتعلمت مع الوقت ألا أعبأ بهم.. ليس علي أن أقنع كل شخص على وجه الأرض أن يحبني. ابتعد عنهم كأنهم مصابون بالطاعون. الكارثة الحقيقية هي أن تضطر للتعامل معهم ولا مفر لك. أن يكون أحدهم رئيسك في العمل أو شريكك.. والألعن أن يكون زوجك أو زوجتك!