هو رجل يعاني حالة متقدمة من الشعور بالذكاء واللماحية. كلنا نشعر بأننا أذكياء ونكره أن نعرف العكس.. لكن هناك قدرًا صحيًا من هذا الشعور، والمصيبة هي أن نتعدى هذا الخط الأحمر فنحسب أننا عباقرة.
هو لا يقرأ سوى الكتب التي تحمل عنوان (المؤامرة الكبرى) أو أي مؤامرة مهما كان حجمها، والتي تتحدث عن منظمات الروتاري والنورانية وأحجار على رقعة الشطرنج.. إلخ.. يؤمن أن كل شيء مؤامرة وأن من لا يرون هذا حمقى.
أحيانًا يكون الأمر مستفزًا جدًا.. مثلًا كنت أقوم بتشكيل بعض قطع الصلصال لأجل ابني، ولما كنت أمقت رائحة الصلصال فقد قمت بإشعال عود من البخور وغرسته في قطعة صلصال أخرى.. دخل العبقري إلى الغرفة وألقى نظرة على المشهد، ثم بدا عليه الفهم، وأغمض عينًا وفتح عينًا وغمز بعين ثالثة، ثم قال:
«مزاج عال جدًا.. هه؟»
لما حاولت فهم ما يعنيه رفض الإفصاح. بعد محاولات عديدة قال لي في ذكاء:
«صلصال وبخور.. محاولة للحصول على رائحة المخدرات.. هه؟ طريقة مرتجلة للتعاطي.. هه؟»
لما أخبرته أنني لم أسمع قط أن الصلصال والبخور يصنعان معًا رائحة المخدرات، قال إنه كذلك لم يسمع بهذا، وأنني قد أضفت لمعلوماته حقيقة جديدة!
في ذات مرة أخرى كنا نمشي في الشارع، وكانت هناك فتاة تقف بانتظار سيارة أجرة، وقد أراحت إحدى قدميها على حافة الإفريز.. راح يضربني بقوة في ساعدي وقد بدت عليه علامات الذكاء التي أعرفها جيدًا.. فلما سألته عما هنالك قال:
«هل ترى وقفة هذه الفتاة؟ كنت أحسبك أذكى من هذا»
نظرت للفتاة فلم أر ما يريب أو يعيب.. شرحت له في صبر إنه من العسير أن تتخذ قدما الإنسان نفس الوضع للأبد. إننا نتعب ونرهق ونغير نقاط الضغط على القدمين طيلة الوقت. لكنه أصيب بخيبة أمل من غبائي الأزلي.
«كنت أحسبك أذكى من هذا»
كل شيء له معنى ما.. كل كلمة مقصودة لتدل على شيء لا نعرفه.
عندما يتم تعيين رجل في منصب مرموق فلأنه صهر سيد الشماشرجي
«ومن هو سيد الشماشرجي؟»
«يا أخي كنت أحسبك أوسع علمًا وفهمًا للأمور.. سيد الشماشرجي هو اليد اليمنى لمصطفى السناكحلي»
طبعًا لن أسأل من هو مصطفى السناكحلي حتى لا يجن. أما عندما يفصل ذات الموظف أو يحال للتحقيق فالسبب معروف.. لأنه صهر سيد الشماشرجي. هذه لعبة تصفية حسابات لا تفهمها. أما المرأة التي تصل لمنصب مرموق فلأنها على علاقة مريبة بسيد الشماشرجي.
إذا أمطرت السماء فهذه علامة واضحة.. الولايات المتحدة تتلاعب بالطقس، وهناك جهاز لتغيير الجو موجود في ألاسكا محاط بسرية بالغة. إذا لم تمطر السماء فلأن روسيا لديها جهاز في سيبريا يغير الجو هو الآخر. ترتفع أسهم البورصة فيفسر لي في ذكاء السر.. إن فنلندا تحاول السيطرة على تجارة الأخشاب كلها. تهبط أسهم البورصة فيؤكد لي أن هذه لعبة كي يشتري الناس المزيد من الأسهم، لأن سعر الثوم يرتفع بلا توقف.. وما علاقة سعر الثوم بأسهم البورصة؟
ينظر لي في حسرة ويحمد الله على ما منحه له من ذكاء، ويقول:
«يا أخي كنت أحسبك أذكى من هذا.. كل طفل يعرف العلاقة بين سعر الثوم وأسهم البورصة.. حاول ربط هذا بظهور المسيخ الدجال في فنزويلا، ومثلث برمودا، وسوف تفهم كل شيء»
نعم.. أنا بحاجة إلى دورة كاملة كي أتعلم كيف أفكر وكيف أربط بين الأشياء. لكم أحسد هؤلاء الذين فهموا كل شيء وحلوا أسرار الكون، ومن حسن حظي أنهم يسمحون لي بأن أجلس معهم وأكتب عنهم.